قال تعالى: ﴿إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ﴾ الآية رقم 2من سورة (يوسف)
كتاب الله هو قرآن عربي، نزل من رب العالمين بوحى جبريل الأمين، على أشرف خلق الله أجمعين المصطفى الصادق الأمين، أرسله الله بالهدى ودين الحق، ليخرج الناس من ظلمات الجهل ومعالم الضلال، إلى نور الإسلام بإصلاح الكون والدعوة إلى الخير والعيش في سلام وأمان.
واللغة العربية هي تعبير عن الحقيقة، التي تدل على هذا الإعجاز الإلهي في أن يأمر الله رسوله الكريم بأن يهجر بدعوته الإسلامية في أمته العربية، التى تتبوأ مقاعد العلم والفصاحة والشعر والبلاغة والأدب، لا تقدر شعوب الأرض فى فارس وبلاد الحضارات الرومانية القديمة على مجاراتهم، فيما نالته من مكانة العرب فى الأدب وفصاحة اللغة دون صعوبة أو تعقيد، حتى كانوا أكثر الناس حكمة وذات شرف وسيادة وحظ كبير من التباين فى كل شيء، من شهامة وأخلاق وكرم وفصاحة وبلاغة قبائل شبه الجزيرة العربية، فقد رفع الله شأن هذه الأمة، بأن جعل لغتها لغة القرآن، وأن يصطفى من بطون قريش من يختاره لحمل رسالته السامية، إنه محمد بن عبدالله عليه السلام، لقد توحدت الأمة على يديه، واتسعت رقعة الأرض من شمالي شبه جزيرة العرب، بفضل فتوحات جيوش المسلمين الأبطال ، فكان نصر الله حليفهم بضم إمبراطوريات الأمم لهم، بعد أن اكتسحتهم جيوشهم الظافرة، في بلاد فارس وبيزنطة وإمبراطورية أمجاد الحضارة الرومانية الشرقية القديمة، إلى أن شمل هذا الزحف العربى المقدس العالم كله.
وتتجلى القدرة الإلهية فى أن يجعل الله، لمصر أرض الكنانة، قسط عظيم من التقديس، من أن تسير على أرضها وأن تتولى شئون أمرها الأنبياء، ويشير كتاب الله بقول سيدنا يوسف إلى عزيز مصر (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) (الآية 55 من سورة يوسف) نبى الله يوسف هنا وجد فى نفسه أنه الأجدر والأفضل والاحق، فيما يتولى خزائن مصر وحفظ شعبها من شدة القحط وخطر المجاعة، لأن قوله عهد وخير ما يؤتمن على حفظ وصيانة ما شغل عليه، سواءً كان مال أو غير مال فهو خير عون ورشاد، لحفظ هذه الأمة من عجاف السنين القادمة، فكان هو الأفضل والأصلح الملائم لتولى هذه المهمة الصعبة، فى أمور البلاد والعباد وهذا استنادا إلى قوله تعالى في ذات السورة.
(وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ ۚ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (56)، وعلى أرض مصر الطاهرة وبقعة أرض سيناء المقدسة كان الأمر الإلهي، لنبى الله موسى كليم الله من على جبل الشريعة فى دير سانت كاترين، وما أعظم التبجيل والتقديس لهذا المكان الذى كلم فيه الحق عز وجل نبيه الكريم موسى عليه السلام بقوله تعالى: ﴿إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى﴾
[ الآية 12 من سورة طه] إنها مصر مهد الحضارة المجيدة القديمة وأرض الأنبياء والمقدسات.
ومن هذه الأرض المباركة فى بلاد الحجاز، اختار الله لمن يحمي دينه الإسلامي الحنيف، وحماية مشاعره المقدسة، وامتداد لنصرة المسلمين فى العالم، ويد عون لكل إنسان عربى من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، إنها أسرة آل سعود التى أنجبت أعظم قادة الأمة العربية جلالة الملك عبد العزيز آل سعود، الذى يكفيه شرفا أنه الذى وحد المملكة العربية السعودية، بعد سيطرته الكاملة عليها، وقيامه بتعبئة جيوشه، وهبة استعداده لتحطيم قوة الدولة العثمانية والانفصال عنها، فكان النصر حليفه بعد أن هبت المناطق لنصرته ونجدته، واستطاع أن يسترد الملك من القبائل والعشائر، ولتكون المملكة قبلة الإسلام والسلام حول العالم، إذ لا مطمع لهذه الأسرة الكريمة إلا لتثبيت أركان الدولة السعودية وتوسيع مدنها، ووضع الأساس الحقيقى لبناء المجتمع العربى الإسلامي الموحد، وتشجيعهم ومساندتهم لجميع قضايا الأمة العربية، ومواجهة المشاكل التى تواجه الشعوب الإسلامية، وهذا يرجع إلى الجانب الأكبر منها إلى أهمية المملكة نفسها فى خدمة القضايا المتعلقة بالشعوب الإسلامية، لما لها من مكانة عظيمة فى نفوس جميع المسلمين في العالم،بعد أن أنعم الله عليها بالنعمة العظيمة الكبرى، وشرفها الله وكرمها بوجود المسجد الحرام والكعبة المشرفة أوسطه فيه، زادهما الله تعظيما وتكريما وتبجيلا،بقوله تعالى ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾
[الآية 127 من سورة البقرة] وبعد الأمر الإلهي فى بناء هذا البيت كان ذات الأمر هو النداء للناس للحج إلى هذا البيت العتيق بمكة بقوله تعالى. وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ( الآية 27 من سورة الحج) وكانت كمال دعوة سيدنا إبراهيم بعد تمام هذا البناء الصالح أن يتضرع إلى الله بالدعاء من أجل إصلاح هذه الأراضي المقدسة، وأن ينعم عليها بالخير فكانت دعوته هى الخير كله والرزق الوفير والإيمان القوى العظيم الذى أنعم الله على أفضل وأطهر بقاع الأرض بقوله تعالى "وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ" (الآية 126 من سورة البقرة).
والمسجد النبوى الشريف فى المدينة المنورة، التى أسس فيها نبى الله محمد أركان الدولة المدنية منذ أن أمره الله بالهجرة إليها، وفيها قبره الشريف وقبر صاحبيه أبى بكر وعمر رضي الله عنهما أجمعين.
إن هذه المملكة الموحدة تحت قيادة آل سعود، حافظت على مبدأ وحدة وتماسك الأمة الإسلامية، واتساع رقعتها وعلو شأنها، ونبذ الفرقة والشقاق بين أبناء الوطن العربي الواحد، وفى تطور للعلاقات المصرية السعودية على الصعيد السياسي والعسكري، بعقد ميثاق تحالف عسكرى فى السادس والعشرون من شهر أكتوبر عام 1955، على إثر قيام القوات البريطانية بالسيطرة وبسط نفوذها على "واحة البريمي" الغنية بالبترول، والتى تقع على الحدود السعودية المشتركة مع إمارات ساحل سلطنة عمان والذى سمى "بالساحل المهادن" فقد نزعت الدول الاستعمارية فتيل الأزمة،بنشوب نزاع مسلح بعد الوقيعة بين ولاءات القبائل والمجتمعات المقيمة داخل هذه الواحة، مما شكل هذا النزاع تهديدا للأمن القومي للحدود المتأخمة مع المملكة وجيرانها من الدول العربية الشقيقة، وكانت بريطانيا رأس هذه الفتنة، ولم تقف مصر مكتوفة الأيدى فسخرت قوتها الناعمة من صحافة وإذاعة عبر الأثير، للهجوم على الحكومة البريطانية وطغيانها الاستعمارى ودورها فى تأجيج الصراعات والفتن فى منطقة شبه الجزيرة العربية، مما أدى إلى غضب لندن لهذا الهجوم الكاسح، وكان رد فعل الحكومة المصرية له، أن أعطت ظهرها لهذا الاستياء ولا تعطى له أى اهتمام، ومضت فى السير على هذا الهجوم الإعلامى بعد الاحتلال البريطانى لواحة البوريمى.
وقد خرج من نسل آل سعود رجالاً بل أبطالاً قلما يجود الزمان بوجود لهؤلاء الرجال، من الجد المؤسس الملك عبد العزيز، إلى الحفيد القائد النابغ ولى العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله، فى تمثيلهم لمسيرة الأمة الإسلامية، من خلال ميزان العدل الذى لا يخطئ، ونظام حكمهم الذى لا يقدح فى عدلهم ظلما ولاجورا، حتى تنعم الأمة بسيادتها وتبقى للمجد ظافرة للنجاح والبقاء، ولن تنسى مصر وقوف السعودية بجانبها ضد المطامع الإسرائيلية التوسعية بعد عدوان نكسة يونيو عام 1967، فقد قويت شوكة العرب فى الدفاع عن الأراضي المصرية، فكان القرار العظيم لجلالة الملك فيصل رحمه الله عندما قاد معركة سلاح النفط، بقطع البترول عن جميع الدول التى تساند وتؤيد العدوان الإسرائيلي على الأراضي العربية، فكان ثمن وقوفه هذا هو استشهاده فى الخامس والعشرون من مارس عام 1975م، فقد أعطى العرب وعلى رأسهم السعودية لمصر مليارات الدولارات والودائع، ومساعدات عسكرية حتى كان النصر حليف القوات المصرية والعربية فى السادس من أكتوبر عام 1973م، هكذا كان موقف الأخوة العرب بعد أن توحدت كلمتهم للوقوف بجانب مصر فى وقت الشدائد والمحن وسط النيران و الأهوال يظهر الأبطال بمجدهم القديم الخالد، وكان الفوز والنصر العظيم لمصر، بعد أن قامت الأمة كلها فى نجدتها ومساعدتها فى محو آثار العدوان و الهزيمة، فقد سجل ضمير التاريخ المشرف الأمجاد والانتصارات للعرب بتحالفهم وقوة عزيمتهم من أجل تحقيق المجد والنصر لعودة سيادة مصر الكاملة على أرض سيناء الحبيبة.
وأنا من خلال مقالى هذا أهيب برجال الصحافة والإعلام، وأبناء الشعوب العربية الوقوف بجانب هذه الأمة، وعدم النقد بالكتابة بطريق الصحف أو المواقع الإلكترونية الذكية، أو الحديث فى الفضائيات أو عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي بأنواعها، بالخروج عن روح الجماعة وتقويض لأخلاقنا، وهدم لبواعثنا وقيمنا وأهدافنا النبيلة، واتخاذنا للحروب الإعلامية والكلامية حرفة يسترزق منها كل من يريد هدم كيان أمتنا العربية، التى يتربص بها المتربصون بكيان هذه الأمة وأمن وسلامة المواطن العربى فى نفسه، لأنها هى أكبر عون للجميع، وقد ضرب لنا الله تعالى أعظم الأمثال، بالحث على الوفاء وعدم نكران الجميل والوفاء بالمعروف لمن وقعوا في بحور المحن والكوارث، وكانت تنقذهم يد العون ولم تتخل عنهم أبدا بقوله تعالى "وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ" ( الآية 237 من سورة البقرة)