Close ad
13-4-2023 | 13:27

هناك علاقات بين البشر لصيقة ببعضها البعض لاتزيدها الحياة بمرور الزمن إلا قوة ومتانة مهما مرت هذه الصلات بمحاولات وقيعة من أطراف مغرضة بغية إضعاف طرف في مواجهة الآخر، أو النيل من صداقة.. أوغير ذلك، كذلك الحال في العلاقات بين الدول، لكنها أبدًا لاتستطيع النيل من ترسخ المحبة والأخوة القائمة صدقًا فعليًا بين الشعوب وتماسكها، وبخاصة في مواجهة أي صعوبات مهما كان نوعها؛ سواء أكانت اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية ..إلخ، فما بالنا بمصر والسودان وما تتصف به من كونها علاقة أزلية تضرب بجذورها التاريخية في العمق، تزينها روابط تسري سريان الدم في العروق، وأواصر المحبة وعلاقات النسب بين الشعبين، مما يجعلها تتجاوز أي محن أو مشكلات تعترض سبيلها نحو التقدم والتنمية؟!

ولنا أن نعرج على مكانة السودان في قلوب المصريين فيما عكسته كلمات أمير الشعراء أحمد شوقي في "قصيدة السودان" في العام 1925، وتغنى بها موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب ووضع لحنها الخالد في العام1947، حبا في مصر والسودان معًا بوصفهما شعبًا واحدًا متلازمان مكانةً ومصيرًا، فاستقرارهما مرهون بتماسكهما وصمودهما أمام أي عوائق أو نزاعات مختلقة تلقى في طريق ترابطهما.

فالشواهد أزلية تؤكد ترابطًا ظاهرًا بين شعبي وادي النيل في الشمال والجنوب، يرجع تاريخه إلى آلاف السنين قبل الميلاد منذ عصر الفراعنة، مرورًا بالفتح الإسلامي والعصر الحديث، وما تبذله مصر من جهود في اتجاه تعزيز إقامة علاقات داعمة للتعاون في شتى المجالات، بالنظر إلى ما يجمعها بالسودان الشقيق من وحدة الأهداف والمصائر والمقادير.

وما ترصده تحركات الساسة والقياديين من كلا البلدين يثبت عمق العلاقات، والمتابع لما ترصده الصحف وتطيره وكالات الأنباء المحلية والعالمية من هذه التحركات بدءًا من حرص الرئيس عبدالفتاح السيسي على أن تكون زيارته الأولى طبقًا لأجندته الخارجية بعد ترشحه للرئاسة للسودان، توطيدًا للأواصر بين البلدين، وتأكيدًا من القيادة السياسية على أن السودان له الأولوية في الاهتمام بشئونه من الجانب المصري، ناهيك عن تصريحات كلا القيادتين التي تموج بالإشادة والإطراء على ماتحمله الصدور من تقدير واحترام وعلو المنزلة ، ومارأيناه في الزيارة التي قام بها الرئيس السيسي مؤخرًا والاستقبال الفخم الذي حظي به من حاكم السودان عبدالفتاح البرهان ملؤه المودة وعظيم الترحاب بدا من القلب للقلب، ولن تكفي بضعة من سطور للتعبير عما يجيش في النفوس من إجلال وتوفير ورغبة حقيقة في التكامل والتضامن، بل والامتزاج بين الشعبين أيضًا على كافة الأصعدة، فعلاقة مصر والسودان الشقيق عظيمة بحق عريقة إستراتيجية بكل المقاييس، تحمل في طياتها روابط الجوار التاريخية يستدل عليها من أعظم المواقف على مر الأزمان التي عمقت وخلدت أسمى مشاعر المحبة، وأقوى جسور الأمن والسلام، والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي بكل ما أوتي كل منهما من قوة؛ ليكتمل بالآخر ويحيا به ومعه على أرض صلبة لا تتزحزح؛ فتحيا مصرنا المحروسة.. ويحيا السودان الحبيب.

ومما لا شك فيه أن العلائق الأزلية والتأريخية التي لا فكاك منها يجسدها الفن في العهد الحديث وقد حكى عنها د.كمال محمد جاه الله بقوله:
"إن ما من شاعر سوداني، إلا ولمصر والمصريين مكانة خاصة عنده، وقد انبرى الغالبية العظمى من شعراء السودان من أمثال: إدريس جماع، ومحمد محمد علي، والتجاني يوسف بشير، وعبدالله عبدالرحمن، وعبدالله حسن كردي، ومحمد المهدي المجذوب، والهادي آدم، ومحمد سعيد العباسي، وغيرهم كثر- في التعبير عن هذه المكانة في شعر رصين، احتوته دواوينهم ومجموعاتهم الشعرية، وكأنها قد أصبحت ظاهرة عامة ولازمة"، كما ساقته الكاتبة السودانية أمل أبوالقاسم في ذات مقال.

ولا يسعنا سوى أن نردد بكل الحماس والغبطة والسرور يحيا شعبا وادي النيل، ولنتغنى بـ(نشيد الوادي) لمأمون الشناوي، ومن ألحان وغناء محمد عبدالوهاب، التي تغنى بها في العام 1953، وتقول:

عاشت مصر حرة والسودان      دامت أرض وادي النيـل أمــــان
اعملوا تنولوا واهتفوا وقولوا      السودان لمصر ومصر للسودان

____
أستاذ اللغويات والتأليف والكتابة الإبداعية بأكاديمية الفنون ورئيس قسم الإنتاج الإبداعي الأسبق وعضو اتحاد كتاب مصر

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: