31-1-2023 | 13:52

منذ أكثر من أربع سنوات، أسس الفنان فاروق حسني مؤسسة فاروق حسني للثقافة والفنون، وهي مؤسسة مستقلة، تقع في حي الزمالك العريق الذي يعتبر بيت الفنون في مصر، المؤسسة تهتم بالنشاط الفني والثقافي، لا شك أن الثقافة هي القادرة على استيعاب كل الممارسات الإبداعية للإنسان وقادرة أيضًا على تنمية إنسانيته.

المؤسسة إحدى جهود فاروق حسني المخلصة التي لا تتوقف لخدمة وطنه، لا أحد ينكر أن فاروق حسني من صانعي نهضة مصر الثقافية الحديثة، سواء كان يمتلك سلطة تنفيذية أم لا حتى لو أنفق على التنفيذ من ماله الخاص.

المؤسسة كانت فكرة وحلمًا تحول إلى حقيقة وواقع، وضع الفنان فاروق حسني مقتنياته لكبار الفنانين المصريين والفنانين العالميين، خاصة من إيطاليا وأوروبا، ومكتبته الموسيقية في المؤسسة لتبقى في متناول الجميع، بالإضافة إلى جوائز سنوية للفنون، كانت الدورة الأولى مقصورة فقط على الفن التشكيلي، لكن هذا العام تقدم في خمسة فروع هي: التصوير والرسم والنحت والعمارة والنقد الفني التشكيلي للشباب، المؤسسة تعمل على دعم الشباب وأصحاب المواهب الإبداعية الخلاقة.

فاروق حسني من المؤمنين بدور الثقافة في النهوض بالمجتمع، وهو القائل: "هناك ثقافة وفنون تشد بعض الناس المهتمين بها، والثقافة تكوّن وجدان الناس، ونحاول المحافظة عليها من الانجراف في أشكال جديدة ظهرت في مجتمعاتنا وفي العالم كله، الثقافة والفنون شيء مهم في حياة البشر، وهل يمكن تخيل الأوطان دون إبداع؟ الإنسان في هذه الحالة يتحول إلى مجرد آلة يمرر الزمن دون مشاعر ودون أي حالة من التأثير والتأثر".

فاروق حسني قدم هذه المؤسسة لخدمة المجتمع وليس لأعماله وسيرته فقط، ولكن لتكون مركز إشعاع ثقافي، يرعى الفن التشكيلي والأدب، ويكون بؤرة ثقافية كبيرة تليق بثقافة وحضارة مصر
 حسني يحمل دائمًا أفكارًا ورؤى وملفات كثيرة مهمة في ذلك الشأن، بداية من الآثار والفن التشكيلي والسينما والآداب والموسيقى، والمؤسسة تعد فرصة كبيرة لخلق جيل من الفنانين الشباب، وفرصة لخلق مدارس فنية جديدة ومتنوعة، واللافت للنظر أن يوم إعلان أسماء الفائزين كل عام  تجد أن منطقة الزمالك غارقة في الزحام، حضور الشباب يتعدى عشرات الآلاف، هذا الشباب يرى أن هذه المؤسسة تحترمه وتراه وتقدره ولا تخدعه، في هذا اليوم يحتار رجال المرور في تنظيم الأمر الذي يكاد يكون مستحيلًا، هذا الشباب الذي نتهمه بالعزوف عن المشاركة يأتي ويحرص على الحضور؛ لأنه يعلم جيدًا أن هذه المسابقة صادقة ولا تهتم إلا بالمعايير الفنية بعيدًا عن صخور المحسوبية والشللية والنفعية والعصبية.. عرس ثقافي حقيقي.
 
فاروق حسني صاحب مشروعات تطوير القاهرة الإسلامية، وشارع المعزّ التاريخي، وتطوير متحف الفن الإسلامي، وإنشاء مبنى دار الأوبرا الجديدة، ومركز الهناجر للفنون، وصندوق التنمية الثقافية، والمجلس الأعلى للثقافة، والمركز القومي للترجمة والمتحف المصري الكبير، والمبنى الجديد لدار الكتب والوثائق القومية، وغيرها من الإنجازات التي يفخر بها المواطن المصري، عندما تولى الوزارة كان في مصر خمسة متاحف فقط، أما اليوم فهناك 42 متحف آثار فقط، فضلًا عن متحف الحضارة، والمتحف الكبير، والمتاحف الفنية والتاريخية ليصل العدد إلى نحو 80 متحفًا.

في حوار سابق قال لي: إن فكرة المتحف الكبير جاءت في أثناء تناول الطعام في المعهد العربي في باريس، واستفزه مهندس معماري فرنسي، بسؤال ما العمل في المخزن الموجود بالتحرير "المتحف المصري"؟ فرد قائلا: سيتم بناء أكبر متحف في العالم؛ ومن هنا جاءت الفكرة، وقبل أن نبدأ في تنفيذ المشروع تم عمل دراسة جدوى من 6 مجلدات واستغرقت هذه الدراسة حوالي خمس سنوات لعمل كراسة الشروط المرجعية، ثم عامًا آخر لاختيار من سينفذ، وقد تقدم للمشروع 1557 بيتًا استشاريًا في العالم، وهذا رقم لم يحدث في أي مبنى في العالم، الدراسات الأولية للمتحف استغرقت 8 سنوات، بعد إعلان الفكرة في 1992، وبمجرد الإعلان عن المشروع، قدمت اليابان قرضًا ميسَّرًا جدًّا بقيمة 300 مليون دولار أمريكي، وقمنا بأكبر ممارسة معمارية في العالم، وتم عمل دراسة جدوى للمكان استمرت 4 سنوات وتكلفت 4 ملايين دولار، دفعت إيطاليا تكاليفها.

فاروق حسني الفنان والسياسي وصاحب السياسات الثقافية على امتداد أكثر من ربع قرن من الزمان، كان دائمًا من المسئولين الثقافيين الأكثر حماسة للمشاريع الشبابية المبدعة أثناء توليه وزارة الثقافة، وفى هذا الصدد أنشأ صالون الشباب للفن التشكيلي، مركز الإبداع الذي تخرج فيه الكثير من نجوم الجيل الحالي، وعمل على إطلاق العديد من المهرجانات الثقافية، والمسرح التجريبي، وسمبوزيوم أسوان، وغيرها من المشاريع الثقافية التي أحدثت نقلة نوعية في الثقافة المصرية، إنه فاروق حسني الذي يمتاز باتساع رؤية بلا ضفاف من الحدس والذكاء وعمق البصيرة والبساطة النافذة في التقاط التفاصيل والجزئيات وجمعها في عالم متكامل، في أعماقه يمكن أن تقرأ، في البدء كان الفن، وعلى قارب ملون رفع أشرعة الإبداع مسافرًا إلى موانئ الحضارات.

بلا جدال "مؤسسة فاروق حسني للثقافة والفنون" هي إحدى أبواب الأمل الحقيقي للشباب في زمن الأبواب المغلقة.

كلمات البحث