فى إطار المبادرة الرئاسية للتشجير لزراعه 100 مليون شجرة خلال 7 سنوات بتكلفة 3 مليارات جنيه، اطلق قسم بحوث الاشجار الخشبية والغابات بمعهد بحوث البساتين بمركز البحوث الزراعية مبادرة «شجرها صح»، والتى تستهدف ضرورة الالتزام بكل التوصيات العلمية الفنية؛ وخلاصة الابحاث التطبيقية وخبرات باحثى وعلماء البحوث الزراعية فى عمليات التشجير المختلفة سواء تشجير الشوارع والمدن او الغابات والمساحات المجمعة أو الحدائق وغيرهما وذلك بهدف تجنب العشوائية فى منظومة التشجير من خلال إتباع طرق مغلوطة تذهب فى النهاية إلى إهدار المال العام، وضرورة إتباع طرق التشجير الصحيحة والتى ينتح عنها حماية للبيئة وثروة اقتصادية.
موضوعات مقترحة
كما أبدى قسم الأشجار والغابات بعض الملاحظات الفنية التى يجب الالتزام بتفيذها اثناء تنفيذ المبادرة الرئاسية، علاوة على مناداته بضرورة تفعيل مشروع «قانون الغابات والتشجير المصرى» كداعم رئيسى للمنظومة التشجيرية فى مصر بصفة عامة والمبادرة بصفه خاصة؛ وذلك بهدف توحيد الجهات القائمة على التشجير والغابات فى مصر فى جهة واحدة فقط لتجنب التخبط والعمل فى جزر منعزلة
وتؤكد الدكتورة مها فاروق، رئيس قسم الاشجار الخشبية والغابات بمعهد بحوث البساتين مركز البحوث الزراعية، على ضرورة إستغلال مبادرة 100 مليون شجرة فى ايجاد حلول للمشاكل القوميه الفعلية كمشكلة الاراضى المتدهوره بالفيوم والصحراء الغربية وذلك من خلال زراعه الاشجار التى تتميز بقدرتها على امتصاص المياه كزراعه اشجار الكافور او زراعة اشجار الحور فى حالة اذا كانت نسبة الملوحة مرتفعة.
وتقول فاروق: يجب أن تتجه المبادرة إلى وقف نزيف العملة الصعبة الناتجة من عملية استيراد الاخشاب من الخارج والاعتماد على اشجار محلية وكذا مواجهة مشكلة التلوث فى بعض المدن وتشجير الريف كحماية لمصادر مياه المراوى والترع وتجنب عمليات التبطين
كما توصى مبادرة « ازرعها صح « القائمين على تنفيذ المبادرة الرئاسية إلى ضرورة الالتزام بعدم زراعة اشجار الفاكهه فى الشوارع.
لماذا الجاتروفا؟
ونوهت بضرورة زراعة الأشجار فى الاماكن الموصى بها، وكذلك إختيار التوقيت المناسب لزراعتها، حيث وجد زراعة بعض أنواع الأشجار التى تؤثر سلباً على البنيه التحتيه للمبانى والاسوار كما هو الحال فى زراعة شجرة بزروميا كوتوكاربس والتى ينصح بزراعتها فى الاماكن الواسعه والتى ليس بها بنية تحتيه معمارية.
وأوصت مبادرة ازرعها صح القائمين على تنفيذ المبادرة الرئاسية فى الاتجاه نحو زراعة اشجار الجاتروفا فى الطرق والشوارع تمهيدا للحصول على الزيت من بذورها، بعدم جواز زراعتها الا فى أماكن مجمعه بعيدا عن العمران نظرا لاحتوائها على اجزاء سامة كما انها لا يمكن زراعتها كظل فى الطرق او لحجز العوالق والاتربة وتصبح عبأ على الطبيعة نظرا لانها تعاود ثانى اكسيد الكربون مره اخرى بعد اختزاله فى الكتله الحيويه للثمار وتحللها فى الطبيعه بعكس الاشجار الخشبية العاليه التى تختزل ثانى اكسيد الكربون فى الكتلة الحيوية لاخشابها.كما يلاحظ ايضا فشل زراعة الجاتروفا فى مصر بعد تجربتها فى غابة الاقصر؛ فلم تحقق اى نجاح وتم اهدار 300 فدان كما وجد انها تحتاج لتكلفه عالية فى زراعتها لبرامج تسميد ومتابعه وبالتالى عدم تحقيق ربح.
كما نادت مبادرة ازرعها صح قبل زراعه الاشجار المثمرة فى الشوارع والطرقات، بضرورة الرجوع إلى التوصيات الفنية لباحثى قسم الاشجار الخشبية والغابات.
قوانين الغابات
ولفتت د. مها إلى ضرورة تفعيل قانون الغابات والتشجير المصرى والتى قدمة قسم بحوث الأشجار والغابات بهدف توحيد الجهات المعنية بمنظومه التشجير وتجنب العشوائية والقرارات الخاطئة، موضحة أن سر تدهور وتخبط منظومة التشجير هو انحرافها بعيدا عن البحث العملى والخبرة والقانون هو الحل ؛ مشيره إلى أن قانون 28 لسنة 1941 والذى أصدره الملك فاروق كان الغرض منه فقط هو الحماية والحفاظ على الترع والمصارف من خلال التشجير على جسورهما وهى الطريقه الصحيحه ذات الفوائد الكثيرة سواء الفنية أو الإقتصاديه، وذلك بعكس عمليات تبطين الترع الخاطئة التى تجرى هذه الايام.
إستراتيجية زراعة الغابات
وأشارت فاروق إلى نجاح القسم فى تحقيق عدد من الانجازات، حيث تم الإنتهاء من إعداد الخطوط العريضة لإستراتيجية زراعة الغابات والتشجير فى مصر، كما تم اعداد مقترح قانون « قانون الغابات والتشجير المصري»، وكذلك إعداد خريطة لتوزيع بعض الأشجار الخشبية الهامة بيئيا واقتصاديا بجمهورية مصر العربية، كما تم حفظ لبعض الأصول الوراثية حقليا وفى نفس الوقت كأمهات منتجة للبذور لبعض الأنواع الشجرية الهامة فى المحطات البحثية منها الماهوجنى – التاكسوديوم – الكايا – الكافور الجمفوسيفلا – الصنوبر – السرو، بالإضافة إلى تقييم النمو وتقدير الكتلة الحيوية والصفات الطبيعية والميكانيكية للعديد من الأشجار الخشية النامية فى الغابات التابعة للمركز او فى الغابات التى تروى بمياه الصرف المعالج اوليا.
وبينت أنه من خلال الدراسات ثبت تفوق نمو أشجار الكافور الليمونى والسرو والصنوبر فى غابات الصرف الصحى فى الشمال (اسماعيلية – السادات) وتفوق نمو الكايا والسرسوع فى غابات وجه قبلى (أسيوط – الأقصر – اسوان)، كما أنشأ القسم غابة فى برج العرب تروى بمياه الصرف المعالجة اوليا وأثبتت الدراسات زيادة كبيرة فى نمو العديد من الأنواع الشجرية وأكثرها تفوقا كانت أشجار التاكسوديوم، كما أنشأ غابة فى كوم امبو بأسوان زرع فيها أشجار الكايا والماهوجنى رفيع وعريض الأوراق والكريزوفيلم والبقم والنيم والسرسوع والتاكسوديوم.
ولفتت إلى أنه تم عمل برتوكول إكثار زراعة أنسجة للعديد من الأشجار منها التيك « الحصول على براءة اختراع – الدكتوره منال حنفى» – الحور الأبيض – المرسين – الجريفليا – التويا – الصنوبر- اكاسيا ساليسينا – اكاسيا ميلانوكسيلون – اكاسيا ساليجنا – روبينيا – ميلالوكا ليوكاديندرون – ميلالوكا اريسيفوليا – سيكويا – دلينيا – الهجليج، بالاضافة الى نجاح القسم فى الحفظ المعملى لبعض الأصول الوراثية مثل السيكو يا – الميرسين –– الهجليج المصرى –الدليينا – الروبينيا – الميلالوكا - الزنزلخت، كما تم نقل جينات تحمل الملوحة لأشجار الحور بتكنيك زراعة الانسجة، وكذا إنتاج سلالات منتخبة ناتجة من الاكثار البذرى لهجن الحور الامريكية، كما تم إستخدام انسجة بعض الأشجار مثل الميلالوكا والسيكويا والهجليج والدلينيا والكامفور والمكاديميا والتاكسوديوم وثلاثة أنواع من الاروكاريا لانتاج بعض المركبات الثانوية معمليا واختبارها ضد عديد من الامراض مثل « السرطان – السكر – الكوليسترول – الزهايمر- الكبد – الشيخوخة».
وفى مجال التسميد الحيوىو أفادت بأنه تم التوصل إلى سلالات خاصة من الريزوبيوم لبعض انوع من أشجار العائلة البقولية، كما تم استخلاص زيوت بذور وكذا مستخلصات بعض أشجار عائلة الماهوجنى (أنواع الماهوجنى –أنواع الكايا – النيم – الزنزلخت) واستخدامها كمبيدات حيوية لمقاومة النمل الأبيض وثبت نجاحها، كما تم استخلاص وتقييم زيوت لبعض بذور الأشجار لاستخدامها كوقود حيوى (الجتروفا – البونجاميا – الكليروتاريا)، كما تم استخلاص زيوت بذور أشجار البومباكس – الكوريزيا والكابوك وثبت صلاحيتها للاستخدام الآدمى فى أغراض القلى والطهى، كما تم تصنيف وتوصيف لأربعة أنواع من الحور عن طريق الشكل المورفولوجى والتركيب التشريحى، وكذا تحديد البصمة الوراثية لأربعة أنواع من أشجار عائلة الماهوجنى، وثلاثة أنواع من أشجار الصفصاف، كما تم تصنيع عينات من الورق لأربعة أنواع شجرية (الكافور – الحور– السرو– الاكاسيا) كما كان للقسم الفضل فى أن مصر من الدول المؤسسة للجنة الحور الدولية NPC
الزراعة بالصرف الصحي
وأكدت د. مها فاروق أن مصر بحاجه إلى إعادة تجديد الغابات التى تعتمد على الصرف الصحى، وفى إطار ذلك حدد قسم الغابات الأنواع الشجريه التى تصلح زراعتها لكل غابة مع الالتزام بالغمر المقنن وليس التنقيط، كما تحتاج إدارة الغابات إلى ادارة فنية علمية غاباتية مع وجود عمالة مدربة، بالإضافة إلى احتواء كل غابة على سجل خاص بها يتضمن بيانات متابعة لنمو الاشجار منذ زراعتها.
ولفتت إلى أن عملية الرى باستخدام مياه الصرف المعالج فى المحافظات التى لها ظهير صحراوى تكون معالجة اوليه كما تستلزم تأهيل المشاتل لإنتاج الشتلات القياسية والملائمة لظروف كل موقع طبقا للبحوث والدراسات المعده بقسم بحوث الأشجار الخشبية والغابات بينما تحتاج الغابات التى لا تمتلك ظهير صحراوى إلى معالجة ثلاثية لمياه الصرف.
إرشاد وتدريب
وفي السياق نفسه، يقول الدكتور رمضان محمد سيد وكيل معهد بحوث البساتين لشؤون الارشاد والتدريب إن قسم الأشجار الخشبية والغابات يسير مع استيراتيجية الدولة المصرية الهادفه إلى التطوير نحو الافضل، لافتاً إلى أهمية التشجير فى ظل التغييرات المناخية وضرورة اختيار الأنواع الشجرية المناسبة لكل غرض من أغراض التشجير واهمية زراعة مصدات الرياح والاحزمة الواقية.
وأوضح أن المعهد يكثّف الدورات والندوات الارشاديه فى مجال التشجير وزراعة الغابات كابرام ندوات "يوم الشجرة" والتى يتم انعقادها سنويا خلال شهرى مارس وإبريل فى المعهد ومحطات البحوث: القناطر – الحديقة النباتية بأسوان – حديقة انطونيادس – الصبحية - ملاوى – شندويل بقنا، مع القيام بزراعة الأشجار كيوم من أيام الحقل وتوعية مجتمعية بأهمية زراعة الاشجار
وقال: يقوم بزراعة بعض الأشجار بالمشاركة المجتمعية فى المحطات وبعض المدارس والمستشفيات وغيرها من المصالح الحكومية وكذلك تنفيذ برامج ارشادية وتدريبية على مدار العام فى المحطات البحثية ومديريات الزراعة، وتقديم العديد من النشرات العلمية والمشورة للمستثمرين والمزارعين فى زراعة وصيانة الأشجار الخشبية، وكذلك إنشاء مصدات للرياح والأحزمة الواقية حول المزارع والمدن الجديدة أو المشروعات الزراعية والصناعية، علاوة على تقديم إعداد تقارير استشارية عن حالة الأشجار وتقدير أحجام الأخشاب الناتجة من عمليات تقطيع الأشجار للجهات المختلفة، وكذا عمل اختبارات الأخشاب الطبيعية والميكانيكية، والمتابعة والتقييم الغابات المزروعة على مياه الصرف الصحى والصناعى منها سرابيوم– السادات – أسيوط – الأقصر، كاشفا عن أن القسم عقد 7 ندوات ارشادية و3 دورات تدريبية، علاوة على اقامة المنتدى العلمى خلال عام 2022.
توصيات المعهد
وكان القسم قد قدم توصيات هامة خلال تنظيمة المنتدى العلمى «التشجير لمواجهة التغييرات المناخية»، أهمها سرعة إستصدار قانون الغابات والتشجير المصرى، وإعادة التأهيل لمشاتل وزارة الزراعة لإنتاج الشتلات ذات المواصفات القياسية واللازمة للتشجير، والمحافظة على الأصول الوراثية وامهات البذور، وعدم زراعة الأشجار المثمرة فى الشوارع والطرق، حيث تحتاج لبرامج خاصة للنمو الجيد، وحماية من التلوث والظروف الغير ملائمة، التشجير للحاجة الملحة للظل مع الارتفاع الشديد لدرجة الحرارة، وإشراك ودمج المجتمع فى تنفيذ عمليات التشجير فى القرى والمدن دون تحميلهم اعباء مادية، واختيار الانواع الشجرية التى تحقق منفعة مباشره، والتشجير لحماية الشواطئ حيث إن كفاءة التشجير أفضل من المكعبات الخرسانية، والتشجير لحل مشاكل التصحر فى الصحراء الغربية فيما يعرف بالصرف البيولوجى، والتشجير للحماية « مصدات الرياح والاحزمة الواقية» فى مناطق الاستصلاح الجديدة او فى المدن العمرانية الجديدة، التشجير فى مجال تثبيت الكثبان الرملية.