Close ad

النصيحة كالدواء لا تجدي مع الجميع

9-4-2023 | 16:08
الأهرام المسائي نقلاً عن

نمضي في هذه الحياة ولدينا العديد من القواعد ثم نكتشف مع الوقت أن لكل قاعدة استثناء ثم يأتي الاستنثاء لنعلم أنه ليس هناك قاعدة ثابتة ولا استثناء ثابت في هذه الحياة! حينما نتعمق في الحياة نكتشف أن الحقيقة أغرب دائمًا من الخيال! نعيش زمن العالم الافتراضي الذي أصبحت الحياة به أيضًا افتراضية، فالجميع يجلس أمام شاشات الموبايل ويبدأ بالحكم على الواقع من خلال العالم الافتراضي، ليبدأ الشخص بمراقبة حياة البعض ويحكم على حياتهم من خلال الصور فيبدأ الشعور بالحقد والغيرة تجاه البعض ومن ثم تتغير القلوب، ومن ثم ينقم على حياته! ولا يعلم أنها مجرد صور لا تبت للواقع بصلة!


 


فحينما اقتربت من حياة البعض ممن يقومون بترويج حياتهم الشخصية عبر مواقع التواصل الاجتماعي جعلني أكتب هذا المقال ليعلم الجميع بعض الحقائق عن حياة السوشيال ميديا المزيفة لدى البعض، فالحب الحقيقي ليس بحاجة لإظهاره للجميع ويشعر به الكل إلا المرتبطون داخل الصورة؟! فالحب الحقيقي ليس مجرد صورة أو كلمات غزل؛ بل مواقف وأفعال يشعر خلالها المرتبطون بالآمان والاحتواء وليس بحاجة لإظهار ذلك الحب للجميع! فشاهدت بعض المرتبطين يغازل كلاهما الآخر ويعبران عن حبهما أمام الجميع مما جعل كل من شاهدهما يتمنى أن يكون مكانهما، وحينما اقتربت من البعض علمت أيضًا أنه مجرد شو، ولكن الحقيقة عكس ذلك فأحداهن تريد أن تظهر للجميع أنها سعيدة وهي في الحقيقة غير ذلك، والأخرى أرسلت لي صورًا بضرب زوجها لها ضربًا مبرحًا وترغب بالطلاق!


 


كما أن التعمق في الحياة جعلني أتخلى عن السطحية في الحكم على الأمور بل التعمق لمعرفة الحقيقة، فحقيقة ما يكنه لك من أمامك تستطيع أن تشعر به! هل يكن لك الخير أم الشر؟! هل يحقد عليك أم يتمنى لك الخير؟! ومن ثم المواقف والأفعال خلال طريق الحياة تؤكد لك ذلك، فإن أردت معرفة إنسان أعرفه في وقت الغضب وفي الخلاف وعندما تختلف المصالح! فالغضب يُفصح عن حقيقة ما يكنه لك الشخص، وفي الخلاف يظهر معدن الشخص وتختفي الأقنعة ويذهب التمثيل، وعندما تختلف المصالح يظهر من يقف بجانبك ومن يتخلى عنك عندما يشعر أن هذا الخلاف يؤثر على مصلحته ولو بطريقة غير مباشرة!


 


أما عن حياة العالم الافتراضي فالحقيقة المزيفة الأغرب من الخيال التي جعلتني لا أكتفي بالمظاهر أو الظاهر! ولا أؤمن بالكلام بل بالأفعال، فالجميع قد يتكلم بطريقة تشعرك براحة ولكن ليس الكل يجيد الأفعال ويستطيع الوفاء بالوعود، فلا داعي لأن ينقم البعض على حياته لمجرد متابعته لحياة الآخرين فما خفي كان أعظم فلا أحد يروج لأحزانه ولا أحد يروج لخيبات الأمل ولجروحه وخذلانه؛ بل ستعرف حقيقة حياة من أمامك وحقيقة ما عاشه وما مر به عندما تسمع منه عن حياته أو حينما يأتي أجله سيتحدث أقرب الناس له عما مر به من خيبات أمل وصعاب أخفاها عن الجميع ولم يظهر الا الجزء الإيجابي في حياته! فالأهم أن تكون سعيد بحق حتى لو شعر الجميع أنك حزين وليس العكس!


 


أما عن استقبال النصائح عبر وسائل التواصل الاجتماعي فهو أشبه بإعطاء الدواء لجميع المرضى بغض النظر ما يعاني منه كل مريض على حدى: فبكل تأكيد الدواء الذي يصلح لمريض لا يصلح لغيره؛ فهناك من يتفاعل الدواء معه ويشفى؛ وهناك من يتسبب له الدواء بأعراض جانبية؛ وهناك من يتسبب الدواء في تفاقم حالته ؛ هكذا هي النصيحة قد تصلح مع شخص وآخر قد تسبب له ضرر؛ فالبعض يلعب دور معالج نفسي ومصلح اجتماعي ولايف كوتشينج مع تعدد الألقاب ويقوم ببث فيديو ليمنح نصائح للكل وهم غير مختصين ولو كانوا مختصين لما بثوا نصائح خاصة للعامة ؛ فقد تعلمت من خبرات الحياة إلا أمنح النصيحة إلا لمن يحتاجها وألا لمنحها إلا بعد الإلمام بموضوع النصيحة؛ وألا أتقبل نصيحة أحدهم إلا بعد التأكد من نتائجها؛ فنصائح البعض أشبه بنصائح إبليس لسيدنا آدم هل أدلكم على شجرة الخلد ؟


 






 


كلمات البحث
اقرأ أيضًا: