راديو الاهرام

هاري.. الأمير «الاحتياطي»

17-1-2023 | 17:59
الأهرام العربي نقلاً عن

الكتاب.. وخيرُ جليسٍ في الزمانِ كتابُ، كمال قال شاعر العرب الأكبر أبوالطيب المتنبى، لكن كتاب «الاحتياطي» لن يكون خير جليس للعائلة الملكية البريطانية، ولا للإمبراطورية العتيدة التى كانت يومًا لا تغرب عنها الشمس.

و«الاحتياطي» سيرة ذاتية للأمير هاري الابن الثانى للملك البريطاني تشارلز الثالث، والأميرة الراحلة ديانا سبنسر، صدر عن شركة بينجوين راندوم هاوس للنشر في بريطانيا.

وفور الإعلان، احتل الكتاب المثير واجهات المكتبات في عواصم العالم من الشرق إلى الغرب، وتصدر عناوين الصحافة العالمية، والبرامج التليفزيونية الشهيرة، وأسهم الأمير في الإثارة بلقاءات متلفزة من كاليفورنيا، حيث يقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، مع زوجته الممثلة الأمريكية ميجان ماركل، بعد انفصاله البائن عن القصر الملكي، وتنازله عن أي وظيفة ملكية.

حسب مقتطفات نشرتها كبريات الصحف العالمية، ووسائل الإعلام المرئية، ومواقع التواصل الاجتماعي، تجاوز الأمير كل الخطوط الحمراء، كاشفًا عن عراك بالأيدي مع أخيه الأكبر ويليام، وريث الملك.

حسب رواية هاري، فإن ويليام أمسك به من ياقته، ومزقها، ومزق قلادته، ثم طرحه أرضًا دون رد فعل من الأمير هاري، فسقط هاري على صحن يأكل فيه الكلب.

وقعت الحادثة سرًا بين الأميرين، كان يمكن أن تكون في طي الكتمان، لكن توثيقها كتابة سيجعلها ندبة غائرة في سيرة الأمير ويليام، الملك المرتقب.

حسب ما نشرته وسائل الإعلام، فإن الأمير يقول إن الأسرة الملكية ترفع شعار: «لا تشكو أبدًا.. لا تشرح أبدًا»، تقوم على الكتمان، وتعمل على تصدير صورة مختلفة عما يتم وراء الجدران.

بدت الأسرة الملكية البريطانية، في كتاب هاري، أسرة عادية في أي مجتمع، عراك، مخدرات، صراع، غيرة، تسريبات، شتائم، مثل تلك التي وصف بها الأمير الوريث ويليام ميجان زوجة هاري بأنها صفيقة، وقحة، ولهذا وصف هاري أخاه ويليام بأنه «العدو اللدود»!

لكن أخطر ما ورد في «الاحتياطي»، وركزت عليه الصحافة بالشرح والتحليل، هو ادعاء الأمير هاري بأنه قتل 25 أفغانيًا أثناء احتلال بريطانيا لأفغانستان مناصفة مع الولايات المتحدة الأمريكية، قبل قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن بالانسحاب بعد عشرين عامًا من الغزو.

وهو ادعاء، إن صح، سيجعل المؤسسة البريطانية في حالة حرج بالغ أمام الرأي العام المحلي والعالمي، ويفتح أبوابًا للتأويل عن دور بريطانيا حول العالم، وقد يكشف أسرارًا غير مرغوب في الكشف عنها، وكأن هاري أراد أن يفخر بإنجازاته الدموية، فرمى بالسهم إلى قدميه.

دائمًا ما تكون السير الذاتية الأعلى قراءة في التاريخ، يحاول صاحبها أن يرمي من على كاهله أسرارًا ثقيلة، ومن شروطها أن يمر عليها زمن طويل، بينما الأمير هاري في الثامنة والثلاثين، ولا يزال شابًا، ولا يملك الخبرة الكافية، لكن كتابه تجاوزت مبيعاته الملايين فور طرحه في المكتبات.

ويبدو أن هذا يعود إلى جرأة الاعترافات، وشجاعة النشر في توقيت بالغ الأهمية، توقيت ما بعد وفاة الملكة إليزابيث الثانية، التي كانت تهيمن على الأسرار بأقفال محكمة، وصعود الملك تشارلز الثالث إلى عرش الملكية، الذي كثيرًا ما كان يرجو ابنيه أن يكفا عن العراك، حسب اعتراف هاري في كتابه المثير.

بالطبع احتلت زوجة الأب، كاميلا، الملكة القرينة، مساحة واسعة من رواية هاري، بوصفها الزوجة التى احتلت مكان الأميرة ديانا، وتسببت في تصدع الأسرة الملكية.

هارى يشير إلى أنه كان يريد أن يعيش في أسرة عادية، وليس أسرة مؤسسة، ولأنه فشل في هذه الإرادة، قرر الخروج والتمرد والاعتراف.

يبدو أن حوار الملك تشارلز مع الأميرة ديانا بعد ولادة هاري بأسابيع، بأنه يشكرها على إعطائه الوريث، أي الأمير ويليام، ثم “الاحتياطي” أي الأمير هاري، ظل عالقا في ذاكرة الأمير كاسر الخطوط، حتى صار عنوانًا لأخطر كتاب، يواجه الأسرة الملكية البريطانية، بل الدولة نفسها، بل القيم التي تستظل بظلها الجزر البريطانية، صاحبة الصولجان الإمبراطوري العالمي.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: