جدي وجدتي لا يعرفان الأعذار

7-3-2023 | 12:45

إنجلينا جولي نشرت صورة الحاجة المصرية زبيدة عبدالعال البالغة من العمر 97 عامًا على حسابها الشخصي، احتفاءَ لحصولها على شهادة محو الأمية، وأشادت النجمة العالمية بها، مما جعل منها أيقونة لرواد التواصل الاجتماعي، ولدى الحاجة زبيدة 13 حفيدًا، وقد حرصت على تعليم جميع أولادها، وتعتبر حصولها على شهادة محو الأمية بمثابة شهادة ميلاد جديدة، ولم تستسلم منذ أن حجبها والدها عن التعليم في الصغر، بسبب رفضه تعليم الإناث.

إصرار الحاجة زبيدة يذكرني بحديث رسولنا الخاتم: "إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها"، والحديث يحث على فضيلة الاستمرار في العطاء، ويعني أن الرغبة في العطاء لا يقف أمامها أي قيد أو تردد، ويدعو إلى التفاؤل، ويجب أن يلازم الطموح كل إنسان طالما يعيش ويتنفس.

وتحكي أحداث العام الماضي تحدي البعض لشيخوختهم، وتنافسهم مع أبنائهم بل مع أحفادهم على اجتياز امتحانات الثانوية، ورفضوا دنَو الهمة، ولم يخضعوا لمقتضيات كبر السن حسب ما تعارفت عليه المجتمعات، وظلت رغباتهم تتأجج في نفوسهم، وصارت طوقًا في رقابهم طوال هذه السنوات الماضية، نتيجة عقبات حالت دون تحقيق رغباتهم.

وهذا التونسي محمد أنيس البالغ من العمر 67 سنة اجتاز امتحانات الثانوية، والطريف أنه تحدى حفيده في درجات الامتحانات، وكانت على نفس الخط الجدة فاطمة السبع الجزائرية التي أشرفت على الثمانين من العمر، لم تستكن من إخفاقها في الصغر، وسلكت سبيل مواصلة التعلم، حتى نجحت في الحصول على شهادة الثانوية، وأعربت عن سر عزيمتها للصحف بقولها: "العمر بالنسبة لي مجرد رقم ولا يعني لي شيئًا".

ولم يكن سنهم وهنًا وضعفًا، بل تحول إلى حافز للدفاع عن مسجدهم الأقصى، وذهبوا سيرًا إلى باحة الأقصى لصلاة الفجر، وأظهرت صور الفضائيات أن كبر سنهم لم يكن شافعًا لجنود الاحتلال لرفع أيديهم عنهم، ولكن اعتدوا عليهم ضربًا بالهراوات.

حاليًا تصيب قلة الخصوبة جميع بلدان العالم باستثناء إفريقيا، مما يعني ارتفاع في نسبة المستهلكين طبقًا لحسابات الاقتصاديين، ولذا كان من الضرورة مشاركتهم بفاعلية في عمليات الإنتاج، وبناءً عليه ألحقت بعض الشركات الألمانية تطوير تكنولوجي لآلياتها، لكي تساعد العمال المسنين على أداء أعمالهم بكفاءة، ووفقًا لتقدير "جوزيف كوفلين" مؤلف كتاب "اقتصاد طول العمر" بلغ حجم النشاط الاقتصادي الخاص لمن تجاوزت أعمارهم الخمسين عامًا 8 تريليونات دولار.

والطامح لا تعوقه الأعذار، وقالوا الفشل ليس عند الخسارة، إنما الفشل عند الانسحاب، والطموح اللامحدود وقود يوصل الإنسان إلى محطة النجاح، والفنان سلفادور دالي وضع له شروطًا، وقال: "الذكاء بدون طموح كالطير بدون أجنحة"، والعالم ابن الجوزي له تعليق آخر عن الطموح: "من علامة كمال العقل علو الهمة والراضي بالدون دنيَ".

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: