يبدو أن الشفاء من كورونا ليست نهاية المطاف للنجاة من هذا الفيروس اللعين، إذ إن تأثيرات الفيروس تلازم المتعافين، حيث أكدت دراسة علمية أن العديد من مرضى كوفيد-19، يواجهون مشاكل في الدماغ، وحالة تعرف باسم الضباب الدماغي، والتي يمكن أن تتسبب في الإصابة بمشاكل الذاكرة والتركيز.
موضوعات مقترحة
وأثبت العلماء بجامعة "جون هوبكنز"، أن فيروس كورونا يضر بصحة الدماغ ويؤدي إلى ظهور العديد من المشاكل مثل، الارتباك وفقدان الوعي والنوبات والسكتة الدماغية وفقدان الشم والتذوق والصداع وصعوبة التركيز والتغيير في السلوك، كما يعاني المرضى أيضا من مشكلات في الأعصاب الطرفية، مثل متلازمة "جيلان باريه" التي يمكن أن تؤدي إلى الشلل والفشل التنفسي.
قلق عالمي من كورونا
ولا تزال جائحة كورونا تمثل حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقا دوليا، حيث أكد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تادوس ادهانوم، أن الخطر العالمي على صحة الإنسان وانتقاله المستمر لا يزال مرتفعا، خاصة في ظل المتحورات المتداولة حاليا لمتحور أوميكرون، وأعربت المنظمة عن قلقها بشأن استمرار تطور الفيروس.
مشاكل خطيرة تصيب مرضى كورونا
وقدرت الدراسات والأبحاث العلمية،الحديثة التي تهدف لفهم تأثير الفيروس التاجي على الدماغ والصحة المعرفية، من أجل تسهيل التشخيص والعلاج الطبي المناسب، أن 7 من كل 100 حالة إصابة بفيروس كورونا يمكن أن تؤدي إلى مشاكل خطيرة في الدماغ قد تستمر مدى الحياة.
ومن المتوقع أيضا، أن 4 مليون مواطن أمريكي ربما لم يتمكنوا من العمل بسبب تفشي فيروس كورونا الممتد، وألقى العلماء اللوم على الضباب الدماغي الذي يلازم المرضى بعد التعافي من كوفيد، لإفساد قدرتهم على التفكير.
كيف يؤثر كورونا على الدماغ؟
يمكن تصنيف المظاهر الدماغية لفيروس كورونا على نطاق واسع إلى أربع مجموعات، الفئة الأولى هي الأوعية الدموية، حي يوجد تخثر في الجهاز الشرياني أو الوريدي مما يؤدي إلى احتشاء في الدماغ أو نزيف وريدي في الدماغ، والفئة الثانية هي العدوى المباشرة بفيروس كوونا للدماغ والتي تظهر عادة في ضباب الدماغ أو اعتلال دماغي حيث يصبح المريض نائما جدا وغير مستيقظ.
أما الجانب الثالث من تورط الدماغ في مرض كورونا، هو الاستجابة المفرطة للالتهابات، وفي هذه الحالات يصاب المرضى بالكثير من التهاب الدماغ والنخاع الحاد المزيل للميالين، والفئة الرابعة، تتضخم المادة البيضاء في الدماغ والمادة الرمادية وتتسبب في أضرار بالغة للدماغ، بحسب الدكتور مجدي بدران استشاري الحساسية والمناعة.
تشويش الدماغ بسبب كورونا
ويعتبر استشاري الحساسية والمناعة، ضباب أو تشوش الدماغ أحد العلامات التي تشير إلى كوفيد-19 طويل الأمد، حيث لا يزال الشخص المتعافى يعاني من أعراض الإصابة بعدوى فيروس كورونا بعد أشهر أو حتى سنوات من الإصابة.
أعراض إصابة الدماغ بفيروس كورونا
ويؤكد "بدران"، أنه عندما يدخل الفيروس التاجي الجسم، فإنه لا يؤثر على الرئتين فحسب، بل يؤثر أيضًا على أعضاء الجسم مثل الدماغ، وهناك بعض الأعراض العصبية الشائعة التي قد تواجهها بعد إصابة الدماغ بفيروس كورونا وهي:
- ألم عضلي
- صداع غير مبرر
- اعتلال الدماغ
- دوار شديد
- عسر الذوق وفقدان حاسة الشم
وقد يحدث حالة اعتلال الدماغ، وتشمل الأعراض ما يلي:
- تغير الوعي
- ضعف جانب واحد من الجسم مع صعوبة في الكلام.
- قد يحدث ضعف في جميع الأطراف الأربعة حسب المنطقة المصابة من الدماغ
- حركة غير طبيعية للأطراف
- اختلال التوازن أثناء المشي
- صعوبات في البلع.
مشاكل بالصحة العقلية
اكتشفت الدراسات أن عدوى فيروس كورونا، لها تأثير سلبي على أداء الدماغ والقدرات المعرفية والإدراكية، ولكن فقط لدى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 25 عاما، وتشير النتائج إلى أن وظيفة الذاكرة يمكن أن تتحسن بمرور الوقت بعد الإصابة بفيروس كورونا، ولكن أولئك الذين يستمرون في الخضوع لـ الأعراض قد يواجهون مشاكل تتعلق بالصحة العقلية.
ضعف الذاكرة
ويمكن أن تظهر مشاكل الذاكرة لدى الأشخاص الذين تعافوا من عدوى فيروس كورونا، أثناء حل المشكلات أو القراءة أو إجراء مناقشة مع الآخرين، حيث تتمكن الذاكرة قصيرة المدى من الاحتفاظ بالمعلومات واستردادها، لذلك يمكن أن يؤثر ضعف وظيفة الذاكرة العاملة بشكل كبير على الحياة اليومية للشخص.
وأظهرت الأبحاث وجود صلة بين عدوى فيروس كورونا والوظيفة المعرفية، والقيام بالمهام اليومية التي تتعلق بالذاكرة، حيث أن المرضى الذين أبلغوا عن وجود أعراض مستمرة بعد الشفاء من العدوى، هم أكثر عرضة لضعف الذاكرة وخفض وظيفتها المعرفية.
أعراض خطيرة لكورونا طويلة الأمد وتسبب الوفاة
هناك أعراض خطيرة أخرى لـ "كوفيد-19" طويل الأمد التي قد تسبب الوفاة، وتكون كالتالي:
1- شكاوى قلبية
ربما تحدث مضاعفات طويلة الأمد في عضلة القلب، ما قد يزيد ذلك من خطر التعرض لمضاعفات قلبية أخرى في المستقبل، وقد يزيد مرض كوفيد- 19 من احتمال تكوين الجلطات، التي ربما تسبب سكتات دماغية أو نوبات قلبية بسبب سد الجلطات الصغيرة الأوعية الدموية الدقيقة في عضلة القلب.
وأغلب الضرر الذي يصيب القلب نتيجة لفيروس كوفيد 19 سببها جلطات صغيرة تسد الأوعية الدموية الدقيقة (الشعيرات الدموية) في عضلة القلب، وقد تضر الجلطات الدموية أيضاً الرئتين والساقين والكبد والكليتين.
2- التليف الرئوي
تشمل مضاعفات التليف الرئوي، ارتفاع ضغط الدم في الرئتين، وتؤثر هذه الحالة فقط على الشرايين في الرئتين، ويبدأ التلييف عندما يتم الضغط على الشرايين والشعيرات الدموية بواسطة النسيج المتليف، مما يؤدي إلى زيادة المقاومة لتدفق الدم في الرئتين، وهذا بدوره يرفع الضغط داخل الشرايين الرئوية والبطين الأيمن.
بعض أشكال ارتفاع ضغط الدم الرئوي تزداد سوءًا بشكل تدريجي وتكون قاتلة في بعض الأحيان.
3- سرطان الرئة
التليف الرئوي يزيد أيضا من خطر الإصابة بسرطان الرئة.
4- فشل القلب، والفشل التنفسي، و توقف التنفس
غالباً ما يكون المرحلة الأخيرة من مرض الرئة المزمن، و يحدث عندما تنخفض مستويات الأكسجين في الدم بشكل خطير.
هل تمنع لقاحات كورونا من ضباب الدماغ؟
لم يذكر الباحثون ما إذا كانت التطعيمات المضادة لفيروس كورونا لها أي تأثير على الأمر، لكن وكالة الأمن الصحي في بريطانيا قالت إن مراجعة شملت 15 دراسة توصلت إلى أن الذين تلقوا التطعيم أقل عرضة بمقدار النصف تقريبا للإصابة بأعراض كوفيد-19 طويلة الأمد مقارنة بغير المطعمين.
نصائح لتجنب تأثير كورونا على الدماغ
هناك بعض النصائح المهمة التي يجب أن يتبعها المتعافون من كورونا للوقاية من مشاكل الدماغ، يوضحها الأطباء فيما يلي:
1- الحصول على اللقاح
الحصول على لقاحات كورونا بجميع جرعاته، يحمي من مخاطر الأعراض طويلة الأمد لفيروس كورونا بشكل كبير.
2- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام
قد تكون ممارسة الرياضة من الأشياء المزعجة بعد التعافي من عدوى فيروس كورونا، حيث لا يزال الجسم ضعيفًا، إلا أن الاهتمام بإدخال الرياضة في جدول الأنشطة اليومية بشكل تدريجي يساعد على دعم الحالة الصحية والعقلية للجسم.
3- تقوية الذاكرة
من المعروف أن فيروس كورونا قد يتسبب في تلف خلايا الذاكرة، لذا لاستعادة الانتباه المفقود وقدرات التفكير المعرفي وتقوية الذاكرة، ينصح باستثمار بعض الوقت في حل لعب الألغاز وألعاب الذاكرة والأنشطة التي تتطلب التفكير، ويمكن من خلالها تنشيط العقل.
4- العودة للحياة الطبيعية تدريجيًا
لا يعود المتعافي إلى روتين حياته الطبيعي مباشرة بعد التعافي من كورونا، بل لابد من أخذ الوقت الكافي للانتقال بشكل تدريجي إلى الأنشطة والممارسات اليومية القديمة، مع الوضع في الاعتبار أن هذا الشخص عانى مؤخرًا من مرض يهاجم الجهاز المناعي بشدة.
5- الاتصال الدائم بالطبيب المختص
ينبغي بعد التعافي من كورونا الاهتمام بملاحظة أي علامات مرضية قد تظهر على الجسم، والحرص على الاتصال بالطبيب المختص بشكل دوري من وقت لآخر من أجل الاطمئنان على الحالة الصحية للجسم.
6- احذر أنك لست محصنًا من كورونا
في حين أن الإصابة بـ "COVID-19" قد تكون قد أعطت جسمك درجة معينة من المناعة ضد المرض، فقد أشارت الدراسات إلى أنه من المرجح أن يكون ذلك مؤقتًا، لذا لابد من الاستمرار في إتباع الإجراءات الاحترازية، وارتداء أقنعة الوجه في الأماكن العامة، وممارسة التباعد الاجتماعي.
7- السيطرة على الأمراض المزمنة
في حال المعاناة من أي مرض مزمن وتناول أدوية منتظمة للسيطرة عليه، يُنصح بشدة بمراقبة الأعراض، والحرص على فحص ضغط الدم ومستويات السكر وما إلى ذلك، واستشارة الطبيب المختص إذا كانت الجرعة تحتاج إلى مراجعة.
وفيما يتعلق بأولئك الأشخاص الذين عانوا من فقدان الوزن أو زيادة الوزن غير المبررة، ينصح بإتباع نظام جيد التنظيم محمل بالمنتجات العضوية والخضروات والبيض والدواجن لتعويض فقدان الشهية، مع عدم الإفراط في تناول الأغذية غير المفيدة.