رمضان بريء من العصبية.. الصيام يُعزز من السلام النفسي وتقويم السلوك

2-4-2023 | 19:54
رمضان بريء من العصبية الصيام يُعزز من السلام النفسي وتقويم السلوك حل الخلافات
إيمان البدري

كما يعالج الصيام الجسد ويخلصه من السموم والأمراض العضوية، يسهم أيضا بشكل كبير في ضبط سلوك النفس ما يؤثر بالإيجاب على حياة الفرد، ويقدم لنا الصوم العديد من الوصفات النفسية التي لها بالغ الأثر في علاج  النفس، حيث إنه ينمي الشعور بالانتماء والسكينة، والسلام النفسي. 

موضوعات مقترحة

كما أن طقوس رمضان ليلا لها أثر بالغ في خلق جو من السلام، وتوجه المصلين لأداء صلاة التراويح، ويلتقي الجميع في مساجد الله ويلقون على بعضهم بالتحية بصدر رحب وبذلك يعتبر شهر رمضان فرصة لحل الخلافات.

الصبر بداية لحل الخلافات في شهر رمضان

 يقول الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، إن أول الطرق لحل الخلافات هي التحلي بالصبر، ومن هنا يعتبر الصوم فرصة لأن يزيد الصائم من الشعور بقوة الإرادة والعزيمة من خلال الصبر على الرغبات والامتناع إراديا عنها، وتنمية القدرة على تأجيل الإشباع للحاجات الشخصية.

الدكتور جمال فرويز

"والذي يساعدنا على حل الخلافات هي وجود صفة الصبر، وما يساعدنا على الصبر هو أن يكون هناك هدف واضح وصريح وطريق، وأن يتم من خلال عدة خطوات عندما نتخطى خطوة نشعر بارتياح لقربنا من تحقيق الهدف والبعد عن الهاوية؛ حيث إن الصوم بما يمنحه للصائم من أمل في ثواب الله وممارسة العبادات مثل الانتظام في ذكر الله وانتظار الصلاة بعد الصلاة في هذا الشهر والتوبة والتخلص من مشاعر الإثم وتأنيب الضمير يجدد الرجاء لديه في الخروج من دائرة اليأس والاكتئاب ويفتح الأمل من جديد وتبعد الأذهان عن التفكير في إيذاء النفس بعد أن يشعر الشخص بقبول النفس والتفاؤل.

كما أن شعور الاطمئنان المصاحب لصيام رمضان، وذكر الله بصورة متزايدة خلال رمضان فيه راحة نفسية وطمأنينة تساعد في التخلص من مشاعر القلق والتوتر التي يعيش فيها المتخاصمين والمتشاحنين.

الرضا يساعد على حل الخلافات بين المتخاصمين

ويشير الدكتور جمال فرويز، إلى أن التحلي بصفة الرضا تساعد على حل الخلافات؛ حيث إن الشعور بالرضا يساعد في نجاح الإنسان بضبط نفسه والتحكم في إرادته مما يزيد من الثقة بالنفس، وهنا يساعد الصيام صفة الرضا على تنمية القدرة على الضبط وقوة التحمل إذا صام المسلم، وقد أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بالامتناع عن الغضب وعن ردود الفعل، وهذه  رسالة  لجميع المتخاصمين  بسبب أي نوع من الخلافات، وبذلك يحدث أن نتقبل الآخر دون انفعال دون استخدام للعنف أو لفرض الرأي أو لإرهاب الغير، وهذه تعتبر بداية لخطوات  التصالح بين المتخاصمين.

التخلص من الأنانية والمصالح الشخصية

ويضيف فرويز، أنه من الضروري بث روح المشاركة والتعاون بين الجميع سواء بين الأسرة وبين الأبناء، وحتى بين فريق العمل، وذلك نتيجة مميزات العمل الجماعي الذي يساعد على البعد عن الفردية، ويأتي الصيام لكي يعزز روح المشاركة مع الآخرين من خلال الصيام والعبادات والأعمال الصالحة خلال رمضان مما يعزز تحسين الحالة النفسية، وبذلك  يتضمن نهاية العزلة والتفكير فقط  في المصلحة الشخصية فقط دون النظر في مصلحة الجماعة.

"كما أن من أكثر العوامل التي تقى الإنسان وتحميه من الإصابة بالأمراض النفسية هو وجود شبكة اجتماعية من الأصدقاء والأقارب تدعمه وتساعده، وهو ما يتوافر في هذا الشهر الكريم باجتماع الأسرة على الطعام في وقت واحد والصلاة في جماعة في المساجد  وبالزيارات الأسرية، ومع وجود المشاركة  في العبادات تسمو الروح، وتجعلها تشتاق لحل الخلافات والأنانية وتسمو إلى الابتعاد عن العمل الفردي الذي يحقق المصالح الشخصية فقط.

وبذلك يأتي الصيام لكي يعطى للإنسان إحساسا بالطمأنينة، لأنه  يترك الأمر لله في شهر رمضان، ومن خلال ذلك يتقرب من ربه ‏‏مما يحقق له الإحساس بالعدالة، مما يساعد على أنه يقوى من تحمل الظروف الصعبة التي تواجه الفرد في الدنيا، نظرا لما  يتعرض له من ضغوط وأحيانا إحساسه بالظلم، ولكن عند التقرب من الله في وقت الصيام، يتأكد أن الله سيعوضه مما يعطيه الراحة النفسية والهدوء والصبر على الابتلاء طمعا في الأجر عند الله،‏‏ وذلك نظرا لأن الإنسان يحتاج إلى الحماية من قوة كبيرة تدفع عنه الشر والضرر، وتحميه من مستقبل غامض لا يعرف عنه شيئا وليس لديه القدرة للتصرف فيه.

 التصالح في بيت العائلة يهذب النفس

ويرى الدكتور أحمد جمال ماضي أبو العزايم استشاري الطب النفسي، والرئيس  السابق للاتحاد العالمي  للصحة النفسية،  أن الصلح يطهر القلب، ويترك البغض ويصل الرحم، تقربا لله تعالى بالأعمال الصالحة والعبادات، كما أن التصالح أمر محبب في جميع الأوقات، ومن هنا يعتبر شهر رمضان الكريم فرصة لتنقية الأنفس من الشوائب والمعكرات الحياتية لإنهاء الخلافات، ويساعد على عودة الهدوء والراحة النفسية.

الدكتور أحمد أبوالعزايم

"ويؤكد أن البعد عن الخلافات والسعي في طريق الصلح بين المتخاصمين، يسب الألفة  بين القلوب ويوحد الصفوف ويجعل المجتمع مترابطا، ومن هنا يجب استثمار شهر رمضان الكريم وجعله فرصة ذهبية يجب فيها اكتساب الخير بأي طريقة والحصول على الأجر، ولذلك يعتبر القيام بالصلح بين الجيران أو الإخوة أو مع أفراد العائلة أو حتى زملاء العمل هو أمر جيد وله أجر كبير عند الله ومضاعف في شهر البركة.

 وما يزيد من التصالح أن فرصة اللقاء في شهر رمضان الكريم في بيت العائلة الكبير، تجعل  الصلح واجبا، وتسهل التحدث فيما بينهما عن أسباب الخلاف وفهم وجهات النظر، وتصفية الأنفس، وعودة المياه لمجاريها، والابتعاد عن الغضب، لأنه سبب كل ابتلاء، وبعد المحبين عن الحياة، فحتى الخلاف في وجهات النظر لا يعني الشيء الكبير الذي يتطلب الخصام أو العداوة بين الأحباب.

إصلاح ذات البين

ويتذكر  الدكتور إبراهيم عز الدين عميد المعهد العالي للخدمة الاجتماعية ٦ أكتوبر الأسبق، الحديث الشريف، قول الرسول صلى الله عليه وسلم "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصدقة والصلاة، فقال أبو الدرداء: بلى يا رسول الله، فقال: إصلاح ذات البين.

الدكتور إبراهيم عز الدين

" كما يعتبر شهر رمضان فرصة لحل  الخلافات، لما له العديد من الفضائل وإصلاح العلاقات وجمع صلات الرحم تزيد في كثيرة في أيامه، وذلك لأن صفاء الأنفس وحسن المعشر يجعلان طريق الصلح معبده، وفرصة للصفح عن الماضي، ومسامحة الأهل والأقرباء بغض النظر عن أسباب الخلاف، لما لذلك من ثواب كبير في شهر الرحمة والمفغرة.

حيث يعتبر  شهر رمضان محطة يتوقف فيها الشخص ويبحث عن سيئاته، ويعمل على تصحيحها والعدول عن الخطأ في حياته؛ حيث يعتبر شهر رمضان  محطة جميلة لأخذ العبرة والصفح عن المخطئين في حقهم، والعمل على الصلح بشتى السبل، لذلك يعتبر شهر رمضان نعمة كبيرة، وبذلك ننصح الجميع لإصلاح ذات البين، وخصوصا بين الأبناء ووالديهم، حيث يعتبر عقوق الوالدين من الكبائر، وأيضًا الخلافات بين المتزوجين قبل الوصول لمرحلة الطلاق.            

روشتة لعلاج المشاكل الزوجية في رمضان

ويضيف الدكتور الدكتور إبراهيم عز الدين، على الزوجين أيضا التحلي بالصبر في شهر رمضان بهدف التخلي عن الخلافات، ويجب على الزوجة أن تتفادى ثورة زوجها بسبب ضغوط العمل وأن تراعى ظروفه المادية، لأنه حتى مع غياب الشياطين لا تغيب الخلافات الزوجية والخصام بين الزوجين والمشاحنات المستمرة، خاصة مع تعدد الأسباب في رمضان مما يتطلب السيطرة عليها، خاصة زيادة عدد ساعات مشاهدة التليفزيون التي تشعل حدة  الخلافات الزوجية.

كما تحدث عصبية الأزواج في نهار رمضان، بسبب تعرض الصائم إلى الجوع والحرمان؛ مما يسبب للبعض إحباطا وعودة البالغ إلى ما يشبه الطفل، وذلك كله يساعد  في تولد شحنات الغضب لأتفه الأسباب، لذلك على شريكي الحياة إدراك ذاك الأمر والتعامل على أساسه.

وعلى الزوجين مراعاة أن كلا منهم يعود من عمله محملا بالضغوط  من العمل والمواصلات، أما الزوجة التي لا تعمل، أن تمتص عصبية زوجها في رمضان بمحاولة تفادى ثورته، وعليها أن تعتاد الطفل بداخله وضغوط عمله وزحمة المواصلات، وكذلك الزوج يجب أن يتفهم أن زوجته تعاني ضغط المكوث داخل المطبخ والاهتمام بالمنزل والأولاد، وهذا ما يسمى في علم النفس "وضع كل منهم صورة ذهنية لمعاناة الطرف الآخر" .

كيفي تنهي الخلافات نتيجة  الظروف المادية

ويشير الدكتور إبراهيم عز الدين،  أنه تكثر الخلافات في نهار رمضان، والتي تكون معظمها بسبب المصاريف خلال الشهر، فيضطرون إلى اللجوء إلى السلف وتراكم الديون، فلا بد من الاهتمام بالاحتياجات الضرورية بعيدا عن الطلبات التي ترهق ميزانية الأسرة وتؤدى إلى نشوب المشاكل الزوجية وشعور الزوج باهتمام الزوجة ومراعاة ظروف زوجها.

" لذلك يجب على الزوجين إجراء مناقشة جادة، كنوع من المحاولة التغلب على أسباب شعور الضيق والغضب بينهما حتى لا تتراكم وتسبب في الانفجار في أي وقت.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة