شهر رمضان من الشهور التي أنعم الله بها علينا لكي نكتشف أنفسنا؛ فهو فرصة لكل إنسان أن يقلع عن أشياء كثيرة ارتكبها في حياته، فهذا الشهر يختلف عن شهور كثيرة؛ ففيه الأنوار الربانية والأجواء الروحانية التي تأخذك إلى عالم الرحمة والمودة والاستغفار.
وإدارة وقتك في رمضان (هي إدارة ذاتية) وهي من الأشياء المهمة حتى يكون هناك اتزان بين الطاقة والتركيز، فلابد من إدارة طاقاتك بشكل صحيح حتى تحصل على التركيز الإيجابي.
وشهر الروحانيات هو فريضة من الله سبحانه وتعالى، وليس شهر الامتناع عن الأكل والشرب وكل المفطرات فحسب، ولكنه شهر الطاقة النورانية التي تشحن ذاتك بالتفكر والتفكير في شهر رمضان، حتى تصبح الصلة بينك وبين الله أقوى وأمتن.
وهناك أهداف في هذا الشهر الكريم فلابد أن ترتب أفكارك حتى تحققها؛ أهداف مادية وأهداف اجتماعية وأهداف روحانية وأهداف عاطفية.
وعلى الرغم من أن الأهداف الجسدية هي تحسين نوعية الأكل فهي أهداف مادية، أما الأهداف الاجتماعية فهي تحسين علاقتنا مع الأسرة التي أصيبت بهشاشة في العلاقات الاجتماعية.
أما الأهداف الفكرية فيمكن مزجها مع الأهداف الروحانية، وذلك عن طريق حفظ القرآن الكريم؛ لتجديد الخلايا الفكرية والتركيز الروحاني.
وكل من الأهداف الروحانية والمادية والاجتماعية تصب في الأهداف الروحانية، وليس هناك أفضل من صلة الرحم لتقوية العلاقات.
فلابد من الوصول إلى هذه الأهداف، ولكن لابد من وضع آلية للتنفيذ حتى نحققها، بشرط توافر النية الصادقة.
في هذا الشهر الكريم لابد من أن نقيم أنفسنا فهناك أشخاص يصومون، ولكن لا يقيمون أنفسهم، وحتى نشعر بسلوكياتنا ترتقي في هذا الشهر فهناك سلوكيات بها هشاشة؛ مثل الغضب؛ وهو سلوك هش فلابد أن تتخلص من غضبك، وتتعلم كيفية إدارته قبل أن يسيطر عليك.
شهر رمضان هو شهر تهذيب السلوك، ونضرب مثالا بعادة التدخين فهي من السلوكيات التي تضر الإنسان، والبيئة الداعمة تساعدك على تغيير هذه العادة.
أي شخص يحتاج لتعديل سلوك من 30 يومًا إلى سنة، وفي رمضان معك 30 يومًا تعادل عامًا كاملا، ولكن بشرط صيام الستة أيام البيض؛ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضانَ وأتبعَهُ بستٍّ من شوالَ فكأنما صام الدهرَ)، ولذلك فشهر رمضان يُعد بيئة إيجابية دائمة لتعديل سلوكياتنا في هذا الشهر الكريم الذي يجعل لديك الدافع القوي لاكتساب سلوك جديد.
وهناك مهارات مثل تحديد وضبط الوقت، واختيار شكلًا معينًا لنفسك لتصبح شخصًا متوازنًا بين كل أهدافك العاطفية والاجتماعية والروحانية والمادية، فلابد من خطة للتنفيذ للوصول إلى تلك الأهداف.
اعقد النية في هذا الشهر الكريم على التغيير، فعقد النية هو السبيل الوحيد لتعديل السلوكيات والأفكار السلبية وغير المرغوبة.
في هذا الشهر الكريم لابد أن نتخلص من سلوكياتنا الخاطئة التي اعتدنا عليها؛ حتى نستطيع أن ندير ذاتنا بشكل إيجابي، فهو شهر تعديل السلوك، وقد قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) صدق الله العظيم.
الإرادة والعزيمة والنية الصادقة هي السبيل الناجع لتغيير عاداتنا السلبية التي اعتدنا عليها، فشهر رمضان هو شهر المودة والرحمة والمغفرة والارتقاء بأنفسنا، وهو شهر اكتشاف مواطن الخير في أنفسنا، وهو نقطة انطلاق جديدة.
الطاقة الربانية العظيمة التي نستمدها من شهر رمضان المعظم ستصبح دائمًا عندنا، وهي التي ستقربنا إلى الله تعالى أكثر وأكثر.
اللهم لا تخرجنا من هذا شهر الكريم إلا ونحن في أفضل حال وأهنأ وأهدى بال بفضلك وكرمك يا ذا الجلال والإكرام.
* استشاري علم النفس والإرشاد الأسري والتربية الخاصة