Close ad

الدولة تحاصر الغش.. المنتجات الفاسدة وتجارها في «قيود» الجريمة والعقاب

13-2-2023 | 13:38
الدولة تحاصر الغش المنتجات الفاسدة وتجارها في ;قيود; الجريمة والعقابمنتجات فاسدة
تحقيق: محمود دسوقى
الأهرام التعاوني نقلاً عن

على المصيلحي: «أهلاً رمضان» تنطلق في المحافظات بـ200 معرض لتوفير السلع الغذائية بأسعار مخفضة 

موضوعات مقترحة

عوض الترساوي: الخلل التشريعى سبب العقوبات المخففة على المتهمين فى قضايا الغش التجاري 

حنان رمسيس: دمج الاقتصادين الحكومي والخاص حائط صد أمام الغذاء المغشوش 

لا يغيب عن الحاضرين جهود الدولة فى جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وزيادة معدلات الإنتاج كمًا وكيفًا، وما تضمّنه ذلك من توفير ميزانيات ضخمة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر بقروض متناقصة فائدة، وتعديل بعض مواد قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017 لتذليل العقبات أمام المستثمرين، لتوفير السلع والمنتجات للمواطنين بأسعار مناسبة وجودة عالية، ومع ذلك لا تزال هناك بعض التجاوزات من قبل شريحة محدودة من المنتجين بشكل عام ومنتجى المواد الغذائية بشكل خاص، تمثلت فى إنتاج وطرح بعض السلع مجهولة المصدر وغير المرخصة فى الأسواق، وتمكنت الأجهزة المعنية مؤخرًا من ضبط عدد من خطوط الإنتاج العاملة فى إنتاج بعض المشروبات ومنها النسكافية وعدد من المنتجات الغذائية التكميلية فى صناعة الكيك والحلوى.

وعلى الرغم من التيسيرات التى تم اعتمادها مؤخرًا من قبل الدولة، والتى جاءت فى إطار دمج الاقتصادين غير الرسمى والرسمي، وتوفير القروض الميسّرة والدورات الإرشادية للمنتجين، وفترات السماح الضريبية، فإن هناك من يُصّر على المخالفة وإنتاج مواد غذائية مغشوشة ومجهولة المصدر ويطرحها فى الأسواق للمواطنين، بالمخالفة للضمير الإنسانى وللقانون.

«الأهرام التعاوني» ترصد خطورة إنتاج المواد الغذائية مجهولة المصدر على الصحة العامة للمواطنين، وعلى الاقتصاد القومي، والإجراءات الواجب اتباعها للقضاء على هذه الظاهرة قبل تفشيها فى السوق المحلى المصري. 

وأكدت الدكتورة حنان رمسيس، خبيرة الاقتصاد وأسواق المال، أن الغش التجارى ينشط فى أوقات ارتفاع الأسعار ونقص السلع فى الأسواق، حيث يلجأ البعض إلى تقليد المنتجات الأصلية واستخدام مواد غير معروفة لتصنيع تلك المنتجات، وهو ما يمثل خطورة على الصحة العامة للمواطنين، حيث إن تلك المنتجات غير معروف مصدرها ولا يمكن محاسبة المتسبب فيها لكونه شخص أو مصنع مجهول.

وأضافت رمسيس، أن المنتجات غير الأصلية أو «المضروبة» لا تمثل خطورة فقط على صحة المواطنين إذا كانت منتجات غذائية، لكنها تمثل أيضًا ضربة قاسمة للشركات والمصانع المرخصة التى توفر المنتج الأصلي، حيث يفقد المواطن الثقة فى المنتج كليةً لفترة طويلة لحين التحقق من صلاحية جميع المنتجات أو يبحث عن منتج بديل ويستغنى تمامًا عن المنتجات التى لها متشابهات مضروبة، وهو ما يؤثر سلبًا على حركة التصنيع والإنتاج المحلى للعديد من السلع والمواد الغذائية.

وشددت الدكتورة حنان رمسيس، على ضرورة التصدى بقوة لمثل هذه المنتجات، وتكثيف حملات التفتيش من قبل الأجهزة المعنية، للوصول إلى مصانع «بئر السلم» فى القرى وحوارى المدن، ولابد أيضًا من تغليظ العقوبة على المخالفين بحيث تتم مضاعفة الغرامات المالية وأن تكون هناك عقوبة حبس رادعة لهؤلاء المخالفين. 

