Close ad

«مصر والسودان».. علاقات تاريخية ومصير مشترك

9-4-2023 | 13:20
;مصر والسودان; علاقات تاريخية ومصير مشتركالرئيس السيسي والبرهان في لقاء سابق
وسام عبد العليم

تؤكد مصر دائما علاقات الأخوة والتضامن مع السودان، وأن العلاقات بين البلدين الشقيقين تعد علاقات إستراتيجية بالغة الأهمية للبلدين على كل المستويات، ونظرًا لوقوع السودان ضمن الدائرتين العربية والإفريقية للسياسة الخارجية المصرية، أولت مصر عقب ثورة 30 يونيو 2013، أهمية بالغة لعلاقتها مع الخرطوم، ضمن إعادة تحديد وصياغة دوائر وتوجهات سياستها الخارجية، بما يتلاءم مع المحددات والتحديات الجديدة، التي رتبتها التحولات العالمية والإقليمية خلال العقد الماضي.

موضوعات مقترحة

علاقات متميزة

 حظى السودان بأولوية على أجندة القيادة السياسية الخارجية، ومن مظاهر الاهتمام المصري بالبلد الشقيق، الزيارات الرئاسية المتبادلة على فترات متقاربة، إذ أن أول زيارة للرئيس عبد الفتاح السيسي، عقب انتخابه رئيسا للجمهورية عام 2014، كانت إلى السودان، ضمن جولة شملت ثلاث دول، وأيضا بعد إعادة انتخابه لولاية ثانية عام 2018، توجه إلى السودان في أول زيارة خارجية يقوم بها.

مرحلة جديدة 

دشنت القاهرة مرحلة جديدة من علاقتها مع الخرطوم، عنوانها «العلاقات الاستراتيجية الأخوية»، عكستها حجم الزيارات المتبادلة بين الجانبين على المستويات الرسمية والحكومية والشعبية، والتنسيق في كل المجالات، والدفع نحو سرعة تنفيذ المشروعات التنموية المشتركة، والدعم لخيارات الشعب السوداني في صياغة مستقبل بلدهم.

وشهدت علاقات البلدين تطورا كبيرا ونقلة نوعية، منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم، وتم تصعيد قمة اللجنة العليا المشتركة، إلى المستوى الرئاسى، حيث يترأس الرئيسان السيسي والبشير آنذاك اللجنة العليا المشتركة والتي عقدت أولى دوراتها في 5 أكتوبر 2016 بالقاهرة، تعبيرا عن ما يربط الشعبين من مصير مشترك، وما يجمع البلدين من علاقات تاريخية ممتدة، وبما يعكس التطورات الإيجابية التى شهدتها تلك العلاقات خلال الفترة الأخيرة.

  شعبا وادي النيل

 تعمل السياسة المصرية على إقامة علاقات تتميز بالخصوصية والتفاهم العميق مع السودان وتُعد الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين دليلاً على عمق العلاقات المصرية السودانية، حيث أكدا دائما على علاقات الأخوة الأزلية والروابط المشتركة التي تجمع بين شعبي وادي النيل، وإدراكهما لأهمية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وأهمية تعزيز وترسيخ علاقات الأخوة، وتعظيم مساحات التعاون المشترك، بما يليق بأهمية العلاقات بين البلدين ويرتقى إلى طموحات الشعبين، ويتسق مع ما يجمعهما من تاريخ وعلاقات وطيدة، اجتماعية وثقافية وأيضاً سياسية وأمنية واقتصادية .

وتؤكد مصر دوما على استقرار السودان، وأن أمن السودان هو جزء لا يتجزأ من أمن مصر القومي، كما تؤكد قيادة البلدين على استمرار التشاور بين البلدين فيما يخص القضايا الإقليمية، وفى المحافل الدولية، لا سيما وأن مصر ستتولى رئاسة الاتحاد الإفريقي خلال عام 2019، والحرص على مواصلة التنسيق المكثف بينهما بما يساهم في تحقيق مصالح البلدين المشتركة، فضلاً عن تعزيز التعاون على مختلف المستويات ودفع جهود التعاون بين دول المنطقة والقارة الإفريقية وتحقيق التنمية لما فيه صالح شعوبها .
 
وشهدت العلاقات التجارية المصرية – السودانية، نموًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة وبصفة خاصة في ظل عضوية البلدين بمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وبتجمع "الكوميسا"، وتسعى كل من مصر والسودان لتوطيد العلاقات التجارية فيما بينهما، من خلال إنشاء مشروعات حيوية اقتصادية مشتركة في كافة القطاعات (صناعية، زراعية، كهرباء، مياه، ثروة حيوانية، عمالة فنية مدربة)، يعود نفعها على الدولتين، وسيُسهم ذلك بالتأكيد في إعادة تشكيل مستقبل العلاقات بين السودان ومصر، مما سينعكس بشكل إيجابي على تحقيق التنمية الاقتصادية للدولتين .

مسيرة التكامل بين مصر والسودان

يمتلك البلدان مقومات هامة لتوفير التكامل الاقتصادى بينهما، حيث يشكل سكان الدولتين طاقة بشرية كبيرة مما يخلق سوقا من حيث الحجم في استيعاب السلع والخدمات المقدمة مما يشجع علي التبادل التجاري بين البلدين، كما تشكل العلاقات الاجتماعية التاريخية والتقارب الجغرافي بين البلدين البنية الأساسية في تطوير هذا التكامل، وكذلك سعي البلدين المستمر لتطوير البنية الأساسية من طرق ووسائل النقل لتسهيل حركة التجارة والتبادل التجاري، ومشاركتهما في عدد من التكتلات الاقتصادية الإقليمية واتجاه كل منهما الي الانفتاح علي الاقتصاد العالمي وتبني برامج للاصلاح الاقتصادي تسهل مشاركة القطاع الخاص الذي يعول عليه تفعيل مشروعات التكامل ، وخاصة في قطاع الزراعة والثروة الحيوانية والصناعات الغذائية، فضلا عن وجود قبول شعبي قوي في البلدين لفكرة التكامل في ظل العلاقات التاريخية والأخوية بين البلدين.

وخلال مسيرة العلاقات بين البلدين كانت هناك نماذج للتكامل والوحدة بين البلدين علي المستويين الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي ومنها: ميثاق طرابلس بين مصر وليبيا والسودان عام 1969 ومنهاج العمل السياسي والتكامل الاقتصادي فيفبراير عام 1974، وميثاق التكامل المصري السوداني 1982، وفي ديسمبر 1983 انطلقت إذاعة وادي النيل التي تبلورت فكرتها كخدمة سودانية مصرية مشتركة تستهدف شعب وادي النيل، وتهدف الى "دعم مسيرة التكامل بين البلدين، وتعميق الفكر التكاملي بين أبناء شعب الوادي، وتشجيع المبادرات التكاملية علي المستوي الرسمي والشعبي في مختلف المجالات"، وبعد ذلك تتابعت القرارات والتوصيات الهادفة للتكامل، وفى مايو من عام 2004، قرر السودان منح كل مستثمر مصري يستثمر داخل القطر 150 ألف فدان بالمجان، للعمل علي زراعتها، بهدف تنمية السودان واستثماراً للأموال المصرية بالشكل الذى يخدم الشعبين الشقيقين، كما تم توقيع اتفاقية الحريات الأربع في الخامس من أبريل عام 2004، وهى «العمل، والتنقل، والتملك، والإقامة »

وكان من ضمن أهم مشروعات التكامل بين مصر والسودان مشروع قناة جونجلى الذي كان - في حال تنفيذه- سيوفر للبلدين حوالى 20 مليار متر مكعب من المياه تقسم مناصفة بينهما، حيث إن هذه القناة كانت ستعمل على تأمين تدفق 7ر4 مليار متر مكعب من المياه سنويا تقسم بالتساوي بين دولتي المصب.

وفى أغسطس 2014، افتتح معبر أشكيت – قسطل الحدودي بين القاهرة، وقد ساهم هذا المعبر بشكل كبير فى زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، ويعد المعبر خطاً استراتيجيا ليس لربط الخرطوم والقاهرة فقط، بل سوف يمتد ليشمل دول افريقية مثل إثيوبيا، تشاد، جنوب السودان وإفريقيا الوسطى .

وفي أكتوبر 2018 شهدت اجتماعات اللجنة الرئاسية المصرية السودانية المشتركة في دورتها الثانية استعراض أوجه التعاون الثنائي بين البلدين، وذلك في إطار تنفيذ وثيقة الشراكة الاستراتيجية التي تم التوقيع عليها بين البلدين في 2016، حيث رحب الجانبان في هذا الصدد بالخطوات التى تم اتخاذها لتفعيل المشروعات الاستراتيجية الكبرى التى تم الاتفاق عليها بين البلدين، بما فيها مشروعات الربط الكهربائي وخطوط السكك الحديدية، وهى المشروعات التي من شأنها أن تحدث نقلة نوعية فى العلاقات بين مصر والسودان .

ملف سد النهضة

وتصدر ملف سد النهضة الإثيوبي، اهتمامات البلدين في إطار التعاون المائي بينهما، وتم تنظيم زيارات متبادلة بين الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا لبحث الملف والاتفاق على تشكيل لجنة دولية تدرس آثار بناء سد النهضة ومدى التأثير المحتمل للسد على مصر والسودان.


 وفي سبتمبر 2014عقد الاجتماع الأول للجنة ثلاثية تضم مصر وإثيوبيا والسودان للتباحث حول صياغة الشروط المرجعية للجنة الفنية وقواعدها الإجرائية والاتفاق على دورية عقد الاجتماعات ، وفي أكتوبر 2014اتفقت مصر وإثيوبيا والسودان على اختيار مكتبين استشاريين أحدهما هولندي والثاني فرنسي لعمل الدراسات المطلوبة بشأن السد، وفي 23مارس 2015وقعت الدول الثلاث وثيقة "إعلان مبادئ سد النهضة".

وتضمنت الوثيقة 10 مبادئ أساسية تتسق مع القواعد العامة في مبادئ القانون الدولي الحاكمة للتعامل مع الأنهار الدولية، وأكدت الاتفاقية التعاون على أساس التفاهم المشترك، والمنفعة المشتركة، وحسن النوايا، والمكاسب للجميع، ومبادئ القانون الدولى، والتعاون فى تفهم الاحتياجات المائية لدول المنبع والمصب بمختلف مناحيها، ثم تواصلت الاجتماعات الفنية والسياسية بين الدول الثلاث في هذا الِشأن وانتظام اجتماعات اللجنة التساعية(وهي اجتماعات دورية تجمع وزراء الخارجية والري والمخابرات العامة في كل من مصر والسودان واثيوبيا ) واجتماعات التعاون فى البنية التحتية، واجتماعات العلماء حول السدود فى البلدان الثلاثة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: