الجشع وراء الظاهرة.. بيع محصول القمح كأعلاف للدواجن يهدد رغيف الخبز

30-4-2023 | 16:46
الجشع وراء الظاهرة بيع محصول القمح كأعلاف للدواجن يهدد رغيف الخبزالقمح
إيمان البدري

سلط طلب الإحاطة الذي تقدم به الدكتور أيمن محسب، عضو مجلس النواب، بشأن اتجاه عدد من المزارعين إلى بيع القمح إلى المربين وأصحاب مزارع دواجن التسمين وإنتاج بيض المائدة لاستخدامه كأعلاف بديلًا للذرة، سلط الضوء على ظاهرة خطيرة تهدد بنقص كميات كبيرة من كميات القمح الموجه إلى منظومة الخبز المدعم.

موضوعات مقترحة

ويقول طلب الإحاطة، إنه في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة المصرية نحو زيادة الإنتاج المحلي من القمح باعتباره أحد المحاصيل الإستراتيجية التي تخطط الحكومة لتحقيق الاكتفاء الذاتي منها، اتجه مزارعون إلى بيع القمح إلى مربي المواشي والدواجن لاستخدامه كأعلاف بعد ارتفاع أسعار الذرة إلى مستويات غير مسبوقة؛ حيث يقدر سعر طن الذرة بـ20 ألف جنيه، فيما وصل سعر طن القمح للقطاع الخاص إلى 13 ألف جنيه.

"وعلى الرغم من أن أسعار التوريد تقترب من العالمية، وتحقق هامش ربح جيدًا للفلاح، حيث يبلغ سعر الأردب إلى 1500 جنيه، ولكن العقوبات والغرامات المقررة على الفلاح الذي يقوم بتوريد القمح للقطاع الخاص، لا توازى الخسارة التي سيتعرض لها عند بيع القمح بسعر أقل من الأعلاف، الأمر الذي يهدد بخسارة الحكومة كميات كبيرة من القمح بسبب سلوك بعض المزارعين".

كشف خبراء ومختصون عن سبل تفادي تلك الأزمة، بوضع عدد من الحلول والاقتراحات لحماية استخدام القمح في الأعلاف بدلا من توجيهه إلى منظومة الخبز المدعم.

استخدام القمح كأعلاف للدواجن يعرض المحصول الإستراتيجي للخطر 

يقول الدكتور محمد عبدالهادي أستاذ المحاصيل بكلية الزراعة جامعة عين شمس، إنه يجب التصدي بشكل قوي لهذا السلوك الذي يعرض محصول القمح للخطر، مضيفًا: حذرنا كثيرًا من تلك الأفعال التي يستغل فيها القمح كعلف.

الدكتور محمد عبدالهادي

ويضيف، أستاذ المحاصيل الزراعية أنه من الخطورة تخصيص القمح كغذاء للدواجن، لأن استخدام القمح كعلف يحتاج إلى إضافات ومعالجات حتى يصلح كعلف، ولذلك لن يتم الاعتماد كليا على القمح كغذاء للدواجن والمواشي، كما أن الدواجن والمواشي لا تقبل كثيرًا على تناول القمح فضلا عن أن القمح لن يعطي الجودة التي تعطيها الذرة الصفراء كعلف، وبالتالي تهدر كميات القمح دون تحقيق أي عائد مجزٍ. 

الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها على استيراد القمح

ويشير الدكتور محمد عبدالهادي، إلى أنه يجب حماية القمح والحفاظ عليه، خاصة في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، والتي تشكل تحديًا كبيرًا لاستيراد القمح، خاصة إذا انتبهنا أنه في العام الماضي بعد بدء الحرب، كان قد وصل سعر طن القمح إلى 490 دولارًا بعدما كان 250 دولارًا، وهذا يعني وجود زيادة في أسعار القمح العالمي.

استخدام القمح كعلف للدواجن يؤثر على توافر الخبز 

 ويضيف الدكتور الهادي، أن استخدام القمح كعلف يؤثر على إنتاج الخبز في مصر، ولكي يتم إنتاج الخبز نقوم باستيراد حوالي 50% من استهلاكنا من القمح، لذلك لا يجب هدر ما نزرعه في مصر من مساحة الـ 3 ملايين فدان قمح المزروعة وتحوله إلى أعلاف؛ حيث إن متوسط إنتاج فدان القمح 3 أطنان أي ننتج 9 ملايين طن.

"في حين أننا نستهلك 18 مليون طن، لذلك نحتاج توجيه الـ9 ملايين طن المزروعة في مصر لإنتاج الخبز فقط ولا يتم تسريبهم إلى إنتاج الأعلاف وهذه حلول تتم، إلى حين أن تثمر المشاريع الجديدة للدولة عن ثمارها، حيث إنه من المستهدف أنه يوجد استصلاح في الدلتا الجديدة يخصص لزراعة المحاصيل التي بها فجوات، موضحًا أن هذه المشاريع الجديدة من المتوقع أن تضيف لنا حوالي 500 ألف فدان تزرع بالقمح، وتنتج مليون ونصف طن من القمح أي تسد حواي 10% مما نستورده من القمح، ولكن ذلك لا يعني استخدام القمح كعلف للدواجن والمواشي.

عدم التزام الفلاح بتوريد القمح يسبب أزمة 

من جانبه يقول الدكتور رشاد عبده، أستاذ الاقتصاد والاستثمار والتمويل الدولي، ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، أن بيع القمح للقطاع الخاص دون التزام الفلاح بتوريده للدولة، ينتج عنه شراء احتياجات المواطنين من القمح من الخارج بالعملة الصعبة.

الدكتور رشاد عبده

"كما أن عدم الالتزام مع الفلاح في توريد القمح تسبب في أزمة أكبر، تفاقمت بعد حرب روسيا وأوكرانيا، حيث ظهر شح في وجود القمح، وبذلك ارتفعت أسعاره العالمية وفي المقابل تم طلب شراء القمح من الفلاح المصري، ولكنه لم يزرع القمح نظرًا لشراء مصر القمح العالمي بحجة أنه أرخص من القمح المصري.

سياسات واضحة ومستقرة ودائمة

وحول إنقاذ القمح من استغلاله كعلف للدواجن والمواشي، يقول الدكتور رشاد عبده، على الدولة الآن أن يكون لديها سياسة واضحة، وأن تخطو وزارة الزراعة ووزارة التموين للتنسيق مع رئيس الوزراء حتى يتم التنسيق بين السياسات لمعرفة سعر توريد القمح سنويًا، ومعرفة ما هو هامش الربح الذي يكون أكثر من التكلفة.

وأكد ضرورة وضع قواعد حاكمة، لأن مصر من كبرى الدول التي تستورد القمح، لذا يجب وضع ضوابط رادعة.

ويرى عبده أنه من الضروري التخطيط للسنوات المقبلة بشأن محصول القمح ووضع سياسات ثابتة ومستقرة ومعلنة وواضحة ودائمة، تصلح لجميع الأعوام القادمة، لأن الأجراء الوقتي سيجعلنا نواجه تكرار نفس المشاكل في الأعوام القادمة.

خطورة استخدام القمح كأعلاف للدواجن

يقول الدكتور علاء الدين عبدالسلام حميد أستاذ تغذيه الدواجن وتصنيع الأعلاف، ورئيس قسم الدواجن الأسبق كلية الزراعة جامعة عين شمس، إن بيع القمح واستخدامه كعلف للدواجن والمواشي، هو نوع من سلسلة المشاكل واستمرارها، وهي عدم تنظيم صناعة الدواجن، وهي أحدى المشاكل الجديدة والطارئة ألا وهي استخدام محصول يستخدم في تغذية الإنسان ويتم توفيره بعناء، ثم يتم تحويله واستخدامه في تغذية الدواجن والماشية، وهذا خطر كبير خاصة مع الاستمرار في خلق أزمة في صناعة الدواجن ثم خلق أزمة أكبر للإنسان.

الدكتورعلاء عبد السلام

"ورغم أن القمح عندما يضاف له معالجات معينة ومعاملات غذائية، يمكن أن يصلح كعلف ولكن لا يحبذ ذكرها، حتى لا يتم التشجيع على تحويل القمح إلى علف، لأنه بذلك سيتحول إلى الضغط على الدولار لصالح القمح ولصالح الدواجن، بعدما كنا نضغط لصالح الإنسان المصري ولصالح رغيف العيش.

 "لذلك لا بد من تدخل صحيح لإنقاذ القمح وفي تنظيم صناعة الدواجن، حيث ما زال أمامنا فرصة ذهبية لتنظيم هذه الصناعة من بدايتها وتنظيمها بشكل صحيح، ولكن الترميم والتجاهل للأزمتين سيعقد الأزمة بشكل أكبر وأعنف، لذلك لابد من الحلول السريعة وتنفيذها فورًا، حيث إن المشكلة لم تعد فقط توفير أعلاف، ولكن المشكلة أصبحت في إعادة وتنظيم هيكلة هذه الصناعة حتى تنطلق وتتعافى بشكل طيب لصالح المجتمع.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة