من الأمور المسلم بها أن الزيادة الطردية في عدد السكان في دولة ما، لابد أن تقابلها زيادة الرقعة الزراعية للأراضي المستصلحة الجديدة، مع ضرورة التوسع في إنشاء وتحديث مواقع العمل والإنتاج، في شتى المجالات الصناعية والتجارية لمواجهة الأزمات الاقتصادية من ندرة المواد الغذائية وارتفاع أسعارها من ناحية، ومن ناحية أخرى القضاء على شبح البطالة وتوفير وظائف جديدة لملايين الخريجين المتعطشين لسوق العمل لكى يتحقق المجد والتقدم للأمم، لأنه عندما تظفر وتنهض الأمة اقتصاديا عن طريق توظيف جميع مواردها البشرية والمادية واستغلال ثرواتها الطبيعية خير استغلال، تستطيع الدولة من خلاله أن تظفر وتسعد وتنعم بتقدم نهضتها الزراعية والصناعية، ويفخر شعبها بحكومته المستنيرة التي انتهزت الفرص، ووجهت عنايتها للنهوض بمصالحهم ببناء أسس اقتصادية متينة يتحقق فيها النجاح والنمو بالقضاء على المشاكل وتتلاشى فيها الأزمات، وهذا هو النظام الذى تتبعه حكومات الدول المتقدمة، لأنها تسعى إلى رفاهية شعوبها لكى يشعروا بقوتهم والثقة في أنفسهم دون تحقير لشأنهم، مما كان له عظيم الأثر في تقدمها اقتصاديًا وتحسين أحوالها داخليًا وخارجيًا، بل تحتل الصدارة المطلقة في إنتاجية الفدان من المحاصيل الزراعية الحقلية، إلى جانب جودة إنتاجها من الخضر والفاكهة، وتعد الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية وأوكرانيا والهند وفرنسا من أكثر بلدان العالم زراعة وإنتاجًا للغلات الغذائية من الحبوب.
ولعل الضرر البالغ وأصعب الأحداث وأشدها خطورة وإزعاجًا على الاقتصاد العالمي، هو قيام الحرب الروسية الأوكرانية، التي امتدت آثارها على البلدان التي تعتمد على استيراد القمح من هذه الدول المتصارعة، وتعتبر مصر من مصاف الدول التي تستورد أثمن الحبوب وهو محصول القمح، مما جعلها تحت سيطرة الظروف ومما تسببه الحروب للدول التي تستورد منها هذا المحصول الإستراتيجي الهام.
ولمعالجة تلك العقبات التي تواجه الحكومة المصرية، في صعوبة استيرادها القمح من البلاد التي تجري فيها الأحداث ومدى تأثيرها على نقص في المواد الغذائية من قوت هذا الشعب العظيم، وإن كانت النتيجة الطبيعية بأن الصراع المسلح بين الدول، يعوق عملية التبادل التجاري بينها وبين الدول الصديقة التي تتعامل مع هذه المنفعة المتبادلة، وإن كانت ليست الحروب وحدها هي التي تعوق عملية استيراد الحبوب وغيرها من السلع، قد يقل تصدير القمح من الدول المصدرة له نتيجة مواجهة الزيادة الطردية في عدد السكان لها، فبالتالي يقل مقدار التصدير، أو تعرض محصول القمح لانتكاسة بيئية نتيجة ظروف الطقس السيء، أو وجود آفات زراعية كان لها التأثير على الناتج المحلي من هذا المحصول الذى يظل مقدار تصديره مرهونًا حسب تغير ظروف البلد المصدرة له، أو قد تتعرض البلدان المستوردة لضغوط سياسية من الدول المصدرة لها، بالتأثير عليها وفقد سيادتها من أجل مصلحة ومنفعة للدولة المصدرة، فقد كان حرص الحكومة المصرية على مواجهة هذه الظروف والمتغيرات الدولية وأحداثها المختلفة في أن تجد الحلول وتذليل كل الصعاب، فكان طريق النماء والإصلاح المنشود في بناء نظام دولة حديثة أرسى معالم نهضتها سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، بأن تتجه الدولة إلى زيادة التوسع في الأراضي الزراعية، وضم لها ملايين الأفدنة المستصلحة لزراعتها واستثمارها صناعيًا واقتصاديًا، وهذا ما يتحقق في دلتا مصر الجديدة والساحل الشمالي والضبعة، والامتداد شرقًا إلى تعمير سيناء وتطهيرها من العناصر الدنسة من الجماعات المتطرفة التي تعوق كل سبل التقدم والرخاء.
إن ارتقاء الدولة بالزراعة وتحديث نظام الرى المطور وتحسين التربة الزراعية، وعدم الاعتداء عليها بالتقطيع الجائر للأشجار وتبويرها من أجل أن تصبح عبارة عن غابات أسمنتية لازرع فيها ولا نماء، ويحسب الفضل للرئيس السيسي بصدور قراره التاريخي مدعم بضوابط قانونية تمنع البناء على الأراضي الزراعية، والذي كان من أثره في زيادة الإيرادات الزراعية وقيام الصناعات على بعض المنتجات من الخضراوات والفاكهة وثبات مساحة الأرض المزروعة ورفع قيمة أثمانها، بعد أن كانت ليس لها قيمة قبل صدور هذا القرار، لأن قيمة الأرض قيمة طبيعية فإنها مهبط الإنسان ومصدر رزقه وسعادته، ثم إن ما يقوم به الرئيس السيسي من مشاريع تنموية عملاقة، ما هي إلا النهوض بالبلاد وعلو مكانتها بين الأمم المتقدمة.
ولئن كان هدف سيادته هو الحفاظ على ثروة مصر من الأراضي الزراعية وعدم تآكلها، فيكون بذلك له عظيم الأثر والفوائد في النماء والتقدم بكل تأكيد، إلا أن إهمال المسئولين وتقاعسهم في مديريات الزراعة والري على مستوى الجمهورية ينسف كل الجهود التي تقوم بها الدولة في تحقيق رفاهية شعبها، وأن يعيش حياة كريمة تليق بكرامة الإنسان، ومن أمثلة ذلك الإهمال في تطهير الترع والمصارف وتخزين مياه الصرف الزراعي وامتلاء المصارف بها، ويعتبر هذا في حد ذاته كارثة تهدد بفناء المساحة المزروعة من هذه الأراضي وتطبيلها وعدم صلاحيتها للزراعة، وهذا يبين نواحي الضعف والكفاءات العلمية التي يوصف بها المسئول المتقاعس عن أداء واجبه في وزارة الزراعة والرى، بل الأخطر من ذلك البناء على المجارى المائية ومصارف الصرف الزراعي وتحويل المصرف الزراعي إلى مصرف صحى تصرف فيه المخلفات الآدمية والحيوانية والنفايات الصلبة التي تهدد صحة الإنسان وتلوث التربة الزراعية، وتحدث كل هذه الجرائم تحت سمع وبصر المحليات ومسئولين الزراعة والرى وأعضاء مجلس الجمعيات التعاونية الزراعية دون ردع أو مقاومة تمنع كل هذه المخالفات البيئية والصحية وما ينتج عنها من كوارث تدمر صحة الإنسان.
لقد قام الرئيس السيسي بعمل أعظم المشاريع الحضارية العملاقة التي تخدم أجيال الحاضر والمستقبل، وهذه المشاريع من طرق وكباري وتخطيط عمراني جيد واستصلاح الأراضي الزراعية، فمن أجل ذلك ومن أجل المصلحة العامة للبلاد، كانت شجاعته وجرأته على الوفاء بتنفيذ مشروعاته الحيوية المضمونة ذات النفع العام، بأن اقترض لها بعض الأموال من المؤسسات المصرفية الدولية من أجل دعائم قوام مصر الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، لأن الاقتراض هنا من أجل تحقيق المصلحة العامة للدولة مقابل عائد اقتصادي عظيم يعود على الأمة كلها بالخير الوفير، وليس الاقتراض للوجاهة المالية أو الترف، ومن المفهوم والطبيعى بأن مصر بلد زراعى تلعب فيها جميع المحاصيل الحقلية والبستانية دوراً كبيراً وعظيماً في بناء الاقتصاد القومي فمن أجل ذلك تحتاج البلاد لكل مقومات النجاح من إنشاء طرق وتحديث وصيانة الكبارى والاهتمام بالبنية التحتية والمرافق العامة للدولة من أجل النهوض بالحياة الاقتصادية والسياسية للبلاد، وهذا يدل على أن الآمال كلها نستعين بها بالله ثم نعلقها على مجهودات الدولة في تعمير الأراضي الجديدة في شتى أنحاء الجمهورية، لأنها تقوم على أساس وتخطيط مدروس مكلل بالجهد والعرق والمال من أجل أن يؤتى ثمرة فكر وإبداع وإنتاج كل إنسان شارك في ملحمة بناء الجمهورية الجديدة تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية تحيا مصر