السموم الفطرية هى مركبات كيميائية تنتجها مجموعة كبيرة من الفطريات غير المرغوبة التى تنمو على الأعلاف بداية من زراعة المحاصيل فى بلاد الإنتاج (مثل أمريكا والبرازيل والأرجنتين وأوكرانيا)، وحتى تصل إلى الأبقار الحلابة حول العالم للتغذية عليها.
موضوعات مقترحة
وحول السموم الفطريه وتأثيرها الخطير، تحدث الدكتور احمد العليمي، الباحث فى تغذيه الحيوان بالمركز القومى للبحوث، كاشفا لـ«الأهرام التعاوني» عن تفاصيل فى غاية الأهمية للمربين ومزارع الأبقار ومنتجى الألبان.
وشدد العليمي، على ضرورة الحفاظ على جودة الخامات العلفية التى تمثل الخطوة الأولى للحماية من السموم الفطرية، والحصول عليها من مصدر موثوق نظيف وخالٍ من مظاهر التعفن، ناصحا مستخدمى سيلاج الذرة، بمراعاة وضرورة الكبس والتغطية الجيدة لضمان التخلص من الأوكسيجن عند تصنيعه، وتوفير ظروف لاهوائية مطلوبة لجودة التخمر مع تجنب تعفن السيلاج بالفطريات.. وفى السطور القادمة تكمن التفاصيل.
ما أضرار السموم الفطرية؟
تلعب السموم الفطرية بإختلاف أنواعها دور رئيسى فى إنخفاض إنتاج اللبن وتدهور الكفاءة التناسلية وتثبيط المناعة وإنتشار الأمراض، مما يزيد من خسائر مزارع الألبان، وبالتالى يمكن أن يكون زيادة الوعى بحماية الأبقار الحلابة من مخاطر تلك السموم ركيزة أساسية باستكشاف مشكلات القطيع وإصلاحها لتقليل الخسائر.
ما أسباب انتشار تلك السموم؟
يوجد أكثر من 400 نوع من السموم الفطرية، ولكن القليل منها تم دراسة آثارها الضارة على الأبقار الحلابة، وبالتالي هناك ضرورة إلى مزيد من البحث لفهم أسباب انتشارها وتأثيراتها السامة بشكل أفضل، خصوصًا بعدما أوضحت أحدث الإحصائيات الدولية لعام 2022 التى تم فيها تحليل أكثر من 27 ألف عينة من الخامات العلفية التى تم الحصول عليها من 87 دولة حول العالم أن نسبة إصابة الخامات العلفية بالسموم الفطرية حول العالم هى 96%.
هل للتغيرات المناخية تأثير واضح فى انتشار هذه الفطريات؟
نعم، فالمحاصيل تتعرض للتلوث بالفطريات التى تنتج السموم أثناء نمو المحاصيل العلفية فى الحقل على حسب نوع المحصول والظروف الجوية المحيطة وخصائص التربة والمعاملات الزراعية أثناء الزراعة وعند الحصاد. كذلك تنتشر السموم عند تخزين المحاصيل تحت ظروف غير مناسبة من درجة حرارة عالية ورطوبة نسبية مرتفعة.
كذلك أظهرت الدراسات أن نمو الفطريات على الخامات العلفية يستنزف القيمة الغذائية لها. فمثلا يمكن للفطريات النامية على الذرة أن تقلل من محتوى الطاقة فيها بنسبة 20%، مما ينتج عنه إنخفاض محتوى العليقة من العناصر الغذائية بما لا يغطى الإحتياجات الغذائية للأبقار الحلابة، ويضر بإنتاج وتناسليات وصحة تلك الأبقار.
وماذا عن الحلول؟
الحل الوحيد لضمان خلو الخامات العلفية من السموم الفطرية هو إجراء تحليلات معملية لتركيزات تلك السموم فى عينات من الخامات العلفية.
وما الآثار المترتبة على وجودها؟
يمكن أن يؤدى تناول أنواع مختلفة من السموم الفطرية إلى نتائج أكثر خطورة مما هو متوقع بعد تناول سم واحد فقط، بالإضافة إلى ذلك، تؤثر العوامل الأخرى المتعلقة بالأبقار (مثل العمر والجنس والحالة الصحية) والبيئة (الإجهاد الحراري) على استجابة الأبقار للسموم الفطرية.وبشكل عام هناك حاجة إلى وجود تركيزات عالية من السموم الفطرية فى الأعلاف لظهور العلامات التقليدية للتسمم، ولكن من الشائع ظهور التأثيرات الضارة للسموم على إنتاج وتناسليات وصحة الأبقار على الرغم من وجودها بتركيزات أقل من المسموح بها فى الخامات العلفية.
ماذا يعنى الأفلاتوكسين فى اللبن؟
يعد الأفلاتوكسين من أشهر أنواع السموم الفطرية وتحديداً ه، من النوع الذى ينتقل من العلف إلى اللبن. ويرجع السبب فى الإهتمام بتركيز الأفلاتوكسين فى اللبن إلى أن الأفلاتوكسينات تسبب السرطان للإنسان، لذلك فإن معظم البلدان لديها حدود صارمة للتركيزات المسموح بها من الأفلاتوكسين فى اللبن. فعلى سبيل المثال تحدد الولايات المتحدة الأمريكية تركيزه فى اللبن بألا يزيد عن 0.5 جزء فى المليار ppb. .
وما المشاكل المترتبة على إرتفاع عدد الخلايا الجسدية فى اللبن؟
غالبًا ما ينتج إرتفاع عدد الخلايا الجسدية فى اللبن وإنتشار إلتهاب الضرع عن عدوى داخل الضرع، ولكن الكثير من العوامل الأخرى يمكن أن تؤثر على صحة الضرع. وقد ربطت العديد من الأبحاث هذه المشكلات بالتغذية على خامات علفية ملوثة بالسموم الفطرية من خلال تثبيط وظيفة المناعة، مما يجعل الاستجابة المناعية للأبقار أقل فعالية ويزيد من شدة ومدة الإصابة بإلتهاب الضرع والإلتهابات الأخرى.
يمكن أن تقوم السموم الفطرية بإحداث تغيرات فى مكونات اللبن بعدة طرق. فمثلا من العلامات الشائعة للسموم الفطرية أن تقلل من نسبة الدهن فى اللبن. كذلك يمكن للسموم الفطرية أن تلحق الضرر بالعديد من وظائف القناة الهضمية مما يقلل من إمتصاص العناصر الغذائية التى تدخل فى تصنيع مكونات اللبن فى الضرع. وتشير الأبحاث إلى الأثار الضارة للسموم الفطرية على تصنيع منتجات الألبان من اللبن الملوث بالسموم الفطرية مثل تدهور جودة تخثر اللبن فى تصنيع الزبادى والأجبان.
وهناك مشاكل محتملة اخرى كإرتباط وجود السموم الفطرية فى الأعلاف بالعديد من المشكلات المحتملة الأخرى فى الأبقار الحلابة مثل العرج وأمراض سوء التغذية وقلة كفاءة الجهاز العصبى وظهور التقرحات الجلدية وخشونة الشعر بالإضافة للنفوق عند وجود التركيزات العالية من السموم الفطرية فى الأعلاف. ويمكن أن تمتد القائمة لتشمل العديد من العلامات المظهرية الأخرى الناتجة من التعرض للسموم الفطرية.
كيف نحمى الأبقار من السموم الفطرية؟
في البداية يجب التأكد من جودة الخامات العلفية التى تتمثل فى الخطوة الأولى للحماية من السموم الفطرية فى الحصول على الخامات العلفية من مصدر موثوق تكون نظيفة وخالية من مظاهر التعفن. كذلك يجب تخزين تلك الخامات فى المزرعة فى مكان مناسب وجيد التهوية وبعيد عن رطوبة الأرضية. وفيما يتعلق بسيلاج الذرة، يراعى عند تصنيعه ضرورة الكبس والتغطية الجيدة لضمان التخلص من الأوكسيجن وتوفير ظروف لاهوائية مطلوبة لجودة التخمر مع تجنب تعفن السيلاج بالفطريات.
وفى حال ظهرت أعراض التسمم بالسموم الفطرية على الأبقار مثل الإسهالات والإمتناع عن تناول العليقة فيجب معرفة الخامة العلفية مصدر التلوث لتجنب تقديمها للأبقار وذلك عن طريق سحب عينات من الخامات العلفية المتوفرة فى المزرعة أو الخامة العلفية الجديدة موضع الشك لإجراء التحليلات المعملية ومعرفة تركيزات السموم الفطرية بها.
ويراعى عند سحب العينات أن تكون العينة ممثلة للخامات المتوفرة، كما يراعى الحفظ الجيد للعينة من وقت السحب فى المزرعة حتى تحليلها فى المعمل لمنع النموات الجديدة للفطريات لضمان أن نتيجة التحليل تعكس الوضع الحقيقى للسموم الفطرية داخل المزرعة.
يتم إضافة مضادات السموم للعليقة نتيجة لإنتشار السموم الفطرية فى معظم الخامات العلفية حول العالم ونتيجة للأضرار التى تسببها التركيزات القليلة المسموح بها من السموم الفطرية فى الخامات العلفية فقد ظهرت ضرورة لإضافة مضادات السموم الفطرية أثناء تجهيز وخلط العليقة. تتمثل الوظيفة الأساسية لمضادات السموم الفطرية فى منع إمتصاص السموم الفطرية فى الأمعاء ومنع وصول السموم الفطرية إلى مجرى الدم وذلك عن طرق قيام مضادات السموم بالإرتباط بالسموم الفطرية وإخراجها فى الروث، بما يحمى الأبقار الحلابة.
ويجب مراعاة أن يكون مضاد السموم عالى الكفاءة فى إدمصاص السموم الفطرية وأن يكون له إختيارية عالية فى الارتباط بالسموم الفطرية فقط دون الارتباط بمخلوط المعادن والفيتامينات (البريميكس) حتى لا تظهر أعراض نقص للمعادن والفيتامينات على الرغم من إضافة البريميكس فى العليقة، بما يضر بمناعة وإنتاج الأبقار الحلابة.
كذلك يراعى أن يكون مضاد السموم الفطرية له مدى واسع من الإنتشار حتى يكون له القدرة على الإرتباط بالأنواع المختلفة للسموم الفطرية، وفى سبيل ذلك تنقسم مضادات السموم الفطرية إلى نوعين.
النوع الأول من مضادات السموم الفطرية: هى مركبات الطمى (تعرف كذلك بمضادات السموم الكيماوية أو السليكا) مثل البنتوناتيت والهاسكس وظهر حديثا مركبات السيبيولايت التى تتميز بمساحة إنتشار واسعة وترتبط بالسموم الفطرية المسطحة من النوع الأفلاتوكسين.
النوع الثانى من مضادات السموم الفطرية هى جدر خلايا الخميرة (تعرف كذلك بمضادات السموم البيولوجية) بما تحتويه من منان وبيتا جلوكان التى تكون على هيئة شبكة بها فتحات تحبس بداخلها السموم الفطرية معقدة التركيب الفراغى مثل الزيرالينون والأوكراتوكسين.
يجب الاهتمام بسلامة الخامات العلفية وخلوها من التعفنات مع مراقبة تركيزات السموم الفطرية فى العليقة كأحد الأسباب الرئيسية لفهم مشكلات الأبقار الحلابة وعلاجها، حيث يمكن أن يساعد الفحص الاستباقى للأعلاف فى تحديد التحديات المحتملة للسموم الفطرية مبكرًا والمساعدة فى تطوير استراتيجية شاملة لإدارة مخاطر السموم الفطرية مع حماية الأبقار الحلابة لضمان الوصول لأعلى إنتاج من اللبن مع الحفاظ على صحة عالية ومناعة قوية تدر الأرباح على مزارع الألبان.