لقد استبشر الجميع خيرًا وخصوصًا ذوي القدرات بهذه الخطوات الجادة والنيات المخلصة نحو هؤلاء المواطنين المعنيين بالحقوق الإنسانية كاملة وقد وضعتهم الدولة نُصب أعينها وفي مستوى مرمى النظر تمامًا، لأنهم يتمتعون بالقدرات والطموح والطاقات الخلاقة التي تضيف إلى مجالات العمل والتعليم والرياضة وغيرها، وليبدأ عصر وحلم وأمل جديد أمامهم وهم يُحاطون ببؤرة الاهتمام والعمل على دمجهم في المجتمع بصورة طبيعية، وقد تابع جميعنا التوجيهات المستمرة من قبل الرئيس لتتكاتف مؤسسات الدولة لتذليل جميع العقبات التي يمكن أن تواجه ذوي الهمم في أي مجال، والتوسع في مظلة الحماية الاجتماعية لهم وتوفير كل السبل اللازمة للحصول على جميع حقوقهم، وأمام هذه التكليفات والتوجيهات نجد سؤالا ملحا يطرح ذاته: إلى أي مدى تم تنفيذ التوجيهات الرئاسية تجاه ذوي الإعاقة من قبل القطاعات والمؤسسات المختلفة؟ وإذا كانت هناك نتائج في هذا السياق فهل كانت مستوفية تطلعات ذوي الهمم وتطلعات القيادة السياسية تجاههم وقد أثبتوا بالدليل القاطع كيف أنهم قيمة كبيرة مضافة للإنجازات وليس بعيدا ما حققه أبناؤنا الأبطال فى دورة الألعاب البارلمبية الذين استطاعوا أن يرفعوا علم مصر خفاقا مرفرفا أمام العالم كله وهم يحصدون الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية، فضلا عن المتفوقين فى مجالات الحياة المختلفة.
إذن كان ضروريا وفقًا للبعد الوطني والإنساني ووفقًا لهذا التفوق أن يبدأ عصر من الاهتمام والتمكين للأشخاص ذوى الهمم، بعد سنوات طويلة سابقة عانوا فيها من التهميش والإقصاء ومن هنا تكررت نداءات وتوجيهات الرئيس بتنفيذ هذا الاستحقاق الآدمى لذوي القدرات والهمم كمواطنين مصريين ينتمون إلى هذا الوطن، غير أن كثيرا من القرارات والتوجيهات لم يتم تحويلها إلى برامج عمل فعالة، فإذا كان قد صدر قرار بخفض رسوم اشتراك ذوي الهمم في مراكز الشباب بنسبة 75%، تماشيا مع اعتبار ذوي الإعاقة لهم كامل الحق في ممارسة جميع الأنشطة الثقافية والرياضية والترفيه والمساوة مع باقي أفراد المجتمع، فإنه بالرغم من صدور هذا القرار المهم ـ دون شك ـ غير أنه يفقد قيمته وهدفه حيث تحول المعطيات الواقعية دون تفعيله، وهذه المعطيات تتركز في استعداد الأندية ومراكز الشباب لهذا القرار بأن تكون مؤهلة لاستقبال تلك الفئة الأساسية في المجتمع، سواء من الناحية الهندسية للمباني، أو من توافر الملاعب والمدربين المتخصصين، والألعاب التي تناسب احتياجاتهم، وغيرها من الاحتياجات الضرورية حتى يمكن أن تتحول القرارات والتوجيهات إلى واقع ملموس، ومن الطبيعي بعد قطع أشواطٍ وخطى حقيقية تجاه دعم ذوي الهمم أن يكتمل المشهد حتى تتحقق الاستفادة لهم، ولعل هذا الأمر يكون ناقوسًا يدق في آذان الجهات المعنية لتنبيهها بالالتزام بتحويل القرارات والتوجيهات إلى خطط تنفيذية وبرامج عمل فعلية، وأن تذلل العقبات التي تحول دون المشاركة الحقيقية لتلك الفئة من أبنائنا، وإشراكها في بطولات ومسابقات وانضمامهم للفرق في مختلف الأندية ومراكز الشباب، على أن يكون هناك حصر بأعداد من تم اجتذابهم في عضويتها، وكذلك الأنشطة والفعاليات التي يشاركون فيها، ومدى تهيئة المباني والملاعب وطواقم التدريب والتأهيل، وغير ذلك من بيانات تعكس الواقع الفعلي والجهد المبذول، ورصد أي عقبات من أجل تذليلها، ولأن هذا القطاع من أبناء مصر ليس قليلًا، فيمكن أيضًا أن يتم تخصيص شخص في أي نادٍ أو مجال رياضي يكون دوره التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، بالتيسير أو حل مشاكلهم، حيث إن تطبيق هذه الفكرة عبر منظومة محددة في كل مؤسسة رياضية سيساعد كثيرًا وزارة الشباب والرياضة في المضي قدما نحو الوقوف بجلاء على ما تم إنجازه في هذا الصدد، ومن ثم فإننا ننتظر من وزارة الشباب والرياضة تقريرًا عن الواقع الفعلي، وما أنجزته في هذا المجال بالأرقام والوقائع، حتى لا تظل القرارات والتوجيهات دون ترجمة فعلية، فمن حق المجتمع أن يطمئن على مستقبل أبنائه من هذه الفئة التي لها دورها في الحياة، ومعرفة كل ما يتعلق بهم في هذا السياق من حيث عدد المباني لاستقبالهم، ونسبتها إلى مجموع مباني الأندية ومراكز الشباب، وعدد المدربين المؤهلين لهم ونوع اللعبة، والمسابقات بين فرق ذوي الهمم، ومدى انتظامها وعدد المشاركين فيها، وما هي المعوقات إن وجدت، وما السبب فيها والمسئولين عنها، ومن هنا تتحقق الفائدة المرجوة وتأخذ القرارات سبيلها نحو النتائج الفاعلة.