الانقلاب المناخي مستمر.. خسائر باهظة بين التجمد والاحتراق.. والتمويلات الدولية أسرع الحلول

20-1-2023 | 14:56
الانقلاب المناخي مستمر خسائر باهظة بين التجمد والاحتراق والتمويلات الدولية أسرع الحلولالانفلات المناخي مستمر
إيمان البدري

ما زالت الأرض تطلق تحذيراتها للإسراع في البدء بعمليات الإنقاذ وتلافي تداعيات غضبة المناخ، التي تتعاظم يوما بعد الآخر ومحصلة الضحايا في زيادة، ما بين تجمد بلدان كاملة حول العالم واحتراق أخرى وتكبد البشر خسائر بالملايين.

موضوعات مقترحة

ويرى خبراء أن العودة إلى مخرجات قمة شرم الشيخ، كوب 27 والبدء في تمويل الصندوق الأخضر قد يقلل من حجم الكارثة.

«بوابة الأهرام» استطلعت رأي الخبراء حول أهمية تمويل صندوق المناخ الأخضر خاصة مع استمرار تداعيات المناخ، التي تحظى  باهتمام العالم عقب ضربات المناخ الموجعة.

ضرورة فرض الأمم المتحدة قرارات ملزمة لتوزيع أنصبة صندوق التمويل الأخضر

يقول الدكتور محمد شرف أستاذ المناخ التطبيقي، بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، إن قضية صندوق التمويل الأخضر قضية مهمة  لأنه هو من يمول خطط الدول الفقيرة والنامية في مواجهة  التغير المناخي، من خلال اتباع  التخفيف والتكيف من آثار التغيرات المناخية التي تتطلب  إجراءات وميزانيات لتنفيذها، لذلك لا بد أن توجد ميزانية  لتمويل كافة هذه الإجراءات.


الدكتور محمد شرف

وأضاف: "كما أن الصندوق الأخضر يحتاج تمويله لمدة 50 عامًا مقبلة حتى نتمكن من مواجهة تداعيات التغيرات المناخية وخفض حدتها  بقدر الإمكان، ولكن المشكلة في اتفاقيات التغيرات المناخية، أنه لا يوجد إلزام وإجبار لأي دولة في الوفاء بالتزاماتها، كما يمكن أن تنسحب أي دولة مثلما حدث انسحاب الولايات المتحدة من قبل ولم يحاسبها أحد، لكن إذا حدث التوقيع على الاتفاقيات هنا لا تتمكن الدول من الانسحاب لأنه سيتم توقيع الغرامات على الدولة المنسحبة.

وتابع: لكن حتى الآن اتفاقيات المناخ هي عملية تتم بالتراضي من خلال مناقشات بالتراضي، ولكن ما يحكمها فقط أن كل دولة تقوم بمسؤوليتها تجاه الكرة الأرضية ، لذلك لا بد من وجود قرارات ملزمة لتوزيع أنصبة صندوق التمويل الأخضر.

واستطرد "لذلك على هيئة الأمم المتحدة أن تقوم بمسؤوليتها تجاه تفعيل توزيع، الأنصبة الخاصة بتمويل الصندوق الأخضر، وبدء التحصيل حتى يتثنى للدول الفقيرة والنامية أن تتخذ الإجراءات اللازمة لمواجهة تداعيات المناخ، خاصة أن اتفاقية المناخ تتبع اتفاقية الأمم المتحدة، مما يجعل للأمم المتحدة الاهتمام الأساسي للقيام بدورها حيال قضية تغير المناخ.

حساب التكلفة التقديرية لمشروعات التكيف والتخفيف من التغيرات المناخية 

وقال الدكتور محمد شرف قائلا، إن البدء في تنفيذ وتفعيل الإجراءات لمواجهة تغير المناخ، يتم عندما يكتمل تمويل صندوق المناخ الأخضر، علما  بأن اقتراحًا لتفعيل صندوق التمويل الأخضر، كان من المفترض أن يتم منذ 3 سنوات ماضية، وأن يوضع فيه كل عام 100 مليار، ولكن حتى الآن لم تفعّل هذه القرارات نظرا لوجود خلاف قائم وفصال بين الدول على دفع التمويل. 

