رسائل متتابعة كان يبثها الخالق حصريًا عن طلاقة قدرته ورحمته في صور الناجين من زلزال تركيا وسوريا، حين ترى رضيعًا يخرج حيًا بعد ثلاثة أيام، وجنينًا تلده أمه حيًا، وتصعد روحها إلى بارئها، وطفلًا آخر لا يتعدى عمره السنتين، تتلقفه أيدي رجال الإنقاذ، ووجهه يعلوه ابتسامة مشرقة، وقد مضى خمسة أيام تحت الأنقاض، كلها دلائل تسلط نورها على يد القدرة الإلهية، وتتجلى كذلك في مشهد لرجل في منتصف العمر خرج في حالة إغماء كاملة، ولسانه لا يكف عن تلاوة القرآن الكريم.
وتخبرنا طلاقة القدرة الإلهية يوميًا، حينما يشتد الظلام يتنفس نور الفجر من بين ثناياه، ويطلع علينا علماء الدين والعلم من وقت لآخر ليقدموا البراهين على وجود الله، حتى إن علماء من الغرب، أعلنوا عن شواهد علمية توصلوا إليها تثبت أن فوق الكون خالقًا عظيمًا.
وفي أحدث نسخة عن تلك الحقيقة تناول المؤلفان الفرنسيان "ميشال إيف بولوري" و"أوليفي يوناس" البراهين العلمية لـ 20 عالمًا وفيلسوفًا فرنسيًا عن وجود خالق وراء الطبيعة، وصدر الكتاب في عام 2021 بعنوان "الله العلم والبراهين.. فجر الثورة"، وسبقهما العديد من علماء العرب في الكشف عن براهين فيزيائية حول وجود الله.
وعرض المؤلفان الفرنسيان قول عالم الفلك الفيزيائي البوذي "ترين توان": إن الثلاثين عامًا القادمة ستشهد اكتشافات مثيرة عن طبائع كونية تثبت وجود مهندس معماري عظيم خلف الوجود وقبل حدوث الانفجار العظيم، وعلى النقيض يدعون المنكرون أن بعد الانفجار العظيم نشأ الكون ذاتيًا، ويطلقون على فكرتهم الضالة اسم "الخلق الذاتي".
وتعني فكرة الخلق الذاتي لدى المنكرين أن الكون خلق ذاته من العدم، ويتطور من خلال تفاعلات مكوناته، ورفض فكرتهم الكثير من علماء الفيزياء في أوروبا وأمريكا، وأثبتوا قدرة الخالق على الخلق من عدم، ومن جانب آخر يفسر الكتاب حقيقة عدم تعارض الدين والعلم مع نظرية أن الكون له بداية ونهاية كبقية الأحياء.
ونشرت صحيفة لوفيجارو الفرنسية دراسات عرضها المؤلفان الفرنسيان تبرهن على وجود يد للقدرة الإلهية تهيمن على الكون، منها دراسة أمريكية قام بها مركز بيو للأبحاث في عام 2009، وساق الكتاب أفضل الأدلة الفيزيائية والبيولوجية في سبيل ذلك، وكلما نسير في طريق الكشف عن دلائل القدرة الإلهية في الخلق يتضح أمامنا أسبقية لعلماء غربيين آخرين في هذا المضمار، مثل كتاب "للكون خالق" للفيزيائي الإيطالي "أنطونيو زيتشيتشي"، صدر في عام 2003.
والبرهان الساطع الثابت على مر العصور يوضح أن الذين آمنوا مع النبيين عبر الأزمنة القديمة ساقتهم فطرتهم بتلقائية إلى وجود خالق لهذا الكون يدبر أمره، ويستشعرون بوجوده بين خلجاتهم وفي أنفسهم، وأفصح دليل يدركه العبد المؤمن، أن الكون في تغير دائم، ويشهد في كل لحظة موجات من الموت، تلازمها صرخات ولادة لاتنقطع عن السكوت، مما يعني أن الوجود بكل ما فيه ناقص، ويحتاج إلى موجود كامل يمسك به ويضبط دورة حياته.
ويحكي الأثر أن راعي الإبل في الصحراء يقر بوجود الله بطريقته الفطرية، ويقول: إن البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير، فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج، ألا تدل على العليم الخبير.
ونختتم بقول المولى عز وجل في محكم التنزيل: "سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ".
Email: [email protected]