القمة العربية والقادة الكبار

26-4-2023 | 14:50

قدر القادة الكبار في النظام العربي أن يجلسوا الآن بعقول حاسمة معًا لترميم ما يحدث في منطقتنا من صراعات وحروب لا تتوقف، وأصبحت جوالة من بلد إلى آخر، ولا وقت لأي مهاترات من هنا أو هناك أو استماع إليها من الأطراف، التي صنعت الفوضى في إقليمنا، خصوصًا التيارات المتأسلمة والسلفية، فقد أعاقت المنطقة العربية بحثًا عن سلطة لا تستطيعها، بل لا تستطيع الإسهام فيها.

هنا يجب أن يكون واضحًا أنه على الدول الرئيسية التدخل بوضوح لوضع حد لتدفق الأموال الكبرى التي تخصص لهذه التيارات وهؤلاء الإرهابيين، لكي تخلق وضعًا مهزوزًا ومتأزمًا في الإقليم لا يمكن الخروج منه بسهولة، أحوال الفوضى أضرت بالإقليم بشكل لا حد له، المباحثات الكبرى الدائرة التي تجري الآن على صعيد الإقليم العربي، خصوصًا مع جيراننا، لن تنفع أو تنجح إلا بترميم الإقليم من الإرهاب والإعلام المضاد، والإصلاح يجب أن يكون على المستوى الإقليمي العربي بشكل موحد، ومن الأفضل أن تأخذ القمة العربية المقبلة في الرياض الأمر بيدها، والأفضل أن تأخذ المبادرة في هذا الشأن لتشكيل مجموعات عمل سياسية لكل بلد عربي يعاني مشكلة، في المقدمة منها السودان وليبيا وسوريا واليمن ولبنان، هذه النقاط المتفجرة، تحتاج مباحثات على المستوى الإقليمي ومع كل دولة على حدة، بين السياسيين داخلها، مع وقف التدخلات الخارجية بين دول الإقليم الكبرى التي تعوق الوصول إلى حلول معقولة للأوضاع الداخلية لهذه الدول التي تأثرت أكثر من غيرها منذ بداية هذا القرن، خصوصًا ما بعد 2011، التي عرفت باسم “الربيع العربي”. القمة يجب أن تتجه لتشكيل لجان من دولها لكل دولة متفجرة، لوضع حد للصراع الداخلي وللتدخلات الخارجية.

القمة المقبلة يجب أن ترصد برنامجًا للإصلاح الاقتصادي للإقليم ككل، ولكل دولة عربية، لأن استمرار المهاجرين والهجرة التي تنجم عن الحروب الأهلية المخيفة والصراعات، أصبح موقفًا عربيًا لا يحتمل التأخير، ويجب توقفها فورًا، وهذه مسئولية القادة والدول الكبرى إقليميًا، خصوصًا الدول العربية القادرة، ذات الفوائض المالية، تحتاج إلى أن تعطي اهتماماتها للإقليم للمساعدة في الإصلاح السياسي والاقتصادي لكل دولة وللمنطقة ككل.
الدول الكبرى”أمريكا وروسيا والصين” دخلت مرحلة صراعات وحربًا باردة بينها، وهذا يفرض على دول إقليمنا تغيير إستراتيجياتها لتأخذ الأمور بيدها، ولا تتركها للتداعيات والصراعات المخيفة، ولا تنتظروا حربًا أو انقلابًا من هنا أو هناك، تدخلوا للإصلاح، لكي يعود المهاجرون السودانيون إلى بلادهم، تدخلوا لكي يعود المهاجرون السوريون إلى بلدهم. تدخلوا لتشكيل حكومة وانتخاب رئيس لبنان، مع تشجيع برنامج إصلاح اقتصادي لبناني. تدخلوا لتشكيل حكومة ليبية موحدة ولا تتركوا ليبيا للانقسام أو تتجه إلى الحرب لا قدر الله. تدخلوا عربيًا لوقف انهيار المباحثات المصرية - السودانية مع إثيوبيا حول المياه وسد النهضة.
الشعور العربي الموحد يجب أن يظهر في قمة العرب المقبلة بالرياض. المنطقة العربية الملتهبة سواء بينها وبين جيرانها يجب أن تحل، لا تتركوا القضية الفلسطينية للفلسطينيين وحدهم، هم في حاجة إلى أن تساعدوهم ليخرجوا من مأزق الاحتلال الإسرائيلي والانقسام الداخلي، وهذا لن يتم دون حل عربي موحد. المنطقة العربية تمتلك كل شيء، الموارد الاقتصادية والقوة العسكرية والإرادة الموحدة، للتخلص من الصراعات الصغيرة بحثًا عن سلطة وهمية هنا وهناك.
القوى المتصارعة تستخدم الإعلام الخارجي لتأجيج الصراعات بين البلدان العربية وبعضها بعضًا. المصلحة العربية أصبحت واضحة والرؤية لم تعد غائبة، ونمتلك الآن قيادة لكي تدفعنا نحو التخلص من المشاكل وصياغة علاقات داخلية واضحة بين كل الأطراف، وصياغة بنية عربية جديدة تتيح لشعوبنا التخلص من حالة الحرب، والبدء في حالة البناء والتعمير والتعاون المشترك بين الأطراف لبناء نظام عربي جديد.

كلمات البحث
الأكثر قراءة