Close ad

مبدأ التعاون والتكافل بين أفراد المجتمع

22-1-2023 | 16:29
الأهرام المسائي نقلاً عن
تعداد سكان مصر مائة مليون وأكثر، ولو حصرنا عدد العاملين في الدولة من جميع القطاعات والمؤسسات، خاصا وحكوميا وفرضنا أنهم بنسبة 50% يعني بقرابة 50 مليون موظف، ولو كل موظف بشكل تلقائي تبرع بإرادته ورغبته كل شهر بجنيه سوف يؤثر ولا يتأثر، ما أقصده أن مبلغ جنيه لا يؤثر سلبيًا على الموظف أي لا يؤثر على مرتبه، ولكن في المقابل سيكون الموظف مؤثرًا بصورة إيجابية، ولو جمعنا 50 مليون كل شهر ووضعناها في بيت المال لصَرفِها على الفقراء والمساكين وجميع المصارف، لأحدثنا طفرة ليس في تاريخ مصر فحسب، ولكن في تاريخ الإنسانية، فمن ضمن أركان الإسلام الخمسة (الزكاة) وقد شرعها الله كحق للفقير، ولو قام كل فرد في الدولة، وخاصة الأغنياء، باستخراج مبلغ الزكاة المفروض عليهم، لما كان هناك فقير أو جائع!
 
فمن المعلوم أن حق المسكن حق منحه الإسلام قبل أن تُعلن عنه مبادئ حقوق الإنسان، بل الشريعة الإسلامية قررت حق المسكن لكل أفراد الدولة وألزمت الدولة على توفير المساكن للمحتاجين من أفرادها، بل إذا عجزت الدولة عن ذلك لقلة مواردها أو لا يوجد ما يكفي لتوفير الاحتياجات للأفراد، كان لزامًا على الأغنياء في المجتمع، وتقع عليهم مسئولية إيفاء حاجات الفقراء والمساكين من طعام وشراب ومأوى وملبس، وفي ذلك يقول بن حزم: "وفرض على الأغنياء من أهل كل بلد أن يقوموا بفقرائهم، ويجبرهم السلطان على ذلك إن لم تقم الزكاة بهم".

وكما قال الله تعالى: "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ"، فهذه الآية توضح نوعًا من أنواع التكافل الاجتماعي في الإسلام أي التزام القادر من أفراد المجتمع نحو أفراد المجتمع غير القادرين، كما أوضح رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك وقال: "من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له"؛ فذكر من أصناف المال حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل، كما حث الإسلام على مبدأ التعاون والتكافل ليس فقط بين المسلمين بعضهم البعض، بل أيضًا ما بين المسلمين وغير المسلمين باعتبارهم أفرادًا يعيشون في المجتمع لهم ما لهم من حقوق وعليهم ما عليهم من واجبات، وضرب سيدنا عمر بن الخطاب أروع الأمثلة في تعامله وعطائه مع أهل الذمة، وقد حث الإسلام على إعطاء المحتاجين والمساكين فقال تعالى: "وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ  لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ"، فهناك العديد من الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة التي تحث على ذلك، فقال رسول الله: "ليس المؤمن بالذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه"، فأين نحن من الإسلام الآن! الدين الحق الذي يدعو للمحبة والتفاؤل والتسامح ليس فقط ما بين المسلمين بعضهم البعض؛ بل ما بين المسلمين وغير المسلمين من أهل الكتاب، والإسلام لم يحث على التعاون فقط في الأمور المالية؛ بل في العلم والحكمة أيضًا وأوجب الإسلام النصح والمشورة، كما ورد في حديث رسول الله "الدين النصيحة"، فالإسلام دين الرحمة، وكل قواعده وأحكامه تحث على الرحمة والتعاون، هذا هو الدين الإسلامي الذي يجب أن يصل لكل العالم، وقبل أن يصل للغرب يجب أن يصل للعرب!

فكل مشاكلنا بسبب عدم فهمنا للدين فهما صحيحا؛ دين التعامل وليس المظاهر، فلو فهمنا الدين وطبقنا تعاليمه لاختفت جميع مشاكلنا الداخلية من فقر وبطالة وظلم، ولأصبح العدل في بلادنا ولا يصبح هناك فقير في بلادنا إن أخرج الغني الزكاة المفروضة عليه، ولما كانت هناك بطالة لأن الإسلام حث على العمل، وأيضًا لو تم فهم آيات الله لاختفت معظم مشاكل المجتمع كالطلاق الذي يزيد يومًا تلو الآخر لعدم فهم حقوق وواجبات كل من المراة والرجل، ولو تم فهم الدين لاختفى الإرهاب من دولتنا؛ لأنهم لا يعلمون بأن الله نهى عن قتل النفس أيا كانت جنسيتها وديانتها! وفي حقيقة الأمر إن الأموال التي نحن نملكها هي في الحقيقة ملك لله؛ والدليل على ذلك قوله تعالى:"وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ"، كما قال الله تعالى: "وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ"، كما قال الله تعالى: "مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ". صدق الله العظيم.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: