د. بثينة عبد الرءوف: المراهقون يميلون دائما إلى ممارسة تجارب التحدى بحكم المرحلة العمرية
موضوعات مقترحة
د.عادل عبد الصادق: ضرورة تفعيل دور الأسرة فى التواصل مع أولادهم وجذبهم نحو الأنشطة الاجتماعية الواقعية
النائبة ميرال الهريدى: يجب التصدى لتلك الظواهر الخطيرة حفاظا على ثروتنا الشبابية
إلى متى سيظل الخوف والقلق على أولادنا من «تريندات التحدى» يأكل قلوبنا كل يوم، فما بين الحين والآخر تظهر لعبة أو تحد إلكترونى غاية فى الخطورة، ينتشر على صفحات التواصل الإجتماعى، تاركاً وراءه ضحايا جدد من أبناءنا، فمن ألعاب «الحوت الأزرق، وتحدى الموت، وتحدى تشارلز والوشاح الأزرق والشبح وكتم الأنفاس وغيرها، بات أولادنا هدفا سهلا للموت بأيديهم عبر تلك الألعاب التى تبثها وسائل الشوسيال ميديا.. والسؤال المهم : من وراء ابتكار تلك الألعاب الإلكترونية الخطيرة التى تستهدف الأطفال والشباب؟ وكيف يمكن حجبها وحظرها عن دولنا وأولادنا؟
باتت الأسر عاجزة أمام حجب هذا السيل من الألعاب الإلكترونية الخطيرة عن أولادها، نظرا لكثرتها وانتشارها على نحو واسع، وبات البحث عن مساعدة الأسر فى إيجاد حلول سريعة تساعد الأسر على حجبها عن أولادها أمرا ضروريا. وهنا تقول الخبيرة التربوية، الدكتورة بثينة عبد الرءوف: إنه نظرًا لخطورة بعض هذه التحديات والألعاب الإلكترونية، أقرت منظمة الصحة العالمية «إدمان الألعاب الإلكترونية» كأحد أمراض اضطراب الصحة العقلية. واليوم انتقلت هذه الألعاب من مسبب للمرض العقلى، إلى مرحلة القاتل، حيث يميل المراهقون إلى خوض التحدى الموجود فى مثل هذه الألعاب، وعدم تفكيرهم فى عواقب ما يقومون به من سلوكيات خطيرة. وهنا تجب الإشارة إلى دور الأسرة المهم جدا، حيث نجد غياب التربية والرقابة السليمة من بعض الأسر، وبعض المدارس لسلوك الأبناء، وانشغالهما فقط بعملية التعليم والتحصيل الدراسى.
وهنا تؤكد الخبيرة التربوية، على ضرورة أن ينتبه الأهالى لأبنائهم ومنعهم من ممارسة الألعاب الخطيرة، أو الانغماس فى التطبيقات الخطيرة التى يتم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعى، كما يجب تحرى الدقة ومراقبة ما يقومون بتصفحه عبر الهاتف المحمول، وعدم الانشغال عنهم بسبب ضغوطات الحياة، فضلًا عن ضرورة إيجاد طرق بديلة للترفيه عنهم، تغنيهم عن ممارسة تلك الألعاب، وضرورة مراقبة نوعية الفيديوهات والأفلام وما يشاهدونه على اليوتيوب والتليفزيون، بصفة دائمة، وحظر الألعاب والمواقع على هواتفهم، ومنع استخدام الألعاب التى تستغرق وقتًا طويلًا.
كما تنصح الدكتورة بثينة بضرورة التحدث معهم كثيرا، ومناقشتهم فى خطورة تلك الألعاب، لأن الرفض القاطع لممارسة تلك الألعاب بدون إبداء الأسباب لهم وتوضيحها، يأتى بنتيجة عكسية، وضرورة مشاركتهم فى اختيار الألعاب التى تعتمد على الذكاء وتنمية المهارات، وإيجاد بدائل لشغل أوقات الفراغ لديهم. كما يجب أن يكون هناك تواصل مستمر مع أهالى الأصدقاء، ومن المهم أن نتعرف على أصدقاء أبنائنا المقربين وذويهم، والاتفاق معهم على موقف موحد ورافض لممارسة الألعاب إلكترونية الخطيرة والضارة، لأنه فى كثير من الأحيان يقلد الأطفال أصدقائهم، خاصة إذا لم يجد رفض من ذويهم، مما يسبب غضب أبنائنا الشديد عندما يتم رفض هذه الألعاب من قبل أسرهم، والتنسيق بشكل عام بين أهالى أصدقاء أبنائنا مهم للغاية، فسلامة وأمن أبنائنا ومجتمعنا هى أولوياتنا القصوى.
من جانبه يشير الدكتور عادل عبد الصادق رئيس مجلس أمناء مؤسسة المركز العربى لأبحاث الفضاء الإلكترونى، إلى أن تلك التحديات التى ترتبط بالسلامة الجسدية والنفسية يتم نشرها سواء عبر الألعاب الإلكترونية أو عبر المنصات الرقمية بين الشباب والمراهقين، الذين يقعون ضحية لمثل تلك المنصات، ويرجع الدكتور عادل ذلك إلى عدة أسباب لعل أهمها، أولًا: ما توفره من بيئة إعلامية متميزة لنشر تلك الأفكار المرتبطة بالتحديات، وزيادة التفاعل حولها، خصوصا عبر منصة «تيك توك» التى تعتمد على الفيديوهات القصيرة،. ثانيًا: الارتباط بكيفية التعامل مع الجيل الجديد الذى يطلق عليه بجيل «Z” وما يعانيه من ظروف جديدة، تجعله أكثر التصاقا باستخدام تلك المنصات، ومن ثم الأكثر عرضة لتأثيراتها، خصوصا إذا عرفنا أن هناك أكثر من 80 % من مستخدمى “تيك توك” حول العالم تتراوح أعمارهم ما بين 16 إلى 24 سنة.
ويضيف: إن نجاح تلك التطبيقات وقدرتها الفائقة على جذب الأطفال والمراهقين والشباب، كمستهلكين للمحتوى، ومن جهة أخرى توفير الفرص لآخرين يعملون كصناع محتوى ويلجأون إلى وسائل لزيادة المشاهدات والتأثير، ومن ثم الإعلانات على قنواتهم وتحقيق أرباح، وذلك بغض النظر عن مضمون المحتوى. رابعًا: صعوبة فرض الرقابة على المحتوى الذى يستهدف الأطفال وما يزيد من تأثير ذلك هو، الفجوة المعرفية بين الأبناء والآباء وعدم إدراكهم لطبيعة تلك المخاطر الجديدة على المنصات الرقمية، إلى جانب أبعاد أخرى ترتبط بعزلة الجيل الجديد عن محيطه الأسرى أو عن دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية أو الدينية، وهو الأمر الذى يجعلهم عرضة لتبنى أفكار جديدة مدمرة، ليس فقط لسلامتهم النفسية، بل كذلك سلامتهم الجسدية. خامسًا: خطورة الطابع التدريجى لمثل تلك التحديات، التى قد تبدأ بتصرفات بسيطة إلى مرحلة معقدة وأكثر خطورة، وهو ما يجعل الشخص يلهث وراء نجاح يعبر عن ذاته، بغض النظر عن العواقب لافتقاده الخبرة والتواصل مع الآخرين الأكبر سنًا.
وفيما يتعلق بطرق مواجهة تلك التحديات، يؤكد الدكتور عبد الصادق على أهمية تفعيل دور الأسرة فى التواصل مع أطفالهم ومراهقيهم وجذبهم نحو الأنشطة الاجتماعية الواقعية مثل الرياضة أو الفن أو التعليم، وأهمية رفع الوعى لدى الآباء بتلك المخاطر لمثل تلك المنصات، والعمل على فرض رقابة قانونية على تلك المنصات التى تنشر أو تعزز أو تتراخى فى التعامل مع المحتوى المؤذى نفسيا وجسديا، وأن يراعى الآباء استخدام أسلوب المشاركة فى الاهتمام، وليس بمدخل رقابى على أبنائهم ومن ثم التقرب منهم، وبخاصة أن هناك تطبيقات رقمية مجانية يمكن من خلالها مراقبة السلوك، وتحديد الوقت والتحميل عبر المنصات الرقمية. ومن جهة أخرى ينبغى على تلك المنصات أن تحدد المستويات العمرية التى يمكنها مشاهدة المحتوى، وتفعيل القانون المحلى فى ضبط تلك التجاوزات من تلك المنصات، وفرض غرامات مالية عليها فى حالة عدم الالتزام.
ونظرا لخطورة الألعاب الإلكترونية المعروفة بـ”تريندات التحدى”، تقول النائبة ميرال الهريدى، عضو مجلس النواب عن حزب حماة الوطن، وعضو لجنة الدفاع والأمن القومى: إنه فى الآونة الأخيرة تلاحظ انتشار ظاهرة مجتمعية خطيرة على مواقع التواصل الاجتماعى بين الأطفال والشباب، بـ«تريندات التحديات»، التى تعتمد على حركات رياضية أو نفسية أوعصبية أوغيرها تمثل خطورة جسيمة على فاعليها والتى قد تتسبب فى وفاته أو إصابته بالعجز أيا كان نوعه، أو الإضرار به نفسيا وعصبيا.
وتضيف النائبة ميرال الهريدى قائلة: إنها تقدمت بطلب إحاطة إلى كلاً من رئيس مجلس الوزراء ووزراء الاتصالات والرياضة، والصحة والتربية والتعليم، والتعليم العالى، والتضامن الاجتماعى بشأن انتشار ظاهرة تعرف بإسم “تريندات التحديات” على مواقع التواصل الاجتماعى، التى تشجع المراهقين والشباب والأطفال وغيرهم على ارتكاب أفعال تمثل خطورة نفسية وعصبية وجسمانية على مرتكبيها.
وطالبت عضو مجلس النواب، بإحالة الطلب المقدم منها إلى لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى حضور جميع الجهات المعنية لبحث آلية مواجهة مثل تلك الظواهر، حفاظا على أرواح أبنائنا وعلى ثروتنا الشبابية، والوقوف على أسباب انتشار تلك الظاهرة والجهات الداعية لها، وآليات مواجهتها وأسباب اهتمام المراهقين والشباب بها، بما يفقد وقتهم وأمنهم وهو الأمر الذى يمس الأمن القومى.