هل أرسلت الأرض إنذارات لسكان تركيا وسوريا؟.. خبراء يكشوف أسباب وقوع زلزال الفجر

12-2-2023 | 15:47
هل أرسلت الأرض إنذارات لسكان تركيا وسوريا؟ خبراء يكشوف أسباب وقوع زلزال الفجرأسباب حدوث الزلازل
إيمان البدري

مازالت تداعيات زلزال تركيا وسوريا المدمر، الذي وقع فجر الإثنين الماضي، تلقي بظلالها على الساحة الإقليمية، في الوقت الذي تواصل فيه فرق الإنقاذ البحث عن ناجين من الموت، وانتشال جثث الضحايا الذين فارقوا الحياة، ولكن التساؤل الذي يطرح نفسه الآن ما هي أسباب وقوع الزلازل، وهل هناك إنذارات ترسلها الأرض قبل حدوث الزلزال؟

وبحسب الخبراء، تعتبر الزلازل ظاهرة طبيعية تحدث في باطن الأرض، وتنجم عن حركة الصفائح الصخرية، كما يمتد تأثير الزلزال إلى سطح الأرض، وينتج عنها حدوث الاهتزازات الارتجاجية، وبالتالي تكسير في الصخور الداخلية، وهذا يتسبب بدوره في إزاحة تلك الصخور بسبب التأثيرات الجيولوجية، وبالتالي تحدث التشققات في الأرض.

ومن بين تلك الظواهر المعروفة هي حدوث الزلازل، والبراكين، والأعاصير، وغيرها من الظواهر الطبيعية المختلفة، ويقدم الخبراء أسباب حدوث الزلازل وتشوهات الأرض، التي يتم قياس قوتها من خلال الرصد بالأقمار الصناعية الرادارية، حيث إن التحليل الراداري يكون بعد حدوث الزلزال ولا يمكن التنبؤ بها.

كما رصدت دراسة إيطالية تغيرات للأرض الصلبة، على مساحة إجمالية قدرها 35 ألف كيلومتر مربع بعد موجات الزلازل التي ضربت جنوب شرقي تركيا وشمالي سوريا.

أساب حدوث الزلازل

يقول الدكتور السيد عباس زغلول، أستاذ الجولوجيا بالهيئة القومية للاستشعار من البعد وعلوم الفضاء، عندما ترتعش الأرض ويحدث الزلزال، من المؤكد أن حدوث الزلزال تكون له عدة أسباب، وبالتالي يمكن تقسيم الزلازل إلى ثلاثة أنواع رئيسية حسب أسباب حدوثها وهي: 

النوع الأول: نوع زلازل تكتونية تركيبي، وهذا النوع من الزلازل يحدث نتيجة تحركات في القشرة الأرضية وهي الشائع حدوثها.

وأما النوع الثاني فعبارة عن زلازل بركانية، والسبب في حدوث هذا النوع، يأتي نتيجة لحدوث نشاط بركاني وهي تحدث في مناطق محدودة مرتبطة بموقع البركان.

والنوع الثالث عبارة عن زلازل نتيجة الأنشطة البشرية، ويحدث هذا النوع في مناطق محدودة نتيجة للنشاط البشري، مثل التفجيرات النووية في باطن الأرض، وإنشاء السدود الضخمة والتي ينتج عنه وجود بحيرات ضخمة من المياه، والتي تمثل ضغطا على القشرة الأرضية مع وجود فوالق أو كسور، بالإضافة إلى حدوث انهيارات في المناجم وأعمال التفجير في المحاجر.

الدكتور السيد زغلول

ومع هذا النوع الثالث من الزلازل يتبادر إلى الذهن سؤال هو؟ هل إنشاء السدود الضخمة والبحيرات له دور في تنشيط الحركة الزلزالية وتصاعد حدتها، كما أن استخراج كميات هائلة من البترول والغاز الطبيعي والمياه الجوفية يؤثر على ديناميكية الصخور وحركتها التي تعمل على سد الفجوات والمسام التي كانت تشغلها؟

أسباب وأنواع زلزال تركيا وسوريا

ويستطرد الدكتور السيد عباس زغلول، أن الزلزال الذي وقع مؤخرًا في تركيا وسوريا هو من النوع الأول التكتوني أي التركيبي، وهذا الزلزالحدث نتيجة حدوث تحركات في الألواح البنائية التي تتشكل منها القشرة الأرضية، حيث إن الأرض ليست كتلة واحدة، بل تتكون من عدد 27 لوحا تركيبيا، ويطلق عليها دروع آو الصفائح التكتونية أي التركيبية، وهي تركيبة شبيهة بجمجمة الإنسان.

ارتفاع درجة الحرارة في باطن الأرض وعلاقتها بأسباب حدوث الزلازل

وفي سياق متصل، يفسر الدكتور السيد زغلول، أنه إذا ما نظرنا إلى باطن الأرض، فكلما نزلنا بواقع 30 مترا في العمق ترتفع درجة الحرارة بمقدار درجة مئوية واحدة، ويوضح ذلك وجود ينابيع وعيون المياه الساخنة الحارة، التي تخرج إلى السطح عندما يكون مصدرها مياها جوفية عميقة.

"ولكن على أعماق كبيرة مع ازدياد درجة الحرارة والضغط الواقع على الصخور، فإنها تتحول إلى حالة شبه منصهرة يطلق عليها المجما أو الصهير، وهي عرضة بالطبع إلى التمدد والتحرك على شكل موجات كموج البحر.

وبالتالي فإن القشرة الأرضية التي تعلو هذا الصهير، تتحرك تبعًا لشدة حركة أمواج الصهير وعندئذ تهتز أو ترتعش القشرة الأرضية بفعل حركة هذه الأمواج، فيما يطلق الزلزال الذي يختلف في شدته تبعًا لشدة حركة أمواج الصهير وعمق مركز الزلزال.

ويكمل، أن هناك مناطق في الكرة الأرضية تكون مناطق ضعف، وتوجد أساسًا في المناطق التي تفصل بين هذه الألواح التركيبية للكرة الأرضية، حيث تكون القشرة الأرضية ذات سمك أقل من مثيلاتها، وعندما يكون مركز الزلزال قريبًا نسبيًا من سطح الأرض تكون شدتها التدميرية أكبر.

أسباب الزلازل بدءًا من العصور القديمة

ويشير إلى أنه، إذا ما نظرنا إلى ما حدث من الزلازل في العصور الجيولوجية القديمة، وما يحدث الآن وما سيحدث مستقبلا، فإن هذا يرجع إلى أن أخدود البحر الأحمر يفصل ما بين الدرع النوبي، حيث توجد مصر والسودان وبعض الدول المجاورة من جهة الغرب والدرع العربي، حيث توجد شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام، بينما سلسلة جبال الأناضول تفصل ما بين الدرع العربي والدرع الأناضولي الذي توجد تركيا وإيران في جزء منه.

"بينما يشق أخدود خليج العقبة والبحر الميت طريقه في الدرع العربي، والدرع العربي يتحرك في اتجاه الشمال الشرقي في اتجاه الدرع الأناضولي، مما يؤدي إلى حدوث اصطدام بين اللوحين وحدوث إزاحة كبيرة، ينتج عنها هزات أرضية على مستوى الفوالق الجيولوجية الموجودة والمؤثرة في المنطقة، خاصة في جبال الأناضول يعقبها إزاحة للسطح تصل إلى عدة أمتار، وقد تكون هذه الإزاحة سفلية وقد تكون جانبية.

وكل ما سبق يفسر حدوث التشققات والكسور في القشرة الأرضية، وما يعقبها من تهشيم للصخور والبنية التحتية من المرافق وغيرها من المنشآت الأخرى مثل المباني والسدود، وكلما زادت شدة الزلزال زادت قوته التدميرية خاصة في المناطق التي تقع فوق بؤرة الزلزال أي مركزه وتكون التوابع أو الموجات الارتدادية بمعدلات أكبر.

زلازل ترصدها الأجهزة ولا يشعر بها الإنسان

ويضيف الدكتور زغلول، أنه توجد في مصر وفي دول العالم شبكة قومية لرصد الزلازل، فيها أجهزة لرصد شدة الزلزال، فيما يعرف بالسيزموجراف الذي يشبه في عمله أجهزة رسم القلب، حيث تسجل هذه الأجهزة الذبذبات أو الهزات التي تحدث في القشرة الأرضية والتي لا يشعر بها الإنسان، وليس لها أية تأثيرات تدميرية، بينما يشعر الإنسان بهذه الهزات، عندما تصل إلى الدرجة الثالثة من مقياس ريختر الألماني، فهي تقيس الذبذبات الناجمة عن تجمع طاقة الموجات الزلزالية، وتتبعها والتنبؤ بحدوثها إذا ما استمرت في التزايد وقد تضمحل هذه الذبذبات كما بدأت.

"ومن قدرة الخالق سبحانه وتعالي أن الطيور وبعض الحيوانات، تشعر بقرب حدوث الزلزال نتيجة سماعها لصوت الطرقعات أو الأصوات الناجمة عن تحركات وتشقق الصخور، آو تزايد نسبة الغبار في الجو أو تصاعد غاز الرادون عند مستويات الفوالق والكسور خاصة في الزلازل البركانية.

كما تعتبر تقنيات الاستشعار من البعد ومرئيات الأقمار الصناعية، أداة فعالة ودقيقة في تحديد مناطق التهشم والتدمير ومساحتها، وبالتالي تقدير حجم الخسائر الناجمة عن الكارثة، كما أن الصور الرادارية تحدد لنا بدقة مقدار الهبوط الأرضي أو الإزاحة سواء كانت أفقية أو راسية.

تقدير وحساب معدلات ظواهر الهبوط الأرضي أو الارتفاع الأرضي

 يقول الدكتور محمد البسطويسي، رئيس شعبة التطبيقات الجيولوجية بالهيئة القومية للاستشعار من البعد وعلوم الفضاء، بعد حدوث الزلزال المدمر في تركيا وسوريا، رصدت دراسة إيطالية تغيرات للأرض الصلبة على مساحة إجمالية قدرها 35 ألف كيلومتر مربع بعد موجات الزلازل التي ضربت جنوب شرقي تركيا وشمالي سوريا.

الدكتور محمد البسطويسي

" كما أن توزيعات شدة الموجات الزلزالية من خلال الرصد بالأقمار الصناعية الرادارية تؤكد أن التحليل الراداري يكون بعد حدوث الزلزال ولا يمكن التنبؤ به قبل حدوثه، وقد أكدت هيئة المساحة الجيولوجية الأمريكية على موقعها الإلكتروني، أعقاب الزلزال الأخير أنه لم يمكن قط التنبؤ بالزلازل حتي الآن.

كما تعتمد تقنيات الاستشعار من البعد الرادارية، على قياس الطول الموجي المرتد من الأشياء بعدما يرسل القمر الصناعي الرادارية هذه الأمواج التي لها خصائص فيزيقية محددة، بينما تقوم للأقمار الصناعية البصرية على التقاط الصور للأشياء بعدما تتفاعل مع (ضوء الشمس) بطرق مختلفة.

"ولذلك تظهر السحب على الصور المرئية أو البصرية، بينما لا تظهر السحب في طبقات الغلاف الجوي حينما تتعامل مع صورة رادارية، أي أنه من الممكن استخدام الصور الرادارية طبقا لمعالجات رقمية بالبرامج المختلفة، في حساب المسافات بدقة تصل إلى عدة مليمترات فيما بين القمر الصناعي وسطح الأرض.

ومن ثم يمكن تقدير أو حساب معدلات ظواهر مثل الهبوط الأرضي أو الارتفاع الأرضي، بعدما يتم معالجة عدد كبير من نفس الصور لمنطقة ما على سطح الأرض، وفي حال حدوث الزلازل تنتشر الموجات الزلزالية في الطبقات السطحية من نقطة حدوث الزلزال.  

طرق متقدمة لحساب التشوه اللحظي الناتج عن الموجة الزلزالية

 ويشير، رئيس شعبة التطبيقات الجيولوجية بالهيئة القومية للاستشعار من البعد وعلوم الفضاء، إلى أنه يمكن بطريقة تقنية متقدمة حساب التشوه اللحظي الناتج عن الموجة الزلزالية في محيط حدوث الزلزال قبل وبعد حدوث الزلزال مباشرة.

"وبناء على ذلك يمكن تحليل هذا النمط ومساحة الانتشار وعلاقته مثلا بسطح البحر مما قد يساعد في تفسير ظواهر المد البحري المفاجئ (التسونامي)، وفي حال حدوث الزلزال في منطقة بحرية قد لا يمكن تطبيق هذه التقنية، نظرا لأن المسطحات المائية ومناطق الكثبان الرملية مثلا ليس لها تفاعل مميز مع الصور الرادارية.

وقد استخدمت تقنيات التحليل الراداري في مصر وعلى مدار السنوات الماضية في دراسة ظاهرة الهبوط الأرضي في الدلتا وتقدير معدلاته والمساعدة في تفسير تباين هذه المعدلات في مناطق الدلتا المختلفة، حيث تتطلب دراسة الهبوط الأرضي عددا كبيرا من الصور بخصائص محددة لنفس المنطقة على مدار عدة سنوات.

"بينما تتطلب دراسة التشوهات ومساحة انتشار الموجات الزلزالية صورتين فقط أي قبل وبعد حدوث الزلزال مباشرة، وجدير بالذكر أن الصور الرادارية المستخدمة في هذه الدراسات لا بد وأن تتفق في بعض المعاملات الأساسية والمتعلقة بموقع الأقمار في مداراتها بالنسبة لبعضها البعض أو بالنسبة لموقعها في الدورات السابقة.

ويكمل، أنه يتم اختيار الصور المناسبة للتحليل من بين عدد كبير من الصور الملتقطة، بناء على بينات وضع الأقمار في مداراتها أثناء التقاط الصور، والتي يتم توفيرها في ملفات رقمية من ضمن ملفات الصور نفسها.

شدة الموجات الزلزالية من خلال الرصد بالأقمار الصناعية
 

ويضيف الدكتور محمد البسطويسي، أن توزيعات شدة الموجات الزلزالية من خلال الرصد بالأقمار الصناعية الرادارية، تؤكد أن الرصد الفضائي مكمل للرصد الأرضي، الذي يتم من خلال المحطات السيزمية، والتي تكون موزعة في مناطق معينة، وبالتالي قد ترصد الأقمار الصناعية الرادارية حدود امتداد الموجات الزلزالية في مناطق لا توجد به محطات أرضية.

كلمات البحث