قبل شهر رمضان بشهور عديدة، يكون على منى ياقوت وشهرتها "مني السباعي"، الاستعداد لتخزين التمر، حيث لا تخلو أي مائدة في الشهر الفضيل من التمر بأنواعه، إلا إن النخيل له مواقيت سواء في الحصاد حيث شهر أغسطس، أو في التلقيح مثل هذه الشهور من الساعة في شهر مارس، حيث يكون لطالعة النخيل دورها في الاثنين معًا سواء الجني أو تلقيح كيزان النخيل بقريتها الحلة التابعة لمركز قوص جنوب قنا بصعيد مصر .
موضوعات مقترحة
ومنذ أن وُجدت مهنة متسلق النخيل في الصعيد، وهي لها قوانينها الأصلية حيث من يمتهن المهنة رجل "ذكر" يملك أقدام قوية تحتوي ساق النخلة التي يحولها كسلالم، ويد قوية، وقلب يمتاز بشجاعة في مواجهة المخاطر، وحيلة وذكاء في التعامل مع شجرة يصل طولها إلي أمتار عديدة، إلا أن "مني السباعي" التي تعلمت قوانين المهنة بمجهود ذاتي دون مساعدة من أحد، كانت أول أنثي تدخل هذا العالم، مجبرة بسبب ظروفها المعيشية، لثبت أقدامها في مهنة لها قوانينها في مجتمع الصعيد.
منى السباعي أول متسلقة نخيل بالصعيد مع محرر بوابة الأهرام
تقول منى ياقوت لـ"بوابة الأهرام"، إنه لا يوجد عُمر محدد لشجرة النخيل، فالبعض منهم يعيش لسنوات وبعضهم يموت بعد طرحه، مؤكدة على أن العادة القديمة في إقامة حفلات بالمزمار والموسيقي؛ كي تطرح النخيل هي عادة قديمة انتهت ولم يعد لها وجود في وقتنا الحالي.
وتوضح مني أن النخيل في قنا مثل شهد العسل، وهو أفضل أنواع النخيل على امتداد خط الصعيد كله، وذلك على حسب كلامها.
تاريخيًا، يعتبر موطن النخيل المذكور في الأديان السماوية والقرآن الكريم، هو خط العرض الذي يشمل حالياً جزر الكناري وإفريقيا الشمالية والجزيرة العربية بما فيها العراق وجنوب إيران وشمال باكستان والهند، وقد نقل العرب النخيل على يد صقر قريش عبد الرحمن الداخل عندما حكم الأندلس بعد نجاته من مطاردة العباسيين له بعد سقوط الخلافة الأموية، فاختار أن يزرع النخل هناك.
وفي أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر قام الإسبان بنقل النخيل إلى أمريكا، التي كانت وقتها أرضًا جديدة.
النخيل
وكان للنخيل شأن كبير في التراث العربي، حيث إنه في بعض الأناشيد كان يتم تشبيه المرأة بالنخلة كدلالة جمال، وبحسب ما ورد في كتاب "الأصول السامية والحامية" فإن النخلة كانت ضمن الآلهة العربية، وكانت تلقب بعثر أو عثير، حيث كانت رمزًا دينيًا في شبه الجزيرة العربية وشمال إفريقيا وكانت روحها تدعى عشيرة أي صديقة، بينما تحوي كتب التاريخ قصة نخلة نجران، حيث كانوا يكسونها بالملابس ويزينونها بالزينة النسائية ويعبدونها قبل ظهور الإسلام ، ويفي مصر القديمة.
كانت النخلة مقدسة عند أمة الآلهة الكبرى، حيث كان النسر يحرق حياً مع سعف النخيل بعد أن يطلى جناحاه بالأصباغ عندما تكون الشمس أتمت دورتها الكبرى.
ويؤكد الباحث علي الشوك، في دراسته المنشورة بعنوان اهتمامات ميثولوجية واستطردات لغوية بمجلة "الكرمل" عام 1986م، إن المصريين القدماء كانوا يعتقدون أن العنقاء تأتيهم محلقة من جزيرة العرب، وأن النساء في العراق، كن يجزعن حين تقطع نخلة ويعتقدن أنها تبكي وتصدر صريرًا عن قطعها، وفي مصر القديمة كان يُعتقد أن الآلهة الشجرة تقوم بعملية الرضاعة حتى بعد الموت.
وفى تاريخ العرب، كان أهل الحجاز يؤنثون النخل فئ حين أن أهل نجد يذكرونه، وفى مصر القديمة كانوا يعتقدون أن الآلهة الشجرة تقوم بعملية الرضاعة حتى بعد الموت، ففي قبر تحتمس الثالث يُشاهد ثدي تحمله شجرة مقدسة لتغذية الملك.
وفي كتابه "تاريخ الزراعة المصرية"، يؤكد المؤرخ العلامة أحمد الحتة، أنه في عام 1813م أعاد محمد علي باشا مسح الأراضي الزراعية وتقدير الضرائب عليها، بل قام بفرض ضريبة على النخيل يدفعها كل صاحب أو مالك نخل؛ مما جعل الكثيرين من أهالي الريف يتركون قراهم، وهنا ظهر المثل الشعبي "يتفات له النخل طارح" من المأثورات فى الصعيد ، إن من يزرع النخيل يموت قبل أن يشاهد ثماره ، وهذا تعبير عن طول عمر النخيل ، كما إن كرم النخيل دائما يكون مكتوبا باسم مالكه ، وتؤكد منى أن تخزين التمر في موسم رمضان يحتاج التبخير ثم التعبئة في أجولة كي يكون متواجد على مائدة رمضان ، لافتا إلى أن هناك شجرة مريحة في تسلقها خاصة في أوقات الصيف، كما تكون هناك شجرة صعبة ومعبأة بالأفاعي؛ لذا يلزم الحنكة في تسلقها لجني ثمارها.
النخيل