بعض الأشخاص يشعرون بالقلق والتوتر، لمجرد التفكير في مواجهة مواقف بسيطة في الحياة، ويخافون من نظرة وحكم الناس عليهم، فيشعرون بالإحراج، ويخشون من التوتر والقلق الداخلي؛ لأنه سيظهر عليهم من خلال الأعراض الجسدية، مثل احمرار الوجنتين، والتعرق، وارتجاف الصوت، والرعشة، وخفقان القلب وزيادة ضرباته.
ونتساءل لماذا يحدث لنا ذلك؟! وهل هي السبب يعود للبيئة أم للوراثة؟! أم الاثنان معًا؟!
ولكن الحقيقة هي أن التربية تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل السلوك؛ فعندما نربي أولادنا على النقد المتكرر والتقليل من شأنهم والعنف والتوبيخ، يفقدون الثقة في أنفسهم، كما أن العنف بكل أشكاله؛ سواء كان لفظيًا أو غير لفظي، يلعب دورًا سلبيًا في تشكيل الشخصية.
ولابد أن تكون هناك وقفة مع النفس، لنسأل أنفسنا هل نربي أولادنا بشكل سلبي أم إيجابي، فكثير منا يربي أولاده بشكل سلبي، ولا يدرك نتيجة وتأثير ذلك عليهم.
ولابد من التنبيه إلى أن التغذية تعتبر من الأشياء المهمة والأساسية في تربيتنا لأولادنا؛ وذلك لأنها لها دور مهم في تشكيل البنية الجسمانية والعقلية لهم؛ وخاصة الاهتمام بمدهم بالأغذية التي تحتوي على البروتينات والمعادن وفيتامين ب6 وأحماض أوميغا 3، التي تساعد على بناء الناقلات العصبية؛ وذلك لأن نقصها في الجسم قد يؤدي إلى اضطرابات في السيروتونين؛ وهو ناقل عصبي مهم؛ يساعد على نقل الإشارة العصبية عبر (المشبك العصبي)، وهو المسئول عن توصيل الإشارات الكهربائية أو الكيميائية للخلايا الأخرى؛ سواء كانت عصبية أو غير ذلك، كما أن اضطرابات السيروتونين لها تأثير سلبي واضح على الذاكرة والنوم والجوع والهضم والمزاج والاكتئاب والقلق والتوتر والثقة بالنفس.
ولكي نتغلب على القلق والتوتر لابد من وضع إستراتيجية مع أنفسنا بإشغال ذاتنا، واتباع مصادر الإلهاء، وتجنب التفكير السلبي، وأن نبتعد قدر الإمكان عن الأشخاص السلبيين الذين يفتقدون الثقة بأنفسهم، والحرص على التعامل مع الأشخاص الإيجابيين؛ لأنهم دائمًا ما يحملون رسائل إيجابية بصفة مستمرة فتزداد الثقة بالنفس.
وأن نلجأ للمتخصصين في مجال cbt (العلاج المعرفي السلوكي)؛ لتغيير المعتقدات والأفكار الجوهرية المشوهة التي تؤثر على مشاعرنا، وتنعكس على سلوكنا بالأفكار الإيجابية التي تعطينا الدعم الإيجابي، وتعلمنا الحوار الذاتي الإيجابي مع النفس، وتعلمنا مهارات التواصل الاجتماعي مع الآخرين، وكيفية مواجهة المواقف بشكل تدريجي وليس بشكل مفاجئ.
وهناك علاج جمعي للرهاب الاجتماعي؛ ويكون بالتعرض للمواقف البسيطة بشكل تدريجي، مع تعزيز الثقة والدعم الإيجابي بشكل مستمر.
ولابد من أن تجعل لنفسك أسلوب حياة للتغلب على مخاوفك، وذلك بالاهتمام بالصحة والرياضة والتنفس والاسترخاء، ودائمًا ادعم نفسك وكافئها، ولا تنتظر أن يكافئك الآخرون، وستشعر بالسعادة والثقة بالنفس.
وأختتم مقالي بأن كل إنسان في هذه الدنيا لابد من أن يحسن الظن بالله سبحانه وتعالى، وأن يتقرب إليه سبحانه ويلح في الدعاء ليفرج الله كربه.
* استشاري علم النفس والإرشاد الأسري والتربية الخاصة