الكاظمين الغيظ

30-3-2023 | 12:37

يوم أمس الأول؛ كانت درجة الحرارة؛ على غير المعتاد أكثر من طبيعتها؛ وكان الشارع في زحام كبير للغاية؛ وأيضًا تلك البقعة منه؛ لم تشهد الزحام منذ فترات طويلة؛ وإذ بنا نرى سيارة تحاول المرور بكل السبل؛ رغم ضيق الطريق؛ وصعوبة المرور.

حتى حانت لحظة استحالت معها مرور السيارة للأمام، فحدث احتكاك بينها وبين سيارة أخرى؛ حيث نزل قائدها؛ والشر يملأ جنباته من شدة الغضب؛ واتجه صوب قائد السيارة الأخرى؛ الذي ارتكب الخطأ؛ لينفث فيه غضبه.

في تلك اللحظة خرج بعض الناس من سياراتهم لتهدئة الموقف؛ إلا أن صاحب السيارة المخطئ؛ نزل من سيارته بسرعة؛ واتجه صوب الرجل الغاضب؛ وبادره بتقديم الأسف؛ وأنه يحمل معه شخصًا مريضًا؛ ويأمل في الوصول مسرعًا لأقرب مشفى.

ربت الغاضب على كتف الرجل الآخر؛ ودعا لمريضه بالشفاء العاجل؛ وعرض تقديم المساعدة؛ كما سعى من اقترب من تفاصيل الواقعة لتقديم العون؛ كإفساح المجال للسيارة لتمر بسرعة.

من شاهد الرجل الغاضب؛ وشاهد غضبة وجهه؛ لن يصدق تحول انفعاله الشديد؛ لهدوء أشد في لحظات قليلة؛ وقتها خطر ببالي "قيمة الكاظمين الغيظ"؛ لأنها قدرة رائعة؛ جعل الله سبحانه وتعالى لها مكانة عظيمة؛ ووعد الكاظمين الغيظ مرتبة و قدرًا كريمًا عنده جل وعلا.

وأنا أصور الفارق بين الإثنين؛ من كظم غيظه بسبب ما؛ مثلما ذكرت؛ وآخر لم يتحكم في غضبه وفعل ما يمكن أن يندم عليه؛ الفارق كبير؛ فالكاظم؛ غلب حلمه غضبه؛ ولم ينل منه الوسواس؛ عكس من فلتت غضباته؛ وكادت أو تتسبب في أذى للغير.

نحن على مدار اليوم؛ منذ الخروج من المنزل وحتى العودة إليه؛ يتعامل الناس مع بعضهم البعض؛ تلك التعاملات هي جزء أصيل من الحياة اليومية؛ سواء كنت تقود سيارتك أو تستخدم وسائل المواصلات العامة؛ هناك دائمًا احتكاك؛ قد ينفر فينتج غضبًا؛ أو العكس يمر اليوم بسلام.

لا أعلم نوايا المخطئ؛ قد يكون صاحب سلوك عدواني؛ ولكنى أثق فى نوايا الكاظم الغيظ؛ الذى يتحكم في غضبه و يروضه؛ فيمنع نفسه من الوقوع في أى فعل قد يسبب مكروهًا، أضف إلى ذلك أنه يتخلق بأخلاق أهل الجنة.

نعم إن الكاظمين الغيظ من أهل الجنان؛ فترويض النفس البشرية أمر صعب للغاية؛ خاصة لو كان ذلك وسط أمر جلل؛ يصعُب فيه على النفس أن تمسك لجامها؛ وإذا كان التبسم في وجه أخيك عملًا يؤجر عليه الناس؛ فما بالك بكظم الغيظ.

كوارث وُئِدت قبل أن تحدث؛ وأنفس حُفظت من السوء؛ وأُناس استكملوا حياتهم؛ بسبب كظم الغيظ؛ وفي المقابل؛ هناك أراوح زُهقت بسبب عدم المقدرة على كظم الغيظ.

ولتهذيب النفس وترويضها من أجل تدريبها على كظم الغيظ؛ فوائد كثيرة أهمها وأعلاها كسب رضا الله؛ حيث سعيت وجاهدت من أجل ذلك؛ وتخيل عزيزي القارئ أن أدناها هو حفظ نفسك والآخرين؛ فتنعم بهدوء مستحق؛ فتُجازى على كظم غيظك في الدنيا و في الآخرة.

،،، والله من وراء القصد

[email protected]

كلمات البحث