بداية جديدة.. النرجسية

17-1-2023 | 21:30

النرجسية.. مصطلح يتردد كثيرا فى الفترة الأخيرة بين فئات المجتمع بمختلف أعمارها وثقافتها، ويتساءل العديد منهم ما معنى هذا المصطلح علميا؟ وهل الشخص النرجسى مريض بالفعل ويحتاج إلى علاج أم هى صفة يكتسبها الفرد من خلال التنشئة الاجتماعية والبيئة المحيطة به؟ 

كيفية التعامل مع الشخص النرجسى؟ والكثير أيضا من الأسئلة .. سوف أحاول أن أقوم بتبسيط محتوى هذا المصطلح لكى تستطيع عزيزى القارئ فهم هذا الكائن الغريب.

النرجسية.. هى المصطلح العلمى لشخص أنانى لا يرى و لا يسمع إلا نفسه وإرضاء غروره الذى تعدى حدود أى مشاعر إنسانية مع أى طرف حتى على نطاق الأسرة الواحدة، هذا الشخص لابد أن يرى نظرات الإعجاب والاهتمام فى عيون الآخرين وأيضا من خلال تعاملهم معه، لا يقبل أى نقد نهائى و لا يستمع إلا لصوته هو فقط، دائما يظن نفسه على صواب لا يخطئ أبدا وإذا حاولت أن تناقشه أو حتى تلفت نظره إلى أى نقطة ضعف أو خطأ لديه فهو يثور ويغضب ويصبح كالبركان لا تنطفئ نارها أبدا.. لا يتحمل المعارضة من أى شخص كان، لا يعترف نهائيًا بالمشاعر الإنسانية على الرغم من أنه دائما يتظاهر بعكس ذلك لكى يجذب أكبر عدد من الأشخاص حوله.

الأشخاص النرجسيين فى الغالب تراهم ناجحين فى أعمالهم لأنهم يعشقون النجاح والشهرة والحب والمال، يريدون دائما أن يكونوا فى المقدمة ومحل أنظار الجميع دون مراعاة لأى اعتبارات أخرى مهما كانت، وعلى استعداد أنهم يخسرون علاقات وأشخاصًا حتى لو كانوا من داخل أسرتهم وأقرب الناس إليهم.

ونأتى هنا للسؤال الأهم هل النرجسية مرض أم صفة يكتسبها من خلال التنشئة الاجتماعية؟

بكل بساطة ووضوح هى صفة يكتسبها بسبب التنشئة الاجتماعية تتحول إلى مرض مزمن من الصعب علاجه و يحتاج إلى تأهيل وتدريب نفسى كبير وعلى مدى بعيد لأن الشخص النرجسى لا يعترف بأنه مريض أصلا، ويرى أنه مدام شخصًا ناجحًا فى عمله وموضع اهتمام من الآخرين و محقق كل أهدافه، فهو شخص طبيعي وناجح، ولكن الحاقدين هم من يطلقون عليه هذا المصطلح..

وهنا تأتى المشكلة الأكبر كيفية إقناع هذا النرجسى بمرضه المزمن؟

ونلاحظ هنا أن النرجسى شخص يكتسب كل الصفات التى تأهله إلى النجاح فهو ذكى طموح يخطط لأهدافه المستقبلية بكل هدوء و اتزان ودائما خططه تمتاز بأنها طويلة المدى وأهدافها بعيدة.

ومن الصعب جدا التعامل مع النرجسى أو الدخول معه فى أى علاقة إنسانية لأنه لن يسمح لأى طرف بأن يكون موضع اهتمام غيره ولن يسمع أيضا لأى رغبات أو متطلبات عاطفية؛ حيث إنه لا يعترف بها حتى لو أظهر غير ذلك، هو يدخل فقط فى علاقة مع الطرف الآخر لكى يستمتع فقط ويرضي نفسه وغروره أى لا يشعر بوجود أى شخص آخر غير نفسه وفى هذه الحالة لابد أن يكون التعامل مع هذا الكائن بطريقة ذكية وهى التجاهل الإيجابى؛ بمعنى تتجاهل احتياجاته و الاهتمام به وليس تجاهله هو شخصيا؛ بمعنى أوضح أن تمثل أنك لا تفهم  رغباته وتحتاج إلى فهم ما يريده وحاول أن توصل له المعلومة بطريقة أخرى، كالمراوغة وعدم الوضوح أو أنك لم تتذكر ماذا يريد أو بالانشغال بأعمال أخرى.. هذه الطريقة تجعله يحترق ويموت كمًا، لا تتعامل معه أبدا بطريقة واضحة ومرنة، بل اجعله دائما يفكر ويحتار.. إنه التجاهل الإيجابى ومن هنا إذا استطعت أن تلعب هذا الدور جيدا فلقد انتصرت على هذا النرجسى بكل مهارة وكبرياء تجعله دائما يتذكرك و ينشغل بك؛ لأنك كنت مختلفًا عن الآخرين، وهنا فقط سوف يغير من طريقة تعامله معك و يبدأ في التعامل معك معاملة مختلفة عن طبيعته ولكن حذارٍ أن تصدق هذا النرجسى؛ لأنك لو خضعت وصدقت ما يقوله او يفعله سوف تعود مرة أخرى لنقطة البداية.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة