في ظل الأزمات غير المسبوقة عالميا، تُولي الدولة المصرية اهتمامها بالسعي لتنفيذ توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بتعزيز عملية توطين الصناعة بكل مكوناتها ونقل التكنولوجيا الحديثة، وما يتضمنه ذلك بالتوازي مع تدريب الكوادر البشرية على أعمال التصنيع والصيانة؛ لتوفير المزيد من فرص العمل ودعم الاقتصاد وكذلك التوسع في استكشاف المزيد من المجالات لتوطين الصناعات بها، بخاصة تلك المتعلقة بمشروعات البنية التحتية، وذلك نظرًا لحجم وانتشار تلك المشروعات على مستوى الجمهورية.
موضوعات مقترحة
وعلى الرغم من الأزمات العالمية لسلاسل الإمداد والأسعار تركز مصر علي توطين الصناعة مع الاهتمام بتصحيح المسار الاقتصادي من خلال هذه المؤتمرات والحوار الوطني مع الدولة والقطاع الخاص.
دعم الصناعات الوطنية لتقليل العجز في الميزان التجاري
وفي هذا الإطار، يقول الدكتور ياسر شحاتة، أستاذ إدارة الموارد البشرية، خبير التنمية المستدامة، لـ"بوابة الأهرام": إن الدولة المصرية تولي اهتماما كبيرا بدعم الصناعات الوطنية وتوطينها، وذلك لتقليل الفجوة في الميزان التجاري؛ حيث كان لدينا عجز في الميزان التجاري بنهاية عام 2018 يقدر بـ 45 مليار دولار، وهذا يعني أن الاستيراد أكبر من التصدير. ومن جانب آخر اتخذت الدولة خطوات في هذا السياق لتقليل تلك الفجوة فبدأت بالاجتماعات مع المجلس التصديري للصناعات في ظل توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتذليل كافة العقبات أمام المصدرين المصريين، موضحًا أن هذه الاجتماعات أفرزت برنامجا لتحفيز الصناعة من منطلق أن التنمية الصناعية الشاملة هي الأساس المحرك لزيادة معدل النمو، ومن ثم رفع مستوى المعيشة، الأمر الذي وضع الدولة المصرية أمام محك خطير يستلزم التحرك من الحكومة المصرية على وجه السرعة فكان أمامها أمران: الأمر الأول هو تعميق المنتج المحلي ليحل محل الواردات، والأمر الثاني الاهتمام بجودة المنتج من خلال الاهتمام بالصناعة فكان نهج الدولة المصرية تستهدف زيادة الصادرات بحلول عام 2023، 55 مليار دولار.
خطة مستقبلية لزيادة معدل الصادرات بحلول عام 2023
وتابع، أن تقييم الوضع الراهن في 2018 وما ترجوه الدولة في خطة مستقبلية بحلول عام 2023 باستهداف زيادة معدل الصادرات فأصبحت الصناعة لدى الدولة المصرية العنصر الأهم في التحرك محليا وإقليميا ودوليا للاهتمام بهذا البُعد لرفع معدلات النمو في ظل التحديات المحيطة ببيئة الأعمال.
«مبادرة ابدأ» لتوطين الصناعة
وأشار أستاذ إدارة الموارد البشرية، وخبير التنمية المستدامة إلى أن الدولة بدأت بالعديد من المبادرات، وكان منها على سبيل المثال «مبادرة ابدأ» لتوطين الصناعة فتم التعامل مع تذليل العقبات للمصانع المتعثرة. ومن جانب آخر بدأ في التوسع في تشجيع المستثمرين منح الرخصة الذهبية، لافتًا إلى أن كل ذلك يؤدي إلى الحداثة في الفكر للصناعات المصرية.
كما بدأت الدولة في المحور الثاني لمبادرة «حياة كريمة»، وكانت للصناعة جانب كبير في هذا السياق؛ حيث بدأنا في إنشاء التجمعات الصناعية والاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة في النشاط الصناعي.
توفير فرص عمل لأبناء الدولة المصرية
وأضاف أن كل ما سبق يؤدي إلى العمل على التنمية الصناعية والاقتصادية، وتوفير فرص عمل لأبناء الدولة المصرية والوصول إلى معدل النمو المستهدف للدولة، مشيرًا إلى سعى الدولة لتوطين المنتج المحلي ليحل محل المنتج المستورد وتقليل الواردات، ومن ثم تقليل الفجوة في الميزان التجاري، والأمر الأهم هو توفير العملة الصعبة للدولة المصرية، والهدف الأسمى من هذا الإطار هو ترسيخ مفهوم ثقافة الإنتاج والعمل تشكل جزء أصيل في فكر ووجدان الإنسان المصري صناعيا.
الدكتور ياسر شحاتة
توفير البنية التحتية اللازمة للصناعة
ومن جانبه، يضيف الدكتور وليد جاب الله، خبير الاقتصاد والمالية، وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، أن الدولة المصرية بدأ اهتمامها بالصناعة مبكرا من خلال توفير البنية التحية اللازمة للصناعة وتجهيز الأراضي الصناعية وتوفير الطاقة لاسيما الغاز الطبيعي والكهرباء، مع التوسع من استثمارات اكتشاف الغاز الطبيعي، وشراء محطات سيمينس لتوليد الطاقة الكهربائية، فضلا عن محطات توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية والرياح، ذاكرًا أن الدولة انخرطت مع الكثير من الكيانات الاقتصادية والإقليمية والعالمية لفتح الأسواق أمام الصناعة المصرية.
باقات التمويل المنخفض التكلفة
وتابع: في مجال التمويل قدمت الدولة باقات متعددة من التمويل المنخفض التكلفة للقطاع الصناعي.
كما تم إنشاء عدد من الصناديق لدعم الصناعة كصندوق دعم صناعات السيارات الكهربائية، مشيرًا إلى إنشاء مجلس الوزراء لجنة متخصصة لحل مشكلات المستثمرين، وغير ذلك من جهود تقوم بها الدولة.
تحقيق معدلات نمو أكبر في القطاع الصناعي
وأكد جاب الله أن الدولة ما زالت مستمرة في دعم هذا القطاع والتواصل مع المستثمرين به لتلبية متطلباتهم من أجل تحقيق معدلات نمو أكبر في القطاع الصناعي، بما يسمح بتطبيق استراتيجيتي إحلال الواردات وبناء صناعات من أجل التصدير.
ويتوقع جاب الله أن تظهر نتائج تلك الجهود بصورة تدريجية خلال الفترة القادمة.
الدكتور وليد جاب الله
خطوات مهمة في دعم قطاع الصناعة
وفي السياق ذاته، يؤكد الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، أن الدولة المصرية تعمل على تبني خطوات مهمة وجذرية في دعم قطاع الصناعة، والتحرك في اتجاه توطين الصناعة، وزيادة نسبتها بالناتج المحلى الإجمالي، في ظل برنامج للإصلاح الهيكلي، ويأتي ذلك في بعض مجالات الإنتاج بغرض تقليل الاستيراد، لافتًا إلى أن الصناعات الدوائية والغذائية والهندسية وصناعة الملابس الجاهزة والجلود والأثاث من تأتي في ترتيب أهم هذه الصناعات.
طرح مبادرة لتوفير التمويل اللازم لقطاع الصناعة بفائدة 11%
ونوّه، أن الدولة قد قامت بطرح مبادرة لتوفير التمويل اللازم لقطاع الصناعة بفائدة 11% و العمل على إلغاء الضرائب العقارية لمدة ٣ سنوات، والسعي لتخفيض نسبة تصل لنحو 50% من غرامات التأخير والعديد من الحوافز لاستمرار عجلة الإنتاج و التشغيل و توفير فرص التصدير للخارج، مؤكدًا العمل على تذليل كافة العقبات أمام المستثمرين وذلك عن طريق لجنة إدارة المنازعات التابعة لمجلس الوزراء.
الدكتور علي الإدريسي