Close ad
16-2-2023 | 19:44

تعلمنا في حياتنا العامة أن الاتحاد قوة، وتعلمنا في الاقتصاد أن التكامل بناء، وإذا ما نظرنا إلى الدول المتقدمة فسنجدها تحرص على الاتحاد والتكامل، سواء داخل حدودها أو خارج نطاق حدودها، فداخل حدودها تحرص على تقديم الدعم لكل ما يشوبه ضعف ليتم تأهيله بدعائم القوة فتكون النتيجة أن بنيانهم يقوى، وإذا ما نظرنا لتوجهاتهم الخارجية في تكوين التكتلات أو الاندماجات الاقتصادية، فسنلاحظ نفس الأسلوب، وهو التأهيل المؤسسي لما هو خارجي إذا كان لا يتمتع بالمقومات المطلوبة، ثم يتم دمجه، وهو ما حدث مع الاتحاد الأوروبي، فأي دولة قبل انضمامها إلى مجموعة الاتحاد الأوروبي كان يتم التأكد من تأهيلها مؤسسيًا، لتكون النتيجة الإجمالية هي قوة الاتحاد ككل.
 
ليكون توجه الدول المتقدمة حفاظًا على تقدمها هو الحفاظ على قوتها المؤسسية، لينعكس ذلك على التقسيمات الوظيفية الكبرى فنجد أن هناك اندماجات بين المهام الرئيسية، وإبداع في تقسيم المهام الفرعية، فالرؤية واضحة مركزيًا، والمهام محددة لكل منفذ، وهو الأمر الذي يتضح لنا عند مشاركاتنا في أي فعاليات ينظمونها، فتجد التناغم في الأداء، وتلاحظ بدقة التكامل في الأدوار، والتخصص الدقيق لكل مشارك، وأن غرضهم الرئيسي هو اكتمال المشهد على أكمل وجه، دون وجود أداء مخالف لأي مشارك خارج النوتة الموسيقية المراد عزفها بتعاون مختلف أفراد الفريق، لتصبح النتيجة مقطوعة موسيقية ممتعة.
 
أما إذا نظرنا إلى الدول النامية، فسنجد أنها تميل إلى التفتيت، وتعدد وتكرار المهام، بدءًا من التقسيمات الوظيفية الكبرى، وهو ما ينتقل إلى الأقل فالأقل، لتصبح عادة الدول النامية هي التفخيم في الأجهزة الإدارية، وهو ما ينعكس على التداخل وعدم الوضوح، ويلاحظ ذلك بكل وضوح في الأداء والبيروقراطية المفرطة، ليغلف بنوع من عدم اليقين، اليقين من الهدف ذاته، فهل الهدف البناء أم الهدم، فالظاهر هو البناء واستهداف التعاون، ولكن إذا ما نظرنا للنتائج، فسنلاحظ شيئًا آخر مختلفًا تمامًا، وهو أن التفتيت هو الأداة الأولى في تكسير أي محاولات للبناء أو ظهور أي شخص على الساحة، لاحظ الملفات التي لم تظهر أهميتها أو ملامحها، فستجد أن العاملين عليها لا مزاحمة لأدائهم، يعملون في صمت، وبمجرد اتضاح معالم هذا الملف، وبدأ صاحبه في إظهار نتائج مرضية أو أوحت بذلك، فيبدأ المستنطعون في الظهور محاولين إيجاد دور أو أدوار لهم، على الرغم من إمكانية معارضتهم المسبقة أو توجهاتهم المحبطة التي قد تأخذ طابع الهدم لأي جهد مبذول طوال الوقت، لتتداخل المهام وتنعدم النتائج، والسبب استهداف التفتيت وخلق الأدوار المصطنعة، ليتوه الجميع.
 
ليصبح تقسيم العمل والتكامل والتناغم بين الأدوار هو كلمة السر في نجاح الدول المتقدمة، أما التفتيت والتداخل والتكالب والصراعات وخلق البيئات غير الصالحة أو غير المدعمة للعمل هي كلمة السر في تدهور أوضاع الدول النامية، أو بقائها على أفضل تقدير محلك سر. ليصبح المنتفع الأوحد هو من يتصدر المشهد، فالجميع منشغلون بصراعاتهم.
 
لتتحول أداة تفتيت المهام وتعمد تداخلها دون تكامل، هي الأداة السحرية الأولى التي لا تخيب ظن صانعوها من محدودي المهارات والذين ينزعجون من بوادر أي نجاحات، إلا أنه بمرور الوقت تنكشف تلك الألاعيب، فملاحظاتها أمر يسير، فإذا ما لاحظت الخطوات المتسارعة في إحداث نوع من التدخلات البغيضة بين أطراف العمل وخلق الأدوار المصطنعة، ليتحول الأمر إلى التفتيت فستتأكد أن الهدف هو تفتيت الجهود دون بحث عن الصالح العام أو مصلحة المؤسسة، والوسيلة كثرة الهياكل المؤسسية والوقيعة والتناحر والتفنن في تجاذب اطراف الملفات ذات النجم الصاعد، وكلما استدعى الأمر يستزيدون في حبك دراما مخططاتهم الشيطانية ليبدعوا في استحداث وسائل تشتيتية مبتكرة.


ومن الجدير بالذكر أن شيوع حالة من الجزر المنعزلة هي نتاج تلك الأساليب، التي يكون أصحاب ملفاتها قد تمتعوا بالخبرة الكافية التي تجعلهم قادرين على الحفاظ على ملفاتهم بعيداً عن تدخلات المتنطعين.


حفظنا الله وإياكم من هؤلاء الشياطين المتنطعين أصحاب الفكر الشيطاني وندعو الله أن نرى فيهم عجائب الله وقدرته.


خبيرة اقتصادية
[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة