نظرًا لمحدودية الموارد المائية العذبة فى مصر وتأثر كميات هائلة من الأراضى الزراعية القديمة فى مناطق الدلتا ووادى النيل، بارتفاع نسبة ملوحة التربة، تُقدر بنحو 2 مليون فدان مهددة بالبوار. أضف إلى ذلك أن معظم الأراضى فى البيئات الهامشية فى جميع الأقاليم البيئية الزراعية بمصر 94 % من المساحة تتأثر بالتغير المناخى مما أدى إلى تدنى الإنتاج الزراعى وبالتالى انخفاض القدرة على زيادة الغذاء او خلق المزيد من فرص العمل، ناهيك من انخفاض مستوى المعيشة وزيادة الفقر.
موضوعات مقترحة
لذلك كان لابد من تطوير أنظمة الإنتاج الزراعى والعمل على إيجاد نظم إدارة مناسبة وبديلة وملائمة للظروف الاجتماعية والاقتصادية والبيئية فى المناطق الهاشمية وخاصة المتأثرة بالتغيرات المناخية من أجل تقليل التدهور فى الأنظمة البيئية الزراعية مستقبلا وتحقيق استدامة معيشة المزارعين القاطنين فى البيئات الهامشية.
أمل وحياة
يقول الدكتور حسن محمد الشاعر مدير مركز التميز المصرى للزراعة الملحية - مركز بحوث الصحراء إن الزراعة الملحية تعد الامل والحياه فى الاراضى الهامشية والمالحة كأحد الحلول المتاحة لمواجهة الآثار السلبية للتغيرات المناخية من خلال الاستغلال الامثل لكفاءة الموارد الطبيعية المتاحة من التربة والمياه المنخفضة النوعية وتحقيق الامن الغذائى لما لها من آثار اقتصادية عظيمة تتمثل فى الاستفادة من مساحات هائلة من الاراضى المتأثرة بالملوحة والمياه المالحة فى زيادة الإنتاجية الزراعية وايجاد فرص عمل للمواطنين.
سياسة بديلة
وتابع: انطلاقا من ذلك فقد اتجهت جهود مصر فى استخدام سياسة زراعية بديلة وغير تقليدية لتطبيق تقنيات الزراعة الملحية وخاصة فى مجال انتاج الغذاء والاعلاف الملحية ومحاصيل الزيوت وتوفير المياه العذبة من الاستنزاف وكذلك تحسين الظروف البيئية ورفع كفاءة استخدام الاراضى الزراعية المتأثرة بالاملاح لزيادة دخل المزارع ومربى الثروة الحيوانية.
ولذا فانه كان لزاما ضرورة العمل على استخدام واستغلال الموارد الطبيعية الهامشية المتاحة التربه المالحة والمياه العادمة والنباتات الملحية باساليب مثلى ومتكاملة فى زراعة النباتات التى تتحمل الملوحة مثل المحاصيل العلفية لتغذية الحيوانات والدواجن وكذلك زراعة محاصيل الحبوب كغذاء للإنسان والزيوت حيث يمكن ان يسهم ذلك فى تطوير النظام الزراعى فى تلك المناطق ويعمل على رفع القدرة المعيشية للسكان من البدو والمزارعين الجدد الذين انتقلوا من وادى النيل.
مشاريع مرنة
وأوضح الشاعر أن مركز التميز المصرى للزراعة الملحية نجح فى تنفيذ عدة مشاريع رئيسية بالتعاون وبدعم من الصندوق الدولى للتنمية الزراعية والصندوق العربى للإنماء الاقتصادى والاجتماعى وصندوق اوبك للتنمية والبنك الإسلامى للتنمية وبالتعاون مع المركز الدولى للزراعة الملحية في دبي والتى قامت على دعم استخدام نظم زراعية اكثر مرونة للتعامل مع الظروف الهامشية المتأثرة بشكل مباشر بالتغيرات المناخية وترتبط ارتباطاً مباشرا مع تحسين معيشة مزارعى الأراضى محدودة المساحة التى تتصف بها المنطقة.
ونوه بأن هذه النظم تستند إلى انتاج الغذاء والاعلاف وتكامل نظم الانتاج الحيوانى مع الاعلاف الملحية والتى تؤدى إلى الزيادة المستدامة لإنتاجية الأراضى والثروة الحيوانية، بالإضافة إلى انها تتصف بمرونتها فى التخفيف من حدة تأثير التغيرات المناخية التى تعانى منها الزراعة والتى يساهم تطويرها فى تحقيق الأمن الغذائى وخاصة فى المناطق الهامشية فى مصر.
وتهدف هذه المشروعات بصفة عامة إلى تحسين معيشة وإنتاجية المزارعين ذوى الدخل المحدود فى المناطق ذات الموارد الهامشية المتأثرة بالتغيرات المناخية وتنمية قدرات الفنيين فى برامج البحوث الزراعية الوطنية والمزارعين على الاستخدام والادارة المستدامة لهذه الموارد الهامشية من خلال تطوير أنظمة الانتاج المتكاملة فى المزارع الصغيرة بالبيئات الهامشية، بالإضافة إلى المشروع المصري- التونسى لإدخال نظم الزراعة الملحية فى بعض قرى شمال سيناء، بالتعاون مع معهد البيو تكنولوجيا ببرج سيدرية بتونس، بتمويل من وزارتى البحث العلمى فى مصر وتونس.
إنجازات
وأشار الشاعر إلى أن المشروعات البحثية مازالت مستمرة فى تحقيق الانجازات والمناهج التطبيقية فى تصنيف تأثير التغير المناخى على مستوى البلد والمناطق المستهدفه واختيار البيئات المستهدفة وانظمة الانتاج وتحليل الجوانب الاجتماعية والاقتصادية للأنظمة الزراعية الحالية، وتحليل أنظمة الإنتاج الزراعى والحيواني، وتحديد الفجوات المتواجدة ووسائل تحسينها، وكذلك تطوير تقنيات متكاملة لتحسين إنتاجية وإدارة المحاصيل والإنتاج الحيوانى، علاوة على تطوير وتطبيق الطرق المكثفة لنقل التقنيات وتنمية القدرات وتعزيز المعرفة فى مجالات الإنتاج الزراعى والحيوانى والامن الغذائى والتدريب التطبيقى للمزارعين والمشاركة المباشرة فى كافة مستويات الإنتاج والإدارة وتعزيز دور المرأة الريفية من خلال تحسين انتاح المزارع وتحقيق القيمة المضافة للمنتجات وتنمية قدرات الأسر الريفية.
واستطرد قائلا: نجحت المشروعات فى إدخال العديد من المحاصيل النباتية التى تتحمل ملوحة التربة ومياه الرى والجفاف، والتى تستخدم فى العديد من الأغراض من غذاء للإنسان والحيوان والطيور وأيضا مصدر للزيوت والالياف والطاقة الحيوية وتتمثل فى محاصيل أعلاف حيوانية كالتريتيكال، بنجر العلف، الشعير، الدخن، السورجم، البانيكم، البونيكام، الذره الرفيعه، لوبيا العلف، البرسيم المسقاوى والحجازى والشجيرى. وكذلك محاصيل لغذاء الإنسان كالقمح، والشعير والكينوا والمورنجا وبنجر السكر والكسافا وبعض الخضروات مثل البصل.
وتابع: أيضًا محاصيل للزيوت والمتمثلة فى عباد الشمس، الكينوا، الكانولا، القرطم، الجوجوبا كما نجحت المشروعات فى زراعة الشجيرات العلفية كالساليكورنيا، السيسبان، القطف الاكاسيا، البروسبس اللاشوكى ليوسينيا، وكذلك أشجار الفاكهه النخيل كالزيتون، والرمان، والتين، واللوز. أما فى الإنتاج الحيوانى فقد نجحت المشروعات من إنتاج اللحوم الحمراء، والألبان، والطحالب، والأسماك البحرية، والتكامل مع الانتاج الحيواني.
توصيات وأهداف
وشدد الشاعر على أهمية تطبيق نظم الزراعة الملحية فى مناطق الاستصلاح الحديثة، وكذلك الأراضى المتأثرة بالملوحة فى إقليم شمال دلتا نهر النيل لضرورة الاستغلال الامثل لموارد الاراضى والمياه المتأثرة بالملوحة وزيادة مساحات جديدة من الأراضى الزراعية وزيادة العائد الاقتصادى من وحدة المتر المربع من الأراضى وكذلك وحدة المتر المكعب من مياه الرى مع ضرورة التكامل بين الانتاج الزراعى والحيوانى والسمكى فى منظومة متكاملة لاحداث التنمية المستدامة ولايجاد فرص هائلة لعمل الشباب من الرجال والنساء وتحقيق المردود الاقتصادى والاجتماعى المستهدف من استراتيجية الزراعه فى مصر فى السنوات القادمة.
ولفت مدير مركز الزراعات الملحية إلى أن المستهدف من إنشاء المركز هو المساهمة فى تحقيق الخطة الطموحة لاستصلاح وزراعة 4 ملايين فدان جديدة فى المناطق الصحراوية، ورفع المستوى الاجتماعى والاقتصادى والثقافى للمجتمعات السكانية فى المناطق الهامشية، ويتحقق هذا من خلال تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية، تتمثل فى تقوية وتدعيم سياسة مصر الزراعية بزيادة الرقعة الزراعية والإنتاج الزراعى، وإعادة توزيع وتوطين السكان بصحراء مصر، واستغلال الطاقات البشرية للشباب فى التنمية الشاملة.