طوارئ للنهوض بالقمح.. خطة قومية لتأمين المخزون الإستراتيجى وتقليل فاتورة الاستيراد

17-1-2023 | 17:10
طوارئ للنهوض بالقمح خطة قومية لتأمين المخزون الإستراتيجى وتقليل فاتورة الاستيرادالقمح
متابعة: علاء عبدالحسيب
الأهرام التعاوني نقلاً عن

الرئيس السيسى يوجه بتحديد سعر مجز للإردب وتحقيق هامش ربح مناسب للمزارعين 

موضوعات مقترحة

زيادة فى مساحات السنابل الموسم الجديد

قريبًا منظومة رقمية جديدة لتوزيع الأسمدة

إعادة النظر فى تسعير المحاصيل الإستراتيجية بالتنسيق بين «الزراعة» و«المالية» و«التموين»

 

أضحى لا بديل عن توفير غذاء المصريين، وتأمين المخزون الإستراتيجى من المحاصيل الأساسية فى توقيت بالغ التعقيد، وظروف اقتصادية صعبة، تحمل فى طياتها العديد من التحديات الناتجة عن أزمة اقتصادية عالمية تلقى بظلالها على جميع دول العالم، وضعت أمام الدول خيارًا واحدًا، وهو التحرك العاجل نحو استحداث وخلق بدائل وحلول مبتكرة، لمواجهة هذه التحديات، وبالطبع كان هذا الخيار أيضًا أمام طاولة الحكومة المصرية لمواجهة الواقع المعقد الذى يعيشه العالم ويتطلب سرعة إقرار خارطة محددة وواضحة المعالم للخروج من هذه الأزمة، خاصة وأن المؤشرات والنتائج كلها تؤكد أن القطاع الزراعى هو المخرج الآمن والسريع من الأزمة، باعتباره المسئول عن توفير كل الاحتياجات الغذائية للشعوب.

الحكومة منذ بداية الأزمة التزمت بمجموعة من قرارات الإصلاح الاقتصادي، كان على رأسها دعم القطاع الزراعي، وتبنى منظومة متكاملة لزيادة إنتاجية الحاصلات، وإقرار برامج جديدة لدعم أبناء المهنة الخضراء، أهمها النهوض بملف تسعير المحاصيل الأساسية بشكل يتناسب مع التحديات الاقتصادية العالمية، ويتحقق للمزارع المصرى أسعارا تتوافق والحركة التداولية العالمية للمحاصيل.

وعلى المستوى القيادي، كان التحرك فى ملف التسعير من الرئيس عبد الفتاح السيسى شخصيًا، الذى وجه فى سلسلة من اللقاءات والاجتماعات مع الحكومة بإعادة دراسة تثمين المحاصيل، كان آخرها الاجتماع الأخير الذى حضره السيد القصير وزير الزراعة، ووجه فيه الرئيس بسرعة تحديد سعر مجز للقمح، باعتباره أحد أهم المحاصيل الأساسية فى العالم التى تحتاجها الشعوب، وإحدى الركائز الأساسية للمخزون الإستراتيجي.    

تفاصيل التوجيهات  الرئاسية الأخيرة بشأن تسعير المحاصيل، كشف عنها وزير الزراعة الذى أكد أن هناك منظومة كبرى تنفذها الدولة لتحقيق الأمن الغذائى والمخزون الإستراتيجى للسلع المهمة، فى ظل الظروف والتحديات التى تواجه البلاد، كما يوجه الرئيس دائمًا بمتابعة مستجدات المساحات المنزرعة بالقمح خلال الموسم الجديد، إضافة إلى التنبيه بتوفير تقاوى معتمدة تحقق أعلى إنتاجية، وإحكام الرقابة على منظومة صرف الأسمدة لوصول الدعم لمستحقيه، ناهيك عن التوجيه بإعادة سياسية تسعير المحاصيل الإستراتيجية التى تدخل فى منظومة الأمن الغذائي، وتشجيع المزارعين على توريد المحصول لتقليل فاتورة الاستيراد من الخارج، فى ظل الأوضاع غير المستقرة لسعر الدولار.

