تعد قضية التماسك المجتمعي وارتفاع نسبة الطلاق من أهم القضايا التي لها أولوية في الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسي لمواجهه التحديات والحفاظ على الوحدة الوطنية في ظل الجمهورية الجديدة التي تقف على قواعد راسخة عمادها بناء الإنسان.
موضوعات مقترحة
في البداية، قال الدكتور وائل نجم المحامي بالنقض والمتخصص في الشأن الأسري، وسكرتير عام مفوضية الأمم المتحدة، إن الطلاق يعتبر أحد القرارات الصعبة التي يمر بها الزوجان والتي تقضي بانفصاله عن شريكه وهو أمرٌ شخصيّ يلجأ له بعض الأزواج في حال صعوبة الاستمرار في الحياة بشكلٍ هادئ ومُستقر مع الطرف الآخر نتيجة العديد من المشكلات التي تعترضهم والتي لا يستطيعون تجاوزها فتؤثّر في العلاقة بشكلٍ ملموسٍ، وواضح وقد تمس هذه التأثيرات باقي أفراد الأسرة بما فيهم الأطفال فيكون الطلاق هو الخيار الصعب الآمن الذي رغم آثاره وأضراره إلا أنه يظل أفضل من الاستمرار في علاقةٍ مؤذية والبقاء في أجواء أسريّة فوضويّة وبيئة منزليّة غير صحيّة.
أسباب الطلاق:
1- البعد عن الدين
ضعف الوازع الديني، سبب خطير لهدم الأسرة، والضعف أمام الشهوات وعدم صيانة النفس من الوقوع في المتعة المحرمة، ومجاهدة النفس والهوى.
2- الظروف الاقتصادية
من أهم العوامل التي أدت إلى ارتفاع معدل الطلاق، تفاقم الضغوط الاقتصادية، وقد تأثرت مصر اقتصاديًا في السنوات الأخيرة مثل العديد من دول العالم في أعقاب تفشي فيروس كورونا الذي أثر على عدد من القطاعات الحيوية في البلاد وأبرزها قطاع السياحة ثم اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا وما أعقب ذلك من ارتفاع قياسي في الأسعار في كثير من دول العالم.
3- العنف الأسري
سوء المُعاملة بين الزوجين، والضرب والإيذاء اللفظي والبدني والنقد الهجومي لكليهما، وتكرار السخرية والتنمر.
4- الخيانة الزوجية
الخيانة الزوجية وتحديدًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الحصة الأكبر في حالات الطلاق، وخاصة مع غياب أحد الطرفين لساعات طويلة في العمل خارج المنزل.
5- صراع الأدوار
صراع الأدوار في المجتمع بين الرجل والمرأة والخلاف بشأن واجبات وحقوق كل طرف من الأسباب الرئيسية وراء انتشار ظاهرة الطلاق، ويكون نتيجة عدم الانصياع أو المرونة أمام ما تقتضيه التغيرات التي طرأت على المجتمع.
6- الأمور المالية
فليس نقص المال هو ما يؤدي إلى الطلاق بل اختلاف الآراء حول كيفية إدارة الشئون المالية المشتركة بين الطرفين.
7- قلة التواصل
قلة التواصل بين الزوجين، وتراكم الخلافات وعدم إدارتها بطريقةٍ صحيحة، كإدارة الشئون الماديّة، أو انعدام التوافق والانسجام، أو تقاسم المسئوليات والمساواة بين الزوجين، واختلاف شخصيّة وحياة الشريكين قبل وبعد الزواج وانعدام الشعور بالحب والتقرب من الشريك، واختلاف الأولويات والأهداف.
8- تعاطي المخدرات
نجد الزوج يبدأ في الغياب عن عمله ويبدي مبررات غير واقعية لتخلفه عن عمله، أو تخليه عن ما كان يقوم به في العادة ، من شراء مستلزمات المنزل وعمل ما يتوجب عليه فعله، ومع الوقت يتخلى تماماً عن كل مسئولية حتى لا يعود مسئولاً عن شيء كان يقوم به، وبالنسبة للزوجة، تجدها تبدأ في التخلي عن مسئوليات منزلها، و أول مظاهر هذا الإهمال تظهر على أبنائها، ومنزلها، وينتج عنه الطلاق.
