مفاجأة صادمة في واقعة الطالبة رودينا "ضحية التنمر"..علامات استفهام حول الحادث..والتعليم: لا أحد فوق المساءلة

28-2-2023 | 19:05
مفاجأة صادمة في واقعة الطالبة رودينا  ضحية التنمر علامات استفهام حول الحادثوالتعليم لا أحد فوق المساءلة الطالبة رودينا ضحية التنمر
داليا عطية - تصوير: محمد شعلان

حين يتحول الفصل الدراسي من دار علم وأمان إلى ساحة تنمر و"فقدان"، فالمؤكد أنه لا مكان فيه للعلم، ولا أمان فيه للدارسين ويصبح الدرس الأول والأهم الذي يجب أن يتجاوز المناهج الدراسية عن دور المدرسة في إقرار اللوائح وفرض القانون وترسيخ قيم الأخلاق الحميدة بين الطلاب، ودون ذلك يصبح استهانة بالأبناء واستهتارًا بالرعاية، وإهدارًا للمسئولية، هكذا أثارت قضية الطالبة رودينا التي قضت بسبب تنمر زميلات لها حتى أوصلنها إلى ذروة الغضب النفسي فماتت بسيف التنمر، وسكين الإهمال.

موضوعات مقترحة

في شارع فيصل بالجيزة، حيث تقع مدرسة رودينا التي اتخذت من صفة "الحنان" لا فتة وشعارًا  لها، حيث وقعت أحداث التنمر ضد الطالبة المتوفاة، فجاءت الواقعة المؤسفة لتجسد مأساة حقيقية يجب ألا تمر دون حساب، ومساءلة لكل من تجاهل وأهمل نذر خطر كان يمكن أن تنجو منها طالبة يؤكد سجلها العلمي أنها من المتفوقين .

الطالبة رودينا ضحية التنمر

في محاولة من بوابة الأهرام "لتلمس جذور الحقيقة في واقعة موت الطالبة كان لزامًا أن نلتقي كل الأطراف المعنية والتحقق مما أثير من تساؤلات وما تم تداوله من روايات وفي مقدمة ذلك أن الطالبة لم تكن ضحية موقف واحد بل كانت فريسة لوقائع تنمر ممنهجة وبكل الوسائل اللفظية والمكتوبة التي وصلت إلى حد كتابة أسماء المتنمرات على "الدسك" الذي تجلس عليه حتى تظل طوال الوقت تحت هذا السيف، بالإضافة إلى رشقها الدائم بالألفاظ التي تنتهك شكلها وتعتدي على تصرفاتها.

الطالبة رودينا ضحية التنمر، مع أسرتها

كانت الساعة تشير إلى الثانية عشرة ظهر اليوم حين طرقنا باب المدرسة محل الواقعة بهدف استيضاح الحقائق وطمأنة أولياء الأمور، والتأكد من سلامة الإجراءات المتبعة، كذلك البحث عن إجابات للأسئلة والتساؤلات وفي مقدمتها هل اتهامات ولى أمر الطالبة لإدارة المدرسة بالإهمال لها ما يبررها أم لا؟ وكيف تتصرف المدرسة كدار علم مع وقائع تنمر وغير ذلك؟ وما هي روايات زميلات الطالبة وأساتذتها إلا أن المفاجأة كانت صادمة، والرد كان أكثر عنفًا وأشد قسوة من التنمر، إذ إن طلبنا قوبل بالرفض القاطع والاستجهان السافر، فقد تم منعنا من الدخول بل تم دفع الباب في جهنا لمجرد طلبنا لقاء مدير المدرسة.. فكان رد السيدة مديرة العلاقات العامة أننا غير مرحب بنا "يلا اتفضلوا امشوا من هنا" هكذا كان الرد.

أحد أولياء الأمور كان حاضرًا للمشهد أبدى امتعاضه وأسفه، وقال: إنه حزين لواقعة موت طالبة بسبب التنمر من زميلاتها في المدرسة التي يجب أن تتخذ من الإجراءات والضمانات ما يكفل التزام جميع الطلاب بها وحمايتهم. وأعرب عن أسفه الشديد لهذه الواقعة.

