في ظل موجة ارتفاع الأسعارعالميًا، تواصل أسعار الدواجن في مصر موجة ارتفاعات متتالية، باعتبارها السلعة الأكثر استهلاكا لدى المصريين، وكشف خبراء ومربون السر وراء هذه الارتفاعات السعرية المتعاقبة.
موضوعات مقترحة
وتضاعفت أسعار الأعلاف، خلال الفترة الأخيرة، نتيجة السوق السوداء ومحاولة بعض التجار استغلال أزمة الأعلاف، والتلاعب في أسعارها، بالإضافة إلى التكلفة التي أصبحت مرتفعة، وأثرت بالسلب على أسعار الدواجن.
ما سبب ارتفاع أسعار الدواجن هذه الفترة؟
وبهذا الصدد، يقول المهندس توفيق رشاد "مربي دواجن"، لـ"بوابة الأهرام": أزمة ارتفاع الأسعار غير مبررة ولكنها ترجع لسببين أولهما: المناسبة الدينية للإخوة الأقباط بعد فترة صيامهم؛ حيث بدأت الأسعار بـ43 جنيهًا لكيلو قبل عيد الميلاد المجيد وقرب العيد زاد الطلب على المعروض وبالتالي ارتفعت الأسعار، نتيجة زيادة الطلب.
"وثانيهما هو ارتفاع سعر العلف من قبل المستوردين المحتكرين للأعلاف وشركات الدواجن والتي تصل تكلفة الكيلو في الهنجر لـ30 جنيهًا على خلاف ما ينتجه المربي الصغير حيث إن الكيلو من مزرعته وصل 60 جنيهًا".
صراع البقاء بين شركات الدواجن والمربي الصغير
وتابع، رشاد:"مافيا الأعلاف وشركات الدواجن يحاولون إلغاء المربي الصغير؛ حيث أن الشركات تقع عليها الكيلو القائم تكلفته من المزرعة من 25 إلى 30 جنيها، أما بالنسبة للمربي الصغير فإن تكلفة الكيلو من المزرعة 60 جنيها، ويرجع هذا الفرق في السعر إلى مستلزمات الإنتاج؛ لأن الشركات لديها "هناجر" سعتها من 20 إلى 25 ألف كتكوت، وهذه الهناجر مجهزة بوضع الأعلاف بالجرام للكتكوت أوتوماتيكيا، وكلك المياه والتهوية.
كما أنها تقوم بإنتاج الدواجن بحسب الأوزان المطلوبة، بخلاف المربي الصغير والتي تصل سعة المزرعة إلى 5 آلاف كتكوت ويتكبد علف وغاز ومزارعته غير مجهزة مثل الهناجر، وبالتالي هنا نجد الفرق في الأسعار نظرا لتكلفة الإنتاج ومستلزماته، لافتًا أن مكسب الشركات قد يصل إلى 300% وهنا الخاسر الوحيد هو المربي الصغير، في محاولة من هذه المافيا لهد هذه الصناعة، مع العلم أن المربي الصغير ينتج 65% من هذه الصناعة، والتربية المنزلية تسهم في الإنتاج أيضا بما يقرب من 35% ، فضلا عن قيام الشركات ببيع الكتكوت الصغير في منافذ بيع التجزئة بـ17 جنيه.
كيف يمكن حل أزمة ارتفاع أسعار الدواجن؟
وطالب توفيق، بالرقابة الشديدة ومن الدولة على الأعلاف والأدوية حتى لا تقوم هذه المافيا بالاحتكار، أو أن تقوم الدولة باستيراد الأعلاف لحسابها الخاص وتوزيعها على العنابر والمزارع المرخصة من قبل وزارة الزراعة على جميع المديريات الزراعية على مستوى الجمهورية، بالإضافة إلى تفعيل البورصة المصرية لبيع وتسكين الدواجن، كذلك تفعيل قانون منع تداول الطيور الحية بين المحافظات.
وثمن المهندس توفيق على دور مركز البحوث الزراعية في محاولة تؤمه زراعات الذرة حتى نتمكن سد فجوة الأعلاف، فضلا عن إنتاج كتكوت مصري بدلا من الاستيراد من فرنسا وانجلترا توفيرًا للعملة الصعبة.
المهندس توفيق رشاد
تشديد الرقابة على مستوردي الأعلاف
ومن جانبه، أكد الدكتور عبد العزيز السيد رئيس شعبة الدواجن على أن الحلقات الوسيطة هي السبب وراء الأزمة؛ حيث أن التكلفة الفعلية للمنتج من المزرعة 55 جنيه للكيلو، هذا بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الأعلاف ومستلزمات الإنتاج؛ حيث وصل طن الذرة إلى 15 ألف جنيه وطن الصويا وصل إلى 32 ألف جنيه، مطالبا الدولة بتشديد الرقابة على مستوردي الأعلاف، وتوفيرها بسعر عادل لحفظ حق المربي والمستهلك والحفاظ على صناعة الدواجن.
الدكتور عبد العزيز السيد
حملات مكثفة
وعلى الجانب الآخر، علق الدكتور طارق سليمان، رئيس قطاع الثروة الحيوانية والداجنة بوزارة الزراعة، أن السر وراء ارتفاع الأسعار هي المناسبة الدينية وزيادة العرض والطلب وهذا مثله مثل السلع والمنتجات الموسمية مثلها مثل السياحة، وفي هذه الفترة - عيد الميلاد المجيد- زاد الإقبال على الدواجن وشرائها، مؤكدًا على أننا قمنا بتكثيف حملات مكونة من شرطة المسطحات، ومباحث التموين، وقطاع الثروة الحيوانية والداجنة بالوزارة على المستوردين الذين حصلوا على الإفراج الجمركي للأعلاف، ومخازن الأعلاف لنتيقن من عدم الاحتكار وإخفائها وحجبها عن السوق بغرض ارتفاع الأسعار، مع اتخاذ كافة الإجراءات القانونية حيال المخالفين والمخالفات، والتأكد من تشغيل مصانع الأعلاف بكامل طاقتها.
سعر عادل للمربي والمستهلك
وشدد سليمان على أن الدولة تعمل جاهدة على تحقيق سعر عادل للمربي والمستهلك وتحقيق هامش ربح بسيط من أجل الاستمرارية والبقاء والتنمية المستدامة، لافتًا إلى أننا وصلنا للاكتفاء الذاتي لبيض المائدة، وعلى أعتاب الاكتفاء الذاتي لدجاج التسمين، وبالتالي لابد من المحافظة على ما وصلنا إليه والمحافظة على المنتج والناتج المحلي لأن عند هجر المربيين لصناعة سوف تتكبد الدولة الكثير.
ونوّه رئيس قطاع الثروة الحيوانية والداجنة بأن في هذا الوقت هناك بعض الدول يقوم مواطنوها بالسفر عشرات الكيلومترات لتوفير احتياجاتهم الغذائية، بخلاف مصر والذي أكد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي على أن منافذنا التسويقية لن تخلو من الاحتياجات الغذائية.
الدكتور طارق سليمان
الحرب الروسية الأوكرانية
ومن الناحية الاقتصادية، يرى الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، لقد تأثرت صناعة الدواجن في مصر بارتفاع تكاليف الإنتاج وعلى رأسها الأعلاف فأسعار الصويا قد ارتفعت بنسبة تزيد على 150%، والذرة ارتفعت إلى ما بين 60 إلى 70 %، وتعتبر هذه الأزمة الأعنف منذ عام 2006، في ظل تزامنها مع الأزمات العالمية التي تأثرت بها مصر، لافتًا إلى تراجع سعر صرف الجنيه ومشاكل الاستيراد والتضخم المستورد والسياسات الاحتكارية في السوق، وقد شهدت أسعار اللحوم البيضاء ارتفاعات تاريخية تصل لنحو ٩٠% مقارنة بالفترة ما قبل الأزمة الروسية الأوكرانية، وهذا يوثر على الأسر محدودي الدخل والطبقات المتوسطة التي تعتمد عليها مصدر رئيسا للبروتين.
وأكد الإدريسي، أن الدولة تعمل على الإفراج عن الأعلاف المستوردة والسعي لحل مشاكل هذه الصناعة حتى لا يهجرها المربون وتحقيق سعر عادل للمستهلك والمربي والمحافظة على هذه الصناعة الوطنية.
الدكتور علي الإدريسي