9- الزواج المبكر
كلما كان الزواج مبكر كلما ارتفعت نسبة الطلاق بسبب نقص الخبرة الكافية لدى الشباب والشابات في هذا السن، إضافة إلى مستوى التعليم المنخفض نسبيا مما يعيق التكيف الجيد بين طباع الزوجين ومعرفة متطلبات كل طرف
كيف نحافظ علي العلاقة الزوجية وتجنب الطلاق؟
وأضاف الدكتور وائل نجم، أنه للحفاظ على ديمومة العلاقات الزوجيّة الناجحة وتجنّب الطلاق، محاولة الوصول لأسباب الخلافات والمشاكل وتدوينها على شكل قائمةٍ ثم العمل على حلّها وإيجاد طرق مُختلفة لتجاوزها معاً بهدوء وتناغم التركيز على التغيير الإيجابي للذات بدلاً من الاندفاع والنقد والهجوم على الطرف الآخر مهما كانت عيوبه ومُحاولة إصلاح الشريكين لأنفسهما أولاً.
وأستكمل الخبير القانوني، أنه من الضروري إقامة الأنشطة الرومانسيّة الهادفة التي تجمع شمل الزوجيين وتُحيي العلاقات الوديّة بينهما وتريحهما من أعباء الحياة وصعوباتها قليلاً التنازل في بعض المواقف التي لا تسبب الأذى للمرء في سبيل سعادة أسرته والتمسّك بالرأي في بعض المواقف الأخرى التي تحتاج للحزم خاصة عندما يكون الشريك مخطئاً ولا يُمكن مغفرة خطئه، وحسن المعاشرة المُتبادَل بين الزوجين بعد الزفاف وذلك يكون بقيام كل منهما بحقِّ الآخر.
الظروف المادية
وفي سياق متصل، أكدت الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أنه طبقا لما موجود في المحاكم وذكره الخبراء قد تكون الأسباب المادية وراء وقوع حالات الطلاق لأسباب عدة، فقد يبخل الزوج على أسرته ولا ينفق عليها، حينها يكون طلب الطلاق مقنعاً، لأن من واجبات الزوج على زوجته وأبنائه الإنفاق عليهم وسد حاجاتهم المادية بالمعتدل، وقد يمر الزوج في ظروف مادية تتسبب في وقوع الطلاق، كأن يفقد عمله لسبب ما، وقد يدخل في مشروعات تجارية، فيخسر وتتراكم عليه الديون، فيقع حينها في مأزق مالي، ما تضطر معه الزوجة لطلب الطلاق.
اختفاء لغة الحوار
وقالت الدكتورة سامية خضر، إن لغة الحوار والنقاش بين الزوجين اختفت، وحلت مكانها ثقافة فرض الرأي، فبالتالي لا توجد لغة حوار والذي ينشئ حالة من الصراع والخلاف، موضحة أن من أحد الأسباب أيضًا عدم رضا أي من الطرفين عن العلاقة الحميمة، والتي ترجع إلى عدم الاهتمام بمعرفة الاحتياجات سواء للزوج أو الزوجة، ولأننا في مجتمع شرقي، يتجنب دائمًا البوح ومواجهة تلك المشكلة والتطرق لها على العكس من أنها محور أساسي ومهم لاستكمال العلاقة الأسرية".
الخيانة الإلكترونية
وأضافت أستاذ علم الاجتماع، أن "الخيانة الإلكترونية" التي "انتشرت بشدة خلال الأعوام الماضية، فالخيانة الإلكترونية أحد الأسباب المتقدمة في حالات الطلاق، بعد اكتشاف الزوج خيانة زوجته على مواقع التواصل الاجتماعي وارتفاعها بين الرجال أكثر من السيدات، هذا بالإضافة إلى عدم النضج العاطفي للوصول لاحتياجات الطرف الآخر والإحساس بالمسئولية.
دورة للمقبلين على الزواج
وأشارت الدكتورة سامية خضر، إلي ضرورة عمل دورة للمقبلين على الزواج قبل عقد القران يجب أن يحضرها الشاب والفتاة يتم شرح فيها أهمية الحياة الزوجية وتماسك الأسرة وتأثير الطلاق على الأبناء وتفكك المجتمع، وتثقيفهم في طريقة حل الخلافات الزوجية وأن يكون هناك طبيب مختص في العلاقات الأسرية يتم اللجوء له في حالة المشكلات الكبيرة قبل قرار الطلاق، مستكملة أن الدور الثقافي مهم في نشر التوعية من خلال البرامج الدينية والمسلسلات الاجتماعية التي تحث على تماسك الأسرة.
الدكتور وائل نجم
الدكتورة سامية خضر