التهجم على الإسلام.. «لعب عيال» (3)

26-1-2023 | 11:15

 ليس من قبيل  المصادفة الآن، أن تسمح السلطات السويدية لمخلوق - هو إلى النفايات البشرية أقرب - يدعى راسموس بالودان (سياسي يميني متطرف) بحرق نسخة من المصحف الشريف  السبت الماضي، واعتبرها وزير الخارجية السويدي،  أنها تأتي في إطار حرية التعبير.(!!!)
 
وليس من قبيل  المصادفة الآن، أن يحرق همجي أوروبي آخر في هولاندا، قبل يومين صفحات المصحف في الشارع وهو يثرثر ويهذي بكلمات صبيانية وظهر هذا المتشدد وسط حشد كبير من العناصر الأمنية وهو رافع نسخة من المصحف الشريف، ثم قام بحرقها.

وليس من قبيل المصادفة الآن، أن تتقارب زمنيًا هذه الألاعيب مع رائحة الحقد الأوروبي الدفين في الأعماق الغربية المهزومة التي انبثقت وفضحت نفسها على مرأى من العالم أجمع، حين ظهر متطرفون إنجليز يحاولون دخول «استاد الدوحة» في كأس العالم 2022، وهم يرتدون سلسلة بريدية وخوذات وصليب وملابس القديس جورج التي ترمز للحملة الصليبية، وهي ملابس فاخرة تحمل رموزًا صليبية وتمثل «فرسانا وصليبيين»، ومن المؤكد أن هؤلاء المتطرفين ومن أرسلوهم، يدركون تداعيات مأساة تلك الحرب الصليبية البغيضة التي حاولت تدمير الشرق وتشويه الإسلام فإذا هي تدمر نفسها، وعاد من قادوها أدراجهم مهزومين خاسئين، ويريد أحفادهم الأخذ بالثأر!!
 
إنه تزامن مقصود بين هذا المجرم أو ذاك وهذه الهيئة أو تلك المؤسسة، من الإرهابيين الأوروبيين، وكل من يتجرأ وبكل وقاحة، على القرآن العظيم، ولا يعلم - هو وكل من على شاكلته - أن القرآن الكريم أكبر من مجرد صفحات في كتاب، إن قرآن رب العالمين في قلوب 2 مليار مسلم أيها الجهلاء الحاقدون العنصريون، ولكنكم لا تعقلون.
 
هذه الألاعيب الصبيانية، سواء  على مستوى الأفراد أم على صعيد الدول، لن تتوقف، فمن اقترفها ويقترفها، يتواصل مع الجذور الإرهابية التي تربوا عليها وحشروها في عقولهم، ولا يختلفون عمن سبقهم من مفكريهم وسياسييهم، وليست بعيدة عن التشكيل المستمر للجبهات، في أوروبا وأمريكا، والمحافل الصهيونية الماسونية استنادًا - كما ذكرت في المقال الماضي - إلى ما صرح به «بيير راغاشي» الذي يقال إنه «الأستاذ الأعظم للمحفل الماسوني» بأن العلمانية والليبرالية تتعرضان لهجوم من الأديان!! (تصوروا هذه السذاجة).  
*

هذه  الترهات الأوروبية هي أقرب كثيرًا إلى أبشع الذين مارسوا عملية التشويه والتشويش على الشخصية المحمدية، ذلك الكاتب الإيطالي المدعو «دانتي» صاحب «الكوميديا الإلهية» صنيعة العصور الوسطى؛ حيث ثقافة التخلف والعنصرية الغربية البغيضة، إذ سولت له نفسه أن يضع الرسول العظيم في أدنى طبقات الجحيم«!» ومعه مجموعة من الرموز الإسلامية«!» هكذا بلا ضمير أو علم أو بينة أو موضوعية، اللهم إلا استنادًا إلى الصورة التي رسمها قواد «الإسلاموفوبيا» فراح خياله المريض «يرص» الأسماء والشخصيات في صفوف الآخرة ويضع الأرواح بعد الموت، في عرض جحيمي منحدر من القمة إلى القاع: «الوثنيون غير المعمدين، الشهوانيون، الشرهون، المبذرون، الغاضبون، المهرطقون، المعتدون، الدجالون، الخونة».

ومن المثير للأسى والسخرية، أن فينا من يصف عمله هذا بالروعة، ويقدمون عشرات الترجمات والمؤلفات التي تعظم من شأن هذا الـ «دانتي» وأمثاله، وتعد رسائل الدكتوراه عن أدبه وفكره، وتتخذ منه مثلا للأدب الخالد عبر العصور «!» والأمثلة مريرة ومثيرة وكثيرة، وأستذكر ما قالته لي الدكتورة «رشا الصباح» الأستاذ ورئيس «جامعة الكويت» في حوار لي معها «أن دانتي هو ابن عصر النهضة الإيطالية، التي كابدت ميراث العصور الوسطى العقائدي والفكري، وحاولت تحطيم كل القيود السماوية والأرضية، وأنه تردى في هاوية العصبية التي تعمي وتصم، فتقلب الحقائق، وتنكر الشمس في رابعة النهار، وأن دانتي هذا استقى معلوماته عن الإسلام والمسلمين من الترجمات المشوهة والكاذبة للقرآن الكريم، ولذلك فإن آداب العصور الوسطى في أوروبا، لم تظهر صورة متجانسة للإنسان العربي، والإنسان المسلم، وكان ذلك نتيجة الخصومة الدينية الحادة مع العالم الإسلامي، والتي خلدتها الحروب الصليبية، وأن المواقف والتحيزات التي تكونت خلال العصور الوسطى ضد الإسلام، لا تزال قائمة حتى يومنا هذا».
*
  لقد تضخم قاموس العداء للإسلام تضخيما مرعبا، ليس وليد اليوم، بل جذوره ممتدة الى مئات السنين، وفي الدراسات القديمة والحديثة، خاصة لدى المستشرقيين، الذين كانوا «خدمًا وعبيدًا» لأسيادهم من الساسة، وكانوا ذيولاً بحثية للمتزعمين هذه السياسة العدائية منذ عهود المد الاحتلالي البغيض، والهيمنة الغربية الهمجية التي ترتدي الأقنعة، والتي ساعة أن تساقط، تبدو وجوه مرتديها مثيرة للغثيان بكل أنواعه.
 
التصدي لمثل هذه الحملات مستمر، إذ قدم مجموعة من الباحثين في «الكونجرس الإسلامي» في كندا دراسة، حصروا فيها ورصدوا صورًا ومظاهر سافرة من العداء للإسلام، أو ما يسمونه «الإسلاموفوبيا» في الصحافة والتليفزيون، يلخصها قاموس العداء للإسلام والمسلمين، والذي يحمل كمية من الأوصاف بلغ عددها «54» وصفًا من قبيل: «المجموعة الإسلامية المسلحة، المجموعة الإسلامية المتطرفة، المسلمون الأصوليون والإرهابيون، النزعة الأصولية في الإسلام السني...»  وغير ذلك.
مثل هذه الجذور لا تزال تنمو، إذ لا نمو بدون جذور، وهي المؤسسة لأصحاب الأفق الضيق، في منظورهم إلى الإسلام، دينًا وقرآنًا ونبيًا ورسولاً ومسلمين.
*

أرأيتم.. والبقية تأتي ونار الحقد الأوروبي والأمريكي مستمرة ومستعرة..!

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: