Close ad

«الاستثمار».. الحل الأمثل لتقليل مخاطر «العواصف الرملية» على التنمية الزراعية

2-5-2023 | 14:46
;الاستثمار; الحل الأمثل لتقليل مخاطر ;العواصف الرملية; على التنمية الزراعية الاستثمار الحل الآمثل لتقليل مخاطر العواصف الرملية علي التنمية الزراعية
هويدا عبد الحميد
بوابة الأهرام الزراعي نقلاً عن

 

 

استكمالاً لما نشرته "الأهرام الزراعى"  حول "استغلال الكثبان الرملية وتنمية المراعي مفاتيح مواجهة التصحر"، و"الأحزمة الخضراء كلمة السر لخفض حدة العواصف الرملية وانجراف التربة وتلوث الهواء، نتناول في السطور التالية مخاطر العواصف الرملية والغبارية على القطاع الزراعي  بمصر، خلال اللقاء مع أ.د رأفت ميساك أستاذ متفرغ بمركز بحوث الصحراء، مستشار سابق بمعهد الكويت للأبحاث العلمية، عضو الجمعية الكويتية لحماية البيئة لمعرفة التدابير الحالية والرؤية المستقبلية للحد من تلك المخاطر.

 

الذي أكد أنه لا تستطيع المجتمعات البشرية بأدواتها وإمكاناتها المتاحة، أن تتحكم أو تسيطر على العواصف الرملية والغبارية، إلا انها تستطيع التخفيف من حدة تلك العواصف من خلال الفهم العميق لطبيعتها ومخاطرها وتكرارها، ويسجل التاريخ  نجاحات البشرية (منها التجربة الصينية) فى التخفيف من أضرار العواصف الرملية والغبارية  بشكل ملموس من خلال الاستثمار فى نظم الإنذار المبكر ورصد ومراقبة العواصف وتقييم مخاطرها، فضلاً عن الاستثمار فى الأحزمة الخضراء وتثبيت مصادر الرمال والغبار. 

وتحت الظروف البيئية لجمهورية مصر العربية، تتضرر قطاعات عديدة  بالعواصف الرملية والغبارية والجفاف  ومن أهم قطاعات  المتأثرة بتلك الظواهر: الزراعة والمياه، الصحة العامة والبيئة، النقل البري والجوي، النفط والغاز، الكهرباء، الاتصالات، السياحة والآثار، الإسكان، التعليم، الدفاع، التعدين. 

 

*هل مصر تقع في منطقة العواصف الرملية المتكررة؟

شهدت خلال حياتي عدد غير قليل من العواصف الرملية في العديد من البلدان منها مصر والصين والمملكة العربية السعودية والكويت واليمن ودولة الإمارات العربية المتحدة وتونس والمغرب وتركمانيا، إلا أن ثلاث عواصف لا تمحوها الذاكرة: كانت العاصفة الأولى في خمسينات القرن الماضى، وكنت طفلاً لا يتجاوز 12 سنة حيث أظلمت السماء بدون مقدمات  وهبت  الرياح الشديدة التى اقتلعت  العديد من الأشجار وأطاحت  بأعمدة الإنارة وأسلاك الكهرباء  وحطمت زجاج النوافذ وعشت ساعات من الرعب والفزع، أما  العاصفة الثانية التي حدثت  في شهر مايو من العام  1992 تسببت في تغيير خط سير الطائرة التي كنت على متنها وهبطت في وجهة غير التي كنت اقصدها وقضيت ليلة في دولة أخرى ليست على جدول خط السير وترتب على ذلك العديد من المشاكل الإدارية والمالية والنفسية، والعاصفة الثالثة  كانت في شهر إبريل من العام 1996 وكنت وقتها فى رحلة برية بالأراضي السعودية بين حفر الباطن (شمال شرق السعودية)   وميناء ضباء (الركن الشمالي الغربي من السعودية) ويبلغ  طول هذه الرحلة قرابة 1400 كم   وهبت عاصفة شديدة تسببت في زحف الرمال فوق الطرق وانعدمت الرؤية لقرابة ثمان ساعات وتعطل حركة المرور مع بعض حوادث سيارات.

*وما هو مصدر تلك العواصف؟

تشكل صحراء مصر الغربية (الجزء الشرقى من الصحراء الكبرى)  "المسرح المفتوح لعواصف الرمال والغبار" أهم النقاط الساخنة Hotspots   للعواصف الرملية والغبارية بمنطقة الشرق الأوسط والشمال الأفريقي MENA، وتقدر كمية الرمال والغبار المحمولة بواسطة العواصف الرملية بما يقارب 100 مليون طن في عاصفة عملاقة قادمة من بحر الرمال الأعظم عابرة للبحر الأحمر في طريقها للمملكة العربية السعودية.

وتعتبر صحراء مصر الغربية التي تغطي مساحة 680650   كم2 وتشكل ثلثي مساحة مصر، مسرحاً مفتوحاً للعواصف الرملية والغبارية التي أحياناً تستمر لأيام عديدة، ما يترتب عليه انعدام الرؤية وتوقف كافة الأنشطة البشرية بسبب زحف وتراكم الرمال فوق الطرق والمساكن والمزارع وآبار المياه والحقول النفطية والمعسكرات والقواعد الجوية وغيرها من مرافق حيوية.

وتشكل سلاسل الكثبان الرملية لغرد أبو محرك (محرق) وبحر الرمال الأعظم  والفرشات الرملية بجنوب غرب الصحراء الغربية المصادر الرئيسة للعواصف الرملية والغبارية التي تضرب الكثبان بالواحات الجنوبية ووادي النيل.

 

*وما هي المصادر الرئيسة للرمال بالصحراء الغربية والمناطق المتأثرة؟

تتضمن بحر الرمال الأعظم وغرد أبو محرك وسلاسل رمال جنوب منخفض القطارة وغيرها،  المصادر الرئيسة للرمال بالصحراء الغربية والمناطق المتأثرة بها حيث يؤثر بحر الرمال الأعظم  على واحة سيوة ووادي النيل والدلتا، والصحراء الشرقية وأجزاء من المملكة العربية السعودية، ورمال الفرافرة تؤثر على بعض المناطق الزراعية حول الفرافرة عين كراوين، عين دالة، أبو منقار، وتؤثر سلاسل جنوب منخفض القطارة على مناطق الاستصلاح الزراعى بمنطقة واحة المغرة والأجزاء الغربية من محافظة البحيرة، ووصلات من طريق مدينة السادس من أكتوبر – الواحات البحرية، ووصلات من الطريق إلى العلمين المتقاطع مع طريق الواحات البحرية، وطريق الإسكندرية- العلمين.

وتؤثر غرد أبو محرق (محرك) علي الواحات البحرية، الواحة الخارجة، واحة باريس، دلتا النيل والقاهرة الكبرى، السويس والإسماعيلية، المنيا، بنى سويف، الفيوم وادي الريان، غرب قنا – أسوان، توشكى، غرب بحيرة ناصر، وغطاء سليمة الرملي تؤثر على مناطق التوسع الزراعي بمنطقة شرق العوينات، ورمال غرب بحيرة ناصر ( توشكى) تؤثر على المناطق الزراعية بمنطقة  توشكي، والطرق الممتدة غرب-شرق.

 

*وما مدى تأثير ذلك على الطرق الصحراوية والقطاع الزراعى؟

هناك الكثير من الطرق الصحراوية المكشوفة تستغيث من القيظ والرمال اللاسعة وعلينا الاستجابة الفورية، بصحراء مصر الغربية تشق طريقها وسط سلاسل من الكثبان الرملية النشطة أو السهول والغطاءات الرملية المتحركة، مما يجعلها فريسة لموجات من الرمال القافزة والزاحفة والغبار المتساقط  والخيار الأفضل لإنقاذ تلك الطرق والتخفيف من القيظ والرمال اللاسعة وتلوث الهواء الجوي هو  زراعة أحزمة خضراء على جوانب  الطرق مثل الجيزة- الواحات البحرية-الداخلة - أسيوط بطول 1280 كم نتيجة عواصف سلاسل كثبان جنوب منخفض  القطارة، وطريق الواحات البحرية- سيوة بطول 416 كم نتيجة عواصف بحر الرمال الأعظم،  وطريق توشكى- شرق العوينات بطول 360 كم نتيجة عواصف غرد أبو محرك وفرشاة رمال سليمة، وطريق الداخلة- شرق العوينات بطول 711 كم غرد أبو محرك، وطريق القاهرة – أسوان غرب النيل بطول 905 كم نتيجة عواصف غرد أبو محرك، وطريق سيوة-جغبوب بطول 90 كم نتيجة عواصف بحر الرمال الأعظم، والطول الإجمالي يبلغ 3762 كم.

ويتجسد تأثير العواصف الرملية والغبارية على القطاع الزراعي في طمر المزارع والطرق وتخريب المزروعات وقنوات الري واقتلاع الشتلات وانكشاف جذور الشجيرات وتجريف التربة الزراعية فضلا عن التأثير السلبى للعواصف الرملية على عمليات نقل وتوزيع وتصدير المنتجات الزراعية.

*وماهي المناطق الزراعية الأكثر تعرضاً للعواصف الرملية؟

من المناطق الزراعية الأكثر تعرضاً للعواصف الرملية والغبارية، وتحت التهديد المباشر لظاهرة الرمال الزاحفة والغبار المتساقط : صحراء مصر الغربية بمساحة 680,650 كم2، والمزارع المتأثرة بمنطقة المغرة (جنوب منخفض القطارة) حيث  يصل عدد الكثبان الرملية الطولية النشطة  ( قرابة 60 من السيوف الرملية) بالفيوم، وواحة سيوة، وواحة الفرافرة، والواحات البحرية، والواحات الخارجة والداخلة، ومنطقة شرق العوينات، ومنطقة توشكي، ومنطقة سيناء بطول 60000 كم2 وتتأثر الزراعات بوادى العريش، العريش – الشيخ زويد، بئر العبد، ومناطق متفرقة بشمال وغرب سيناء والقنطرة شرق، ورمانة – بلوظة، ومنطقة وادي النيل والدلتا بطول 33000 كم2 وتتأثر الزراعات بجمصة وبلطيم، مساحات من أراضي الريف المصري ( غرب المنيا)، وبني سويف.

 

*ما هو "غرد أبو محرك" ؟

هو الضيف الثقيل ومصدر أساسي للعواصف الرملية والغبارية التي تضرب عدد كبير من المناطق منها مواقع بالواحة الخارجة  ومناطق بوادى النيل والدلتا، ويتكون الغرد من سلاسل كثبان رملية طولية وكثبان هلالية وهو ضيف ثقيل يزور البيوت ويدخلها دون استئذان وهذا ما حدث في القرن الماضي عندما زار قرية جناح واستقر فيها مما اضطر السكان لمغادرة بيوتهم بعد فشل محاولات إزاحته.

ويلاحظ عبور العاصفة النيل (قطاع بنى سويف- المنيا) ثم تتجه شمال شرق  فوق  البحر الأبيض المتوسط ضاربة دمياط وبورسعيد وأجزاء من شمال غرب سيناء، وقد أُشير في دراسات عديدة منها دراسة الجمال وشريف عام 2006 أن غرد أبو محرك الذى يمتد في اتجاه شمال-جنوب من الواحة البحرية  إلى منطقة توشكي  يشكل تهديداً لبرامج التنمية على خطوط الاتصال بين الواحات  ووادي النيل، وتصل حركة كثبان أبو محرك إلى 25 متراً في العام.

من ينظر بإمعان إلى خريطة الصحراء الغربية المنشورة  عام 2006  ويركز على امتداد غرد أبو محرك  بالجزء الشرقي من صحراء مصر الغربية المواز لنهر النيل،  يتضح أن غرد أبو محرك  يشغل مسار قديم لنهر النيل وأن المنطقة التى تشغلها السلاسل الرملية الطولية جنوب منخفض القطارة كانت دلتا قديمة لنهر النيل.

ويعتبر غرد أبو محرك تنين أهوج هائج حيث يضرب بلا هوادة، كل ما يعترض مساره من مرافق أو مساكن أو مزارع أو طرق، أحياناً يهبط من الهضاب وأحياناً يصعدها  هذا هو التنين النشط والعاري تماماً من الغطاء النباتي، ويبلغ طوله  قرابة 450 كم والعرض 16 كم، والغرد  في حركة دؤوبة معظم العام لا يهدأ أو ينام إلا في فصل الشتاء.

*وما هي الخطة المقترحة لوقاية مزارع  شرق العوينات من الرمال الزاحفة؟

تتعرض الأراضي الزراعية بمنطقة شرق العوينات لهجوم رملي شديد خاصة بفصلي الصيف والربيع، وتشكل سلاسل كثبان الرملية الواقعة للشرق من المزارع  المصدر الرئيس للرمال والغبار، ويبلغ طول سلاسل الكثبان الرملية قرابة 50 كم ويصل أقصى عرض لها 12 كم، وتنتقل الرمال بفعل الرياح الشمالية الغربية أثناء العواصف، من الكثبان الرملية لتغطى المزروعات والطرقات وقنوات الري ونظم الرى، لتخفيف مخاطر الكثبان الرملية يقترح إقامة حزام أخضر يتكون من عشرة صفوف من أشجار مقاومة للجفاف مثل الأكاسيا والسدر والأثل.

*هل هناك دول تتأثر بتلك العواصف الرملية؟

بالطبع.. هناك تأثير للعواصف الرملية على القطاع الزراعي بليبيا والكويت بحكم الظروف الطبيعية للمناطق الجافة، يتأثر القطاع الزراعي في عدد من الدول العربية بالعواصف الرملية والغبارية ومن هذه الدول مصر والمملكة العربية السعودية والكويت والعراق ودولة الإمارات العربية المتحدة وليبيا والمغرب وتونس والجزائر والسودان وسلطنة عمان وقطر واليمن.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة