مصر على أعتاب ثورة صناعية.. ماذا يمكن أن تقدم إستراتيجية التنمية التي تستعد الدولة لإعلانها؟

29-1-2023 | 00:15
مصر على أعتاب ثورة صناعية ماذا يمكن أن تقدم إستراتيجية التنمية التي تستعد الدولة لإعلانها؟القطاع الصناعي - أرشيفية
إيمان البدري
تسعى الدولة إلى وضع أسس جديدة في قطاع الصناعة من خلال تنفيذ  الإستراتيجية الوطنية، لإحداث ثورة صناعية من تهدف إلى تعميق التصنيع المحلي وزيادة الاستثمارات، ورفع نسبة مشاركة القطاع الصناعي ودعم  الاقتصاد المصري.
موضوعات مقترحة
 
ومن المتوقع، حسب خبراء، وبعد تطبيق الإستراتيجية الوطنية للتنمية الصناعية،  أن ترتفع الصادرات المصرية من 80 مليارا إلى 150 مليارا كما أن القدرات الكامنة للاقتصاد تمكن من زيادة رقم الصادرات أكثر من 150 مليار بحلول عام 2030.
 
وأكد خبراء، أن تأثير الإستراتيجية الوطنية للتنمية الصناعية على دعم الصناعة المصرية، سيؤدي إلى دعم المستثمرين في الحصول على الأراضي الصناعية سواء بالإيجار آو بالتمليك، والتي ستتم على أسس واضحة  بحيث لا يتم إعادة بيع الأراضي، لوضع خارطة طريق لتسهيل حصول المستثمر على تراخيصه بسهولة، وبالتالي الإستراتيجية ستتلافى كافة أنواع الروتين الموجود داخل الجهات الحكومية المختلفة.
 
 

أبرز ملامح الإستراتيجية الوطنية للتنمية الصناعية 

وجاءت أبرز ملامح الإستراتيجية الوطنية للتنمية الصناعية حتى عام 2027 والتي تستهدف الإستراتيجية إحراز 5 أهداف أساسية بحلول عام 2026/2027،  وتشمل تحقيق نسبة 8% لمعدل النمو الصناعي، وزيادة نصيب الصناعة إلى 20% من الناتج المحلي الإجمالي، مع الوصول إلى معدل نمو للصادرات ما بين 18 إلى 25% سنوياً، والتوسع في التحول نحو الصناعات الخضراء والاقتصاد الدائري، وذلك من أجل تحقيق الهدف المنشود للدولة المصرية والمتمثل في تحقيق صادرات بنحو 100 مليار دولار.
 
الإستراتيجية أيضا تسعى لجذب استثمارات لتعميق الصناعة، باستهداف قطاعات صناعية ذات أولوية تمتلك مصر فيها قاعدة تصنيعية وفرصاً ومزايا تنافسية على المستويين الإقليمي والعالمي، وذلك عبر تقديم حزمة متكاملة من الحوافز والدعم الفني، بما يتلاءم مع احتياجات كل قطاع صناعيّ، بحسب وزارة الصناعة.
 
كما تنص الإستراتيجية على أن جهود الحكومة لتوطين الصناعة وتعميق التصنيع المحلي، حددت 152 منتجاً مستهدف توفير البدائل المحلية منها، طبقاً لاحتياج السوق المحلية وقدرة الصناعة الوطنية على توفيرها، وجذب استثمارات في تلك المنتجات بهدف تعميق التصنيع المحلي وزيادة المكون المحلي والقيمة المضافة، بما يسهم في توفير المزيد من فرص العمل وتعظيم حجم الاستثمارات.
 
وتحدد الإستراتيجية  الوطنية للتنمية الصناعية، الفرص الاستثمارية الواعدة في كل قطاع صناعي، والعمل على إعداد وصف دقيق لطبيعة كل فرصة وصياغتها في شكل ترويجيّ ودعائي جذاب يتناول أهم الملامح ومزايا الاستثمار في تلك الفرصة ورفع كفاءة تشغيل المجمعات الصناعية القائمة وتوجيهها للصناعات المُستهدفة لإحلال الواردات، من خلال عدة آليات، منها تيسر الإجراءات، وتوفير الآليات والأدوات التمويلية اللازمة للمستثمرين بشروط ميسرة، وفتح قنوات التواصل المباشر مع المستثمرين من المجمعات الصناعية، للوقوف على التحديات وسرعة العمل على تذليلها مع الجهات ذات الصلة.
 

تعميق التصنيع المحلي

يقول المهندس محمد عبد الكريم رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية، إن الهدف من الاستراتيجية  الوطنية للتنمية الصناعية هو تعميق التصنيع المحلي وزيادة الاستثمار المحلي والأجنبي،  بهدف رفع نسبه مشاركة القطاع الصناعي  والصناعات التحويلية في الاقتصاد المصري.

كما أن ملامح إستراتيجية التنمية الصناعية إنها تركز في التيسير على المستثمرين، وتتطرق إلى موضوع الميكنة التي تعتبر من الموضوعات المهمة  جدا لأنها  ستوفر على المستثمرين الكثير من الإجراءات، وتشجع على التنمية الصناعية.
المهندس محمد عبد الكريم
 
ويشير رئيس الهيئة العامة للتصنيع إلى أن الشيء الآخر من إستراتيجية التنمية الصناعية، هو تحديد الموارد الموجودة في الدولة وتحديد القطاعات الواعدة  الحالية والمستقبلية، وهي تعتبر من النقاط المهمة وهي قطاعات الصناعات المستقبلية  وكيفية الاستعداد لها وكذلك تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة، وكيفي رفع تنافسية المنتج الصناعي المصري واستخدام البنية التحتية الموجودة في مصر والتي تعتبر ممتازة وفائقة على مستوى العالم.
 
كما ستؤثر إستراتيجية التنمية الصناعية في ادعم التنمية الصناعية من خلال استخدام موارد مصر الطبيعية والموارد البشرية في التنمية الصناعية، حيث إن التنمية الصناعية تركز على عدة محاور منها محور استخدام التكنولوجيات الحديثة، ومنها محور استخدام الموارد الطبيعية الموجودة في مصر سواء ثروة محجرية أو ثروة معدنية والشيء الآخر هو موقع مصر وعلاقتها التجارية مع الأسواق المختلفة وكيف ننمي الصادرات. 
 

انتهاء المشاكل البيروقراطية مع تطبيق الإستراتيجية الوطنية للتنمية الصناعية 

يقول مجدي المنزلاوي لأمين العام لجمعية رجال الأعمال المصريين ورئيس لجنة الصناعة والبحث العلمي، إن وجود الإستراتيجية الوطنية للتنمية الصناعية، ييسر الكثير جدا من مشاكل البيروقراطية التي كانت موجودة في الماضي، وبذلك تعتبر  من أحد العوامل الرئيسية للإستراتيجية أنها تتلافى طول مدة التراخيص في الحصول عليها عند التعامل مع هيئة التنمية الصناعية.
مجدي المنزلاوي
 
والشيء الآخر أن إستراتيجية التنمية الصناعية تحتوي على تخصيص الأراضي وبالتالي من خلالها سيتم وضع وتحديد أطر التعامل مع هذه الأراضي بالتمليك أو بالإيجار وهذا عامل مهم  لكي تستطيع هيئة التنمية الصناعية السيطرة عليهما لأنهما مهمان للصناعة وبالتالي ستتيح الإستراتيجية حل تلكما الجزئيتين. 
 
بالإضافة إلى ضرورة أن تضع هيئة التنمية الصناعية في إستراتيجيتها، ما هي أهم الصناعات التي يحتاجها السوق المصري، وتخفض من الاستيراد، مع وجود قائمة بمعظم الواردات وهي قائمة تم إعدادها بواسطة تحديث الصناعة وهي حوالي ، 130 ونعتقد أن إستراتيجية التنمية لن تبخل أنها تضع بالتعاون مع هيئة الاستثمار خريطة استثمارية من داخل استراتيجية التنمية الصناعية. 
 

كيف تؤثر الإستراتيجية في دعم التنمية الصناعية في مصر 

ويستطرد مجدي المنزلاوي، قائلا إن الإستراتيجية الوطنية للتنمية الصناعية  ستدعم المستثمرين في إيجاد الأراضي الصناعية سواء بالإيجار أو بالتمليك والتي ستتم على أسس واضحة بحيث لا يتم إعادة بيع الأراضي، كما أن إستراتيجية التنمية ستتعمق في وضع خارطة طريق لتسهيل حصول المستثمر على تراخيصه بسهولة وبالتالي الإستراتيجية ستتلافى كل الروتين الموجود داخل الجهات الحكومية المختلفة.
 
 

أهداف وتأثير إستراتيجية التنمية الصناعية 

يقول دكتور فرج عبد الله الخبير الاقتصاد بأكاديمية الثقافة والعلوم وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع، إن الدولة تستهدف بالأساس تغطية الواردات ببدائل محلية، بالإضافة إلى زيادة حجم الصادرات فيما يتعلق  بالميزة النسبية للصادرات المصرية والمنتج المحلي، وذلك من خلال إنتاج ما يتم شراؤه من الخارج وفي نفس الوقت زيادة إنتاج المنتجات المحلية وزيادة تصديرها للخارج، وهي تسمى إستراتيجية إحلال محل الواردات وزيادة الصادرات معا في نفس التوقيت.
الدكتور فرج عبدالله
 
وتستهدف الدولة من خلال ذلك إيجاد وإقامة مجمعات صناعية وفقا للمعايير البيئية والحديثة للإنتاج في مناطق عدة أبرزها محافظة الجيزة والمنيا والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس ومحافظة الإسكندرية وعدد من المحافظات التي تعتبر موطنا للإنتاج المحلي حاليا. 
 

كيف يتم تنفيذ الإستراتيجيات؟ 

وفي سياق متصل يقول الدكتور فرج عبد الله، لكي يتم تنفيذ الإستراتيجيات يجب أن يكون الاتجاه الأول هو تنفيذ عملية تخصيص الأراضي للمطورين الصناعيين، وهذا على مستوى الصناعات الكبيرة لكي يقوم المطورون الصناعيون بعملية الإنشاء وطرحها للمصانع والشركات الصناعية.
 
أما الاتجاه الثاني، أن تقوم الحكومة نفسها بتطوير المشروعات وبعض القطاعات الصناعية التي يمتنع القطاع الخاص عن العمل فيها لعدة أسباب، لأنها قد تكون قطاعات صناعية عالية المخاطر سواء مخاطر السوق أو مخاطر تشغيل ومثل قطاع البتروكيماويات هنا الدولة في هذه الحالة ستقوم بعملية الإنشاء والتطوير وعملية التنمية في القطاع الصناعي الذي يمتنع القطاع الخاص من الدخول فيه نظرا لمخاطرة وكبر حجمه وتمويله الضخم.
 
ويعتبرالاتجاه الثالث، وهي القطاعات الصناعية التي لها علاقة  بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة  أو متناهية الصغر وهنا الدولة قامت بالفعل بإقامة 17 مجمعا على مستوى الجمهورية، وهذه المجمعات ستكون بمثابة شرايين أساسية لتكملة الصناعات الكبيرة التي سيقوم بها المطورون، والتي ستوفر الدولة مستلزمات إنتاجها مثل صناعات البتروكيماويات على سبيل المثال لا الحصر  وهذا هو ما تستهدفه الدولة.
 

الصادرات والواردات المصرية 

ويشير الدكتور فرج عبدالله إلى أن حجم صادراتنا يتخطى 53 مليار دولار وحجم واردتنا يتخطى 82 مليار دولار ولدينا قيمة الصادرات لتغطية الواردات في حدود ما بين 50 إلى 60% وهذا مؤشر ارتفع خلال عامين في حدود 1%، لأنه في العام قبل الماضي كنا نتحدث عن 42% لأن الصادرات تغطي الواردات، ولكن هذا العام وفقا للبيانات التي أعلنت نحن نتحدث عن صادرات تكفي الواردات بنسب تقترب من الــ 60% ونستطيع تغطية واردتنا من خلال صادرات مصر. 
 
وبعد إجراء الدولة لإستراتيجية التنمية الوطنية الصناعية وتطبيقها على الأرض، يصبح من المتوقع أن تسهم هذه الإستراتيجية حتى 90% من الواردات، وبالتالي عندما نستورد العام القادم وما يليه برقم محدد فالدولة هنا ستستطيع تغطيته كاقتصاد قومي في حدود الـ 90% وهذا مؤشر جيد جدا على زيادة الصناعة والمكون الصناعي، ومن المتوقع بعد تطبيق استراتيجية التنمية الاقتصادية أن تزيد صادراتنا من 80 مليارا إلى 150 مليارا كما أن القدرات الكامنة للاقتصاد تمكن من زيادة رقم الصادرات أكثر من 150 مليارا بحلول عام 2030.
 

معايير تطبيق الإستراتيجية الوطنية للتنمية الصناعية 

 ويضيف فرج عبدالله، أننا لدينا بعض المعايير التي يمكن أن نحكم عليها أو نضعها في الاعتبار عند تطبيق الإستراتيجية الوطنية للتنمية الصناعية لكي يكون هدف لها هو أن تميل الصناعة إلى زيادة القيمة المضافة للمنتج المحلي، بمعنى  أنه لا يتم تصدير شيء خام لكي نعزز وننظم من القيمة المضافة للمنتج المحلي،  إذا الصادرات من ضمن أهدافها هو زيادة نسبة المكون الصناعي الموجودة فيها، وليس مجرد فقط زيادة في الصادرات ولكنها ستكون زيادة في الصادرات مع زيادة نسبة المكون المحلي وزيادة نسبه التصنيع في الصادرات الخاصة بنا.
  

متطلبات نجاح الإستراتيجية الوطنية للتنمية  الصناعية 

ويشير إلى أن نجاح الإستراتيجية الوطنية للتنمية الصناعية يحتاج بعض المتطلبات لنجاحها، ويتم ذلك من خلال توحيد جهة الاختصاص لكي يعرف المطور الصناعي لمن يتوجه، وإذا كان مستثمرا محليا ومعه شريك أجنبي يجب أن يعرفوا ما هي الجهة التي سيتم توجههم لها، فإذا يجب من البداية توحيد جهة الاختصاص والفصل ما بين جهة الولاية وجهة الاختصاص. 
 
الأمر الثاني وهو أن تضم استراتيجية تنمية الصناعة وضوح السياسة الضريبية، وتوضح أنها لن تغير التعريفة الضريبية مثلا لمده 10 أعوام على سبيل المثال فإذا تم إنتاج المنتج الذي يتم استيراده من الخارج فهنا لمده من خمس أو 10 سنين لن يدفع إلا مقتطعات الضرائب والرسوم فقط، مما يجعل المنتج لسلع معينة أنه يكون أمن من مخاطر التقلبات التي من الممكن أن تحصل في السياسة المالية، في حالة حدوث أي تغيرات واردة بالتالي لن يحدث أي تغيير في التعريفة الضريبية التي يتم دفعها وترتيب حساباتها، ودراسات المشروع على هذا الأساس يعتبر ضمانة واستقرار السياسات المالية فيما يتعلق بالرسوم والضرائب المقررة على النشاط.
 
والشيء الآخر المهم هو ضمان استقرار سعر الصرف وسوق النقد، وهذا له عدد من الأدوات منها تقييم دخول الاستثمار عند سعر الصرف في السوق الحالي، وفي حالة التصفية يتم التصفية على سعر الصرف  الذي سيكون  موجد بعد ذلك ، أي لابد من ضمانه تجنب مخاطر تقلبات سعر الصرف وهذا على مستوى السياسات المالية والنقدية. 
 
ويشير الدكتور فرج عبد الله، مطلوب إجراء آخر لنجاح الإستراتيجية الوطنية للتنمية الصناعية، وهو مطلب يجب أن يتم بالتوازي مع تخصيص الأراضي،  وهي وجود سياسة تدريبية واضحة مثل معرفة المنتجات التي تنتجها المحافظات الصناعية، ومن هنا يجب أن تكون المدارس الصناعية الموجودة في هذه المحافظات الصناعية أن تكون مناهجها يتم تطبيقها في فترة إنشاء المشروع التي لابد أن تتوافق مع سياسة التصنيع مما يسهل معرفة الطالب على الأجهزة والتدريب عليها وإتقان التعامل معا، وذلك بالنسبة لخريجي المدارس الفنية.
 
كل ذلك سيؤدي إلى زيادة في ناتج ودخول الأفراد اللي تم تعليمهم وبالتالي لن تكون لدينا نسب بطالة متوقعة عالية، بل بالعكس سنحتاج لمزيد من تشغيل الأيدي العاملة ففي هذه الحالة سيتغير نمط الاقتصاد من نمط يعتمد على الواردات إلى نمط معتاد على النمط المحلي وتعبئة الموارد بالداخل بما فيها العنصر البشري، وبالتالي تنخفض معدلات البطالة ويتم اعتماد الاقتصاد على الداخل وعدم اعتماده على الواردات كما سيحافظ على ميزان المدفوعات في مصر وستؤدي إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي وزيادة الصادرات.
كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة