لماذا انسحبت مصر من اتفاقية تجارة الحبوب الدولية؟.. خبراء يجيبون

12-3-2023 | 17:26
لماذا انسحبت مصر من اتفاقية تجارة الحبوب الدولية؟ خبراء يجيبوناتفاقية تجارة الحبوب

أقرت الحكومة المصرية الانسحاب من اتفاقية تجارة الحبوب الدولية التابعة للأمم المتحدة، والتي جرى إبرامها قبل عقود واصفة أن قرار الانسحاب يأتي نتيجة عدم وجود دور فاعل في أسواق تجارة الحبوب العالمية، وأن الاتفاقية لم يكن لها دور في السيطرة على أسعار الحبوب وقت الأزمات.

في 6 يوليو 1995، قرر مؤتمر الحكومات الذي عُقد في لندن آنذاك، بدء تنفيذ  اتفاقية تجارة الحبوب اعتبارًا من مطلع يوليو 1995، بين الحكومات والمنظمات الدولية التي أودعت صكوك التصديق أو القبول أو الموافقة أو الانضمام، وكانت من بين الموقعين على هذه الاتفاقية مستوردو ومصدرو حبوب رئيسيون مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وتعد تلك الاتفاقية بمثابة المعاهدة الدولية الوحيدة التي تغطي تجارة الحبوب، ووقعت عليها مصر منذ انطلاقها عام 1995.

وتقوم الاتفاقية على 34 مادة رئيسية، وتتمثل أهدافها في تعزيز التعاون الدولي في جميع جوانب التجارة في الحبوب، وتشجيع التوسع في التجارة الدولية لتأمين أكبر تدفق ممكن لهذه التجارة، وأيضًا المساهمة إلى أقصى حد ممكن في استقرار أسواق الحبوب الدولية، وتوفير منتدى لتبادل المعلومات، وذلك لتعزيز شفافية السوق وزيادة التعاون التجاري.

كما تعهد الأعضاء المشاركون بإجراء أي معاملات ميسرة في الحبوب بطريقة تتجنب التداخل الضار مع أنماط الإنتاج والتجارة الدولية.

ووفقًا لنص المادة 29 من اتفاقية تجارة الحبوب، فإنه يجوز لأي عضو الانسحاب من هذه الاتفاقية في نهاية أي سنة مالية عن طريق تقديم إشعار كتابي بالانسحاب قبل تسعين يومًا على الأقل من نهاية السنة المالية.

وصرحت وزارة الخارجية المصرية بانسحاب مصر من اتفاقية الحبوب الدولية، وأن هذا القرار جاء بعد تقييم قامت به وزارتا التموين والتجارة، والذي خلص إلى أن عضوية مصر "لا تمثل "قيمة مُضافة".

في البداية، يعلق الدكتور أشرف كمال، أستاذ الاقتصاد الزراعي، على قرار الانسحاب قائلا: "تعتبر الاتفاقيات الدولية بوجه عام هي في صالح الدول المتقدمة، وأيضًا في صالح الدول المصدرة بالأكثر وليست لصالح الدول المستوردة، وتعتبر مصر من أكبر الدول المستوردة للقمح على مستوى العالم، وفي العموم حتى باتفاقية منظمة التجارة العالمية، فإنها تعمل لصالح الدول المتقدمة بشكل كبير ولا تراعي اهتمامات الدول النامية".

مصر حريصة على تنويع مصادر الحصول على القمح 

وتابع: في ظل انسحاب مصر من اتفاقية الحبوب الدولية، فإن مصر تعمل على تنويع مصادر الحصول على القمح ولا تضع البيض في سلة واحدة ولقد قامت مصر مؤخرًا باستيراد القمح  من صربيا ورومانيا، والهند فضلا عن المنشأ الأخرى التقليدية في كندا وفرنسا الأرجنتين وروسيا.

وأوضح أستاذ الاقتصاد الزراعي، ومن حسن الحظ أن القمح ينضج في العالم على فترات  تنتشر طوال العام، فنجد أن القمح ينضج في استراليا ونيوزيلندا وشيلي في شهري ديسمبر ويناير، وينضج في مصر في شهري أبريل ومايو، وينضج في جنوب الولايات المتحدة الأمريكية في شهر مايو، وفي شمال الولايات المتحدة الأمريكية في شهر يونيو، وفي روسيا وأوكرانيا في شهري يوليو وأغسطس، وفي كندا في شهري سبتمبر وأكتوبر، وبالتالي يمكن الحصول على القمح من المصادر الخارجية على مدار العام.

مصر تعتمد على وجود مخزون إستراتيجي دائم 

وأردف، تعتمد سياسة مصر بالنسبة للحبوب بشكل رئيسي على وجود مخزون إستراتيجي لا يقل عن ستة أشهر.

كما أن لدينا احتياطي استراتيجي كافي من القمح، موضحًا أن حصاد القمح سيبدأ في مصر خلال شهر أبريل القادم مع توقعات بزيادة توريد المزارعين للقمح في ظل إعلان الحكومة بسعر ضمان له لا يقل عن 1250 جنيه للإردب.

الدكتور أشرف كمال

استغلال البعض للأزمة الروسية الأوكرانية 

ومن جانبه، يوضح الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، أن مصر من أكبر مستوردي القمح في العالم بنحو 12 مليون طنا في العام من إجمالي حجم تجارة القمح العالمية البالغة نحو 200 مليون طن سنويا.

وأشار، أن مصر لم تجد صدى من المنظمة الأممية بأن يكون لأعضاء الاتفاقية دورًا مهمًا في ضبط الأسواق العالمية، وأن تقدم المساعدة للدول النامية المستوردة لغذائها خاصة الدول الإفريقية؛ حيث استغل البعض الأزمة الروسية الأوكرانية الأخيرة في مضاعفة أسعار الحبوب عالميًا ومصر، موضحًا أن السبب وراء خروج مصر من «اتفاقية تجارة الحبوب الدولية»، لأنها بلا دور فاعل في أسواق تجارة الحبوب العالمية وليس لها دور في السيطرة على أسعارها وقت الأزمات.

وذكر الخبير الاقتصادي أن القرار المصري يعطي رسالة واضحة بأن الاتفاقات يجب أن تكون ذات جدوى، وأن الاتفاقية ستخسر مصر بالتأكيد باعتبارها من أكبر مستوردي القمح على مستوى العالم، مؤكدًا أن قرار الانسحاب لم ولن يؤثر على تأمين احتياجاتنا من القمح.

كما استطاعت مصر من خلال علاقاتها السياسية والدبلوماسية مع معظم دول العالم أن تؤمن احتياجاتها في الفترة الماضية، وتنويع مصادر استيراد القمح من مختلف دول العالم على مدار العام.


الدكتور علي الإدريسي

كلمات البحث