وزارة التربية والتعليم

من مدرسة الطالبة الراحلة "رودينا" انتقلنا إلى وزارة التربية والتعليم، والتقينا سمية كامل الخطيب، وكيل مديرية التربية والتعليم بالجيزة، التي استنكرت ما تعرضت له "رودينا" من تنمر، قائلة: "الوزارة تحقق في الواقعة، والمدارس الخاصة ليست خارج منظومة العقاب".

وأضافت وكيل مديرية التربية والتعليم بالجيزة، أن التنمر رغم كونه جريمة لما له من آثار نفسية جسيمة إلا أنه عبارة عن سلوك تُسأل عنه الأسرة لأنها المُربّي الأول للطفل والمُهذِّب الأول لسلوكه، مؤكدة اتخاذ الإجراءات القانونية ضد مدرسة "رودينا"، حال ثبوت إدانتها.

وأوضحت مسئولة وزارة التربية والتعليم، أن هناك أمرًا إداريًا بتوقيع عقوبات على من تثبت إدانته بالتنمر ضد الغير، داخل المدارس، من خلال تطبيق لائحة الانضباط المدرسي.

لائحة الانضباط المدرسي

وعن هذه اللائحة، قالت مسئولة الوزارة، إنها تضم العقوبات المقررة حال صدور أخطاء من الطلاب، ويتم توقيع هذه العقوبات بتسلسل معين، يبدأ من إخطار ولي الأمر، كإنذار للطالب.

وعن دور الوزارة في تعزيز جهود مواجهة سلوك التنمر، قالت وكيل مديرية التربية والتعليم بالجيزة، لدينا خطة للتوعية بسلوك التنمر ومخاطره وطرق مواجهته، من خلال مجموعة إرشادات تم تعميمها من قِبَل الوزارة على كافة مديريات التربية والتعليم.

الأخصائي الاجتماعي

وعن دور الأخصائي الاجتماعي داخل المدارس، قالت مسئولة الوزارة، كل مدرسة بها أخصائي اجتماعي ونفسي، ونعتمد عليهم بشكل كبير في اكتشاف ورصد السلوكيات الغريبة بين الطلاب، ومنها سلوك التنمر ، قائلة: "الأخصائي الاجتماعي والنفسي عليهم عامل كبير جدا داخل المدرسة".

صندوق الشكاوى

وأضافت وكيل مديرية التربية والتعليم بالجيزة، لدينا ما يسمى بـ"صندوق الشكاوى"، داخل كل مدرسة، وهذا الصندوق يمكن للطلاب الذين يتحرجون من البوح بمشكلاتهم، أن يكتبوها ويضعوها بالصندوق لتصل إلى إدارة المدرسة، ويجري العمل على حلها عن طريق الأخصائي الاجتماعي والنفسي، ومساعدة الطلاب في حل مشكلاتهم دون إحراجهم.

وأكدت مسئولة وزارة التربية والتعليم، أن هناك تشديدًا من الوزارة، على المدارس الخاصة، بضرورة وجود أخصائي اجتماعي ونفسي، وأهمية دوره التفاعلي مع الطلاب في اكتشاف مشكلاتهم والعمل على حلها.

دور الأسرة في مواجهة التنمر

من الناحية الاجتماعية، تقول الدكتورة هالة يسري، أستاذة علم الاجتماع، إن سلوك التنمر ليس بسلوك جديد، وإنما بات قريبًا من الأضواء أكثر من السابق بسبب كثرة حدوثه، وبسبب تبعاته غير الحميدة، حيث يشعر الشخص الذي يتعرض إلى التنمر، بالضعف، والقهر، والألم النفسي، والحزن الشديد.

وتضيف أستاذة علم الاجتماع، أن واقعة التنمر التي تعرضت لها الطالبة، الراحلة، رودينا، تكشف تراجع دور الأسرة المصرية في بناء شخصية الأطفال وتعزيز ثقتهم بأنفسهم وتحصينهم ضد الصدمات النفسية، قائلة: "رودينا تأثرت بدرجة مريعة بكلام أصدقائها ووصفهم لها بأنها فتاة غير جميلة ولم تقتنع بكلام أسرتها التي قالت لها إنها جميلة".

وهنا تدق أستاذة علم الاجتماع، جرس إنذار، لتعظيم دور الأسرة، وتأثيره في تربية الأبناء في مقابل تقليل دور الأصدقاء إلى درجة كبيرة، قائلة: "أصبح للأسف التوازن بين تأثير الأسرة، وتأثير الأصدقاء، منعدمًا لصالح الأصدقاء".

وناشدت أستاذة علم الاجتماع، بضرورة تقوية شخصية الأبناء بما يمكنهم من مواجهة المواقف الصعبة التي تأتي بها الحياة، مشددة على أهمية الصلابة النفسية لأبنائنا إذ إنهم بدونها يصبحون عُرضة للتنمر والإدمان والتطرف والتأثر بمحاولات الغير التي تستهدف إيذاءهم.

وعززت أستاذة علم الاجتماع، دور الأنشطة المدرسية والندوات التثقيفية، في مكافحة سلوك التنمر، قائلة: "ممارسة الأنشطة المدرسية التي تكافح سلوك التنمر وغيره من السلوكيات السلبية، لها دور كبير ومؤثر في الترسيخ لقوة الشخصية وتنمية قدرات الأطفال على مواجهة كافة الأزمات".

معلومات مرعبة عن أثر التنمر

يقول الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، بحسب دراسة لمنظمة اليونسكو، فإن 34% من الطلاب في المدارس يعانون من التنمر اللفظي، والمعاملة القاسية و8% من الطلاب يعانون من التنمر البدني، كاشفًا خطورة الآثار النفسية الناتجة عن سلوك التنمر.

وتتمثل هذه الآثار، بحسب الطبيب النفسي، في التسرب الدراسي، لعدم الرغبة في مقابلة الأشخاص المتنمرين، والعزلة، والشعور بالوحدة النفسية، والاكتئاب، وقد يؤدي إلى الانتحار في بعض الأحيان، بسبب قسوة سلوك التنمر .

هذه الآثار السيئة والقاتلة، يقول عنها الطبيب النفسي، إنها تدق جرس إنذار نحو ضرورة إثقال المُعلمين، في المدارس والجامعات، بوسائل التعامل مع الأشخاص المتنمرين، وكذلك الأشخاص الذين يتعرضون للتنمر، وقد يكون ذلك من خلال دورة تثقيفية لتزويد المعلمين بمهارات مواجهة سلوك التنمر، وأيضًا مهارات تهذيب هذا السلوك، حتى يتسنى لهم نقل هذه المهارات إلى التلاميذ والطلاب.

ويضيف استشاري الصحة النفسية، أن التعامل مع المتنمرين بحاجة إلى إرشادات وخطوات تتطلب تأهيل الإنسان لها منذ طفولته، فهذا السلوك يتعرض له كثير من الناس في مختلف الأعمار، إلا أنه يزداد ويكثر بين الأطفال.

إرشادات نفسية لمواجهة التنمر

وللوقاية والحماية من آثار سلوك التنمر، شديدة القسوة على النفس البشرية، يقول الطبيب النفسي، إن الأسرة بحاجة لتهيئة الأبناء منذ الطفولة إلى أنهم قد يصادفون آراءً مضادة لآرائهم، وسلوكيات غير سوية، ومن دور الأسرة إعداد الطفل وتأهيله نفسيًا للتعامل مع مثل هذه المواقف بدون التأثر بها أو افتقاد ثقته بنفسه.

يقول الطبيب النفسي، قبل خروج أطفالنا إلى الشارع، نحتاج تعليمهم وإخبارهم بأنهم قد يصادفون، على سبيل المثال، من ينتقد الأنشطة التي يقومون بها في المدرسة، أو ينتقد سلوكهم، لاسيما وأن سلوك التنمر تصل نسبته إلى 60% في الحياة العامة.

كيف ترد على المتنمر ؟

ويشير استشاري الصحة النفسية، إلى أن الدراسات تؤكد وجود واحد من بين كل 4 أطفال، يخضع للتنمر، وهو ما يجعل دور الأسرة في تدريب الأطفال على مواجهة المتنمر، أساسيًا وضروريًا ولزامًا ضمن عملية التربية والتنشئة.

ويكون التأهيل بتجهيز قائمة بالردود المناسبة لبعض المواقف السلبية المتوقع حدوثها، حيث تعددت أشكال التنمر ولا يمكننا حصرها، ولكن على سبيل المثال يحدث التنمر على الشكل والسلوك والأداء وحتى أسماء الأشخاص وطريقة حياتهم أو حتى طريقة حديثهم.

أشكال التنمر

والهدف من وضع قائمة الردود المناسبة هو تعزيز قدرة الطفل على إجهاض عملية التنمر عليه، ووأدها قبل ولادتها، مشددًا على ضرورة تدريب الطفل من قِبَل ولي الأمر على سيناريوهات بعنوان: ماذا لو؟

وتأتي التساؤلات في هذه السيناريوهات، على سبيل المثال، ماذا لو تنمر أحد على شكلي، أو كلامي، أو اسمي، أو طعامي، أو ملابسي ؟ ماذا لو تنمر عليا أحد في "باص" المدرسة، أو أثناء فترة الراحة، أو أثناء الطابور، أو أثناء اللعب، أو عند تواجدي في دورة المياه؟

التنمر الجسدي

ويدخل ضمن ذلك، تدريب الطفل على التعامل مع المواقف التي يتعرض فيها للتنمر بالجسد، فمثلا قد يعترض طريقه أثناء السير، طفل آخر بهدف عرقلة سيره أو إسقاطه على الأرض مثلًا ليسخر منه الآخرون، وقد يتعرض الطفل للضرب أو الشد من ملابسه أو حقيبته وغير ذلك من مشاهد التنمر المختلفة التي تؤذي الطفل وتثير لديه مشاعر الغضب والألم النفسي.

لماذا يتنمر الأشخاص؟

يقول الطبيب النفسي، نهدف من خلال هذه التدريبات أن نقول للطفل كأولياء أمور، أنه قد يواجه في الشارع أو المدرسة أو أي مكان، شخص ينتقد شكله أو حديثه أو ملابسه ويتعمد التقليل منه أمام الناس قائلًا: "يجب أن نقول للطفل أن من يزعجك بهذه الطرق هو يفعل ذلك لأنك الأفضل، والأذكى، والأكثر مهارة، والأكثر حُبًا، وهكذا" لافتًا إلى ضرورة تذكير أطفالنا بمميزاتهم ومهاراتهم التي قد تثير غضب من حولهم .

تجنب الأشخاص المتنمرين

ويؤكد الطبيب النفسي أن بناء الثقة من أهم خطوات تأهيل الطفل للتعامل مع الآخرين، ومواجهة سلوك التنمر، وعدم التأثر به، وإلى جانب الثقة يقول الطبيب علينا أن ننصح الطفل بتجنُّب الأشخاص المتنمرين: "إذا رأيت الشخص المتنمر تجنب التعامل معه، وتجاهل وجوده".

الإبلاغ عن المتنمر

يتابع الطبيب النفسي إرشاداته لأولياء الأمور، فيقول: "علموا الطفل إذا تعرضت للتنمر في المدرسة عليك أن تبلغ الإدارة بما حدث معك، ثم تبلغ الأسرة عند عودتك بما حدث أيضًا".

ويقول الطبيب النفسي إن ثقافة التبليغ عن المتنمر يجب أن تنتشر بشكل أكبر، والتبليغ هنا ليس من الأطفال فقط وإنما أيضًا من الكبار سواء كانوا في الجامعة أو مؤسسات العمل، حتى يتم التعامل مع الشخص المتنمر وفقًا للقانون الذي جرّم هذا السلوك المؤذي والقاتل: "المتنمر بطبعه شخص جبان لا يستطيع مواجهة غيره فيلجأ لسلوك التنمر للسخرية منه والتقليل من شأنه وعندما يتم التبليغ عنه لن يكرر هذا السلوك الإجرامي خشية العقاب.

عقوبة التنمر

ويعاقب المتنمر، وفقًا للقانون، بالنص على أنه مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تزيد على 30 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.

وفي حالة وقوع جريمة التنمر من قِبَل شخصين أو أكثر، فإن العقوبة التي يتم تطبيقها على المتنمر تتمثل في الحبس لمدة لا تقل عن العام، مع دفع غرامة مالية لا تقل قيمتها عن 20.000 جنيه، ولا تزيد قيمة الغرامة على 100.000 جنيه.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة