حولت التكنولوجيا كثيرًا من نمط الحياة وسلوك الإنسان خاصة عندما اعتمد السواد الأعظم على التواصل الاجتماعي بطرق حديثة تمثلت في إرسال رسالة نصية عبر تطبيقات "السوشيال ميديا" المختلفة، والاكتفاء بها في تقديم التهاني للأقارب والجيران والأصدقاء، بل إن الكثير يعتمدون كتابة رسالة واحدة وإرسالها عبر مجموعة بها جميع أرقام الهاتف الخاص لتصل هذه الرسالة إلى الجميع في خطوة واحدة ودون مجهود، ليتغير نمط الحياة، بسبب التكنولوجيا، من التواصل الحقيقي الذي كان يجري بين الناس في المناسبات بحرصهم على صلة الأرحام والتزاور، وطرق الأبواب، إلى التواصل "أونلاين" ذلك الذي لا يحمل أية مشاعر ويقضي على قيمة التواصل الحقيقية، بل ويؤثر بحسب أطباء النفس، على الصحة النفسية.
موضوعات مقترحة
صلة الرحم
يقول الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية، بجامعة الأزهر، إن الشرع المطهر حضّ على نقل الأقدام وتغبيرها بالمشي لصلات الأرحام، التماسًا للمثوبة، والأجر.
ويضيف أستاذ الشريعة الإسلامية، فيقول كان هذا دأب المسلمين منذ ظهور الإسلام، ومن الأمثلة التطبيقية أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يذهب بنفسه إلى السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها وأرضاها، ليسأل عنها، ويتفقد أحوالها، ويداعب سبطيه، الحسن، والحسين، رضي الله عنهما.
الأعياد والمناسبات
وتوارث المسلمون، بحسب أستاذ الشريعة الإسلامية، الزيارات للأرحام في بيوتهم، من باب التماس الأجر من الله عز وجل، وإدخال السرور على الأقارب، والجيران، والأصحاب، وذلك كله امتثالًا لقول الله عز وجل: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً، وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ، إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا".
وقال الله تعالى: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ".. وقول النبي، صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّه تَعَالى خَلَقَ الخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَقَالَتْ: هَذَا مقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى، قال: فذَلِكَ لَكِ"، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: اقرؤوا إِنْ شِئْتُمْ: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ، أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ".
الدكتور أحمد كريمة
التواصل الاجتماعي
يقول أستاذ الشريعة الإسلامية، جاء على الناس حين من الدهر، اتكلوا على وسائل التواصل الإلكترونية، والرسائل الصامتة، الجامدة، الجافة، التي لا تنبئ عن مشاعر، ولا تبرهن عن محبة، تقليدًا لغيرهم.
ويضيف أستاذ الشريعة الإسلامية، أن الواجب الاعتزاز بالصبغة الإسلامية، والالتزام بتعاليم الشرع المطهر، من الذهاب، وطرق الأبواب، وتبادل التهاني، وتوزيع الإكراميات، من الشخص نفسه، محافظة على الشخصية المسلمة.
التكنولوجيا
ويقول الدكتور جمال فرويز، استشاري الصحة النفسية، إن التكنولوجيا رغم ما حملته للبشرية من خير في تيسير أمور الناس في مجالات مختلفة كالتعلم مثلا والتنقل من بلد إلى آخر عبر الإنترنت بحثًا عن معلومة دون تكلف عناء السفر وطول الزمن، إلا أنها حملت سلبيات للناس وللمجتمعات.
ويشير استشاري الصحة النفسية في هذه السلبيات، إلى التواصل بين الناس؛ سواء في المناسبات أو في الحياة العملية أو حتى الحياة اليومية، عبر الإنترنت، بطريقة رسالة يرسلها الشخص عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي المختلفة، وصفها بأنها رسالة مجردة من المشاعر الإنسانية تجعل العلاقة بين الأشخاص متجمدة وعلى مسافة بعيدة من المودة.
السوشيال ميديا
يضيف الدكتور جمال فرويز، أن نسبة كبيرة من المجتمع اعتمدت طرق التواصل عبر الإنترنت، وأن تقتصر التهنئة في المناسبات والأعياد على التواصل "أونلاين" مما أفقد الأشخاص سماع صوت بعضهم البعض ورؤية بعضهم البعض.
ويقول استشاري الصحة النفسية إن طرق التواصل التكنولوجية تحطم معنى وقيمة التواصل الاجتماعي وتحوله إلى تباعد اجتماعي، وللأسف هذا ما حدث بسبب التكنولوجيا وبسبب غفلة الكثير من الناس عن الخسائر التي تقع منهم دون أن يشعروا، قائلًا: "عندما تكتفي بالتواصل الإلكتروني مع الأشخاص فأنت تجلب لنفسك خسائر نفسية كبيرة".
ويوضح استشاري الصحة النفسية أن التواصل الحي بين الأشخاص عبر الاتصال الهاتفي والتزاور والرؤية وتبادل التهنئة في المناسبات مثلًا، ينعكس بالإيجاب على الروح المعنوية للطرفين وشعورهم بالامتنان، والألفة، والمودة، وهذه قيمة صلة الأرحام التي أوصانا بها الله تعالى، ورسوله الكريم.
الدكتور جمال فرويز