 

«منظومة رقمية»

وأضاف القصير، أن الرئيس طالب بمراجعة منظومة صرف مقررات الأسمدة، وتكثيف منظومة الرقابة عليها للتأكد من حصول المزارعين على مستحقاتهم، وقد عرضت وزارة الزراعة على الرئيس خططها للتعامل مع هذا الملف، وكشفت عن تفاصيل أول منظومة رقمية تشرع الوزارة فى تنفيذها لضبط منظومة صرف مقررات الأسمدة، وذلك لضمان وصول الدعم لمستحقيه، ومراقبة منظومة صرف السماد، بدءًا من خروجها من المصنع وحتى دخولها للجمعية الزراعية وصرفها على المزارعين، حيث يصل سعر توريد طن «اليوريا» بحد أقصى 5 آلاف جنيه شاملة تكاليف النقل والتوريد والعمالة، فى حين أن بيعه فى السوق السوداء يتجاوز الـ10 آلاف جنيه، مشيرًا إلى أن الرئيس أمر باتخاذ كل الإجراءات العاجلة لتأمين المخزون الإستراتيجى من الحاصلات الزراعية الأساسية، وتوفير كل الإمكانيات وبرامج الدعم للنهوض بزراعتها.

«الإجراءات الأخيرة التى بدأت وزارة الزراعة تنفيذها بشأن تفعيل الزراعة التعاقدية، والتوسع فى التعاقد شراء المحاصيل الإستراتيجية والهامة، فتحت المجال أمام التوسع فى شراء الحاصلات التى تدخل ضمن منظومة الأمن الغذائي، منها الفول الصويا والذرة لدعم صناعة الأعلاف، والنهوض بصناعة الدواجن فى مصر، باعتبارها أحد أهم الصناعات الغذائية الرئيسية الهامة التى تحرص الدولة المصرية على تطويرها، وتوفير كل الإمكانيات المطلوبة لدعمها» - حسب القصير -، الذى طالب جميع المزارعين بالتوجه إلى وحدة الزراعات التعاقدية بالوزارة للتعاقد على المحاصيل خاصة التى تدخل فى تصنيع الأعلاف. 

وأكد وزير الزراعة أن مساحة القمح الموسم الماضى بلغت حوالى 3.6 مليون فدان على مستوى محافظات الجمهورية، أى  بما يعادل إنتاج 10 ملايين طن، فيما نتوقع هذا العام وجود زيادة ملموسة فى المساحات المنزرعة، وكذلك زيادة فى إنتاجية المحصول فى نفس الوقت فى متوسط إنتاجية الفدان التى تزيد عن متوسط الإنتاج العالمي، كما أن وزارة الزراعة تطبق منظومة متكاملة من تقنيات الذكاء الصناعى لتدقيق الحصر للمساحات المنزرعة هذا الموسم وسيتم إعلانها قريبًا، منوهًا بأن هناك سببين لزيادة مساحات القمح الموسم الجديد، السبب الأول هو إعلان الدولة المسبق عن سعر مجز لإردب القمح، أما السبب الثانى فهو أهمية محصول القمح كقيمة اقتصادية كبيرة مقارنة بباقى المحاصيل الزراعية، سواء بالنسبة للمزارع أو بالنسبة للدولة بشكل عام.

 

«دراسات التسعير»

أما الدكتور شعبان سالم رئيس قطاع الشئون الاقتصادية بوزارة الزراعة، فأكد أن القطاع بدأ مؤخرًا إعداد الدراسة الكاملة لتسعير المحاصيل الزراعية فى مصر، بعد توجيهات الرئيس السيسى الأخيرة، وبتكليف من السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضي؛ حيث إن القطاع معنى بإعداد الدراسات المتكاملة لأسعار مستلزمات الإنتاج الزراعى بعد التغيرات الاقتصادية الأخيرة التى يشهدها العالم، وكذلك دراسة تكلفة العمالة والوقود والقيمة الإيجارية للفدان، ومن ثم سيتم إعداد تقرير مفصل بهذه المستجدات الخاصة بالأسعار خاصة وأن تكلفة إيجار الفدان ارتفعت خلال الفترة الأخيرة من 12 ألف جنيه وحتى 15 ألف جنيه؛ أى بمعدل 3 آلاف جنيه زيادة للفدان الواحد، وقد وصلت فى بعض المناطق لـ18 ألف جنيه، كما ارتفع أجر العامل فى اليوم الواحد من 120 إلى 200 جنيه، مشيرًا أن هذه الدراسات التى يجريها القطاع الاقتصادى بوزارة الزراعة تستهدف تحقيق هامش ربح مناسب للمزارع، وتشجيعه على التوسع فى زراعة المحاصيل الزراعية.

وأضاف سالم، أن وزارة الزراعة بدأت الموسم الجديد تنفيذ حزمة من البرامج المهمة للنهوض بزراعة القمح، بدءًا من توفير مستلزمات الإنتاج المعتمدة فى منافذها الشرعية، ومراجعة منظومة صرف مقررات السماد، ثم تكليف فريق من الخبراء والباحثين بوزارة الزراعة لمتابعة تطور زراعة المحصول بالمحافظات، واستنباط أصناف تقاوى جديدة تحقق أعلى إنتاجية، والتوسع فى برامج الخدمات الإرشادية خاصة الرقمية، إضافة إلى برامج حماية المحصول من القوارض، وتوفير حزمة من السياسات الزراعية والإرشادية للتعامل مع ملف التغيرات المناخية، وتبنى برنامج متكامل لضبط منظومة توريد القمح، والنهوض بالبحوث التطبيقية فى رفع كفاءة استخدام المورد المائى وزيادة إنتاجية المحاصيل الزراعية والإستراتيجية، وتحقيق أعلى عائد من الزراعة وتخفيض تكلفة الإنتاج، مضيفًا أن الوزارة تحرص دائمًا على توفير كل الإمكانيات للمعاهد البحثية للتوسع فى برامج تربية أصناف التقاوي، واستنباط أصناف جديدة قادرة على تحمل التغيرات المناخية والندرة المائية، وتحقق أعلى إنتاجية.

 

«الأزمة العالمية»

في السياق نفسه، قال نجيب المحمدي، الخبير الزراعى وأحد الحاضرين بالمؤتمر الأخير للتحالف الوطنى للعمل الأهلي، إن أحد المزارعين بالمؤتمر طلب من الرئيس عبد الفتاح السيسى إعادة النظر على منظومة تسعير المحاصيل الإستراتيجية بعد ارتفاع أسعار الخامات وتفاقم الأزمة الاقتصادية العالمية، وتأثير ذلك على ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج الزراعى من أعلاف وأسمدة ومبيدات، مضيفا أن الظروف العالمية الأخيرة أدت لارتفاع كبير فى أسعار الخامات ومستلزمات الإنتاج الزراعي، وهو ما ترتب عليه زيادة القيمة الإيجارية للأراضى وزيادة تكلفة العمالة، والوقود بمتوسط 20 %، وقد ساهم ذلك فى زيادة أعباء المزارعين فى مصر، ووضع الحكومة المصرية أمام مسار إجبارى يتضمن تحقيق التوافق بين الزيادة الأخيرة فى الخامات التى خلفتها الأزمة الاقتصادية العالمية، وبين تخفيف المعاناة عن أبناء القطاع الأخضر، وهو ما جعل الرئيس السيسى يوجه بإعادة دراسة تسعير المحاصيل الزراعية، وتكليف المجموعة الوزارية المسئولة فى إقرار التعديلات الجديدة، والممثلة فى وزارت التموين والزراعة والمالية وبإشراف من الحكومة لوضع التسعير المناسب، مشيرًا أن وجود شركة متخصصة فى إدارة وتسليم مقررات الأسمدة فى مصر خطوة مهمة طال انتظارها، وتحتاج إلى برنامج متكامل تحت إشراف وزارة الزراعة لتدريب القائمين على الجمعيات الزراعية بالقرى للتعامل مع المنظومة الرقمية الجديدة.

وتحدث المحمدى عن تفاصيل توجيهات الرئيس السيسى لمؤسسات المجتمع المدنى بدعم القطاع الزراعي، والتوسع فى زراعة المحاصيل الإستراتيجية، خاصة محصول القمح حيث قال: «بكل تأكيد كان لمنظمات المجتمع المدنى والمؤسسات الأهلية فى مصر دور فعال فى الآونة الأخيرة، حيث حققت هذه الكيانات نجاحات كبيرة وساندت الدولة فى تنفيذ أهم مشروع رئاسى قومى «حياة كريمة» ودعم عشرات القرى المحرومة فى محافظات مصر بالخدمات والإنشاءات وشبكات الصرف والطرق والمرافق، إضافة إلى التوسع فى مشروعات التنمية الصناعية والإنتاجية بهذه المناطق، والتى كان لها دور كبير فى توفير فرص العمل للمئات من المصريين، ومن هنا دخولها فى دعم إستراتيجية الدولة للنهوض بالقطاع الزراعى وزيادة إنتاجية المحاصيل الأساسية خطوة مهمة وفارقة فى تاريخ القطاع الزراعي.

وأوضح الخبير الزراعي، أن المؤسسات الأهلية بجميع دول العالم سطرت مؤلفات وحكايات مشرفة فى تاريخ المجتمع المدني، وبناء اقتصاديات الدول فى الصناعة والزراعة والتنمية الشاملة، والمشاركة الاجتماعية أيضًا، وهو ما جعل الدولة المصرية السنوات الأخيرة تتبنى إستراتيجية كبرى لدعم دور هذه الكيانات، والإيمان بأهميتها القصوى فى مساندة الشعوب والدولة، أمام الأزمات الطارئة التى تتعرض لها الشعوب، بدأت قيام الدولة بإعادة النظر فى قانون العمل الأهلي، ومراجعة بنوده بما يعزز من دورها فى عمليات التنمية الشاملة، كما يحقق تسهيلات عديدة تمكن هذه الجمعيات من القيام بدورها فى المجتمع المصري، بما يعكس الإيمان الراسخ والقوى بدور الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدنى فى مساعدة الدولة ومساندتها فى الأزمات خاصة الطارئة.

«الأزمة العالمية التى خلفتها الحرب الروسية الأوكرانية كانت خير دليل على الإيمان بأهمية ودور مؤسسات المجتمع المدني، خاصة بعد أن ضربت هذه الأزمة جذور اقتصادات الشعوب، ووضعت هذه الكيانات فى اختبار حقيقى لقياس مدى قدرتها على التعامل مع توابع التحديات الاقتصادية العالمية، وإعلاء هدفها الرئيسى فى تخفيف المعاناة عن أبناء الطبقة الكادحة خاصة من محدودى ومعدومى الدخل، والمزارعين بالقطاع الأخضر»، وهو ما أكده المحمدى بكلامه، متابعا: الحقيقة كان دور هذه الكيانات متزنًا، مقارنة بعهود ماضية كانت مصر تفتقد أهمية ودور هذه الكيانات الأهلية، ربما بسبب غياب القوانين والتشريعات المعززة لدورها، إضافة إلى عدم الإيمان بأهمية ثقافة المشاركة المجتمعية فى مواجهة الأزمات، خاصة أزمة نقص الحبوب التى تضرب دول العالم.

 

«فاتورة الاستيراد»

على صعيد متصل، أوضح الدكتور محمد شلبى الخبير الاقتصادي، أن منظومة تسعير المحاصيل الزراعية وعلى رأسها محاصيل الحبوب يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالتغيرات الاقتصادية الأخيرة التى يشهدها العالم، ومن ثم فإن المحاصيل الزراعية سلع أساسية تمثل وبشكل رئيسى العمود الفقرى للمخزون الغذائى والإستراتيجى للدول، ومن ثم فإن أى تحريك لأسعار الدولار له علاقة مباشرة بزيادة أسعار الحاصلات، والذى بالطبع يقابله مجموعة من الإجراءات والضوابط العاجلة التى تحقق التوافق فى سياسة العرض والطلب بالسوق، وتوفير السلع الأساسية للمستهلك، ومن هنا حرصت الدولة المصرية على تبنى إجراءات عاجلة للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية على رأسها دراسة تسعير الحاصلات الزراعية، والتوسع فى زراعة المحاصيل الإستراتيجية باعتبارها الضمانة الأساسية لتقليل فاتورة الاستيراد من الخارج فى ظل زيادة سعر الدولار، وحظر تصدير السلع الهامة إلى أسواق العالم فى هذا التوقيت.

 

«تبنى وزارة الزراعة إستراتيجية قوية للنهوض بزراعة المحاصيل الإستراتيجية يبدأ من توفير الدعم الكامل للمزارعين، وخلق بدائل عاجلة تحفزهم على التوسع فى زراعتها، على رأسها التسعير العادل للمحاصيل، وتوفير برامج حماية مناسبة تليق بحجم فئة كبيرة تمثل السواد الأعظم من المجتمع، وتتناسب مع الاحتياجات والمتطلبات الطارئة التى خلفتها الأزمة الاقتصادية الأخيرة»، بهذه المقترحات استكمل شلبى، مؤكدا أن مصر لديها فرصة كبيرة فى النهوض بالقطاع الزراعي، وزيادة إنتاجية المحاصيل الهامة لتأمين مخزونها الإستراتيجي، خاصة مع الطفرة الزراعية الكبيرة التى نجحت الدولة فى تنفيذها خلال السنوات الأخيرة، ونجاحها فى تنفيذ حزمة من المشروعات الزراعية القومية منها مشروع الدلتا الجديدة الذى يستهدف زراعة 2 مليون فدان، والذى شهد حصاد موسم القمح الماضى من داخل مشروع مستقبل مصر الزراعي، ومشروع توشكى العملاق الذى نجحت مصر فى إحيائه بعد سنوات طويلة من الإهمال، ومشروع الـ 100 ألف فدان صوبة زراعية، ومشروع زراعة واستصلاح الـ1.5 مليون فدان.

 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة