موجة من الطقس السيئ تشهدها البلاد خلال هذه الآونة، بين الرياح القوية والبرق والرعد، والأمطار الغزيرة التي خلقت بحيرات من المياه بارتفاع عالي بالكثير من الشوارع ومنحدرات الكباري، ما تسبب في أزمة كبيرة في الشوارع وحدوث ازدحام مروري لعدم التخلص من المياه.
موضوعات مقترحة
وتعتبر الأمطار الشديدة والسيول نعمة كبيرة متعددة الفوائد التي تعود على أهل الأرض جميعا، إلا أن عدم الاستفادة منها تحولت لأزمة كبيرة أحيانا تنجم عنها كوارث، لعدم التخلص من المياه في الشوارع، أو استخدام طرق للاستفادة منها بشكل صحيح، رغم تعدد طرق الاستفادة منها.
وعلى الرغم من أن مصر تعتبر من البلاد شحيحة الأمطار بشكل عام، إلا أن الأمطار الشديدة دائما ما تكون مصدر تهديد لها، ولم يكن هناك اهتمام بالاستفادة من هذه المياه، ولكن مع التغيرات المناخية التي يشهدها العالم تضاعفت احتمالات سقوط أمطار غزيرة في مثل هذا الوقت من كل عام، وبالتالي يفترض تطوير سبل لمواجهتها والاستفادة من هذه المياه المتوفرة في موسم سقوط الأمطار.
ويصل حجم الأمطار التي تسقط على مصر سنويا إلى كميات كبيرة، ولكن لا يتم الاستفادة من هذه الكمية سوى 1.3 مليار فقط، وهي الأمطار التي تسقط على مناطق الدلتا فقط.
كيف تستفيد الدول الأوروبية والعربية من مياه الأمطار؟
وتعددت طرق الاستفادة من مياه الأمطار والسيول في كل الدول، فنرى كل دولة تسعى لابتكار طريقة مختلفة للاستفادة من تلك المياه لاستخدامات متنوعة صديقة للبيئة، والأمور الاستهلاكية يوميا في حياة المواطنين، من خلال تقنيات حصد وتجميع هذه المياه لاستخدامها لاحقا، بسبب قلقهم من آثار تغير المناخ على إمدادات المياه في بلدانهم.
فعلى سبيل المثال، يبحث مواطنو سنغافورة "وهي دولة صغيرة تواجه زيادة مستمرة في عدد السكان"، دائما عن مصادر وأساليب مختلفة لتجميع الأمطار، وذلك من خلال استخدام أسطح المنازل ثم تخزين كميات المياه في خزانات لاستخدامها في المهام اليومية.
والوضع مشابه في طوكيو باليابان، حيث يساعد حصد مياه الأمطار على تجنب نقص إمدادات المياه، وتوفيرها في حالات الطوارئ، وفي السيطرة على الفيضانات وكذلك في أستراليا، يمكنك أن ترى خزانات مياه الأمطار بجوار كل منزل، والأمثلة على ذلك كثيرة.
وأقرت الأردن كل عقار جديد حفر خزان تجميعي للمياه لا يقل حجمه عن 12 مترا مربعا، وتطبق الغرامة على المخالفين، فيما خصصت كل من فرنسا وألمانيا مواسير تركب إلى جانب المؤسسات والأبنية لتصرف مياه السيول والأمطار الغزيرة، وتستغل هذه المياه لاستصلاح الصحراء والزراعة بشكل عام.
وتطمح الصين إلى بناء أضخم مدينة إسفنجية في العالم في مدينة لينغانغ الحديثة في مدينة شنغهاي، بتكلفة 119 مليون دولار، وذلك لإيقاف الحلقة المفرغة من الأمطار والفيضانات في المدن الصينية، من خلال استخدام أسطح تسمح بتخلل المياه في المدن، بالإضافة إلى البنية التحتية الصديقة للبيئة، لجعل 80% من المساحات المدنية قادرة على امتصاص المياه، وإعادة استخدام 70% من مياه الأمطار.
أما في البرازيل فكانت الممرات الذكية هي الحل الأمثل للأزمة، فاستطاعوا أن يقدموا نماذج هندسية مبتكرة للممرات التي تأخذ شكل مرتفعات، تعمل على توجيه المياه لأماكنها المخصصة، كما ابتكرت هذه الممرات من مواد بناء مزودة بمسامات واسعة لاستيعاب الماء.
عصب الحياة في خطر
وفقا لليونيسيف فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تعاني من الإجهاد المائي في العالم، حيث تعتبر من أكثر المناطق التي تعان يمن ندرة المياه في العالم، مشيرة إلى أن مصر واجهت عجزا سنويا في المياه بنحو سبعة مليارات متر مكعب خلال السنوات القليلة الماضية، وبحلول عام 2025، قد تنفد المياه في البلاد؟
ولمياه الأمطار استخدامات متعددة والتي تنقذنا من أزمة جفاف المياه، حيث أكد خبراء المياه لـ"بوابة الأهرام"، أنه يمكن استغلال مياه الأمطار في الكثير من الأشياء المفيدة للدولة، ولابد أن يكون هناك خطة قومية للتعامل مع هذه المياه المهدرة، للاستفادة منها وتخزينها لاستخدامها في المجالات المختلفة.
طرق الاستفادة من مياه الأمطار
واقترح خبراء المياه، استغلال مياه الأمطار والسيول، عن طريق تخزينها لاستخدامها في وقت لاحق، بدلا من استخدامها في مواسم هطولها فقط، حيث يمكن استخدامها ف ري المحاصيل الزراعية في أي وقت، وفي استخدامات الإنسان اليومية، كماي يمكن لمحطات غسل السيارات استخدام هذه المياه العذبة، أو القيام بمعالجتها لتصبح صالحة للشرب إذا تفاقمت أزمة المياه الوشيكة.
وتعد السيول ظاهرة تتكرر على فترات متقطعة في مصر، إلا أنه من المتوقع أن تزداد خلال الأعوام المقبلة بسبب الظاهرة العالمية التي تعرف بظاهرة "زحف الحزام المطري إلى الشمال"، والتغيرات المناخية التي أدت إلى سقوط أمطار على مصر تصل إلى حد السيول، بحسب الدكتور أحمد فوزي الخبير المائي بالأمم المتحدة، وأستاذ الموارد المائية بمركز بحوث الصحراء.
ويؤكد الخبير المائي بالأمم المتحدة، أن مياه الأمطار والسيول تعد نعمة كبيرة للكثير من الدول بسبب الاستغلال الأمثل لها، إلا أن البعض يحولها إلى نقمة بسبب عدم الاستفادة منها، لذا لابد من استغلالها في مصر، عن طريق استخدامها في زراعة المحاصيل الزراعية، من خلال عمل سدود وخزانات لتخزين المياه.
خطة قومية للاستعداد لموسم الأمطار كل عام
كما يجب عمل خطة قومية للاستعداد لاستقبال موسم السيول والأمطار قبل بدء فصل الشتاء، وذلك لحماية الطرق والمنشآت، ولابد من الاعتماد على علم التنبؤ المناخي الذي يمكنه تحديد تلك الموجة قبلها بأسبوع على الأقل، وكذلك الأرصاد الجوية التي تتنبأ بالطقس قبلها بأربعة أيام.
ولأن البنية التحتية لم تكن مصممة لاستقبال الأمطار، يؤكد "فوزي"، أنه يجب تقييم البنية الأساسية بما يتوافق مع التغييرات المناخية، للمساعدة على استغلال مياه الأمطار المهدرة، والتي تعتبر ثروة طبيعية تمتلكها مصر، وهو ما تعترف به منظمة الأمم المتحدة.
ويوضح الدكتور نادر نور الدين أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، أن نسبة المياه الساقطة من السماء على مصر تعادل حصة الدولة من نهر النيل، إلا أنه لم نستخدم من تلك النسبة إلى نحو 1.3 مليار متر مكعب فقط من مياه الأمطار.
لماذا لا تستفيد مصر من مياه السيول؟
ويرجع أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، السبب إلى أن السيول أغلبها تسقط داخل المناطق المتصلة بالظهير الصحراوي وغير المأهولة بالسكان مما يجعل تلك المياه مهدرة، ومن المعوقات الأساسية التي تمنع الاستفادة من مياه السيول الساقطة على مصر هو ارتفاع أسعار إنشاء مصايد للسيول وهو ما يؤدي إلى إهدار كل تلك المياه.
ويمكن استخدام مياه السيول في الزراعة وفي الري وتوفير مياه للشرب والاستعمالات الأخرى، ولكنه يتعذر استخدامها البشري لأنها تصبح محملة بقدر كبير من الغبار والأتربة، ولكن من الضروري استغلال مياه السيول بدلا من تسببها في الكثير من المشاكل كما حدث في الأعوام الماضية بعدما ضربت القرى والمحافظات علاوة على تدميرها وإتلافها آلاف الأفدنة الزراعية.
الاستغلال الأمثل لمياه الأمطار
تسقط مياه الأمطار على الأراضي الزراعية والنيل والترع أو في المباني والشوارع، وبحسب الدكتور محمود أبو زيد، وزير الري الأسبق، فإن المزروعات في الأراضي الزراعية تستفيد من مياه الأمطار، وتغذي الخزان الجوفي، أما المياه الساقطة على المباني والشوارع تتجمع وتصرف البالوعات والمصارف، أو يتم ضخها بمضخات إلى شبكات الصرف ومنها المصارف العامة.
كما يوضح أنه يمكن إعادة استخدام مياه الأمطار في الزراعة، أو ضخها شمالا إلى البحر عن طريق محطات الصرف الموجودة في الشمال، ومعظم مياه الأمطار يتم الاستفادة منها، حيث أن مياه الأمطار في سيناء والصحراء تسير في مخرات السيول ومنها الخزان الجوفي أو في البحر الأحمر.
ويتم الاستفادة من مياه الأمطار، استفادة مباشرة أو عن طريق شبكات الصرف، ويتم معالجتها واستخدامها على حسب المعالجة إذا كانت المعالجة ثلاثية يمكن استخدامها في مياه الشرب أما إذا كانت ثنائية أو أولية تذهب إلى الأراضي الزراعية، مؤكدًا أنه يتم الاستفادة من جزء كبير من مياه الأمطار في مصر بالفعل.