العائدون من الموت.. "عصاب الصدمة" يطارد الناجين من زلزال الفجر ومشاهد الرعب تحتاج للعلاج النفسي

10-2-2023 | 23:42
 العائدون من الموت  عصاب الصدمة  يطارد الناجين من زلزال الفجر ومشاهد الرعب تحتاج للعلاج النفسيتأثير الزلازل المدمرة على نفس الناجين
إيمان البدري
مازالت عمليات انتشال جثث الضحايا، والعثور على أشخاص على قيد الحياة،  تتوالى في عمليات البحث المستمرة أسفل أنقاض زلزال تركيا وسوريا المدمر الذي وقع فجر الإثنين، وأسفر عن آلاف الضحايا والمصابين.
موضوعات مقترحة
 
وقد يظن البعض أن الأمر ينتهي بالنسبة للناجين بمجرد العثور عليهم أحياء، وعمل الإسعافات اللازمة لهم، ولكن المفاجأة أن الأمر ممتد معهم وله أثر نفسي قد يستوجب العلاج في حالات كثيرة.
 
في الغالب يحتاج الناجون من كارثة الزلازل  لمساعدات نفسية ممتدة،  فربما ينجون من الموت ، ولكنهم  لن يستطيعوا  التخلص بسهولة من الأثر النفسي الذي سيلازمهم مدى الحياة، مما يتطلب علاجهم من الآثار النفسية  لفترات طويلة ، لأن الآثار النفسية تعتبر بنفس أهمية وضرورة احتياجهم إلى المعونات المادية والإنسانية والطبية، وذلك بهدف تخفيف المعاناة من مشاكل اكتئاب قد تمتد مدى الحياة.
 
وبحسب الخبراء، إن  إهمال المرض النفسي للناجين من الزلازل المدمرة ومن الكوارث، يؤدي إلى مرض "عصاب الصدمة"،  وهو المرض الذي يستدعي مع التعرض إلى حادث بسيط  يستدعي معه ذكريات  الكوارث والزلزال المدمرة التي تعرض لها في وقت سابق، وبذلك  يتحول الناجون  إلى  الدخول في أزمة  نفسية،  مما يتطلب  سرعة التدخل بالدعم النفسي التي تبدأ بطمأنة الناجين، ويتم ذلك  من خلال أطباء متخصصين ومؤهلين في التعامل مع أزمات الكوارث والحروب نظرا لخبرتهم التي تسبق حاله دخول الناجين في أزمات حادة، مما يجعلهم يحتاجون إلى  تأهيل نفسي من طبيب مؤهل متخصص.

التأثير النفسي للناجين من الزلزال ما بعد الصدمة 

يقول الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي بالأكاديمية الطبية العسكرية والأمم المتحدة، إن الناجين من الكوارث والزلازل المدمرة، يحتاجون  مبدئيا إلى ضرورة وجود دعم  نفسي أولي في صور مأكل ومشرب وملبس وتوفير أماكن للإقامة بدلا عن منازلهم التي انهارت في الزلازل،  مع وجود دعم من الدولة  والحكومة والدول الأخرى للوقوف معهم، وهو نوع وشئ مهم لأنها أول الخطوات التي تجعل الناجين يشعرون بالتكاتف معهم.
الدكتور جمال فرويز
" أما الخطوة الثانية تتم من خلال  الناجين ممن فقدوا  ذويهم وأسرهم وأحبائهم،  حيث  يكون الناجي في الفترة الأولى في مرحلة غفله أو تسمى الصدمة، لذلك لا يستطيع أن يعبر عن أحزانه أنه في مشكلة أكبر أخرى، وهي مشكلة الفقدان والأحبة   والمسكن والأمان،  وهذه المشاكل الثلاثة يعتبرون ثلاث صدمات وبالتالي لا يتمكن الناجون  من التركيز مع واحدة من هذه المشاكل الثلاثة.
  وتعتبر الفترة الأولى  ما بعد الصدمة، هي التي يكون   فيها الناجون من الزلازل المدمرة متغيبون  بعض الشئ عن المشكلة وحلولها، حتى يتم استيقاظه من الغفلة بأنه فقد أحبته ويبدأ في أن يعدد عدد المفقودين له، وهنا  يدخل في حاله اكتئابات لذلك لا بد من وجود مراقبة على الناجين من الزلازل في أول  6 شهور، بهدف قياس  مدى قدرته على النوم وتناول الطعام مع متابعة سلوكياته. 

 ظهورمرض "عصاب ما بعد الصدمة" نتيجة أثار التعرض للزلازل المدمرة

ويستطرد الدكتور جمال فرويز، أن من التأثير النفسي على الناجين من الزلازل الإصابة بمرض" عصاب ما بعد الصدمه"، ولكن ليس كل الناجين يصابون بهذا المرض، 
" ومرض عصاب ما بعد الصدمه"، هو المرض الذي يستدعي معه استعاده واجترار الذكريات المؤلمة من زلازل وصدمات ومشاهد مؤلمة  في وقت سابق، في حاله تعرضه إلى أي حادث بسيط، ولكن   يوجد نسبه من الناجين  تمثل نسبه 1 إلى 3% هم حاملين لجينات مرضية نفسية  تبدأ تظهر عليهم أعراض مرض " عصاب ما بعد الصدمة". 
 
 ومن أعراض هذا المرض الإصابة ببكاء عند استثارته حتى ولو بحادث بسيط، مصحوب  بحالات بكاء، وصداع شديد،  وزغللة في العين، وجفاف في الحلق، وخنقه شديدة في الرقبة، وضيق  شديد في الصدر،  وزيادة ضربات القلب، وألم  غير محتمل للمعدة والقولون،  وكذلك ألم في عضلات الرقبة والضهر،  مع حدوث تنميل وعرق وبروده شديدة في الأطراف، قد تصل أحيانا أنه عندما يتحدث عن الذكريات المؤلمة يتعرض للتبول الاإرادي ، كما يتعرض لأحلام وكوابيس مزعجه نتيجة الحوادث السابقة التي تعرض لها. 
 
ويكمل: لذلك يجب  التعامل مع الناجين من الزلازل والكوارث بداية من  خلال الدعم النفسي الأولي، على أن يتبعه تنفيذ العلاج النفسي التحفظي، من خلال معرفة هل يحتاج شيئا من الدواء وكل ذلك سهل تنفيذه، مادام الأمر تحت السيطرة حتى لا يتطور الأمر،  إلى الإصابة بما يعرف ب "عصاب ما بعد الصدمه"  الذي يعني استعادة الذكريات المؤلمة. 

الطب النفسي وكارثة زلازل تركيا وسوريا 

ويشير إلى أنه، من الضروري  إرسال بعثات وأطباء نفسيين متخصصين ومؤهلين في الطب النفسي والعمليات النفسية ممن عملوا مع الأمم المتحدة،  لأنهم  تعاملوا مع كثير كوارث الحروب والحوادث  المفجعة، بهدف الجلوس مع الناجين  لكي يتم طمأنتهم،  وكنوع من الدعم النفسي، ولملاحظة أي تغيرات  سلوكية أو نفسيه  أو اضطرابات في اللغة آو الطعام للناجين من كوارث الزلازل،

" كما يضيف، أنه على  استعداد للذهاب إليهم والمشاركة، نظرا لعمله الدائم  مثل هذه الكوارث،في عديد من الدول لدعمهم في الأزمات، لذلك لا بد من اختيار المتخصصين المؤهلين في هذه الكوارث الضخمة.

آثار مدمرة إذا تم إهمال الآثار النفسية للناجين من الزلازل المدمرة

 ويؤكد الدكتور جمال فرويز، على وجود أثار لإهمال الآثار النفسية للناجين من الزلازل المدمرة، لأنه  عند إهمال  الناجين من الزلازل والكوارث الضخمة، تتفاقم لديهم الأمراض النفسية التي تظهر من خلال اضطرابات النوم  والأكل والاضطرابات السلوكية، ثم تبدأ الحالات الدخول  في مرحلة أسوء تسمى "العصاب ما بعد الصدمه"  وهو مرض سئ يدمر الإنسان،  ويصبح من خلاله شخص مسلوب الإرادة، مما  يجعله إذا تعرض لسماع  صوت خفيف بجواره نجده يسقط على الأرض ويرتعش ويخاف،  كل ذلك ينتج عن عدم علاجه من البداية، عند تعرضه لكوارث وأزمات مثل الزلازل المدمرة.
 
ويؤكد استشاري الطب النفسي بالأكاديمية الطبية العسكرية، أنه قد شاهد بنفسه أعراض  مرض "عصاب ما بعد الصدمه" في الحروب التي تجعلهم في  معاناة وكوارث نفسية، لذلك  يجب أن يكون المعالج لهم ، قد تعايش من قبل في الأزمات والحروب والزلازل،   لأن لديه من الخبرة والعلاج  أن يسبق المرض والمريض  المريض بخطوة لعلمهم بما هو المتوقع حدوثه من المريض الناجي من الزلازل والحروب ، وعلى ذلك الأساس  يتم منحه  العلاج الذي سيمنع دخوله إلى مرحلة أسوأ.

الموت قادم هي حالة تنتاب الناجين من الزلازل 

يقول الدكتور أحمد جمال ماضي أبو العزايم استشاري الطب النفسي، والرئيس  السابق للاتحاد العالمي  للصحة النفسية، عند حدوث كوارث طبيعية تتسبب في وفيات، فهي تنعكس على الإنسان  بمفهوم الموت المؤجل إلى أن الموت محيط به وهو أيضا قادم.

الدكتور أحمد أبو العزايم

" كما أن  كثيرا من الشخصيات  من الناجين من الكوارث الطبيعية وغيرها أنهم ذات نفسية هشه، ولديهم إحساس بالخوف  هنا يصابون بنوبات قلق شديد ورهاب  وخوف من الموت وعدم نوم،  ويتطور الأمر إلى الإصابة  بالوسوسة في كل شئ والتفكير في ماذا سيحدث إذا حدثت  كوارث أخرى، ويبدأ في التفكير في قدوم الحوادث قبل حدوثها ، ويتخيل ويحضر نفسه ماذا سيفعل وقت وقوع الزلزال أو غيرها، وهي مشكلة كبرى تجعله دائما يتحدث عن فكرة الموت باستمرار نتيجة وجود موجه من القلق القومي، مما يتسبب في أن يوجد داخل الإنسان خوف دفين  باستمرار يسبب له قلقا دائما،  ولكنه قد ينساها بمرور الأيام،  ولكن يبقى بداخله الإحساس بالخوف.

هذا الإحساس بالخوف يظهر لدى الناجين حتى مع صوت الرعد، الذي تصيبه بحاله من الرعب الشديد،  ويشعره أنه يتسبب في وفاته،  ومن هذا الموقف يتجدد معه القلق ويستعيد معه ليس الذكريات الحزينة فقط  ولكن تجره إلى الذكريات التي تدخله على مخاوف حقيقة قد تحدث، فيرتبك ويفقد التركيز، ويصبح عصبيا ومتوتر، ولا يستطيع النوم وترتبك قرارته، خاصة لو كان صانع قرار، وهذه الحالات يجب عرضها على الطبيب النفسي فورا لأنها حالات قابله للشفاء.

الطبيب النفسي غير متوافر للجميع 

ويضيف الدكتور أحمد أبو العزايم ، أنه توجد مشكلة عدم وجود  طبيب نفسي معالج قريب، وهذا ما نراه  في الأقاليم  مما يتطلب السفر إلى القاهرة والمدن الكبرى، مما يرفع التكلفة والعبء وتزداد المعاناة، ولهذا السبب  يتطلب تخريج طلاب متخصصين في الطب النفسي ونشرها في كافه النجوع وكل الأماكن،  لكي يتاح للمريض التوجه للعلاج لأقرب طبيب تم توفيره لتقديم العلاج.

" مع ضرورة تطبيق العلاج النفسي أونلاين وهو متاح في العالم أجمع من منتصف القرن الماضي، لكنه غير متاح في مصر، ولكن حتى الآن مجلس النواب  لم يخرج قانون العلاج عن بعد،  لذلك المستشفيات لم تتمكن حتى الآن من فتح هذا الفرع في المستشفى  التي تتيح للمريض عرض مشكلته، وهو  قد يكون غير متاح لكن البعض يمارسه ولكنه لم يحصل على الصفة القانونية لممارسته بهدف تفعيل خدمات الصحة النفسية.

علامات الصدمة على الناجين من الزلازل المدمرة 

 وفي سياق متصل يؤكد، أن من علامات وتأثير الزلازل التي تظهر على الناجين  بعد الزلازل المدمرة، أنها تتلخص في ظهور أعراض  قلق وحزن شديد،  ويصاب بعدها بالاكتئاب، خاصة  عندما يجلس ويستدعي الذكريات المؤلمة خاصة مع وجود خسائر جديدة، كما يصاب الناجين من الزلازل بالصدمة، التي تأتي بعد انتهاء الحدث، لأنه في بداية الكوارث يتمكن من الحركة والسعي في محاولات الإنقاذ،ولكن بعد انتهاء الأزمة تبدأ أثر الصدمة في الظهور عليه. 

"ولكن هناك نوعا آخر من الناجين تحدث لهم الصدمة في لحظتها، ويجلسون  في الأرض للبكاء والصراخ، أما النوع الثاني من الناجون  يلاحظ أنه  يعمل في الإنقاذ وبذلك ينقسمون في أنواعهم في مواجهة الأزمة. 

لذلك تحتاج  المجموعات الهشة التي تجلس على جنب وتبكي وتصرخ، يجب أن يوضع لهم برنامج علاجي متكامل ، نظرا  لأن لديه  ذكريات مؤلمة متراكمة يسترجعها ويبكي عليها وقت وقوعه في حادث آو أزمه أثرت على ضياعه وعلى ضياع مستقبله فليس كل الصدمات يتحملها الجميع. 

كشف منتظم ومتابعة للناجين من الزلازل

ويؤكد، على ضرورة  أن يكون للناجين من الزلزال كشف منتظم لعرضهم  على أطباء، لعمل تقيم طبي للحالات،  وإذا كان لديه أعراض بسيطة يتم تحويله إلى الطبيب الممارس البسيط لكي  يكتب له أدويه للقلق والنوم.

 "أما  الأفراد الأخرى التي تكون لديها المزيد من الرعب والخزف والوساوس، هذا يجب تحويلة على الطبيب النفسي للحصول على برنامج علاجي متكامل ويتابع على فترات ويحصل على تدريبات،  لأن الصدمة الكبيرة التي تؤثر في الإنسان لفترات طويلة تحتاج إلى علاج  نفسي طويل،  لكن عند وقوع الكارثة يبدأ الإسعاف النفسي  ببث روح الطمأنة في نفوس الناجيين، مع منح كافة الحالات البسيطة والعنيفة أدويه بسيطة للقلق والنوم.

 بالإضافة إلى توفير مساعدات من المجتمع ويتم إمداده بها، لكي تذهب للناجين  وليعيد بناء بيته، ومجموع كل هذه الأشياء تتسبب في التعافي المبكر لذلك يجب على الهلال الأحمر، والكوادر المتخصصة  الطبية النفسية، وخاصة المتخصصين في التعامل مع الأزمات النفسية والصدمات يجب مشاركتهم في الإغاثة للناجين من الزلازل.
"ولتخفيف الآثار على اللاجئين  من الزلازل لابد من توفير الخدمة الطبية والاجتماعية والنفسية لهم، وتعتبر الخدمة الاجتماعية محورا من المحاور الرئيسية، لذلك يجب توافر الاخصائين في كل أنحاء العالم بدءا من توفير الإخصائي النفسي مع توافر إخصائي رفع الركام والإخصائي الاجتماعي لبحث ما هي مصادر دخل الأسرة قبل الزلازل والكوارث، مع توفير تخصص الإسعاف الاجتماعي  والإسعاف النفسي، وكل ذلك موجود في العالم ولكن يجب توفيره في كل بقاع الأرض، فالإنسان في كل مكان وقت وقوع الأزمه، يجب أن توفر له الخدمات التي تنقذه، ولذلك في تركيا وسوريا وغيرها يجب  أن نكون مستعدين. 

مشاركة أطباء مصر أونلاين  في الدعم النفسي للمصابين والناجين من الزلزال 

وينوه، الدكتور أحمد أبو العزايم، أنه على استعداد تام للمشاركة في العلاج عبر الإنترنت والخط الساخن،  لحل أي مشاكل نفسية موجودة مع تقديم خدمات أونلاين  ونطلق أنه من خلال مستشفيات الطب النفسي  لديها أنها  تفتح أفاقها لمشاركة كل أطبائها من خلال العمل أونلاين، لمساعده ضحايا الزلزال وأسرهم التي تعاني من مشاكل نفسية حالية نتيجة الزلازل المتكررة. 

دمج الناجين مع الأسر المحيطة بهم 

يقول الدكتور حسن الخولي أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن بعد النجاة من الزلازل، يحتاج كل منهم إلى علاج اجتماعي، وهو  يتم من خلال احتضان الآخرين له من المحيطين وإدخال في أسرتهم واعتباره عضو فيها،  كمحاولة لنسيانه للآمر، على أن يخاطبوه  دائما بالرضا بقدر الله، وأن يساعدوا في تقويته وإمداده باحتياجاته لكي يتمكن  من التكيف مع وضعه الجديد، مع توفير فرصة عمل له معهم.

الدكتور حسن الخولي

"كما تتم مخاطبة الدولة لكي تكفل للناجين معاشا آو توفر له فرص عمل، وهو دور أكبر تقدمه وكالات الإغاثة الدولية في شمال سوريا وهي المنطقة التي توجد بها أزمات الثوار هناك فتظهر فيها أزمات أكثر، ولذلك هذه المنطقة الآن تكفلها وكالات الإغاثة الدولية  وتقدم لهم الواجب باعتبارها منظمة إنسانية، وهنا يجب أن يشارك المجتمع المدني من خلال الجمعيات الأهلية والخيرية،ويجب أن تقوم بدور في ذلك الآمر بهدف التكاتف.

.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة