Close ad
27-4-2023 | 16:13
الأهرام المسائي نقلاً عن

ناقشت فى كتابى الأخير "العبور الآمن للتغيير المؤسسى" العديد من النقاط المرتبطة بأهمية مشاركة المرأة فى كل الأنشطة المجتمعية، وألقيت الضوء على الأهمية الاقتصادية التى تعود على اقتصاد الدولة من تلك المشاركة، وامتدادها إلى التأثير الإيجابى على الاقتصاد العالمى ككل، وناديت من خلال كتابى إلى أهمية الدعوة العالمية إلى تبنى مصطلح التكافؤ كبديل لمصطلح المساواة.

وبنيت فكرتى على العديد من النقاط التى يمكن أن أبسطها فى أن المساواة قد تحمل نوعًا من الظلم للإنسان بغض النظر عما إذا كان هذا الإنسان رجلًا أو امرأة، وبصورة أكثر توضيحًا أن وضع الجميع على قدم المساواة قد يحمل تمييزًا لشخص يمتلك كل المقومات الحياتية، وإجحافًا لحقوق إنسان آخر يستحق أن تمتد له يد العون لتحسين أوضاعه المجتمعية، ومن هنا تأتى أهمية التكافؤ، أى محاولة النظر بعين العدالة إلى الجميع، فمن يحتاج المساندة يتم تقديمها إليه، كى نصل لوضع المساواة العادلة، أما المناداة بالمساواة المطلقة فقد تكون فى حد ذاتها ظالمة، فقد يحتاج الرجل إلى مساندة مجتمعية فى بعض القضايا، وقد تحتاج المرأة إلى يد العون فى قضايا مجتمعية أخرى، وهو الامر الذى يحتاج إلى تغيير مؤسسى على المستوى العالمى والمحلى، إذ اعتادت النظرة العالمية على الاهتمام بقضايا المرأة بصورة مطلقة والمطالبة بالمساواة وهو الأمر الذى قد يحمل بين طياته ظلماً للمجتمع إذا لم تكن القضايا التى يتم الدعوة لمناصرتها تحتاج جديًا إلى تلك المناصرة فى العديد من المجتمعات.

فما نحتاجه هو تغيير المفاهيم التى يتم استخدامها، لنبتعد قليلًا عن مصطلح المساواة، الذى قد يحمل نوع من الإجبار غير المرغوب ومن ثم التمييز العكسي، لنستبدله بمصطلح التكافؤ الذى ينطوى على درجة أكبر من القبول المجتمعى نظرًا لإتاحة مشاركة الجميع دون تمييز. وهو الأمر الذى قد يحتاج إلى تغيير الأطر التشريعية العالمية والمحلية المعنية بالمساواة، ولنبدأها باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو"، والتى أرى أنها اتفاقية قد تنظر للمرأة وكأنها فى مرتبة متدنية بصورة دائمة فى كل المجتمعات، لأقترح تعديلها لتصبح اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد الإنسان سواء كان رجلًا أو امرأة، فمكافحة التمييز بصورة عامة من شأنها أن تعزز من كل أوجه التنمية الاقتصادية والمجتمعية من خلال إتاحة الفرص لمشاركة الجميع وتأتى فى إطارها تمكين المرأة إذا ما استدعى الأمر ذلك.

وما يدعم فكرتى عمليًا أنه لاتزال اللامساواة بين الجنسين متجذرة بعمق فى العديد من المجتمعات على الرغم من كل الجهود العالمية. فمازالت تفتقر الكثير من النساء إلى فرص الحصول على عمل لائق فى كثير من المجتمعات وهو ما ينعكس على الفجوات فى الأجور بين الجنسين مرورًا بفرص الالتحاق بالتعليم الأساسى والحصول على الرعاية الصحية ووصولاً إلى المشاركة فى الحياة السياسة، وهو الأمر الذى يدعو إلى الحاجة للتغيير وعدم السير على ذات المنوال، لتأتى أهميةالنظر فى سبل التعامل المؤسسية مع تلك القضايا، وتوفير الدعم المالى اللازم، وهو التحدى الأكبر الذى واجهته الأمم المتحدة لسنوات عديدة،والذى أعاق تفعيل تعزيز المساواة بين الجنسين على الصعيد العالمى.

إذ يمكن أن تصل نسبة الأموال المخصصة من الدول المتقدمة إلى الدول النامية والأقل نمواّ لخدمة تلك القضايا إلى نحو 0.9% من إجمالى الناتج المحلى العالمى للدول المتقدمة مجتمعة.لتصل إلى قرابة حاجز الـ 850 مليار دولار سنويًا،. ليصل نصيب كل دولة إلى حوالى 7 مليارات دولار من تلك الأموال المخصصة لتلك القضية إذا ما تم التعامل مع هذا الملف على محمل الجد.وبالطبع كلما كانت الدولة أكثر تأثيرًا إقليميًا، فستتناسب طردياً تلك الأموال مع جهودها لخدمة إقليمها المحيط، فقط على تلك الدول أن تتخذ خطوات تشريعية ومؤسسية جادة تستهدف التكافؤ وعدم التمييز، وأن تبذل الجهود لربط استخدام تلك الأموال والمساعدات بالمشروعات المدعمة لتفعيل الأهداف الإنمائية فى الدول النامية والأقل نموًا، بصورة تعكس التكافؤ وعدم التمييز، وتتخذ من تمكين المرأة أداة تنموية على مستوى جميع أهداف التنمية المستدامة وهو الأمر الذى يصل بنا إلى تحقق المساواة العادلة.

* خبيرة اقتصادية 

[email protected] 

 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: