تُعد الهوية الوطنية والثقافية أحد العناصر الأساسية للدولة الحديثة، وتحديد الهوية الوطنية والثقافية وبناء الانتماء القومي أمر حاسم بشكل خاص للاستقرار الاجتماعي والتنمية الاجتماعية، بل ركيزة أساسية في الطريق نحو الجمهورية الجديدة.
موضوعات مقترحة
لذلك دعا الرئيس عبد الفتاح السيسى، إلى الحوار الوطني وكلف الأكاديمية الوطنية للتدريب باستضافته وإدارته، سيكون فرصة قوية لجميع المهتمين بمصر والراغبين في تقدمها وتطورها للمشاركة بآرائهم واقتراحاتهم.
وقد انتهى مجلس أمناء الحوار الوطني، على مدار جلساته الدورية السابقة وبالإجماع، من صياغة وبلورة المحاور الرئيسية الثلاثة واللجان الفرعية والموضوعات المتضمنة بكل منها، والتي ستتم مناقشتها خلال جلسات الحوار الوطني والمقرر انطلاقها خلال الأيام القليلة القادمة، وكانت لجنة الثقافة والهوية الوطنية، أحد اللجان والتي ناقشت: المؤسسات والسياسات الثقافية: نحو فعالية وعدالة، مؤسسات الدولة، مؤسسات خاصة والمجتمع الأهلي، الصناعات الثقافية، الدراما والسينما، المسرح، النشر والترجمة، الموسيقى، الهوية الوطنية، دعم وتشجيع الإبداع وحريته.
"بوابة الأهرام" استعرضت آراء الخبراء والمختصين في عرض اقتراحاتهم للحفاظ على الهوية الوطنية والثقافية...
الحفاظ على قيمة الوطنية بين المصريين
وفي هذا الإطار، يقول الدكتور عاصم الدسوقي، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة حلوان، لـ"بوابة الأهرام": للمحافظة على الهوية المصرية الوطنية والثقافية يبدأ بتدريس مناهج تاريخ مصر على مدى الزمان منذ ما يُعرف بمصطلح ما قبل التاريخ من حكم الفراعنة وما تلاه من عصور حتى وقتنا الحاضر، خاصة التاريخ السياسي والثقافي، مؤكدًا على أن الهدف من التاريخ الثقافي هو الحفاظ على قيمة الوطنية بين المصريين الذين يتوارثون عادات وتقاليد عبر الزمن، ويحافظون عليها، ولديهم احترام لعقائدهم فلا توجد بينهم فتن طائفية عرقية أو دينية أو مذهبية.
مصر تمثل الوحدة الوطنية للجميع
وتابع، إن مصر عبر التاريخ كانت قد استقبلت منذ عصور شعوب مهاجرة إليها من الأراضي المجاورة والأراضي البعيدة؛ حيث إن وادي النيل في مصر كان له شهرة عالمية في الخصب والنماء وأي مجموعة كانت تأتي إلى مصر بعاداتها وتقاليدها تبدأ في تشكيل ثقافة فرعية تخصها من حيث العادات والتقاليد ولكن بالتدريج حتى تتنازل عن ثقافتها وتندمج في ثقافة المجتمع، لافتًا إلى أن من هذا المنطلق أصبحت مصر تمثل الوحدة الوطنية للجميع وتصدى المصريون لمحاولات إيقاع الفتنة الدينية عبر كل العصور وخاصة عندما احتلت بريطانيا مصر في عام 1882، فحاولت أن تطبق في مصر سياساتها في الهند عندما أثارت فتنة بين المسلمين والهندوس؛ حيث حاولت زرع الفتنة بين المسلمين والأقباط ولكن المسلمين المصريين كانوا عقلاء وفهموا اللعبة وكتب يوسف علي آنذاك في صحيفة الجريدة مقال عنوانه "وما المسلمون المصريون إلا أقباط غيروا عقيدتهم"، وفكان وقتها شكلت النخبة الوعي بين أفراد المجتمع.
برامج تدريس توعوية
وطالب الدسوقي، بضرورة عمل برامج تدريس توعوية لترسيخ مفهوم الحفاظ على الهوية الوطنية والثقافية تدرج في المناهج الدراسة بجميع المراحل التعليمية، بالإضافة إلى تقديم مسلسلات وأفلام ورسوم كارتونية تعبر عن وحدة ثقافة المصريين عبر الزمن.
الدكتور عاصم الدسوقي
الحوار الوطني فرصة لإدارة حوار حقيقي
ومن جانبه، يرى المفكر جمال أسعد، أن الحوار الوطني فرصة لإدارة حوار حقيقي يعطي مصداقية حقيقة حول كل القضايا الإستراتيجية والمهمة، التي يجب الحوار فيها حتى يمكن أن نتصدى لكل التحديات، مضيفًا أن الهوية المصرية طوال التاريخ المصري هي القوة الناعمة التي حافظت وستحافظ على هوية مصر الثقافية وكل الحروب التي خاضتها مصر على مدى التاريخ كانت ومازالت تهدف محو الهوية المصرية والثقافية.
حوار مجتمعي
وشدد على ضرورة التركيز على هذه القضية، وقد اقترحت من قبل أن الحوار الوطني لا يجب أن يقتصر على اللجان المُشكّلة فحسب، ولكن يجب أن يأخذ كل دوائر الحوار والنزول بها إلى المجتمع بحوارات مجتمعية للمشاركة، مؤكدًا على لابد أن الحوار الوطني يدور في إطار حوار مجتمعي وليس حوار نخبوي، حتى نصل للمواطن العادي الذي يعاني من مشاكل لا تدع له وقت ليستوعب ويناقش مثل هذه القضايا، حتى يمكن أن تساعد في حل هذه المشاكل التي يعاني منها.
المفكر جمال أسعد
عمل برامج توعية للتعريف بالتراث المصري
ويتفق المهندس ماجد الراهب، الخبير الأثري ورئيس الجمعية المصرية للحفاظ على التراث المصري، مع الدكتور عاصم الدسوقي بضرورة الاهتمام بتدريس المناهج التاريخية والتراثية عبر المناهج في جميع مراحل التعليم المختلفة، بالإضافة إلى عمل برامج توعية للتعريف بالتراث المصري.
تفعيل دور القصور الثقافية
وطالب الراهب وزارة الثقافة بضرورة تفعيل دور قصور الثقافة على مستوى الجمهورية للقيام بدورها التوعوي في نشر الثقافة بين الجمهور، فكلما زاد الوعي الثقافي كلما تمسك المواطن بهويته وحضارته، مشددًا على ضرورة اهتمام بالمواقع الأثرية ورعايتها؛ حيث أن السياحة تعتبر من أهم موارد الدخل القومي.
ونوه الراهب إلى ضرورة الاهتمام والتركيز على الدور التاريخي والهام الذي تلعبه المرأة واحترامها فالمرأة المصرية كانت أول طبية، وأول ملكة ، وأول قائدة جيش، وأول مهندسة.
المهندس ماجد الراهب