وأضاف: "وعندما يتم تمويل الصندوق الأخضر، هنا الصندوق سيبدأ التوجيه  بوجود مشروعات تهدف إلى التخفيف من الانبعاثات، وبعد ذلك يتم  البدء في حساب التكلفة التقديرية لمشروعات التخفيف وتوجيهها للدول التي تبدأ مشروعات التخفيف. 

وأشار إلى أن الدول المتقدمة يجب أن يقع عليها  إجراءات التخفيف والتكيف مع التغيرات المناخية، ولكن من خلال ميزانيتها الخاصة وهذه هي  النقطة الأساسية حول أن من يساهم هو المسبب الأكبر  في التغير المناخي وبالتالي تدفع وتمول صندوق المناخ الأخضر بشكل أكبر. 

وقال إن تمويل الصندوق الأخضر يعتمد على التمويل من الدول الغنية والدول الصناعية الكبرى، لذلك في أثناء المناقشات يتم الدفع  بالدول الغنية بتمويل الصندوق الأخضر.

وأضاف "وعلى كل دولة أن تدعم صندوق التمويل الأخضر بحسب نسبتها في إنتاج الانبعاثات، وأن تدفع  أكثر للدول النامية والفقيرة التي  لا تساهم في الانبعاثات ولكنها تتأثر بتداعيات التغيرات المناخية، وبهذه الطريقة يتم حصول الدول الفقير على التمويل من الدول الغنية، وتحصل على الدعم التي تقوم به لعمل إجراءات التخفيف والتكيف. 

الكرة الأرضية تحتضر وما زالت اتفاقيات تغير المناخ تتم بالتراضي دون  أي  إجراءات وجوبية

 وتابع الدكتور محمد شرف، أنه لا توجد أي إجراءات وجوبية في تمويل صندوق المناخ الأخضر في الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ، ولكنها اتفاقيات تعتمد على التراضي  بين الدول، لأنها عبارة عن تكليف وواجب إنساني على كل دولة تجاه الكرة الأرضية وتجاه الحياة على سطح الأرض يجب أن تلتزم بتنفيذه.

وقال: "نظرًا لاستناد اتفاقيات تغير المناخ على التراضي فقط، هنا لا بد أن كل دولة يكون لها استراتيجيتها المرتبطة بوجوب دورها الإنساني في مواجهة التغيرات المناخية، وإلا ستحتضر الكرة الأرضية، خاصة إذا لم تلتزم الدول حتى 2030 ولم تستطع السيطرة على التغيرات المناخية، سنفقد السيطرة نهائيا على الكرة الأرضية وسيرتفع مستوى سطح البحر بشكل نهائي وسترتفع معدلات درجات الحرارة بشكل سريع، مما يؤدي ذلك إلى انتشار كثير من الأمراض والأوبئة ووفاة الكثير من الكائنات الحية في الإنسان والحيوان والبحار والمحيطات.

وأضاف: "لذلك أصبحت التحذيرات أن كل دولة يجب أن تقوم بواجباتها  المنوط بها، لأن مشكلة تغير المناخ مشكلة عالمية تحتاج إلى حل عالمي وليس حلا فرديا، لأنها التزام أدبي وجوبي أمام كل دولة وهو يسمى التزاما بيئيا يعتمد القيام بواجبات كل دولة في المحافظة على البيئة.

وفي حالة عدم الالتزام البيئي، لن تحدث تنمية مستدامة طالما لم نستطع السيطرة على التغيرات المناخية، لأن الاستدامة مرتبطة بالسيطرة على التغير المناخي وإذا لم تتم السيطرة فأي شيء نصنعه للمستقبل محكوما عليه بالإعدام، لذلك واجب على كل الدول الأن أن تتخذ إجراءات فاعلة وسريعة لتمويل الصندوق الأخضر.  

 مستقبل الأرض مرهون بتوزيع الأنصبة في تمويل الصندوق الأخضر 

ويشير، إلى  أن عدم الالتزام البيئي، يسبب احتضار الأرض الذي أصبح مرهونا بتوزيع الأنصبة في تمويل الصندوق الأخضر التي ينادى بتوزيعها منذ أكثر من 20 عاما، ورغم ذلك ما زلنا لا نعرف حتى الآن الطريقة المناسبة لتوزيع الأنصبة لتمويل الصندوق الأخضر. 

وقال: "وستظل اتفاقيات المناخ قائمة على التراضي، ولن تفعل الاتفاقيات إلا بعد التوقيع  على الاتفاقيات، ولكن حتى الآن  لم يحدث توقيع على أي شيء في جميع اتفاقيات المناخ، ورغم ذلك كل عام نتحدث عن إجراءات تخفيف وتكيف مع المناخ.

وأضاف: كما تعتبر المساهمات بعد مؤتمرات المناخ ضئيلة جدا، رغم مرور 30 عاما تم خلالهم عقد 27 مؤتمرًا للمناخ، ورغم ذلك  لم نصل إلى إجراءات حاسمة وفاعله لتفعيل الاتفاقيات. 

إنشاء صندوق المناخ الأخضر من عام 2014 

يقول الدكتور هشام عيسى عضو اتحاد خبراء البيئة العرب، والمنسق الوطني السابق لاتفاقية الأمم المتحدة، صندوق المناخ الأخضر بدأت فكرته عام 2009 في مؤتمر الأطراف الذي تم انعقاده في الدانمارك في مؤتمر كوبنهاجن، وتم فيه طرح فكرة إنشاء صندوق للتمويل المناخي، وأن يتم تمويل هذا الصندوق من خلال التزامات الدول المتقدمة بوضع 100 مليار دولار سنويا للتمويل المناخي للدول النامية سواء على مستوى خفض الانبعاثات أو على مستوى مواجهة المخاطر والأضرار المتعلقة  بتغير المناخ.


الدكتور هشام عيسى

ويضيف: "وبناء على ذلك تم إنشاء صندوق المناخ الأخضر في عام  2014 ومقره في كوريا الجنوبية، ورغم اتفاقية باريس لتغير المناخ الذي نص في مادته التاسعة على التزام الدول المتقدمة بالتمويل المناخي، إلا أنه حتى الآن التمويل الذي تم وضعه في الصندوق لم يرتق إلى مستوى الطموحات الخاصة بتنفيذ المشروعات المناخية.

ويتابع: وإذا تحدثنا حتى الأن عن الأزمة المتعلقة بالمفاوضات في كل مؤتمر أطراف بداية من مؤتمر 2016 حتى مؤتمر المناخ في شرم الشيخ التي  لم يتم التوصل فيها بشكل كامل إلى أليات التمويل الواضحة، والمقصود بالأليات الواضحة هي معرفة عملية التمويل نفسها للصندوق من أي مصادر سيتم تمويلها.

وأشار إلى أنه حتى الآن لم يتم وضع أطروحات معينة بشأن توفير الـ100 مليار المقررة لصندوق المناخ الأخضر سنويا، حيث كانت حجة الدول المتقدمة  في هذه الفترة أنه يوجد تمويل مناخي آخر بعيد عن الصندوق الأخضر، وهذا يخرج عن نطاق الموضوع الرئيسي لتمويل لصندوق الأخضر 

وأضاف: كما أن  الـ100 مليار التي يتم التفاوض عليها لم تعد كافية نتيجة ارتفاع معدلات التضخم  وبالتالي ارتفاع مستويات الأسعار، لذلك أصبح من الضروري على فرق التفاوض قبل قدوم مؤتمر المناخ القادم 28 المزمع انعقاده في دولة الإمارات أن يتم الوصول إلى آليات واضحة لمصادر التمويل.

صعوبة تنفيذ الآليات التي تم وضعها  

 ويضيف هشام عيسى، أن تمويل المشروعات المناخية والآليات التي تم وضعها، تعتبر آليات إلى حد ما يصعب تنفيذها على الدول النامية نتيجة أن هذا الموضوع يحتاج إلى بناء قدرات وطنية  في الدول النامية، ويحتاج أيضا إلى تسهيلات في موضوعات نقل التكنولوجيا حتى يمكن تنفيذ المشروعات التي يتم تقديمها إلى صندوق المناخ الأخضر.

وقال "لذلك  في مؤتمر المناخ 27 بشرم الشيخ  تم الاتفاق بين الدول الأطراف على إنشاء صندوق آخر يسمى صندوق الخسائر والأضرار. 

وتابع: أن هناك مبادرة تم تقديمها مجمعه من الدول المتقدمة في مؤتمر المناخ 27 بشرم الشيخ  تحت مبادرة الدرع، التي تساعد فيها مجموعة من الدول التي تضررت بالفعل  من الآثار السلبية للتغيرات المناخية،  إلا أنه حتى الآن  تعتبر مجرد مبادرات وليس تمويلا ثابتا يتم توفيره في هذه الصناديق.

واستطرد: "وبالتالي في ظل التداعيات المناخية الحادة التي نراها على مستوى الدول المتقدمة أو الدول النامية، أصبح من الضروري العمل على وضع آليات واضحة للتمويل المناخي ولا سيما في صندوق تمويل المناخ الأخضر.

ويكمل، أنه من الضروري وضع آليات واضحة لتوضيح ومعرفة مصادر التمويل، مع طرح مجموعة من السيناريوهات الواضحة لعملية التمويل المناخي، حيث توجد آليات كثيرة  يجب أن يتم طرحها، إلا أنه حتى الآن ليس هناك اتجاه واضح لتحديد مصادر التمويل وهذا طبعا ينعكس بيئيا واقتصاديا على الآثار السلبية للتغيرات المناخية.

الهدف الرئيسي لصندوق المناخ الأخضر

ويضيف الدكتور هشام عيسى، أن من ضمن الأهداف الرئيسية للصندوق الأخضر أن يتم تخصيص 50% للتكيف مع المناخ  والـ50% الأخرى  للتخفيف من الانبعاثات، لذلك يجب أن يتم وضع قواعد واضحة حول ما هي مشروعات التكيف وأولوياتها،  ومعرفة المناطق الأكثر تعرضا للتغيرات المناخيهة وبالتالي ترتيب المناطق وفقا أنها الأكثر تعرضا للمخاطر وتغيرات المناخ الحالية أو القريبة.

ويتابع: "كما يجب أن نقول من الضروري وجود جهة رقابية تابعه للأمم المتحدة تكون من بين أهدافها التأكد من وصول التمويل للصندوق من الدول الأوروبية بالنسب المتفق عليها، أو التي سيتم الاتفاق عليها وأيضا الإنفاق من هذا التمويل  للمشروعات المتعلقة بالتخفيف وبالتكيف بغض النظر عن العلاقات السياسية ما بينها وبين الدول، حيث إن العلاقات الدولية قد تؤثر سلبا على إتاحة التمويل لمجموعة دول معينة، إلا أن القواعد التي يجب أن يتم  تطبيقها لا بد أن تكون قواعد محايدة، لذلك من الممكن تجميع كافة المبادرات  الخاصة بالتمويل المناخي  التي تطرحها الدول على مستوى الدول.

ويتابع: كما يجب أن تشارك الدول الكبرى المصنفة أنها دول نامية في الأمر لأنها تعتبر دولا كبرى تساهم في التغييرات المناخية، مثل الصين والهند والبرازايل، وهي دول أصبحت من الضروري أن تساهم في تمويل صندوق المناخ الأخضر، حيث إن انبعاثاتها تزيد على 50% من إجمالي هذه الانبعاثات ورغم ذلك هذه الدول تصنف حتى الآن أنها دول نامية.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: