الضمير الإنساني هو ما يؤدي إلى مشاعر الندم عند ارتكاب الفرد أي سلوك يتعارض مع قيمه الأخلاقية ووازعه الديني الداخلي، وهو سلطة تراقب عمل الإنسان فتحكم عليه، وهو مركز التوجيه عنده الذي يعظمه ويوجه مقاصده وأفعاله، ويقوي علاقته بربه، ومن ثم الآخرين، وهو شعور نفسي داخلي ينعكس عليه؛ فيرى أعماله ويحكم عليها بالخير أو بالشر.
ويتشكل الضمير في السنوات الأولى من العمر، فمن يقوم بتشكيل الضمير؟ إنها التنشئة الاجتماعية والتربية الأخلاقية من خلال غرس المعتقدات الدينية، والوالدان هما اللبنة الأولى في تشكيل الضمير الإنساني؛ وذلك من خلال تأصيل الحلال والحرام، والصحيح والخطأ منذ الصغر في أبنائهما.
وعندما يقصر الوالدان في تشكيل الضمير والحلال والحرام، يبدأ المجتمع في تشكيل الشخصية ومعيارها، ويصبح الشخص "مجتمعي" في الحكم على كل الأمور، وليس الحلال والحرام فحسب.
والضمير الإنساني هو شيء غير مرئي وغير ملموس، ولكنه سلطة داخلية تحاكم الإنسان؛ فهو صوت داخلي يخاطب النفس عند التفكير في الإقدام على فعل قد يلحق الأذى بنفسه أو بالآخرين، أي أن الضمير هو سلطة ذاتية داخل الإنسان قد تردع وتحاسب وتنزل العقاب على الشخص نفسه، إذا ارتكب إثمًا أو اقترف ذنبًا أو أقدم على أمر غير أخلاقي، ويجوز لنا أن نطلق على الضمير بأنه "القاضي" الذي يحاكم الإنسان ويحاسبه ويرده، وهذا القاضي قد يكون حاسمًا أو متراخيًا أو متساهلًا.
والضمير هو المعيار الحقيقي لإنسانية الإنسان؛ فهو الذي يمنح صاحبه المصداقية التي تعصمه من كل خطأ، فهو شمعة تضيء قلب كل إنسان، ربما يعاني حرارتها، ولكن يكفيه أنها تنير له الطريق.
ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يقول: (البرُّ ما اطمأنتْ إليهِ النفسُ، واطمأنَ إليهِ القلبُ، والإثمُ ما حاكَ في النفسِ وترددَ في الصدرِ، وإن أفتاكَ الناسُ وأفتوكَ).
والضمير شيء يقبع في الصدور والعقول، فإذا اختفى الضمير ظهرت الأنا، وتاه القلب في الكبر والغرور، وكثرت الشهوات والملذات دون النظر إلى الحلال والحرام.
وقد أقسم الله سبحانه وتعالى بالنفس اللوامة فقال: (وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ)، وتلك النفس اللوامة هي الضمير الحي اليقظ، والقاضي الداخلي الحاسم العادل.
الخطأ نسبي، وتتفاوت معايير الأخطاء من شخص إلى آخر، حسب التنشئة الاجتماعية والمعايير الأخلاقية، وكل بني آدم خطاء، فعليك أيها الإنسان أن تعزم على أن تقلع عن الخطأ الذي ترتكبه، والذي أنت - بعد الله تعالى - تعرفه، ولابد من صدق النية، وقد قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّـهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم) صدق الله العظيم
أيها الإنسان ليس هناك أجمل من النفس اللوامة، قوِّم ذاتك، وأقلع عن الخطأ، ولكن لا تجلد ذاتك، فلا يوجد إنسان على وجه الأرض لا يخطئ؛ لأنه إنسان، نتوب ونستغفر ونلح في الدعاء بخشوع؛ فإن الله يحب التوابين.
* استشاري علم النفس والإرشاد الأسري والتربية الخاصة