الكثير منّا يتلفظ بكلمات وعندما يشعر بالإحراج يقول كنت بهزر! ولا يعلم أثر الكلمة على النفس، قد تقول كلمة من باب الهزار ولا تعلم ما تسببه من ألم نفسي لصاحبها، 90% من الأمراض سببها نفسي وليس جسديا كما يعتقد البعض و99% من شفاء أي مريض متوقف على الحالة النفسية له! فالأذى النفسي أشد إيلامًا من الأذى الجسدي، قد ينسى الشخص ما مرّ به من مواقف وأحداث ولكن لا ينسى أبدًا ما شعر به حينها من ألم نفسي قد يمتد مع الزمان!
فالله سبحانه وتعالى يعلم مدى التأثير الايجابي للكلام الطيب على النفس وذَكَرَ سبحانه وتعالى ذلك في العديد من الآيات: "إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ"، "وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ"، " كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ"، كما قرأت عن تفسير تلك الآية وتشبيه الله سبحانه وتعالى الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة: ( إذا تخيلنا شجرة تين مثلاً، أخذنا حبة تين، ثم نعد كم بذرة فيها؟ ونتخيل أن كل بذرة ستصبح شجرة، وكل شجرة تحمل عشرات ألوف هذه الثمار، وكل ثمرة فيها عشرات ألوف هذه البذور، معنى هذا من بذرة واحدة يمكن أن تُشكل غابة، فالكلمة الطيبة تعمل سلسلة انفجارية، تجد مجتمعاً بأكمله يهتدي بالكلمة الطيبة أو العكس).
كما ورد عن رسول الله صلى الله عليم وسلم :" الكلمة الطيبة صدقة"، وتدخل الكلمة الطيبة من باب جبر الخواطر التي قدمها الله على الصدقات :" قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ"، لأن الله سبحانه وتعالى يعلم ما تحدثه الكلمة الطيبة على النفوس، فقد يظل الإنسان يومًا بأكمله سعيد بكلمة، والعكس كلمة قد تقلب يومه رأسًا على عقب! كلمة قد ترفع معنويات وقد تحبط شخص، كلمة قد تعيد الحياة لشخص وقد تنهي حياته في لحظة! قد يتعالج الإنسان من أي أمراض جسدية، وقد يشعر الشخص بألم في وقتها ولكن سرعان ما يزول هذا الألم بل سرعان ما يختفي أي آثار لأي جروح أي يلتئم الجرح مع الوقت، بعكس الأذى النفسي فهو لا يترك أي أثر ظاهر بل يترك ألما في نفس صاحبها ! هو فقط من يشعر به ولا يتعافى منه ولو مرّ الكثير من الوقت!
فانتبهوا من الكلام الذي يصدر منكم بقصد أو بدون قصد، فهناك عبادة تسمى جبر الخواطر، فالعطاء ليس فقط ماديا يتمثل في المال بل العطاء الأعظم المعنوي الذي يمتد أثره مع الزمن كالكلمة الطيبة، فتمعن جيدًا واختار كلماتك قبل أن تتلفظ بها، فالكلمة كالرصاصة قد تقتل أو تكون كالدواء الذي يتسبب في الشفاء وإعادة الحياة للبعض! والكلمة إذا خرجت لن تستطيع إعادتها مرة أخرى ! وإلا ستكون أشبه بإعطاء دواء لمريض ولكن بعد موته ومفارقته للحياة!
مقولة يتلفظها الكثير "هو الكلام بفلوس" ولكن لو علم البعض أن الكلام أثمن من الفلوس، فالكلام يؤثر على النفس والروح التي هي أثمن وأغلى من أي مال! الكثير يوعد بالكلام ولا يعلم أثر الوعود على صاحبها فقد يبني شخص على كلمة منك آمالا وأحلاما وطموحات وأنت قلتها من باب الكلام فقط! فهناك فرق من الكلام المجاملة واللسان الحلو وهو الكلمة الطيبة التي تجبر الخواطر، وفارق شاسع بينها وبين الكلام الذي يحمل وعودا فهنا قد يكون اختراق الوعود كسرا للخواطر والنفس والروح !