Close ad

تربية الأبناء والبنات والأعباء النفسية

13-5-2023 | 12:40

العبء هو أكثر شيء لا نحبه ويشعرنا بثقل الحياة وبضغط "زائد" عما يمكننا تقبله وبانزعاج "يزيد"، ويصاحبه ضيق وقلق وتوتر وسرعة انفعال، وكل ذلك يؤثر بالسلب على المزاج والصحة النفسية والجسدية وعلى كل العلاقات.

العبء النفسي في التربية يحدث -لا قدر الله- فقط عند تعرض الابن أو الابنة لأزمة صحية أو فشل في التعليم أو العمل أو التعرض لتجربة عاطفية مؤلمة أو فسخ خطبة أو طلاق وليس ما عدا ذلك..

نوصي بالتعامل معه بلا تهوين وبلا مبالغة، مع عدم الاستسلام في الحالات السابقة "والتشبث" بحسن الظن بالرحمن وتهدئة النفس لمنع الضرر النفسي والجسدي الذي يضاعف منه ويصنع مشكلة جديدة، ولنتمكن من تقديم أفضل مساعدة ممكنة للأبناء وللبنات "ولتدريبهم" أيضًا على التماسك النفسي عند الأزمات التي لا تخلو حياة منها -ما استطاعوا- وعلى تذكير النفس بأن الحياة مؤقتة وستنتهي في ثانية؛ ومن الذكاء عدم تقصيرها بالاستسلام للهموم والعمل بجدية وبمثابرة على "منع" التحسر على النفس أو لا قدر الله "السخط " على أقدارنا وفعل كل ما يمكننا للخروج من الأزمة بدروس "تفيدنا" ومن نحب..

من الظلم للنفس الشائع مؤخرًا التعامل مع الأمور الطبيعية في التربية على أنها عبء نفسي مثل بكاء الرضيع واضطراب نومه، وتأثير ذلك على نوم الأم وتعويده على قضاء حاجته وتناول الطعام، وعندما يكبر المذاكرة والتدريبات الرياضية؛ فكل ذلك "جزء" من حق الطفل وواجب الأم الذي يجب عليها معرفته "قبل" الإنجاب؛ لتقبله برضا مقابل الاستمتاع بأمومتها.

وكذلك من حق الطفل على والده توفير حاجياته المادية والنفسية أيضًا كاحتضانه وتوفير بعض الوقت له وعدم الاكتفاء بالإنفاق.

من الخطأ توهم أن تربية البنات أسهل من تربية الأولاد؛ فلكل منهم بعض المشقة "والمشقة" جزء من التربية، فلم يقل أحد إن التربية سهلة وبلا أعباء، فلم نكن "ملائكة" على الأرض مع أسرنا وأولادنا وبناتنا ليسوا "الشياطين" أيضًا..

فلنترفق بأنفسنا ولا نتعامل مع أي مجهود طبيعي للتربية ولتعليم أولادنا وبناتنا ما يفيدهم على أنه عبء لا يحتمل، وقلنا نترفق "بأنفسنا"؛ لأننا بتفكيرنا بالتربية كعبء دائم نضاعف الجهد على أنفسنا وكأننا لا يكفينا الجهد الذهني والبدني "لنضيف" إليه الجهد النفسي وهو أقسى "وأشد" إنهاكًا؛ فكل من الجهد الذهني والجسدي سيذهب بعد قسط من الراحة؛ بينما الجهد النفسي إن لم نعمل على تبخيره فسيمكث "ويتضاعف" وينهكنا ولو بعد حين ويجعلنا عرضة "للانفجار" في وجه الجميع ومنهم الأولاد والبنات بلا سبب ويدخلنا في "دوامات" من المشاكل نحن في غنى عنها.

يجب تجنب العرض للمنشورات المسمومة على وسائل التواصل والتي من أجل زيادة نسبة المشاهدات تصور أي جهد خاصة للأمهات وكأنه سلسلة من "العذاب" وأم الكوارث؛ بينما الأمومة والأبوة "نعمة" يتمناها الملايين من الجنسين الذين تأخروا في الزواج، وملايين من الذين تزوجوا ولم ينعموا بالإنجاب، ولنتذكر أن الشكر هو الحافظ للنعم ونضيف أن شكر الرحمن على نعمة الإنجاب "وتذكير" النفس بها يقلل كثيرًا من العبء النفسي الذي لا ننكره ونتعرض له جميعًا أحيانًا؛ فالشكر يهدئ العقل والقلب ويمنحنا جميعًا براحًا نستحقه "ويساعدنا" على التعامل بأفضل ما يمكننا بعد الاستعانة بالرحمن مع ما يؤلمنا نفسيًا من أولادنا وبناتنا..

من المهم عدم التفكير ليلًا ونهارًا فيما يغضبنا منهم حتى لا نحمل أنفسنا أعباءً نفسية ترهقنا وتجعلنا "نسيء" معاملتهم وكأننا نقدم لهم "المبرر" للتمادي في الأخطاء وأيضًا لحماية أنفسنا من الأمراض الجسدية والتي تبدأ معظمها "بالاستسلام" للضغوط النفسية..

نرفض الدعوات المنتشرة بضراوة بالتخلي عن دور الأمهات والآباء في حماية الأولاد والبنات من كل الأعمار للحفاظ على الصحة النفسية والجسدية فهم أمانة ومسئولية سندفع ثمن التفريط بها دينيًا ودنيويًا؛ الأولى نعرفها من الحديث الشريف: "كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يعول"، والحديث الشريف: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"، والثانية ستتضاعف أخطاء الأولاد والبنات "وتستفحل" وسنُرغم على مواجهة أخطارها وستكون الكلفة عالية "ومؤلمة" للجميع، وما كان أغنانا عن ذلك "لو" تابعناهم بلا تفريط وبلا إفراط في المتابعة التي "ترهقهم" نفسيًا وتشعرهم بعدم ثقة الأهل بهم، وقد تدفعهم للتمرد وللعناد لإثبات الذات "وتنهك" الأهل أيضًا ويكونوا كمن يدور في دوائر طوال الوقت فيسقطون من الإرهاق النفسي والاعتدال دومًا طوق النجاة.

تستلزم تربية الأبناء الكثير من الجهد المادي والجسدي والنفسي أيضًا وهو ما يغفل عنه الكثير من الأباء والأمهات، والمفاجأ نصف مهزوم، ومن الخطأ "توقع" أنهم سيصبحون صورة مما نريده، ولا نطالب بالاستسلام، فما لا يُدرك كله لا يُترك كله "ولنجتهد" ما استطعنا ونحسن الظن بالرحمن "ونطمئن" ونرضى بعد بذل كل الجهد.

من الخطأ التعامل معهم بغضب دائمًا؛ فسنتُعب أنفسنا ونحرضهم على التمرد فلا أحد يحب من يشعره دائمًا أنه سيء ولو كان كذلك، ولا نصبر كثيرًا على الخطأ فيرونه حقًا لهم ولا نتعامل مع أي هفوة وكأنها جريمة لا تغتفر ولنعتدل ولا نشعر أننا ضحايا لاهتمامنا بهم ولا نضعهم دائمًا في المرتبة الأولى "ونلغي" احتياجاتنا النفسية والمادية وحاجتنا للراحة وللترفيه، ولنفعل ذلك عند الأزمات فقط حتى لا نصنع أنانيتهم بأيدينا، ولا نحمل أنفسنا ما يفوق طاقاتنا ولا نضخم ما نفعله أيضًا من واجباتنا نحوهم ونراها لا تُطاق فيخسر الجميع.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة