عادت من جديد أزمة انتشار حشيشة ورد النيل تطل برأسها من جديد فى فرع رشيد وعدد غير قليل من الترع وتلاحظ تكاثره بشكل كبير فى مساحات واسعة خاصة فى مراكز المحمودية والرحمانية وشبراخيت وإيتاى البارود والدلنجات ودمنهور وحوش عيسى وأبوالمطامير، مما تسبب فى إهدار ملايين الأمتار المكعبة من المياه وتهديد أرزاق أكثر من مليون مزارع ونحو 200 ألف صياد بمحافظة البحيرة.
موضوعات مقترحة
ولأن الحشيشة الضارة باتت نزرع الفزع والجزع فى نفوس الأهالي استطلعت «الأهرام التعاوني» آراء المتضررين والمتخصصين والعلماء حول مشكلات وسلبيات وإيجابيات هذه الظاهرة وطرق علاجها وكيفية الاستفادة منها، والتفاصيل في هذا التحقيق..
يقول محمود عزت إسماعيل من كبار مزارعى المحمودية عضو جمعية المحاصيل بالبحيرة، إن مشكلة ورد النيل تحولت إلى أزمة خطيرة حيث تتكاثر وتنتشر هذه النبتة الشيطانية لتغطى أجزاء كبيرة من النيل وأسطح بعض الترع وتكبد الدولة ملايين الجنيهات دون أن يتحرك أحد لإنقاذ هذه الترع حيث إنه ينمو بشكل كبير داخل المساقى وأمام السدود خاصة فى ترعة ساحل مرقص التى تروى أكثر من 100 ألف فدان على امتداد 50 كيلو مترا حيث تراكم بها بكميات هائلة وطائلة من هذه الحشيشة التى باتت كابوسا يقضى على الأخضر واليابس منتقدا الإجراءات السلبية المزمنة فى التعامل مع مشكلات الترع والمصارف التى باتت بيئة خصبة لانتشارها حيث إن أجهزة وزارة الزراعة وأجهزة الميكانيكا بوزارة الرى المنوط بها أعمال التطهير عاجزة عن التصدى لهذه الظاهرة مطالبا بسرعة إزالتها وتطهير المساقى للتخلص من هذا النبات الخبيث.
وتشير الدكتورة سناء عبدالله باحث أول بمركز البحوث الزراعية إلى أن مشكلة نبات ورد النيل تكمن فى شدة تكاثره حيث إن النبات الواحد يستطيع إنتاج 3 ملايين و418 ألفا و80 نباتا جديدا إذا ما ترك خمسة أشهر فقط وتغطى هذه النباتات المتوالدة من نبات واحد مساحد 14 ألفا و928 مترا مربعا.
وترى أن الاستفادة منه ورد النيل يعد من المهام القومية ويجب الاهتمام بها وإيجاد المنافذ الشرعية لتحويل نقمة ورد النيل إلى نعمة وأن توجه هذه الاستفادة إلى خارج حدود مصر أى ان جميع دول حوض النيل وخاصة المنابع التى يتكاثر فيها النبات بكميات هائلة غير أن البداية فى إقامة وحدات صناعات صغيرة فى القرى والمحافظات التى ينتشر النبات فى مجاريها المائية يمكن أن يعمل فيها الخريجين الشباب مع ربط إنتاج هذه الوحدات الإنتاجية الصغيرة بالصناعات الكبرى كالحديد والصلب والورق والعلف الحيوانى وغيرها حتى يكون استمرار المقاومة لضمان تشغيل هذه الوحدات والمصانع هو نفسه الحافز على مداومة استئصال النبات بصورة دائمة.
وتضيف الدكتورة سناء عبدالله، أن ورد النيل يستخدم فى الولايات الجنوبية بأمريكا لتنقية مياه صرف المصانع والصرف الصحى الآدمى حتى يصبح الماء صالحا للشرب وأنه يجب علينا فى مصر أن نستخدمه فى تنقية مياه مصارفنا بدلا من صرفها فى مياه نهر النيل لتجنب الإصابة بالعديد من الأمراض التىى زادت فى الفترة الأخيرة كالفشل الكلوى والكبدى والتسمم.
ولفتت إلى أن الدرسات السابقة عن نبات ورد النيل كانت تتعامل معه كخامة واحدة بدلا من الكل ولهذا تم دراسة كل جزء من أجزاء النبات تشريحيا وكيماويا وتقسيمه إلى أجزاء متباينة للاستفادة منه تصنيعا لما له من قدرة فائقة على التوالد الخضرى عن طريق الخلفات والريزومات وينتج النبات الواحد نحو 3٫5 مليون خلقة فوق المسطح المائى وهنا تكمن خطورة النبات فى قدرته على التمثيل الضوئى.
ويوضح الدكتور خالد عامر مدرس المحاصيل بكلية الزراعة بأن ورد النيل من الحشائش المنتشرة فى مياه النيل وروافده والمساقى العامة والخاصة ويهدد أرزاق أكثر من مليون مزارع و200 ألف صياد فقد دخل مصر لأول مرة أيام الملكية لإعجاب الملك بأوراقه وشكله على سطح المياه ولأن العقلة الواحدة من هذا النبات تكفى لمساحة فدان مسطح مياه من خلال شهر فقط بمعنى أنه سريع التكاثر بجانب أنه يسير بسرعة فى المياه فيؤدى إلى انتشاره السريع.
وعن فوائد ورد النيل يقول عامر أنه يمتص العناصر الثقيلة مثل الكادميوم والزئبق والقصدير والرصاص من المياه ولهذا عند إضافته كعليقة للحيوانات وهو مجفف يجعله ضارا بصحته حيث إن العناصر الثقيلة تخزن فى الدهون سواء فى اللبن أو اللحم فيؤذن الإنسان.
وتابع: عند استخدامه فى صناعة السباخ البلدى بطريق الكمر يؤدى إلى تراكم هذه العناصر الثقيلة فى الأراضى كما يؤدى إلى انفرادها لامتصاصها عن طريق الجذور وبالتالى وصولها للمحصول المتداول ومن هنا أصبح ورد النيل من المشاكل الكبرى التى يصعب التعامل معها ولذلك انتشر مؤخرا بطرق كيماوية وبيولوجية وميكانيكية ولكن نظرا لأنه ينتشر فى مجرى المياه العذبة المتداولة فى الرى والشرب والصناعة لذا تم مناقشة هذا الموضوع باسهاب فى العديد من المؤتمرات والندوات التى اوصت بعدم استخدام المركبات الكيماوية فى مكافحته خصوصا فى المجارى المائية التى تستخدم فى الرى والشرب والصناعة لأن استخدام هذه النماذج من المركبات المنتشرة فى مكافحة ورد النيل وهى مركبات تسبب سرطانات للإنسان والحيوان ومادة هرمونية منشطة خصوصا للإناث الصغار فمكافحة ورد النيل بالطرق الميكانيكية هى أفض السبل وهى من الطرق السهلة لأن نباتات ورد النيل من العوائق الطبيعية للمجرى المائى بجانب أن هناك الطرق الملاحية المنتشرة فى أنحاء الجمهورية بجانب عملية صيد الأسماك يعاكسها النباتات وينصح بضرورة مكافحة ورد النيل بالطرق الميكانيكية والسيارات البرمائية وتجميعه على الطرق الزراعية هى أفضل الوسائل.
وعن كيفية استخدامه كعلف لتغذية الحيوانات والدواجن يؤكد الخبير الدكتور محمد الجارحى مدير عام صندوق التأمين على الثروة الحيوانية بالبحيرة بأنه لا يمكن استخدام هذا النبات علفا إلا بعد إجراء التحاليل عليه والتأكد من خلو خلاياه من المعادن الثقيلة والتى تؤثر بصورة غير مباشرة على صحة الإنسان عند تغذيته على لحوم تغذت حيواناتها على علف ورد النيل وإصابته بأمراض العصر ولقد أوضحت الدراسات التحليلية الكيماوية التى تم إجراؤها بمركز البحوث أن نسبة المعادن الثقيلة فى ورد النيل تختلف تبعا لنمو النباتات من منطقة إلى أخرى فالنباتات النامية فى مياه متخلفة عن الصرف الصناعى تختلف بها نسبة المعادن الثقيلة عن النباتات النامية فى وسط نهر النيل.
وشدد الجارحى على ضرورة إجراء معالجة كيماوية لعلف نبات ورد النيل حتى لا يحدث نفوق للحيوانات التى تتغذى عليه كما أوضحت التجارب البحثية التى أجريت على مجموعة من الخراف تم تغذيتها على هذا العلف وبدون معالجة مما أدى لنفوق جميع الخراف ونفس الشىء قد حدث مع الماعز التى ماتت بعد 32 يوما مما يؤكد خطورة هذه العناصر سواء على الحيوان ومن بعده الإنسان ومن ثم يجب استخدام أى تربة زراعية صناعية من هذا النبات وكذلك السماد العضوى المستخرج منه إلا بعد إجراء كل الاختبارات والتحاليل الكيماوية للتأكد من صلاحيتها وخلوها من أى معدن ثقيل قد يضر بالمحصول الزراعى.
أما الدكتور جمال سارى كبير الباحثين بمديرية التعاون الزراعى بالبحيرة فيتساءل إذا كان هناك العديد من الأبحاث والدراسات التى تم إجراؤها لإمكانية التصنيع من نبات ورد النيل واخراج منتجات منه بدلا من اضرار العديد التى تسببت فى خسائر كثيرة بالنسبة للصيادين والمزارعين وإعاقة حلقة النقل النهرى فى فرع رشيد وخاصة المناطق المحرومة من الكبارى التى تعبر المواطنين من الشاطىء للشاطىء فأين التطبيقات العملية على أرض الواقع لهذا النبات.
فإن كل ما هو معروف هو استخدامه فى صناعة الأسبتة الخاصة ببوكيهات وكذلك إمكانية استخدامه فى صناعة الأخشاب إلا أنه يمكن القول أن الدراسات البحثية أثبتت خلوه من السموم وليس له أى تأثير ضار على الإنسان خاصة بالنسبة للكبد والمعدة والقلب والجهاز التنفسى والدم والسكر والكوليسترول ولهذا يمكن إدخاله فى الصناعات الدوائية.
وعن كيفية التخلص من النبات والاستفادة منه فى تنقية مياه الصرف الصحى يرى سارى بأنه من المعروف أن ورد النيل له قدرة شرهة على الامتصاص وأنه بالفعل يمتص العناصر الثقيلة أو الملوثات من المياه إلا أنه يمتص 60 % من المياه ويحولها إلى مياه بخر فى الجو تعتبر فاقدا من المياه يجب وضعه فى الاعتبار وهنا يطرح السؤال نفسه ماذا بعد نمو هذا النبات بكميات كبيرة فى هذه المصارف وانتقالها إلى المجارى المائية الأخرى ولهذا يؤكد سارى مجددا أن ورد النيل لا يعتبر طوق النجاة كما يتصور البعض من الباحثين وأه أداة يمكن الاستفادة منها لتنقية المياه لأنه مثلما يعطى يأخذ كما لا يجب أن نعالج الضرر بالضرر وعموما هناك طرق عديدة لتنقية المياه بدون حدوث أضرار تذكر.
ويوضح الدكتور جمال سارى أنه يمكن الاستفادة من ورد النيل عن طريق بعض أنواع الطيور لتغذيتها وفى الوقت نفسه القضاء على النبات حيث إن طيور الأوز تلتهم النبات على الفور وبهذا يمكن توزيع الطيور على العمال والموظفين الذين يعملون فى محطات الطلمبات أو البحارة حيث وجد أن هذه الطيور تتمكن من التغذية على الحشائش المائية فى الأماكن التى يتعذر تنظيفها فى محطات الطلمبات كذلك ينبغى الاستعانة بالمربين لهذه الطيور والمتخصصين فى كليات الزراعة لمعرفة المزيد عن إيواء هذه الطيور وتفريخها حتى يمكن نشر هذه التجربة على نطاق واسع.