 وأشارت إلى ضرورة دمج الاقتصاد غير الرسمى بالاقتصاد الرسمي، من خلال تقنين أوضاع المصانع غير المرخصة وتوفير المزايا والخدمات اللازمة للقائمين عليها وشمولها بخدمات التأمينات والقروض الميسرة لتشجيع هؤلاء على العمل والإنتاج بشكل رسمى وشرعى بعيدًا عن ممارسات الغش والتقليد، وأن يكون هناك «كود بار» على كل منتج بحيث يمكن للمواطن التعرف على المنتجات الأصلية من المغشوشة، من خلال استخدام هاتفه المحمول، خاصة وأن هذه التقنية مستخدمة من قبل العديد من الشركات المحلية والعالمية فى مصر والعديد من دولا العالم. 

وأوضحت الدكتورة حنان رمسيس أن الدولة قدمت العديد من التسهيلات للمستثمرين فى مختلف المجالات، سواء للصناعات الخفيفة أو الصناعات الثقيلة، من خلال تسهيل الحصول على الترخيص للمصانع والشركات وتوفير قروض ميسّرة للمنتجين للتوسع فى مجالات أعمالهم وزيادة معدلات الإنتاج وتوفير فرص العمل للشباب، وفى إطار الحرص على تسهيل إجراءات الاستثمار وتشجيع المستثمرين من الداخل والخارج، وافق مجلس الشيوخ مؤخرًا بشكل نهائى على مشـروع قانون بتعديل بعـض أحكـام قـانون الاستثمار الصادر بالقانون رقم 72 لسنة 2017، ويتضمن التعديل مد العمل بالحوافز الخاصة المنصوص عليها فى المادة الحادية عشر، لمدة زمنية كافية لاستيعاب الاستثمارات التى تدرس الدخول إلى مصر فى المرحلة القادمة، وتضمن مشروع القانون أيضًا إضافة مادة جديدة برقم 11 مكرر إلى قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017 نصت على أنه «مع عدم الإخلال بالحوافز والمزايا والإعفاءات المنصوص عليها فى هذا الفصل، تمنح المشروعات الاستثمارية التى تزاول أحد الأنشطة الصناعية التى يتم تحديدها وفقًا لهذه المادة، وتوسعاتها وفقًا لحكم المادة 12 من هذا القانون، حافزًا استثماريًا نقديًا لا يقل عن نسبة 15% ولا يجاوز نسبة 55% من قيمة الضريبة المُسددة مع الإقرار الضريبى نقديًا على الدخل المتحقق من مباشرة النشاط فى المشروع، أو توسعاته بحسب الأحوال، وتلتزم وزارة المالية بصرف الحافز خلال 45 يومًا من نهاية الأجل المحدد لتقديم الإقرار الضريبي، وإلا استحق عليها مقابل تأخير يحسب على أساس سعر الائتمان والخصم المعلن من البنك المركزى فى الأول من يناير السابق على تاريخ استحقاق الحافز مع استبعاد كسور الشهر والجنيه، ولا يُعد هذا الحافز دخلاً خاضعًا للضريبة، ويُشترط لمنح الحافز المنصوص عليه فى هذه المادة أن يعتمد المشروع، أو توسعاته، بحسب الأحوال، فى تمويله حتى تاريخ بدء مزاولة النشاط، على النقد الأجنبى من الخارج بنسبة 50% على الأقل، وأن يبدأ مزاولة النشاط خلال ست سنوات من تاريخ العمل بهذه المادة، ويجوز مد هذه المدة بحد أقصى ست سنوات بقرار من مجلس الوزراء، بناء على عرض مشترك من الوزير المختص والوزير المعنى بشئون الصناعة ووزير المالية.

وشددت على أن يتم صرف حوافز ومزايا نقدية للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر أيضًا، وأن تصرف مزايا جديدة للمحولين من الاقتصاد غير الرسمى إلى الاقتصاد الرسمى تشجيعًا لهم لتحقيق منتجات جديرة بالبيع فى السوق المحلى وآمنة على المستهلك. 

تحرُّك برلماني

وعلى صعيد متصل، عبر عدد كبير من أعضاء مجلس النواب، عن غضبهم بسبب انتشار السلع المغشوشة ومنتهية الصلاحية فى السوق المحلي، لما فى ذلك من أثر بالغ وضرر كبير على صحة المواطنين، فطالب حسن طارق عمّار، عضو لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، بالتحرك السريع لمواجهة تزايد عدد مصانع “بير السلم” وغير المُرخصة، والتى تنتج سلع ومنتجات غير مرخصة وغير مُطابقة للمواصفات القياسية، وتشكِّل تهديدًا حقيقيًا على صحة المواطنين، مضيفًا إن ضبط أحد مصانع “بئر السلم” ينتج منتجات متنوعة لسلع معروفة لا تصلح للاستخدام الآدمي، ويضعها فى عبوات مماثلة لعبوات المنتجات الأصلية، خطوة فى الاتجاه الصحيح، ولابد من تكثيف الحملات لضبط باقى المصانع غير المرخصة. 

وحذّر عمّار، من انتشار ظاهرة المصانع غير المرخصة، مطالبًا بالتصدى لها بقوة، خاصة وأن الأمر يتعلق بصحة المواطنين، وتقوم تلك المصانع بإنتاج وبيع المنتجات المقلدة للمواطنين على أنها سليمة لتحقيق أرباح خيالية، ما يتسبب أيضًا فى ضرر كبير على صاحب العلامة التجارية الأصلية، وما لذلك من تأثير سلبى كبير على الصناعة المصرية والمستثمرين.

خلل تشريعى 

أما الدكتور عوض الترساوي، أستاذ القانون الدولي، فأكد أنه فى قضايا الغش التجاري، العِبرة بالتكوين القانونى للجريمة حيث إن هناك خللا تشريعيا، وهو إعفاء سلطة الاتهام من إثبات القصد الجنائى وهو ما لا يجوز فى بناء التجريم والعقاب لأن القصد الجنائى أحد أركان الجريمة أى «الركن المعنوي»، ولا يجوز دستوريًا إسقاط ركن من أركان الجريمة.

وقال الترساوي: المحكمة الدستورية قضت بعدم دستورية المادة رقم 2 من القانون 48 لسنة 1941 بشأن التدليس والغش، والتى كانت تنص على أنه : «يُعاقب بالحبس لمدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة جنيهات ولا تتجاوز مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين : (1) - من غش أو شرع فى أن يغش شيئًا من أغذية الإنسان أو الحيوان أو من العقاقير الطبية أو من الحاصلات الزراعية أو الطبيعية معدًا للبيع، أو من طرح أو عرض للبيع أو باع شيئًا من هذه المواد أو العقاقير أو الحاصلات مع علمه بغشها أو بفسادها. (2)- من طرح أو عرض للبيع أو باع مواد مما يستعمل فى غش أغذية الإنسان أو الحيوان أو العقاقير أو الحاصلات الزراعية أو المنتجات الطبيعية على وجه ينفى جواز استعمالها استعمالاً مشروعًا وكذلك من حرض على استعمالها بواسطة كراسات أو مطبوعات من أى نوع كانت، وتكون العقوبة الحبس لمدة لا تتجاوز سنتين وغرامة لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تتجاوز مائة وخمسين جنيهًا أو إحدى هاتين العقوبتين إذا كانت المواد أو العقاقير أو الحاصلات المغشوشة أو الفاسدة أو كانت المواد التى تستعمل فى الغش فى الجرائم المشار إليها فى الفقرتين السابقتين ضارة بصحة الإنسان أو الحيوان، وتطبق العقوبات المنصوص عليها فى الفقرة السابقة ولو كان المشترى أو المستهلك عالمًا بغش البضاعة أو بفسادها». 

وأضاف الدكتور عوض الترساوي، أن الخلل الموجود فى القانون، يتمثل فى أن المتهم المتعامل مع هذه المنتجات سواء بالبيع أو الترويج يعتبر نفسه عارض حسن النية، ويعنى ذلك أنه على سلطة النيابة أن تثبت القصد الجنائى بأن المتهم كان يعلم بأن هذه المنتجات مغشوشة أو منتهية الصلاحية وأنها فاسدة وتؤثر بشكل سلبى على صحة المواطنين وهو ما يستحيل تحقيقه فى قضايا الجنح وبالتالى تكون العقوبة فى الغالب إما غرامة أو براءة لعدم توافر القصد الجنائى وانتفاء نية القصد الجنائى وكون العارض حسن النية، لكن يثبت القصد الجنائى أو الركن المعنوى فى المُنتِج أو المُصنِّع صاحب المصنع أو خط الإنتاج، وتكون عقوبة المنتِج غلق المصنع والحبس الذى يصل إلى 3 سنوات كحد أقصى.

إجراءات وزارة التموين

وفى إطار جهودها لتوفير السلع والمنتجات بأسعار مخفضة للمواطنين، تواصل وزارة التموين ضخ كميات كبيرة من السلع والمنتجات الغذائية فى فى المجمعات الاستهلاكية ‏والسلاسل التجارية «أهلاً رمضان»، إضافة إلى السيارات المتنقلة، وأكد الدكتور على المصيلحى وزير التموين ‏والتجارة الداخلية، أن المحافظات تواصل يوميًا فتح أعداد من ‏معارض «أهلاً رمضان»، مضيفًا أن عدد ‏المعارض التى تم افتتاحها تخطى 200 معرض بجميع ‏المحافظات.

وأشار وزير التموين والتجارة الداخلية، إلى وجود عدد كبير من الشوادر بالقرى ‏والنجوع، إضافة إلى الشوادر المقامة أمام الوحدات المحلية، ‏والتى تم إنشاؤها بالتعاون مع المحافظين، وتتابع الوزارة يوميًا ضخ السلع بتلك ‏المعرض، إضافة إلى توافرها بالمجمعات الاستهلاكية ‏والسلاسل التجارية، وأن التخفيضات ‏بتلك المعارض تتراوح ما بين 25 و30 %، وجميع السلع متوافرة بمعارض «أهلا رمضان»، ويتم ‏متابعة جودتها يوميًا من قبل مديريات التموين، كما أن التخفيضات الموجودة بالمجمعات ‏الاستهلاكية بكل السلع وركن «أهلاً رمضان» بالسلاسل ‏التجارية هى نفس نسب التخفيضات بالمعارض، مضيفًا أن الوزارة بدأت فى أول شهر فبراير صرف ‏السلع التموينية لـ 64 مليون المستفيدين من الدعم، ‏إضافة إلى استكمال صرف الدعم الاستثنائى للمستحقين ممن تنطبق ‏عليهم شروط المنحة طبقًا للقرارات الوزارية المنظمة لذلك.‏

تكثيف حملات التفتيش

وفى إطار خطة وزارة التموين لمكافحة الغش التجارى والتصدى للمنتجات المغشوشة وغير المرخصة، تنفذ الوزارة منذ بداية العام الجارى 2023 خطة للرقابة على المناطق الشعبية والنائية بالمحافظات، وأكد المهندس عبد المنعم خليل رئيس قطاع التجارة الداخلية بوزارة التموين والتجارة الداخلية، أنه تم وضع خطة لضبط السوق المحلية من المنتجات المغشوشة والمقلدة ومنتهية الصلاحية، بالتنسيق والتعاون مع الإدارة العامة لمباحث التموين بوزارة الداخلية، لشن حملات مكثفة ودورية على الأحياء والمناطق الشعبية والنائية، إضافة إلى متابعة ومراقبة المنتجات التى يتم طرحها فى منافذ بيع السلع الغذائية والمحال التجارية فى جميع المحافظات، لحماية المواطنين من المنتجات والسلع المقلدة وحماية الشركات الكبرى التى يتم تقليد علامتها التجارية.

الإفراج عن السلع الغذائية

وتزامنًا مع جهود الدولة فى ضبط السلع والمنتجات المغشوشة وتطهير الأسواق منها، وضبط وإغلاق عدد من خطوط الإنتاج غير المرخصة ببعض المحافظات، تداولت بعض المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي، أنباء مغلوطة تزعم الإفراج عن شحنات منتجات غذائية منتهية الصلاحية وتداولها بالأسواق، وهو ما أكدت الهيئة القومية لسلامة الغذاء عدم صحته تمامًا، ونفت تلك الأنباء، مُؤكدة فى ردها على مركز معلومات رئاسة الوزراء، أنه لا صحة للإفراج عن شحنات منتجات غذائية منتهية الصلاحية وتداولها بالأسواق، ومشددة على أن جميع الشحنات الغذائية المستوردة من الخارج والمتداولة بالأسواق آمنة تمامًا، ومُطابقة لكل المواصفات القياسية واللوائح الفنية الملزمة، وتخضع جميعها للفحص والرقابة من قبل الهيئة، ويتم سحب عينات منها وتحليلها بالمعامل المختصة للتأكد من سلامتها، مع رفض الشحنة بالكامل حال رصد أى عينة منتهية الصلاحية أو غير مطابقة للاشتراطات الدولية.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة