Close ad

بكين تحذر من عواقب «اللعب بالنار».. وواشنطن تنتهج «إستراتيجية الإبهام».. «تايوان».. اللُغز الحائر

2-5-2023 | 17:27
بكين تحذر من عواقب ;اللعب بالنار; وواشنطن تنتهج ;إستراتيجية الإبهام;  ;تايوان; اللُغز الحائر صورة أرشيفية
واشنطن - سحر زهران
الأهرام العربي نقلاً عن

غضب صينى من لقاء رئيسة تايوان برئيس مجلس النواب الأمريكى.. وبكين تفرض عقوبات

موضوعات مقترحة

شون تاندون: تايوان نجحت فى كسب الدعم الأمريكى..

بول سالم: الصين تخشى من أى مواجهة والتوقعات بشن حرب أمر «غير مطروح»

فيما اعتُبر قرار رئيس مجلس النواب الأمريكى كيفن مكارثى، بلقاء رئيسة تايوان  تساى إنج - وين فى الولايات المتحدة، بمثابة تسوية ستشدد على الدعم لتايوان، مع تجنب إثارة توتر مع الصين فى الوقت نفسه، برغم تهديدات الصين بالرد على هذا «الاستفزاز»، وتحذيرها مما وصفته بـ«اللعب بالنار»، جاء اللقاء الثنائى ليؤكد استمرار الدعم الأمريكى لتايوان.
على الرغم  من ذلك، يصف مراقبون، السياسة الأمريكية تجاه تايوان، بأنها قامت منذ البداية على إستراتيجية الإبهام؛ فمن جانب تلتزم بدعوى «الصين الموحدة» التى تقتضى كون تايوان جزءا من الصين، ومن جانب آخر تؤكد على أهمية عدم تعرض الهيكل السياسى الديمقراطى الحاكم بتايوان، ونمط الحكم بهذه الجزيرة المستقلة لتهديدات وتدخلات بكين، لكن فى الوقت ذاته تعتبر أمريكا علاقاتها بتايوان علاقات قوية غير رسمية، وعلى الصعيد المقابل تُقيم علاقاتها الدبلوماسية الرسمية من خلال قنواتها مع الصين.

فى أكتوبر من العام 2021، أطلق الرئيس الأمريكى جو بايدن، تصريحات مهمة، مفادها بأن “بلده مستعد للدفاع عن تايوان فى حال قيام الصين بشن هجمة عسكرية عليها”، مستكملًا حديثه بأن الصين فى صراعها على تايوان تلعب بما يُعد “خطيرا”.. هذا التصريح عزز من تغير الإستراتيجية الأمريكية تجاه تايوان، لاسيما على المستوى الرسمى، وأن هذا التصريح لا يتوافق مع إستراتيجية الإبهام، أى سياسة واشنطن القديمة تجاه تايوان، لكنه على الرغم من ذلك أكد البيت الأبيض عقب تلك التصريحات بأن سياسة واشنطن تجاه تايوان لم تتغير.

وعلى الرغم من تصاعد الوضع، حول تايوان بشكل كبير بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكى، آنذاك، نانسى بيلوسى، للجزيرة فى أوائل أغسطس من العام الماضى، والتى قوبلت بإدانة بالغة من الصين، على اعتبار أن الجزيرة تعد إحدى مقاطعاتها، ورأت فى هذه الخطوة دعما من الولايات المتحدة للانفصالية التايوانية، وأجرت مناورات عسكرية واسعة النطاق، وصرحت القيادة الصينية مرارا وتكرارا بأن بكين ستسعى إلى إعادة التوحيد السلمى مع الجزيرة، لكنها لم تعد أبدا بالتخلى عن استخدام القوة العسكرية إذا لزم الأمر.

لكن تصريحات مكارثى، عقب لقائه برئيسة تايوان، حول أنه “من الضرورى مواصلة بيع الأسلحة لتايوان، وضمان تسليمها فى الوقت المناسب، ثانيا، نحتاج إلى تعزيز التفاعل الاقتصادى، خصوصا فى مجال التجارة والتكنولوجيا، ثالثا، نحتاج إلى زيادة تعزيز القيم المشتركة على الساحة العالمية”، يؤكد مواصلة التعاون الأمريكى التايوانى خلال الفترة المقبلة، والاستمرار فى تجاهل التصريحات الرسمية الصينية فى ضوء استمرار هذا التعاون، لكن فى الوقت ذاته عزز من التساؤل حول نهج الإستراتيجية الأمريكية تجاه تايوان، والأسباب التى تدفع الولايات المتحدة لدعم تايوان، وماهية الرد الصينى على تلك الخطوات الأمريكية.

تايوان وكسب الدعم الأمريكى
الكاتب والمحلل السياسى الأمريكى شون تاندون، يؤكد أن تايوان نجحت فى كسب دعم الحزبين - الديمقراطى والجمهورى - فى واشنطن، خصوصا بعد لقاء رئيس مجلس النواب مكارثى، وهو جمهوري، وقبلها بشهور قليلة، كانت هناك زيارة تاريخية لرئيسة مجلس النواب وقتها، نانسى بيلوسى، لكنه يرى أنه على الرغم من ذلك، هناك صراع داخلى بين الحزبين ـ الديمقراطى والجمهورى ـ فى مسألة تايوان.
وأكد تاندون، أن الحزب الجمهورى حريص على تصوير نفسه، على أنه صارم مع الصين، لذلك لم يكن هناك شك فى أن مكارثى سيحاول اتباع خطوة بيلوسى، بشأن تايوان، لكن الاجتماع فى كاليفورنيا - وليس زيارة مكارثى لتايوان - هو حل وسط قاده التايوانيون، مما يجعل مكارثى يبدو صارمًا دون المخاطرة برد فعل صينى كبير، لافتًا للنظر أنه حتى الآن، يبدو أن الحل الوسط يعمل ويسير فى اتجاهه الصحيح، لكن قد يكون من السابق لأوانه معرفة ذلك.

ما يعزز حديث تاندون، هى تلك الخطوة التى أقدم عليها الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، حينما كان رئيسًا للبلاد، وهى أن منح ترخيصا عام 2017، يتيح بيع شحنة كبيرة من الأسلحة لتايوان، وبعد عام من صدور الترخيص اعتُمد قانون بالولايات المتحدة الأمريكية يهدف إلى تعزيز العلاقات بين واشنطن وتايوان، كأن الحزب الجمهورى يحذو حذو رئيسه السابق، وسيستمر على هذا النهج، متجاهلًا تحذيرات الرئيس الصينى شى جين بينج، الذى قال إن الصين ستستعمل القوة لاستعادة تايوان، كما أنه فى حديثه عن بيع شحنة الأسلحة من الجانب الأمريكى لتايوان حذر أمريكا، قائلا: "بأن عليها ألا تلعب بالنار".

خطورة استخدام تايوان كـ«بيدق»
شون تاندون، أكد أن رد الفعل الصينى، تجاه لقاء مكارثى برئيسة تايوان، لم يكن كبيرًا كما كان اللقاء السابق مع نانسى بيلوسى، لافتًا النظر إلى أن الصين اكتفت بالشكوى كما كان متوقعا، وأرسلت سفنا حربية إلى مضيق تايوان، لكن هذا أقل بكثير مما فعلت فى أغسطس، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة تأمل فى أن نعود إلى نموذج ما قبل (أغسطس)، حيث ستظهر الصين غضبها من سياسة الولايات المتحدة، بشأن تايوان، لكن فى الغالب بطريقة رمزية لا تخاطر بمزيد من التصعيد، وتابع بالقول: لقد أمضت الولايات المتحدة أسابيع فى إرسال إشارات عامة وخاصة إلى الصين لتشجيع قيادة بكين على النظر إلى هذا ليس على أنه استفزاز، لكن كاستمرار للممارسات السابقة.

واختتم حديثه بإجابة سؤالنا: هل استقبال رئيسة تايوان  فى أمريكا، يأتى ردا على زيارة الرئيس الصينى شى جين بينج لموسكو؟، بالقول: لن أرتبط بزيارة الرئيس شى لروسيا، حيث فى كل الأحوال تشعر الولايات المتحدة بالقلق بشأن علاقة الصين مع روسيا، لكننى لا أعتقد أن المسئولين الأمريكيين، سيجدون أنه من الحكمة استخدام تايوان كبيدق فى هذا الوضع.
فيما يرى بعض المراقبين، أنه على الرغم من أن قضية تايوان التى يعدها البعض بطاقة صفقةٍ، قد لا تكون مدروسة إلى حد بعيد، خصوصا أن تايوان بالنسبة للصين تمثل خطا أحمر والولايات المتحدة الأمريكية تعلم ذلك، فإن الأمريكيين استغلوا الموضوع على نحو يبرر حضورهم ضمن نطاق المحيط الهادئ، ويُتاح لهم استمالة بعض الدول التى يُحتمل صدور بعض المخاطر منها كاليابان ودول الجنوب وأستراليا، مع أن الأمريكيين يعلمون أنهم لا يُطيقون الدخول فى حرب عالمية، فإنهم جعلوا هذه القضية محورية فى مخططاتهم الإستراتيجية.

العالم يتوقف على مصير تايوان

بدت المخاوف تدب كثيرًا فى المتابعين للشأن العالمى، لاسيما عقب الحرب الروسية ـ الأوكرانية والدعم الواسع الأمريكى والغربى لأوكرانيا مقابل روسيا، وبدأت قضية الصين وتايوان تستقطب أنظار العالم، حتى ظهرت بعض التكهنات القائلة بأن الصين قد تهجم على تايوان أيضا بعد هجوم روسيا على أوكرانيا، على الرغم من أن هناك أوجه تشابه، وأوجه اختلاف بين تايوان وأوكرانيا، لكن تأكيد مكارثى فى حديثه خلال المؤتمر الصحفي، عقب لقائه برئيسة تايوان بالتأكيد على أنه "لا أتذكر أن العلاقات بين شعبى الولايات المتحدة وتايوان، كانت أقوى مما هى عليه الآن"، يدفع بأن الأمور الآن على المحك، وما هو مقبل غير معروف العواقب والتكهنات بما هو مستقبلى بات مجهولًا.
ويبدو أن تايوان، على المستوى الرسمى، ترغب فى استمرار التعاون مع أمريكا، لاسيما مع تأكيدها، على أنها لا تزال تتوقع زيارة رئيس مجلس النواب الأمريكى كيفين مكارثى تايوان، فيما قالت المتحدثة باسم البرلمان التايوانى، يو سى كون، لدى استقبالها رئيس لجنة الشئون الخارجية بالكونجرس الأمريكى، مايكل ماكول، فى تايبيه: "دعوت مكارثى لزيارة تايوان قبل أن يصبح رئيساً لمجلس النواب، وأعرف أن مكارثى هو رجل يفى بوعده، الأمر مجرد وقت"، فيما تحدثت رئيسة تايوان الأسبوع الماضى فى حدث أقيم فى نيويورك، استضافه معهد هدسون المحافظ، وقالت فيه "إن أمن العالم يتوقف على مصير تايوان".

رد صينى .. ومزيد من العقوبات
الرد الصينى على هذه الزيارة، وفقًا لما أعلنته وزارة الخارجية الصينية، جاء عبر فرض عقوبات على مكتبة رونالد ريجان الرئاسية، التى التقت فيها رئيسة تايوان تساى إنج وين، مع رئيس مجلس النواب الأمريكى، كيفين مكارثى، وكذلك فرض عقوبات على "معهد هدسون" فى واشنطن، لتوفيرهما منصة لـ"الأنشطة الانفصالية" التايوانية، وفرضت بكين كذلك عقوبات على المبعوثة التايوانية فى الولايات المتحدة، هسياو بى خيم، لتأييدها استقلال تايوان، ومنعت مدراء مركز "ذا بروسبيكت فاونديشن" و"مجلس الليبراليين والديمقراطيين الآسيويين" من دخول البر الرئيسى، وهونج كونج، وماكاو، أو القيام بأى أعمال عبر مضيق تايوان.
فيما قالت وكالة "بلومبرج"، إن تلك العقوبات قد تشمل تقييد قدرة تلك المنظمات على العمل فى الصين، وكذلك تجميد أصول المسئولين عنها، إلا أنه لا ينتظر أن يكون لتلك العقوبات أثر كبير، نظراً لمحدودية روابط المنظمات المستهدفة بالعقوبات مع الصين.

التلويح بالتهديد، بدا سياسة واضحة لدى بكين، فى الحديث عن تايوان، التى تعتبرها جزءاً لا يتجزأ من أراضيها وتلوّح باستعادتها، ولو بالقوة، إن لزم الأمر، خصوصا أنه فى عام 2005، أصدرت بكين قانوناً يمنحها أساساً قانونياً لتنفيذ عمل عسكرى ضد الجزيرة، إذا انفصلت أو بدت على وشك ذلك، واستمرت الصين فى تعهداتها فى “الدفاع بحزم عن سيادتها”، وأبدت معارضة شديدة للقاء رئيس مجلس النواب الأمريكى برئيسة تايوان، وأكدت أنها “ستدافع بحزم عن سيادتها الوطنية ووحدة أراضيها”.
الصين، وعلى لسان القائم بأعمال السفارة الصينية فى واشنطن، تشو تشويوان، أكدت أنه “نحضّ واشنطن على عدم مواصلة اللعب بالنار فى مسألة تايوان، أولئك الذين يلعبون بالنار يقضون بالنار، هذا ليس تهديداً”، وكان الرد الأمريكى فى بيان الخارجية، قد أكد أنه “ليس لدى الصين على الإطلاق أى سبب لرد الفعل المبالغ فيه على هذه الممارسة المعتادة”، لكن رئيسة تايوان وحديثها المعتاد على ضرورة التعاون، مظهرة عدم الخشية من التهديدات الصينية، والتلويح بخطورة الموقف وتأثيره على السلام الدولى بات واضحًا، حين قالت عقب وصولها الولايات المتحدة بالقول: “لقد أظهرنا إرادة قوية وتصميماً على الدفاع عن أنفسنا، وأنّنا قادرون على إدارة المخاطر بهدوء ورباطة جأش، وأنّ لدينا القدرة على الحفاظ على السلام والاستقرار الإقليميين”.

قضية روتينية وزيارة غير رسمية
لكنه على الرغم من التهديدات المتبادلة بين بكين وواشنطن، فإن الدكتور بول سالم، مدير معهد الشرق الأوسط للدراسات، قلل من أهمية زيارة الرئيسة التايوانية إلى أمريكا بالنسبة للأخيرة، خصوصا أن واشنطن تعتبرها “قضية روتينية”، لأنها ليست زيارة رسمية، وأنها ليست الأولى من نوعها، لافتًا النظر أن الأزمة اليوم أضحت بالنسبة للصين، التى تتخذ مواقف أقوى فى مواجهة مثل هذه اللقاءات، خصوصا مع اعتبار هذه الزيارات “غير مقبولة ومستفزة”، بعد لقاء مكارثى برئيسة تايوان، وهو نفس الموقف الذى اتخذته من زيارة نانسى بيلوسى.
ولفت بول سالم النظر إلى أن التحركات الصينية والتهديدات، واتخاذها عددًا من الإجراءات ورفع مستوى التوتر، لكنه ليس متوقعًا أن تقوم بشن حرب على تايوان، لكنها ستزيد من حدة الضغط عليها، لكن المخاوف لدى المراقبين هو تطور الموقف إلى  حرب فعلية، لكن هذا غير متوقع لعدة أسباب يفندها فى: أولًا أن الحرب الروسية - الأوكرانية سيناريو شبيه بذلك السيناريو، الذى أفضى إلى حرب فعلية برغم صعوبتها وأزمتها الحالية بالنسبة لطرفى الحرب، واعتبروا أنها ستقصم التحالف الغربى لكنها وحدته، واعتبروا أنها ستقوى روسيا لكن أضعفتها، ومن ثم، فالتجربة لم تكن ناجحة فى أوكرانيا، والصين تخشى أى مواجهة لتأثر اقتصادها من ناحية وعدد سكانها الضخم بالمقارنة بعدد سكان روسيا، من ناحية أخرى، وكذلك روسيا لديها كل ما يلزم من الطاقة “نفط وغاز”، بينما الصين تستورد كل هذه الأمور، وأمريكا تتحكم بها فى الاستيراد، والصين بحاجة للتصدير الواسع والكبير إلى أمريكا ودول العالم، بينما روسيا غير مضطرة أن تعمل هذا الشىء، إنما تدبر حالها.
وأكد مدير معهد الشرق الأوسط للدراسات، أن التوتر الظاهر بين أمريكا والصين جزء من المشهد سيظل لسنين مقبلة، ممثل فى عنصر من التوتر وضغط متبادل دون أن يصل إلى حرب مفتوحة بهذه المرحلة، خصوصا أن موقف أمريكا من تايوان يعد موقفا قديما وليس حديث العهد، فهو منذ الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضى، وكان جزءًا من الحرب الباردة وقتها ضد الدول الشيوعية، التى كانت الصين والاتحاد السوفيتى، وجزءا من تحالفات أمريكا فى عالم بعد الحرب العالمية الثانية، وأمريكا ربحت الحرب بالمحيط الهادئ ضد اليابان، وكانت منتصرة وبنيت تحالفات ثابتة مع اليابان والفلبين وأستراليا وتايوان، وحاربت فى كوريا الجنوبية ضد المد الشيوعى وقتها، ونوعا ما تحجيم الصين لدعمها كوريا الشمالية.
وأشار بول سالم إلى أن الوجود الأمريكى فى آسيا، ليس جديدًا إنما منذ عقود، وهذه السياسة استمرت حتى بعد التغير والانفتاح الاقتصادى بالصين، على الرغم من أنه حتى تلك اللحظة، لم يكن هناك توتر بين أمريكا والصين، لكنه مع بروز الرئيس شى بالصين، والاتجاه القومى الصينى أضحى قويًا، ما عزز من أن تكون العلاقات بين أمريكا والصين علاقات قد تكون فيها مواجهات، وجزء من تلك المواجهات هو موضوع تايوان الذى أصبح موضوع الساعة، لأن الصين تعتبر تايوان جزءا من الأراضى الصينية ولابد من إعادة ضمها إلى الصين، وأمريكا لديها تحالف مع تايوان منذ عقود، ولذلك فإن التوترات القائمة الهدف منها الحد من النفوذ الصينى، وهو ما لا ترغب فيه الصين الطموح.

فترة شديدة الحساسية
زيارة رئيسة تايوان إلى الولايات المتحدة، تأتى فى فترة شديدة الحساسية، زادت فيها بكين من الضغط العسكرى والاقتصادى والدبلوماسى على الجزيرة، حيث لم تعد تعترف بتايوان سوى 13 دولة، ففى أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى لدى تايبيه علاقات مع 7 دول فقط، هي: جواتيمالا، بيليز، باراجواى، هايتى، سانت كيتس ونيفيس، سانتا لوسيا، وسانت فنسنت وجرينادين، كما أن لتايوان علاقات دبلوماسية مع الفاتيكان، ومع سوازيلاند فى إفريقيا، وفى المحيط الهادئ مع ناورو، وأرخبيل مارشال، وبالاو، وتوفالو.
فيما تقوم تساى، التى تتولى السلطة منذ 2016، بهذه الجولة الدبلوماسية لتعزيز علاقات الجزيرة مع حلفائها، بعد أيام فقط على قطع هندوراس علاقاتها مع تايوان، وبعد محطة أولى فى نيويورك، زارت رئيسة تايوان جواتيمالا وبيليز، وأصبحت هاتان الدولتان بالتالى محور صراع قوة دبلوماسى مع بكين، حيث تقدمت رئيسة تايوان بالشكر لـ«بيليز» على دعمها الدبلوماسى فى خضم “التهديدات المستمرة والضغوط” الصينية، وقالت “إن بيليز، الدولة الصغيرة (سكانها 400 ألف نسمة)، من خلال مشاركتها فى الأمم المتحدة وغيرها من المحافل المستبعدة منها تايبيه، ساعدت فى إيصال أصوات سكان تايوان البالغ عددهم 23 مليون نسمة”.
لكن الصين، وباسم مبدأ “صين واحدة”، ترى أنه يفترض ألا تقيم أى دولة علاقات رسمية مع بكين وتايبيه فى وقت واحد، فيما تأتى واشنطن، التى أعلنت اعترافها الدبلوماسى ببكين فى 1979، هى الحليف الأقوى لتايوان، وكذلك أبرز مزود لها بالأسلحة، بما تحمله من بعد إستراتيجى مهم بالنسبة لواشنطن، خصوصا أن تايوان تقع فى نطاق ما تسميه الولايات المتحدة بـ «سلسلة الجزر الأولى»، والتى تتضمن قائمة بالأراضى «الصديقة للولايات المتحدة»، نظرًا للأهمية الإستراتيجية للسياسة الخارجية للولايات المتحدة، لكنه وسط ذلك بدت الأجواء مُلبّدة باحتمالات اندلاع عواصف سياسية تثقل كاهل الوضع العالمى المأزوم بطبيعته، بالنظر إلى التهديدات الصينية المستمرة من عواقب الزيارات المتبادلة بين واشنطن وتايبيه، ما يؤجج توتر العلاقات بين واشنطن وبكين، على خلفية الدعم الأمريكى للانفصاليين المعادين للحزب الشيوعى الحاكم فى جمهورية الصين الشعبيّة.

التقويض الأمريكى للنفوذ الصينى
وفى سياق تقويض الولايات المتحدة الأمريكية لنفوذ الصين، التى تعتبرها منافسًا لها، على النفوذ العالمى، تولى الولايات المتحدة الأمريكية أهمية كبيرة لجزيرة تايوان، وذلك نظرًا لموقعها الجغرافى، فحال نجحت الصين فى ذلك ستكون أكثر حرية فى استعراض قوتها العسكرية فى منطقة غرب المحيط الهادئ، مما ترى فيه واشنطن تهديدًا لقواعدها العسكرية فى أماكن بعيدة مثل جوام وهاواى، لكن الصين تصر على أن نياتها سلمية، أيضًا يهدد استرداد الصين للسيادة الكاملة على الجزيرة الوجود العسكرى الأمريكى فى بحر الصين الجنوبى للخطر.

لكن الصين تؤكد مرارًا حقها فى السيادة الكاملة على جزيرة تايوان، باعتبارها فى الأصل مقاطعة صينية، فى المقابل يشير التايوانيون إلى نفس التاريخ، ليقولوا إنهم لم يكونوا أبدًا جزءًا من الدولة الصينية الحديثة، التى تشكلت لأول مرة بعد الثورة فى عام 1911، أو جمهورية الصين الشعبية التى تأسست فى عهد ماو فى عام 1949، وفى خضم هذا وذاك، والدعم الأمريكى الكبير لتايوان، عاد التوتر القائم، بين الصين وجزيرة تايوان ذاتية الحكم، ليتصدر الأجواء من جديد، وسط ترقب عالمى جراء أية خطوات تصعيدية، قد تقوم بها الصين تهدد على إثرها السلام والأمن الإقليميين والدوليين.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: