هل عادت مصر كما كانت أيام محمد علي باشا رائدة في الزراعة والصناعة والتجارة؟
للإجابة عن هذا السؤال يجب أن نستعرض تاريخ مصر في فترة محمد علي باشا: اتجه محمد علي إلى بناء دولة عصرية على النسق الأوروبي في مصر، فاستعان في مشروعاته الاقتصادية والعلمية بخبراء أجانب، هذا الحال أمس عندما كنا نحتاج لخبراء أجانب أما اليوم في ظل التكنولوجيا الحديثة فأصبح لدينا خبراء ولكن مصريين عاشوا خارج مصر لفترة طويلة فأصبحوا خبراء داخل وخارج مصر واتجهت مصر اليوم للاستعانة بالخبراء والعلماء المصريين في الخارج في بناء المشروعات وإصلاح التعليم في مصر.
كما بني محمد علي قاعدة صناعية لمصر، وكانت دوافعه للقيام بذلك في المقام الأول توفير احتياجات الجيش، فأنشأ مصانع للغزل والنسيج والعديد من المصانع الآخرى، واليوم نحن على غرار ذلك لتصبح مصر رائدة كما كانت بالأمس في الزراعة والصناعة والتجارة، فاليوم عزمت الدولة على تطوير مصانع قطاع الغزل والنسيج التابعة لقطاع الأعمال العام، من خلال تحديث الآلات والمعدات بالاستعانة بالشركات العالمية فى هذا المجال.
كما اهتم محمد علي بالزراعة، فاعتنى بالريّ وشق العديد من الترع وشيّد الجسور والقناطر ، كما وسّع نطاق الزراعة، فخصص نحو 3000 فدان لزراعة التوت للاستفادة منه في إنتاج الحرير الطبيعي، والزيتون لإنتاج الزيوت، كما غرس الأشجار لتلبية احتياجات بناء السفن وأعمال العمران. وفي عام 1821، أدخل زراعة صنف جديد من القطن يصلح لصناعة الملابس، بعد أن كان الصنف الشائع لا يصلح إلا للاستخدام في التنجيد، ومن الجدير بالذكر أن سيادة الرئيس السيسي وجه الدولة المصرية لإعادة القطن المصري إلى سابق عهده.
أما في مجال التجارة احتكر محمد علي تسويق الحاصلات الزراعية في الداخل و في مجال التجارة الخارجية قامت الدولة بالبيع للتجار الأجانب في الداخل و البيع في الخارج لحساب الحكومة بواسطة وكلاء في الموانئ الأوروبية، كما احتكرت الحكومة الواردات، وكان محمد علي لا يشجع الاستيراد كثيرًا ، إذ كان يري كما شاهد في أوروبا قبل مجيئه إلى مصر أن الدولة القوية هي التي تزيد صادراتها عن وارداتها، والآن مصر نجحت خلال الشهرين الأولى من عام 2019، فى تحقيق فائض تجارى مع 10 دول عربية، من بينها دولتى جيبوتى وجزر القمر، وذلك من خلال التصدير لهما فقط بدون استيراد منهما، وقد بلغ إجمالى الفائض التجارى الذى حققته الدولة مع الدول العربية العشرة نحو 513.1 مليون دولار.
فمصر اليوم عادت كما كانت عليه أمس دولة قوية من الناحية التجارية والصناعية والزراعية والعسكرية وإقامة العديد من المشاريع، وكل ذلك يُعزز من مفهوم الأمن القومي للدولة، فقدعرف ” روبرت ماكنمار ” وزير الدفاع الأمريكي في كتابه ” جوهر الأمن ” أن الأمن القومي هو تحقيق التنمية وذكر أن القوة العسكرية وحدها ليست قادرة على فرض الأمن أو الحفاظ عليه ولكن الأساس في تحقيق أمن الدولة يتمثل في بناء اجتماعي مستقر ، فالأمن القومي هو القدرة على توفير أكبر قدر من الحماية والاستقرار لتحقيق التنمية الشاملة للدولة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأيدلوجية والعسكرية والبيئية والمعلوماتية في الدولة ضد كافة أنواع التهديدات الداخلية والخارجية سواء إقليمية أو عالمية لتحقيق الأهداف القومية للدولة واليوم مصر حققت ذلك واستعادة قوتها الداخلية والخارجية، تحيا مصر بسواعد أبنائها المخلصين.
* عضو مجلس النواب
Email: [email protected]