تمثل الزراعة التعاقدية أحد الحلول الجذرية للنهوض الشامل المستدام فى القطاع الزراعى ومشتملاته من إنتاج حيوانى وداجنى وألبان وغيرها. فالمشكلة الأكبر التى تواجه المنتجين هى التسويق وإذا تم حل هذه المشكلة بالضمانات الكافية سيتضاعف الإنتاج ويكون أكثر جودة. هذا بعض مما أدلى به الدكتور مصطفى خليل، خبير الإنتاج الحيوانى، فى حواره لــ «الأهرام التعاوني» عن الزراعة التعاقدية بعدد من القطاعات فكان، وفى السطور تكمن التفاصيل..
موضوعات مقترحة
لماذا الزراعة التعاقدية؟
- لأن الزراعة التعاقدية أسلوب حضارى يضمن معه الفلاح تسويق منتجه الزراعى بسعر مُرضٍ مُتفق عليه بينه وبين المستهلك، يضمن معه الأخير سواء مصانع إعداد أو شركات مستهلكه الحصول على المنتجات الزراعية فى موعد محدد بالسعر المتفق عليه بين الطرفين وبجوده عالية.
ما نماذج تطبيقات الزراعة التعاقدية؟
- هناك العديد من الأمثلة منها الذرة الصفراء وهى أكثر الخامات أهميه فى صناعه الدواجن بإعتبارها تمثل 70% من مكونات الأعلاف، كما أنها تمثل 45% من تكلفة وحدة المنتج سواء كيلو لحم دجاج أو بيض مائده أو بيض تفريخ وبالتالى فهى أكثر الخامات تأثيراً على التكلفة.
وتقدر إحتياجات صناعه الدواجن فقط من الذرة الصفراء بـ 6 ملايين طن سنويا مع العلم أن المنتج المحلى من الذرة الصفراء يفوق فى الجودة مثيله المستورد.
ماذا عن القواعد التى يجب وضعها فى الاعتبار لضمان نجاح هذا النطام؟
- أهم شيء هو الاتفاق بين المزارع ومستهلكى الذرة من شركات الدواجن ومصانع الاعلاف على سعر مرضى للطرفين.
كما يجب أن يتم التعاقد بين الجهة البائعة سواء مزارع أو جمعية زراعيه أو بنك زراعى وشركات الدواجن ومصانع الأعلاف.
ـ وما دور المزارعين؟
• يجب على مزارعى الذرة الصفراء معرفة احتياجات صناعة الدواجن من الكميه المطلوبة ومواصفاتها قبل زراعتها. وعلى وزاره الزراعة أن تعلن بوسائل الإعلام المختلفة عن قيام جميع مصانع الأعلاف ومنتجى الدواجن بتحديد احتياجاتهم من الذرة الصفراء عن العام القادم قبل الزراعة بوقت كاف كما يمكن لمديريات الزراعة وقطاع الإنتاج الحيوانى تحديد هذه الكميات من واقع إحصائيات يتم تجميع بيانات المربين وشركات الدواجن العاملة بكل محافظة.
ـ وماذا عن دور وزارة الزراعة لإنجاح المنظومة؟
- على الوزارة توفير التقاوى من الأصناف عالية الإنتاج حتى يمكن زياده الإنتاج لوحده المساحة وبالتالى خفض تكلفه المنتج خاصه وأن الإنتاجية وصلت الى 6 اطنان للفدان فى بعض الشركات الخاصة بينما لايزال المتوسط العام فى حدود 3 اطنان للفدان فى معظم المساحات فى مصر وهذا هو الدور الأساسى لمراكز البحوث الزراعية ووزارة الزراعة.
هل يجب أن يكون لمحصول الذرة مخطط جغرافى؟
- يجب على وزارة الزراعة تحديد المساحات المطلوب زراعتها بالمحافظات وفقاً للكميات المطلوبة فى كل محافظه بحيث يتلاءم مع التوزيع الجغرافى للإنتاج من الذرة مع مراكز الإنتاج الحيوانى والتى تقدمت بتحديد إحتياجاتها قدر الإمكان، والغرض من ذلك زياده أماكن تجميع الذرة لتجفيفه وتفريطه وكذلك تقليل تكلفه النقل والتى أصبحت عاملا مؤثرا فى تكلفه الخامة نفسها.
ـ وكيف نضمن نجاح التسويق؟
- بالطبع يجب التعاقد المباشر مع المنتجين من خلال جهة ذات سيادة ولتكن وزاره الزراعة تضمن حق جميع الأطراف مع أخذ الضمانات الكافية قبل الزراعة من الطرفين مع تحديد معادله سعريه عادله مرضيه لجميع الأطراف.
وماذا بشأن منتجات الثروة الحيوانية؟
- بالنسبة لدجاج التسمين تعتبر الطرق والأساليب التقليدية الراهنة لتداول دجاج التسمين من أهم الأسباب وراء مشكله الأمراض الوبائية مثل أنفلونزا الطيور التى تعانى منها مصر منذ سنوات عديده وتتسبب ليس فقط فى القضاء على الطيور وانما أيضا قد تؤدى لحدوث وفيات لدى البشر.
كما تعتبر الطرق الحالية لتداول الدواجن طرقاً غير حضارية وغير صحيحه فى أن واحد.
وقد أصدرت الحكومة القانون رقم 9 لسنه 2007 الخاص بمنع تداول الطيور الحيَّه ولكنها لم تحقق النجاح المطلوب برغم مرور سنوات عديده منذ صدور تلك التشريعات.
وما الحل برأيك؟
- يتطلب الأمر نظاماً محكماً لتسويق وتداول دجاج التسمين من المزارع الى المجازر ثم إلى منافذ البيع المختلفة، وهذا النظام المُحكم يمكن بلوغه من خلال النظام التعاقدى لدجاج التسمين فيما بين المزارع التجارية وبين المجازر الالية.
يساعد تطبيق نظام الإنتاج التعاقدى لدجاج التسمين من المزارع التجارية أن هذه المزارع أغلبيتها ذات سعات متوسطه أو كبيره وغالبيتها العظمى مزارع مرخصه ومن ثم يساعد ذلك على إبرام التوريد التعاقدى فيما بين تلك المزارع وبين الشركات العاملة فى مجال المجازر الالية وهذه الشركات بدورها يمكن أن تعتمد إلى حد كبير على تصريف الدجاج إلى منافذ البيع وفق تعاقدات أو على الأقل وفق برامج توزيع محددة.
ـ هل بإمكانك إطلاعنا على بعض تجارب الدول التى نجحت فى الزراعات التعاقدية؟
- يعتبر نظام الإنتاج التعاقدى فى مجال دجاج التسمين من النظم السائدة فى دول عديده ليس فقط لتنظيم التداول ومراقبه الجودة والسلامة الصحية عبر مراحل التسويق والتداول، وإنما أيضا لتحقيق شكل متطور من أشكال التكامل الرئيسى بين حلقات هذه الصناعة وهى الإنتاج والمجازر والبيع بالتجزئة، ومن ثم تحقيق وفرات السعه فى أداء العمليات والوظائف التسويقية وتقليل الهوامش التسويقية بدون وسطاء أو سماسرة ومن ثم يتحقق قدر من الكفاءة والعدالة سواء فى الأسعار التى يحصل عليها المنتجون او التى يدفعها المستهلكون او الهوامش التى تحصل عليها التسويقية.
ـ ما النتائج المتحصل عليها؟
- يأتى فى المقدمة القضاء على ظاهره تداول الدجاج الحى ومواجهه مشكله الأمراض الوبائية ثم التحسن فى مستوى السلامة والمعايير الصحية للمنتجات وكذا تحقيق التشغيل الكامل للطاقات القائمة فى المجازر وتشجيع الاستثمار فى طاقات إضافيه جديده وأيضاً تحقيق قدر من الإستقرار فى أسواق وأسعار الدجاج.
ومن النتائج أيضاً تحقيق مستوى متطور من سلاسل القيمة فى مجال صناعه الدواجن بدءًا من التعاقد على المدخلات من الذرة الصفراء ثم التعاقد فيما بين المزارع والمجازر.
وماذا عن قطاع الألبان؟
- يعتبر اللبن الخام أوالحليب من السلع الغذائية الأساسية وبرغم ذلك لا يزال ما يقرب من 70 % من إنتاج اللبن الحليب فى مصر يتم تداوله بطرق بدائية ونسبه 30 % فقط يتم معاملته حرارياً قبل التداول، وهى نسبه متدنية بالمقارنة بالدول المتحضرة حيث تتجاوز هذه النسبة 90 % هناك، ومن ثم فإن الأمر يقتضى بالضرورة العمل على تطوير نظم تسويق اللبن الخام ( الحليب ).
ـ ..والسبب الرئيسى لذلك؟
- غالبيه الإنتاج من اللبن فى مصر يتم فى مزارع ذات حيازات صغيره من الماشية الحلابة حيث تساهم هذه الحيازات (2- 5 رؤوس ) بما يقرب من 90 % من الإنتاج الكلى، ولذا يتطلب الأمر نظاماً تسويقياً يمكنه التعامل مع هذه الفئات من المزارع وينظم عمليه تجميع الألبان على مستوى القرى والتجمعات السكنية الريفية من خلال منظومه متكاملة الحلقات تشتمل على مراكز تجميع المبردة ووسائل النقل المبردة وتخضع لنظم رقابه الجودة والسلامة عبر مختلف المراحل والحلقات.
ـ وما الحل للنهوض بمستوى الإنتاج عبر النظام التعاقدى؟
- تعتبر شركات تصنيع منتجات الألبان فى مصر هى الحلقة الأكثر قدره على تطوير منظومه تسويق الألبان، وأيضا على الاستثمار فى مراكز التجميع المبردة ووسائل النقل المبردة.
ولضمان تدفق اللبن الخام اليها فإن نظام الإنتاج التعاقدى يمثل النظام الأمثل فى هذا الشأن، ومن خلال هذا النظام يمكن تقديم بعض التسهيلات للمزارعين من سلف أو أعلاف إلى جانب الإرشاد الفنى الذى يحقق السلامة والجودة للإنتاج قبل تسليمه لمراكز التجميع.
ـ ما النتائج المتوقعة من تطبيق نظم الزراعة التعاقدية فى مجال انتاج الألبان؟
- المساهمة فى تطوير نظم تداول الألبان بطرق حديثه تضمن سلامه وجوده المنتجات وتمنع إحتمالات الغش والتلوث وكذا توفير الخامات من اللبن الحليب لمصانع منتجات الألبان والحد من إستيراد البدائل.
وهناك أيضاً مكسب هام وهو تحسين أحوال صغار المربين وحصولهم على أسعار مجزيه لإنتاجهم من اللبن.