خلال السنوات الماضية، ظهرت عدة وقائع لعيادات ومراكز طبية غير مرخصة في مناطق متفرقة على مستوى الجمهورية، وقد تناولتها وسائل التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بقيام بعض الأشخاص بانتحال صفة أطباء، والذي يثير كل من جريمتي النصب وتعريض حياة الغير للخطر، إضافة إلى ظهور عشرات من حالات الغلق الإداري لعيادة طبية دون تراخيص ومملوكة لأطباء بالفعل لكنها لم تستوف الشروط المحددة وفقا لقانون تنظيم المنشآت الطبية؛ مما يثير عقوبة إدارية في المقام الأول دون أن تكون عقوبة جنائية وذلك في حالة إذا ما كانت العيادة مملوكة لطبيب.
موضوعات مقترحة
انتشار ظاهرة المراكز الطبية غير المرخصة
وبهذا الصدد، تقول النائبة الدكتورة ندى ألفي ثابت عضو لجنة التضامن بمجلس النواب، لـ" بوابة الأهرام": لقد تقدمت بطلب إحاطة إلى رئيس مجلس النواب، موجه إلى الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة والسكان، بشأن انتشار ظاهرة المراكز الطبية غير المرخصة في مختلف المناطق بالمحافظات، لافتة إلى أن هذه الظاهرة تمثل خطورة كبيرة؛ حيث تكمن الخطورة في ممارسة هذه المراكز والعيادات نشاطها في مناطق نائية دون ترخيص بعيدة عن أعين الجهات الرقابية، وبدون استيفاء أبسط الاشتراطات الصحية؛ مما يعرض حياة المواطنين إلى خطر.
وتابعت، أن الخطورة تكمن أن القائمين عليها لا ينتمون لمهنة الطب بصلة، أنها تقوم أيضًا ببيع الدواء للمواطنين، كل ذلك بعيدًا عن رقابة وزارة الصحة، تكثيف الحملات الرقابية من جانب وزارة الصحة وعلى رأسها إدارة العلاج الحر وإداراتها في المحافظات، لملاحقة المراكز الطبية غير المرخصة والقائمين عليها.
كما طالبت بتعديل تشريعي لردع ظاهرة انتشار المراكز الطبية غير المرخصة وتوقيع أشد العقوبات على أصحابها.
النائبة ندى ألفت ثابت
دور نقابة الأطباء
وحول دور نقابة الأطباء، يقول الدكتور رشوان شعبان، عضو مجلس نقابة أطباء مصر، إنه ليس من مسئوليتها مراقبة العيادات، ولكن التسجيل في النقابة شرط من شروط الترخيص، ولكن إذا وردت شكوى من مريض تجاه أحد الأطباء حول تقصيره أو اتخاذ إجراء خاطئ يتم إحالته إلى لجنة تحقيق مُشكلة من كبار الأساتذة في مجال التخصص، وإذا ثبتت إدانة الطبيب يتم توقيع العقوبة عليه طبقا للوائح، موضحًا متابعة مدى التزام قطاع العلاج الحر بتنفيذ قرارات النقابة، بوقف من تصدر بحقهم عقوبات من الأطباء المشكو في حقهم.
ونوّه رشوان أن من له سلطة الضبطية القضائية هي إدارة العلاج الحر بوزارة الصحة، لذا يجب تعزيز قدرات قطاع العلاج الحر بالوزارة لاكتشاف مخالفات العيادات غير المرخصة، سواء بزيادة عدد أفراده أو تدعيمه بالوسائل المختلفة، وإيجاد هيئة رقابية عليه تحاسبه على مستوى أداء عمله.
الدكتور رشوان شعبان
بوابة للاتجار بالأعضاء البشرية
وفي هذا السياق، يوضح الدكتور أحمد القرماني، الخبير القانوني، وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع والإحصاء، القانون رقم 51 لسنة 1981 وتعديلاته نظم بموجب القانون رقم 153 لسنة 2004 المنشآت الطبية، وتشمل المنشآت الطبية: " العيادات الخاصة – العيادات التخصصية – المركز الطبي المتخصص- المستشفى الخاص – دار النقاهة".
ولكن نلاحظ في الواقع العملي أن هناك الكثير من المنشآت الصحية مثل علاج الإدمان يديرها غير متخصصين، فضلا عن عدم وجود ثمة تراخيص من الجهة الإدارية.
ولفت إلى أن الأدهى أن تلك المنشآت أصبحت أمراً واقعاً لابتزاز المصريين ولا نتعجب أن الكثير من المراكز الطبية تعمل بدون ترخيص والقائم علي أمرها غير مختصين، وهدفها الربح بالحيلة باستعارة أسماء بعض الأطباء شكلاً وذلك مقابل نقدي مقابل استغلال تلك المنشئات بـ"اسم الطبيب"، مشيرًا إلى أن هذه المنشآت غالباً ما تقوم بأعمال تتعارض مع آداب وتقاليد رسالة الطب – وفي بعض الحالات قد تتورط هذه المنشآت الغير مرخصة بجرائم الاتجار بالأعضاء البشرية.
المادة 17 من القانون رقم 51 لسنة 1981
وأضاف إلى يأتي دور الجهات الرقابة لتنفيذ القانون لمحاربة هذه المنشآت غير المرخصة وفي سبيل ذلك منحت المادة 17 من القانون رقم 51 لسنة 1981كل من:
1 - الأطباء العاملين بالإدارة المركزية للمؤسسات العلاجية غير الحكومية والتراخيص.
2 - مديريات الشئون الصحية بالمحافظات والإدارات الصحية والعلاج الحر بها. 3- مديري إدارات طب الأسنان.
4- من ينتدبهم وزير الصحة بالاتفاق مع وزير العدل بين الأطباء المتفرغين، صفة مأموري الضبط القضائي لإثبات الجرائم، التي تقع بالمخالفة لأحكام هذا القانون أو القرارات المنفذة له، ولهم في سبيل ذلك حق دخول المنشأة الطبية هم ومرافقوهم والتفتيش عليها في أي وقت ولها الحق بالاستعانة بالأمن لتسهيل مهمتهم.
تعديل القانون رقم 51 لسنة 1981 ضروري
ونوّه الخبير القانوني إلى أن القانون رقم 51 لسنة 1981 وتعديلاته أصبح لا يتناسب مع آثار تلك المراكز وعدم حكومتها علي الصحة العامة للمواطن التي تعد أحد أهم القوة الشاملة للدولة وكذلك الآثار الاقتصادية لحماية المريض من الابتزاز وتدني الخدمة الطبية، بالإضافة إلى هناك عقوبة إدارية يحق لجهات تطبيق القانون المنوه عنهم تتمثل في غلق المنشأة وفي حالة مزاولة النشاط بعد قرار الغلق عاقب المادة 14 من القانون كل من يدير منشأة طبية سبق أن صدر حكم بإغلاقها أو مازالت قرار الإغلاق قائماً ورغم ذلك يدير المنشأة بالحبس مدة لا تزيد علي سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد عن عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين .
طرق تحايل
وأشار إلى أن المادة 15 من القانون جرمت كل من حصل علي ترخيص بفتح منشأة طبية خاصة بطريق التحايل أو باستعارة اسم طبيب لهذا الغرض، ويعاقب أيضاً الطبيب الذي أعار اسمه للحصول علي الترخيص بالحبس مدة لا تجاوز سنتين، وللقاضي الحق أن يأمر بتنفيذ حكم الإغلاق فورا ولو مع المعارضة فيه أو استئنافه وفي جميع الأحوال ينفذ الحكم الصادر بالإغلاق ولا يؤثر استشكال صاحب المنشأة أو الغير في التنفيذ .
كما أن المادة 16 من القانون علي أن :"كل مخالفة أخري لأحكام هذا القانون يعاقب مرتكبها بغرامة لا تقل عن ألفي جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه، وفي حالة عدم إزالة المخالفة خلال المهلة الممنوحة، لذلك يجوز للقاضي أن يحكم بناء علي طلب السلطة الصحية المختصة بإغلاق المنشأة نهائيا أو للمدة التي يحددها الحكم وينفذ الحكم فورا ولو مع المعارضة فيه أو استئنافه، وينفذ حكم الإغلاق دون الاعتداد بما قد يزاول فيها من أنشطة أخري متى كانت حالة المنشأة لا تسمح بقصر الإغلاق علي الجزء الذي وقعت فيه المخالفة".
جريمة غسيل الأموال
وتابع، أما المادة 16 مكررا من القانون تضمنت أنه في حالة ممارسة النشاط قبل الحصول علي ترخيص تكون الغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد عن خمسين ألف جنيه وفي حالة تكرار المخالفات المهنية يجوز وضع المستشفى تحت إشراف وزارة الصحة، مضيفًا وترتبط أيضاً جريمة فتح منشأة غير طبية أو ارتكاب الأفعال المنصوص عليها في المادة 15 من القانون بجريمة غسيل الأموال، والتي تعد أحد الأركان الهامة لمكافحة كافة الأموال المتحصلة من الجريمة .
إعادة النظر في العقوبات الجنائية لهذه الجريمة
وطالب القرماني، بضرورة إعادة النظر في العقوبات الجنائية من عقوبات سالبة للحرية وغرامات؛ واقترح إضافة مادة جديدة تقرر أن كل من يُدير منشأة طبية من غير الأطباء يعاقب بالسجن المشدد والغرامة وذلك حسبما يقرر المشرع، أيضاً التأكيد علي الصفة الدورية لمراقبة تلك المنشآت.
الدكتور أحمد القرماني